الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حقل السوسن

تاريخ النشر : 2012-06-05
حقل السوسن

(نص مشترك بين الأديبة سلوى فرح والأديب سردار محمد سعيد)

ينتظرها العشب وسيقان الشجيرات والورد وحتى الفراشات وصغار فراخ البط كل فجر لترش عليهم الماء وتملأ الإناء الصغير المستقر في عجز شجرة الزيتون ببقايا الرز والطعام الفائض .
بعد هذه المهمة اليومية لا تنسى قضب باقتين من زهر السوسن واحدة لإهلها وواحدة لغرفتها لتضعها على المنضدة التي تجاور سرير نومها فتسعد برؤيته ويتسلل إلى رئتها فتحلم برفيق العمر القادم من خلف البستان الحريري الممتد في عمق القرية .
يوم رأت أشلاء البط مبعثرة ومنتثرة بين العشب شدهت وملائها الأسى ولكنها حين أبصرت عيون الثعلب بين غصون الدفلى صرخت بقوة وملأها الرعب .
خلال ثوان وهي لم تكمل صرختها انهال فأس الجار الفتى ذي الذراعين المفتولين على رأسه فأرداه .
كان الفتى يراقبها من بستانه الذي يتداخل مع بستانهم ولا يحدهما غير شجيرات الزيتون وساقية يجري الماء فيها بهدوء .
لملمت الشمس ثوبها القرموزي وتوارت عن بستان السوسن وعزفت العصافير إنشودة الأمل معانقة فراشات الحلم .
يالها من لحظات تأملية ، انعتقت روحها كيمامة وانصهرت في ثنايا النسيم وطارت باحلامها وتنهيداتها إلى أحضان عاشق إسطوري لتغفو بين حريره ..
إرتعش الفتى وشهق وكأن انفاسه هجرته إلى عالم أخر وسرقته من ذاته فغدا يطير بهارمونية خيالية لايرى إلا النجوم حوله.
غفت الفتاة في ارجوحة الشوق وذوى الياسمين على خديها وهو يختلس النظرات اليها يحرسها ودموع الفرح تترقرق في مقلتيه ،فيحتضن روحها الملائكية بقوة ويخبئ إيقونة الفجر في كبده وعروس الخلود في قلبه .
هذه هي المرة الأولى التي تراه عن قرب ولم تدم سوى دقائق ،ولكنها كانت كافية لتدوم عمرا ًغير طويل .
لم تعد الحسناء تجمع السوسن لتضعه قرب سريرها المنفرد بل صارت تضعة قرب وسادة سرير الزوجية ولم يثنها الحمل ولا بطنها المنتفخة عن الإستمرار في هذه العادة حتى أن زوجها نهاها عن ذلك خوفا ً عليها .
جاء موعد الثمرة التي نضجت ، فكانت ( سوسن) هبة السماء لهما .
.................

نمت سوسن وصارت تغري الناظرين وكانت أمها تسعد حين ترى ملامح الأنوثة تتفتق وتبرز .
سوسن لم تكن فتاة عادية مثل البشر ، سوسن ثلاثة ارباعها ملاك ،
تشع عينيها بأساطيرالأزل ويُسمع صدى الخلود من عذب شفتيها .
قيثارة ماسية ترنم في السماء..بألحان سماوية رقيقة وتتهادى بغنج وردي..
تحلم بالمستحيل والمجد ، ثائرة متمردة لاتقنعها الحكايات العادية ..سوسن هي الحلم وهي الحقيقه...
كل شيء مسموح لسوسن فالأم لا تريد أن يمسها أدنى أسى فتتذكر رحيل أبيها المبكر .
كل شيء عدا مستطيل السوسن الذي زرعتة في الموضع الذي تلاقت فيه مع أبيها أول مرة .
وضعت كرسيا ً قديما ً بالقرب من المستطيل السوسني وتحت ظلال شجر الزيتون لتجلس عليه وتحاول كتابة قصة الحب الذي لم يطل والذي كانت ثمرته .
- ما الذي تفعله الحلوة ؟
إنتبهت فإذا بيافع ثلاثيني يقف خلفها وأخبرها أنه جارهم ويملك مطبعة وينشر عشرات القصص سنويا ً .
- وما الذي ترسمه ؟
- أرسم شخوص قصتي .
- لامحال هذا وعي سابق لأوانه لفتاة لم تبلغ العشرين من عمرها.
الطريق إلى قطف سوسنة يبدو ممهداً ، حسناء لم تعرف ذكرا ً من قبل ، فأغراها بنشر كتاباتها ، ففرحت .
- ولكن ذلك يحتاج ثمنا ً ونحن لا طاقة لنا به .
شبكها فخافت قليلا ً ثم سرعان ما استسلمت .
لاتدري لماذا استسلمت أهو حاجة أم تريد إقناع نفسها بأنها أنثى .
فزعت الأم حين رأت مستطيل السوسن قد عُبث ، راعها تهتك كاسات فضته وانسكاب سلسبيل ذهبه.
....................

- من عبث بسوسني ؟ أرى أثرا ً لجسد قد استلقى فيه ، من اتخذ من مساحتي السوسنية فراشا ً ،لابد أن الشيطان عبث بأذناب الطواويس ، واستباح عبق الخافقين ، كأن براعمه عيون تستر دمعها .
بقيت قرابة شهر لا تنام إلآ ثلة من الليل متخوفة من فضيحة تتصوّرها ، وعندما خفقت رايات الضيوف الحمر هان الأمر عليها ولكن خوفها لم ينته ، فلا تعرف إن كان ما أقدمت عليه حقا ً أم باطلا ً ، حقا ً في إشباع رغبة إنسانية وحاجة لا مناص منها أم باطلا ً لكونه لم يتم ّ على وفق العرف والتقاليد .
خطبت عدة مرات ، وكانت تتهرب خوفا ً من الأفكارالسائدة .
في مدرسة الفنون الجميلة كانت تبهر زملائها وزميلاتها بألوانها وتبهر أساتذتها بأفكار مواضيعا ولا سيما أستاذها الفتى الوسيم الذي أنهى دراسته للتو في بلاد الغرب .
دهشت عند معرفتها أنه يملك داراً للطباعة والنشر .
هي ليست ملكي فهي لأخي وورثتها منه بعد أن حبس بتمة طبع مناشير مضادة للسلطة ثم قتلوه غيلة .
إذن نام سر لا أحد يعرفه في الثرى غير زهور السوسن .
خطبها ، ففرحت الأم
بنيتي آمل في بنية من صلبك تضع على قبري زهور السوسن كل جمعة .
تكلم معها على انفراد لعلك تقنعها فأنا مقتنعة بك
لا .. لا أستطيع الإرتباط بك
هل لديك سبب يحول دون ذلك ؟
لا أريد أن أكمل دراستي في خارج البلاد
المشكلة محلولة ألآ تعرفين أني راجع لإكمال دراستي ويمكنك مصاحبتي .
لا .. هناك أمر آخر لا تعلمه .
ارتعدت فرائصها فإن استطاعت أن تخبره بأنها ليست عذراء ، فلا تستطيع إخباره عن فعلة أخيه المتوفى معها .
أعلميني به ولا تخشي من محب صادق .
إستجمعت قواها وقالت :
أنا لست عذراء .
فتفجأت ببروده
وماذا في ذلك ، فهل كنت ُ قدّيسا ً طوال حياتي ، أنا مثلك ، وهل أحل ّلي ما حُرم عليك .
أعلن المعلق في الطائرة المحلقة في الفضاء عن سعلدة القبطان وطاقم الطائرة عن وجود عروسين بينهما .
لم تمر سوى بضعة دقائق حتى أعلن مذيع الطائرة :
شدّوا الأحزمة ثمة خلل مفاجىء .
سرعان ماتهاوت الطائرة وتمزقت .سارعت فرق الإنقاذ ولم يجدوا غير حطام
متناثر وقتل من كان فيها جميعا ً .
أعلن عن سقوط طائرة في حقل سوسن .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف