الأخبار
إسبانيا تطلب رسمياً الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام "العدل الدولية"إدارة بايدن تعرض "صياغة جديدة" لمقترح وقف إطلاق النار بغزةاطلع على قائمة رؤساء الولايات المتحدةواشنطن تقدم مساعدات لإسرائيل بنحو 6.5 مليار دولار وتراجعها مع غالانت سطراً بسطرمسؤول أمريكي كبير يطالب بإغلاق الرصيف البحري قبالة شاطئ غزةليبرمان: نحن نخسر الحرب بغزة والردع الإسرائيلي تراجع ونتنياهو يتحمل المسؤوليةجيش الاحتلال يشن عملية عسكرية مباغتة في حي الشجاعية ونزوح آلاف المواطنينمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 16 جندياً باستهدافهم بعبوة ناسفة في جنينأفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزة
2024/6/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جعلوني فارسا - بقلم عدنان زغموت

تاريخ النشر : 2012-05-31
جعلوني فارسا - بقلم عدنان زغموت
جـــعلـوني فـــارساً
ما أنْ يَشْتدُ عودُ الصيف ويغزو العرقُ الجباه حتى يَنْهَرَ ما بقيَ للربيع من نُسيمات رقيقاتٍ تمسحُ بكفها الندي الجبينَ بين المغرب والفجر فَتُنعش فؤاداً يستعدُ متحسراً للقاءِ سراب الصيف بكُل قساوته.
صَحَتْ سيدةُ القصة من نومها وهي تصيح:
وَكَم مِن فارِسٍ أَضحَى بِسَيفي هَشيمَ الرَأسِ مَخضوبَ اليَدَينِ
القائل, كما يروي التاريخ والله وحده يعلم, هو عنتر الرجلُ خَشنُ الملامح أو عنترة المرأة الجميلة. إنه لشيءٌ محيرٌ فعلا الغوص في عالم الأسماء التي ترتدي بِشْتَ الرجل أو عباءةَ الأنثى في آن واحد. لكن أن تقول سَحَرْ فاللهُ والناسُ جميعاً لا يختلفون على أنه إسم رقيقٌ رقةَ صاحبتِه وليس صاحَبه. فعنترُ لهُ شنبٌ ولحيةٌ وعضلاتٌ مفتولةٌ وسيفٌ وتِرسٌ وكذلك لعنترة, فالإجتهاد يقول أنه يصحُ الوجهان في الحديث عن عنتر وعنترة, أما لإسم سحر وجهٌ واحدٌ والقضيةُ غير قابلة للتفسير والإجتهاد والتأويل حتى لو نَبتَ لسحر شاربٌ معقوصٌ يقفُ عليه صقر. هَبطتْ الأخيرة في مطار بلدها وهي تحمل سلالا من السعادة للقاء أهلها تَسْبِقُها إبتساماتٌ إخْتَفتْ فجاةً أمام أول لقاءٍ رسمي مع شرطةِ الجوازات.
الشرطي بعد أنْ تَكتكَ على جهاز حاسوبه , رفع رأسه مُنتشياً وقال: أنتَ مقبوضٌ عليك يا سيد سحر.
سحر, بإبتسامةٍ صفراءَ مرعوبة : ماذا قلت؟
الشرطي: الذي سَمعتْ بالضبط, أنتَ مطلوبٌ بتهمةِ التهرُبِ من خدمةِ العلم.
سحر : عن أيَّ خدمةٍ وأيِّ عَلَمٍ تتحدث؟ وهل في القانون خدمةُ عَلمٍ على المرأة؟
الشرطي: لا ولكن الحاسوب يقول ذلك ولا يمكن أن أصدِقَك وأُكذبَه.
سحر: عجيبٌ وأعجبُ مِنَ العجب ما أسمع, بالتأكيد أنتَ تمزح وأنا لا أحتمل مزاحا ثقيلا, أريدُ المسؤول عنك في الحال وإلا صِحْتُ بأعلى صوتي لأجمع عليك كُلَ العرب والعجم.
الشرطي: لك ذلك. غاب قليلا وعاد وبصحبته ما علا كتفيه كُلُّ الرُتب.
الضابط هَزَّ برأسه مذهولاً وانتفضَ كما أبي لهب ونَهَرَ الشرطي آمرا إياه بالسماح للسيد سحر بالدخول للبلاد على أن يُصححَ وَضعَهُ في إدارة خدمة العلم.
دخل السيد سحر- عفوا السيدة سحر- وقَضتْ إجازتَها في نَصبٍ وتعب وهي تطوف بين الدوائر طَيِّبةِ السمعة فحظيت أخيرا بمساعدة أهل الخير والحظوة بورقة تسمح لها بالمغادرة.
غادرت السيدة وهي تلوكُ مرارةَ ما حصل لمدة عام كبيس بالتمام والكمال. الحنين وما أدراك ما الحنين شدَّها ثانية لتنشق أنفاس الربيع, فإذا برياحِ سُمومِ الصيف تلفحُ وجهها مرة أُخرى .
شرطي, بلا مبالاة وبعبث : يا سيد سحر إنْ ذهبتَ للهند أو للسند وتواريتَ في كهوفِ جبال الهيمالايا فخدْمةُ العلم وراك وراك والزمن طويل. فأنتَ وأمثالُك يُؤخر كُلَّ مخططاتِ الزحفِ الكبيرِ للتحرير.
سحر:ألا ترى أنَّ بين يديَّ طفلا رضيعا, أنا إمرأةٌ وليس رجلا أيها الحريص على قضايا الوطن.
الشرطي: وما أدراني فالولد ربما هو لأخيك أيها المُتحايل والخبيث. إتبعني فورا إلى غرفة التحقيق فهناك ربما يتغير المسار والمصير.
في غرفة التحقيق ضابطٌ وحشدٌ من عناصر أنبَتتْ لهم الرشوةُ ناتئَ الكروش يدخنون ويقهقهون.
الشرطي: يا سيدي, المدعو سحر مطلوب لخدمة العلم وهو متهرب منها منذ سنوات ويتخفى برداء الحريم.
ضحك الضابط وكل من في المحيط
أحدُ الجلسين المتثائبين صحا لتوه من نوم عميق وضحك ملءَ فِيهِ وقال : جميلٌ هوالجيش الذي فيه حريم لتقشير البصل والطبيخ, ههههههههه
سحر: مُعيبٌ ما تقوله أيها الصنديد الذي لا يستطيع التفريق بين العصا وعرنوس الذرة وبين الطاخ والطيخ واليقطينة والبطيخ.
الضابط صرخ بوجهه موبخا وأمرَ بإنجاز تأشيرة الدخول فورا على أن يُراجع السيد سحر جهات الإختصاص لتصحيح الوضع.
خرجت سحر وهي تتمتم بكلمات لا تعلمها إلا هي. قَضَتْ إجازةً سعيدةً وهي تقوم برحلةٍ سياحيةٍ بين أروقة المكاتب يستحقُها كُلّ عزيز, وأخيرا حصلت على إذنٍ للخروج.
ظَنتْ السيدة سحر أنّ الكابوس إنتهى إلى الأبد, بَيدَ أن ليلةً ثَقُلَ فيها الطعام أعاد ما لم يحصلْ بالخيال. صَلّتْ وسَبّحتْ الله ونامت على الجانب الأيمن وقرأت المعوذات. إنفلتتْ الأحداث من عقالها لتغزوعالم الأحلام, فرأت نفسها فارسا وحيدا في الميدان يمتطي حصانَه ومُحاطا بجيشٍ عرمرمٍ من الأعداء. أَخْفَتْ إبْتَسامتْها وأطلقتْ عبْسَتها ونَزلتْ إلى الميدان فارسا تحصدُ رؤوسا أينعت لا يمكن لأي حاسوب أن يحصي عددَها وهي تصيح:
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ (للمتنبي)
صحا زوجُها مرعوبا على وقع صليلِ قعقعةِ السيوف وارتطام السهام بالتروس وصيحات جرحى الحرب وهو يرى سحر تحمل على رأسِ رُمحها رأسا لآخر أعداء الميدان.
هَزَّها من كتفها بقوة: ما بك يا عزيزتي تهمهمين وتزمجرين؟
سحر أفاقت من غفوتها وصاحت بأعلى صوتها: من أنتْ؟ أصديقٌ عَبسِيٌ أم من جحافل المعتدين؟

الزوج: أنا زوجُك المطيع أيها الفارس الملثم .
سحر: المفروض أن لا توقظني وأنا في طريقي إلى تحريرالأرض والعرض وفك قيد كل أسير حرب.
شَعَرتْ السيدة سحر بنشوة الإنتصار وقالت في سٍرِّها: ربما الحاسوب إختارني لأقود معركةَ الفصل والمصير, وقَرَرتْ تسليم نفسها على الفور لقضاء خدمة العلم, فالتحريرُ لا ينتظرُ كثيرا والأمر لا يحتمِل مزيدا من تفسير أوتأويل والوطن لا يميز بين أنثى وذكر. وضعت نفسها رهن الطلب لكنهم أبلغوها برفضه وأن كل ما عليه- عليها- مراجعة دوائر الإختصاص لتصحيح الوضع الذي لا يزال مستمرا في منع الدخول أو السفر. بعد اليوم, فكرت سحر وتدبرت وإرتأْت تغيير إسمها ليصير خنفورة بنت خنفور الخنفوري الخنافري. نجح جهدها وأخفق حتى جوجل في نبش ماضيها العسكري وصارت كُلّ:
بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان , ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف