الأخبار
اطلع على قائمة رؤساء الولايات المتحدةواشنطن تقدم مساعدات لإسرائيل بنحو 6.5 مليار دولار وتراجعها مع غالانت سطراً بسطرمسؤول أمريكي كبير يطالب بإغلاق الرصيف البحري قبالة شاطئ غزةليبرمان: نحن نخسر الحرب بغزة والردع الإسرائيلي تراجع ونتنياهو يتحمل المسؤوليةجيش الاحتلال يشن عملية عسكرية مباغتة في حي الشجاعية ونزوح آلاف المواطنينمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 16 جندياً باستهدافهم بعبوة ناسفة في جنينأفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزةأردوغان يعلن دعمه لبنان ويستنكر الدعم الأوروبي لإسرائيلمؤسس موقع ويكيليكس "حر" بعد اتفاق مع القضاء الأميركي
2024/6/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حافة التفكك بقلم: الروائى توفيق عبيد

تاريخ النشر : 2012-05-31
حافة التفكك ( قصة قصيرة )
للروائي توفيق عبيد

في بداية ربيع هذا العام هبت رياح ساخنة ,حرارة الجوأعلى من معدلها السنوي بكثير... رياح ساخنة كأنها مستعارة من تموز .
أبوأحمدعامل بناء في ورشة كبيرة لبناء أحد الأبراج في مدينة غزة , طويل و أسمر , في نهاية العقد الرابع , لفحته الشمس بحرارتها وهبت على وجهه الرياح الساخنة فأغرقته في بحر من العرق و استنزفت قواه !
عاد أبو أحمد في المساء الي بيته في حي الشيخ رضوان خائر القوى ... تنتابه مشاعر الاعياء ممزوجة بعصبية زائدة , دخل البيت فقابله ابنه البكر في الصالون , رفع أبو أحمد سبابته ... السبابة تعلو و تنخفض في وجه أحمد مصحوبة بصراخ... لماذا لم تحضر لي الطعام ؟ لماذا لم تأتي لمساعدتي ؟ أين كنت تتسكع ؟!!
- أنا يابا ... يابا أنا
- أنت ايش يا ابن ...!!!
- ما هو يابا ... يابا ما هو ... ما هو .. !!
- متمهمهليش ... وين كنت ... وين كنت تتسكع ... وين كنت داشر ... ارتفعت يد أبو أحمد اليمنى وسقطت على خد أحمد وصفعه بيسراه صفعة ثانية ... صرخ أحمد متألماً ...هرعت الأم ووقفت حاجزاً بشرياً بين الأب وابنه ... أرادت حماية فلذة كبدها ... ارتفعت يمنى أبوأحمد لتكرر الصفعات ... اصطدمت بوجه الحائط البشري , صرخت أم أحمد , هرب أحمد باتجاه مخزن خلف فناء البيت , أحضر أنبوباً معدنياً محشوبمادة مشتعلة و متفجرة ... معروف في غزة باسم ( كوع ) , أبو أحمد يصرخ في وجه زوجته ... لماذا تقفين حائلاً بيني و بين ابني ؟ أريد تربية و تأديب هذا الداشر !!! و في أوج صراخه على زوجته عاد أحمد وبيده الكوع و حاول اشعاله ... أراد أن يشعله و يقذفه في وجه والده ... أراد تفجير البيت ووالده ... حضر الجيران و حجزوا أبوأحمد عن زوجته و ابنه وحجزوا أحمد في بيت الجيران ... منعوا كارثة !!!
في عجالة من أمرها حزمت أم أحمد شنطة صغيرة وضعت بها بعضاً من ملابسها , تركت البيت وهي تقذف بالكلمات ذات اليمين و ذات الشمال وتلوح بيمناها قائلة : بتضربني ... أنا بتمد ايدك علي !! أنا صرت من النسوان اللي بتنصفع على وجهها !!! هذا أنا صرت ملطة !!!
توجهت أم أحمد الى مخيم جباليا بلوك ( 5 ) ... الى بيت أهلها ,
حضرت قوة من مركز الشرطة القريب من البيت و اعتقلت الأب و ابنه , بعد تحقيق سريع ... أفرج عن الأب و أمر الضابط بحجز الابن على ذمة التحقيق !!
في مساء يوم عمل حاروشاق في توزيع المواد ألتموينية على الحالات الاجتماعية الصعبة بين الناس و بين أصحاب عربات الكارو ... قذفت بنفسي على أريكة في مظلة البيت ألتمس بعضاً من الراحة , أخذت نسمات الهواء العليل تداعب جسدي ... و فجأة طرق عنيف على باب بيتي ... أسرع ابني محمد يفتح الباب ... دخل أبو أحمد مسرعاً ... نظر ذات اليمين و ذات الشمال ... هجم على حزامي وقال :
- ايدي في حزامك !! دخيل على عرضك ... دخيل على ولاياك !!!
- وصلت يا رجل ... اجلس يا أبو أحمد ... يا محمد كوب ليمون ... لمونادة يا بني .
- استمعت جيداً لشكواه , تخلل الانصات الواعي بعض الاستفسارات ... هدأت من روعه ووعدته بالمساعدة .
في مساء اليوم التالي ذهبت برفقة أبو أحمد الى مركز الشرطة بعد ان أقنعته بتوقيع تنازل عن الشكوى ضد ابنه ... خرج أحمد بالكفاله , جلسة طويلة من الارشاد للابن بدور الابن ودور الأب ... و بالوالدين احسانا ... بضرورة طاعة الوالد ومساعدته ... اعترف الابن بخطأه ... أقبل مسرعاً على رأس والده فقبله ... أنا آسف يا أبي ... أنا غلطان ... سامحني يا والدي !!!
- مسامح يا بني ... الله يرضى عنك !!
عند عتبة البيت و قبل ان ألوح مودعاً استدرك أبو أحمد بخجل واضح قائلاً :
- متى سنرد أم أحمد ... أريد أن تعود لأولادها ... كما تعلم ثمانية أطفال !!
- أعطني عنوان أهلها ... أحضر الى بيتي الأسبوع القادم مثل اليوم .
في اليوم الموعود حضر أبو أحمد و زميلي الاخصائي الاجتماعي أكرم أبو كرش و أبوحسام أحد وجهاء الحي ... من أهل العقد و الحل ... توجهنا جميعاً الى مسقط رأس أم أحمد فقابلنا أبو خالد والدها وولي أمرها .
رحب أبو خالد بنا قائلاً :
أهلاً بالضيوف .
وبعد أن شربنا قهوة أبو خالد …عرفته بنفسي و بالجاهة ... وعن حاجتنا الى فعل الخير .
أخذ أبو خالد يسرد سجل طويل حافل بالذكريات الأليمة عن زوج ابنته الذي لا يألو جهداً في اختلاق العلل حتى الملل ... ذقنا المرارات كلها مع أبوأحمد ... فاض الكيل ... أصبحنا لا نتحمل مزيداً من الاهانات ... أم أحمد لن ترجع !!
قذف أبو خالد بهذه الكلمات النارية في وجهنا ... كادت الكلمات أن تلفحنا بنارها !!!
أخذ أبو حسام بالحديث عن العادات و التقاليد وضرورة اصلاح ذات البين ووضح كيف أن ديننا السمح يحض أن يكون بنيان الأسرة متماسك و بنيان المجتمع كالبنيان المرصوص وجزاء اصلاح ذات البين و قرأ على مسامعنا الحديث الشريف
(ألا أدلكم على ما هو أفضل أجرا من الصلاة والصيام والصدقة والزكاة)، فقالوا: ماذا يا رسول الله؟ قال: إصلاح ذات البين بين المسلمين) واية من القران الكريم قوله تعالى:{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
وتحدث الأستاذ أكرم عن مساوئ التفكك الأسري والانحرافات و الأضرار التي تصيب جميع أفراد الأسرة و مدى الضرر الذي يصيب المجتمع .
دغدغت الكلمات الطيبة من الجميع عواطف أبوخالد وكاد أن ينطق بالموافقة ... حتى سمعنا قهقهة من داخل البيت ... قهقهة ملء جنونها ... أنا لن أعود اليه ... أريد الطلاق !!! قذفت بهذه الكلمات المسموعة و بعض الكلمات الغير مفهومة ... تصلب أبوخالد في موقفه ثانية و أخذ يقول :
تعبنا مع أبو أحمد ... لسنا واثقين منه ... ذل ابنتنا ... ابنتي لن ترجع ... أبو أحمد غير مضمون ... من يكفله ؟!! تلقفت هذه الكلمات ودققت صدري بيمناي قائلا ً :
أنا بأكفله ... ترجع أم أحمد في كفالتي وكأنها أختي ... واللي بيصير عليها بيصير علي !!
سقطت هذه الكلمات على قلب أبو خالد برداً وسلاماً ... تعهد أصاب الجراح بالبلسم الشافي ... فترة طويلة من الصمت ... صمت أم أحمد كان علامة رضا ... أبو خالد قائلاً :
- أنا معنديش مانع ... اكراماً للجاهة و مرضاة لله و الرسول و كفالة الكفيل ... لا أمانع في الرجوع .
- هل لنا يا أبو خالد من مطلب ... أرجو تلبيته !!!
- ما هو ؟ اعتبره طلب مجاب قبل أن أسمع !!
- أن نحضر أبو أحمد للحضور .
اتصلت بأبي أحمد القابع في السيارة قبالة بيت حماه و طلبت منه الحضور ... جلس بيننا ... تبادل مع حماه عبارات العتاب الرقيقة تلاها أسف و تعهد بعدم العودة الى ما كان ... زالت هالة الحزن التي كانت تتربع على وجنتها و حل محله علامات فرحة وبشائر السرور ممزوجة بشوق و حنين ... شكرنا زوجها و شد على أيادينا والدها قائلاً :
خطواتكم للجنة ان شاء الله .
انسحبنا بهدوء من المسرح ننتظر نفس متهالكة جديدة تلقي بظلالها علينا طلباً للحل و المساعدة , عدنا أدراجنا ... عادوا للبيت ... تصنعت عدم الرضا ... أخذا يتعاتبان و يجتران الأيام الحلوة ... أخذا يتصالحان ... اقترب منها و قال :
أنت حلوة ... أنت ملكة الخلية ... أنت العسل كله ...أخذا يتذوقان ... تذوق عسيلته و يذوق عسيلتها حتى غرقا في بحر العسل !!!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف