الأخبار
رويدا عطية تودّع الفن وتعلن الاعتزال رسمياتعرف على فوائد بيض السمان والتي لا تغادر سفرة الرئيس الروسي بوتينماء بذور الكزبرة الدافئ.. السر للصحة والتخلص من السموم بشكل طبيعيسنتكوم تنفي استهداف "الحوثي" حاملة طائرات أمريكيةإعلام إسرائيلي: حماس تسيطر على معظم مناطق غزة ونتنياهو يقودنا إلى الفشل المطلقغموض كائنات بحرية غريبة في الساحل الشمالي لمصر: هل هي حيتان أم قروش؟السفير الإسرائيلي يغادر كولومبيا بسبب الحرب على غزةهجوم بمسيرة انتحارية على قاعدة أمريكية بسوريابلجيكا تشعل صراع التأهل بالمجموعة الخامسة في "يورو 2024"مبابي يشارك في مباراة ودية استعدادا لمواجهة بولندا"الصحة" بغزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 37 ألفاً و598 شهيداً منذ 7 أكتوبرمصر: لتقديم جثته لمقبرة أثرية.. ذُبح الطفل ونزعت أطرافه والقاتل أحد الأقاربالأردن: الكشف عن حقن مغشوشة تستخدم لفقدان الوزنخمسة شهداء في قصف للاحتلال على مقر (أونروا) جنوب غزةلواء إسرائيلي: إسرائيل غارقة في الوحل
2024/6/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التراث الحضاري والسياحة الثقافية بين الأخذ والعطاء

تاريخ النشر : 2012-05-29
التراث الحضاري والسياحة الثقافية بين الأخذ والعطاء

في ندوة التأمت مؤخرا بالمركب الثقافي بسيدي بوزيد ونشطها الاستاذ كمال بكاري تولت الباحثة زازية برقوقي تقديم مداخلة حول الموضوع هذا نصها الكامل:

ان الاقرار بان تراثنا ثروتنا يجعلنا امام عدة تحديات في كيفية التعامل مع مختلف الكنوز التراثية، والتي ظلت تعاني من الاهمال واللامبالاة رغم مجهودات البعض، ان لم نقل من النظرة التحقيرية والمرتبة الدونية في صفوف نظرائه من القطاعات والمجالات الاخرى ذوي المردودية الاقتصادية والربح السريع. لقد ظل البحث في غمار التراث ينتابه نوعا من الالتباس والغموض، في ظل تشتت وتباعد الاختصاصات العلمية المختصة، كالانتروبولوجية والايكولوجية والاثنولوجية والاركيولوجية، عن دورها الاساسي في البحث والتنقيب والكشف عن مختلف جوانب المواضيع ذات الصلة كالتراث، وتوفير مختلف الاجابات حول الحقائق التاريخية والعلاقات الاجتماعية والتصورات الفكرية، والتي اثثت محطات حضارية هامة، مثلت الجذور الاولى لتكون وتشكل اجيال الحاظر. ورغم الاهمية الوظيفية للتراث في تشكيل الماضي وبناء الحاضر والتاسيس للمستقبل، الا انه ظل يعاني من المجهولية على المستوى المفاهيمي او الوظيفي، وهو ما جعله محل تجاذبات وتساؤلات حول مفهوم التراث وعلاقته بالواقع البيئي والاجتماعي، والتساؤل حول أهمية التراث كثروة في ظل التصادمات والتشكيك في مدى فاعلية هذا القطاع.

لقد عجز الباحثون عن تحديد مفهوما واضحا للتراث، باعتبار تفرعاته وتشعب مجالاته، التي تتجاوز كل ما هو واقعي محسوس الى ما هو معنوي خيالي وفكري، ولكن دأب الجميع على القول بان التراث هو كل ما تم توارثه من السلف، وهو كل ما أفرزته الانشطة والمهارات الحسية (المادية) والفكرية، وهو نتاج تفاعل الانسان مع الطبيعة في محيطه البيئي والاجتماعي، وقد مثل التراث جملة التراكمات التاريخية التي اثثت الحضارات المتعاقبة ونهلت من مشارب مختلفة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، والتراث يعكس بكل وضوح واقع المجتمعات الحضارية لمختلف الفترات الزمنية المتعاقبة، ويشمل التراث كل ما خلفته الحضارات من ابداع فردي أو جماعي خلال تاريخها الطويل.

ويصنف التراث حسب صنفين (سنعتمده كاجراء منهجي للتوضيح فقط، لما لدينا من احتراز حول هذا التقسيم) وهما التراث المادي والتراث اللامادي :

التراث المادي يحتوي على كل ما هو معالم ومواقع اثرية، وكل ما هي منقولات ومخطوطات، وكل المكتسبات من منجزات وادوات ومهارات ذات الصبغة الثقافية والتاريخية والفنية وغيرها. أما التراث اللامادي فيشمل الابداع الفكري والروحي والموروث الشفوي، ويتمظهر في شكل منظومة من القيم والاعراف ومن العادات والتقاليد، ويتضح هذا الصنف من التراث في كل ما هو موروث شفوي خزن في الذاكرة الجماعية باعتبارها وعاءه الوحيد وتداولته الاجيال المتعاقبة شفويا، كالاقوال والامثال والحكايا والقصص والاساطير والانماط الغنائية المختلفة، وقد عكست هذه التعابير التراثية واقع المجتمعات في جميع مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية والعقائدية أي الدينية وغيرها.

ونظرا الى ان التراث الحضاري على هذا القدر من الشمولية ومن الثراء، فيمكن ان يمثل لنا درسا انتروبولوجيا هاما، للكشف عن خصائص المجتمعات وخاصة تلك التي ظلت في منئى عن البحث والكتابة.

واذا كان الجميع ينهل اليوم من التراث بطريقة مباشرة او غير مباشرة في تشكيل حاضر وواقع المجتمعات المعاش، فكيف يمكن الحديث عن توجيه هذه الثروة في مجالات قد تساهم في احياء التراث والمحافظة عليه من ناحية وفي التعريف به والاستفادة منه من ناحية ثانية ؟

وللوصول الى مرحلة ادماج التراث وتفعيله في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في هذه المرحلة، والاعتراف به كقطاع تنموي هام، يفترض منا الاحاطة بجميع جوانبه، ومعرفة أهم الاسباب والمشاكل التي حالت دون ذلك، ولعل السؤال المطروح هنا:

ماهي العوائق امام التراث كخيار تنموي؟

وعلى كثرة العوائق والمشاكل التي طالت مختلف المجالات سنحاول تقديم اهمها وهي:

- نقص الموارد المالية المخصصة للعناية بالتراث

- عجز القوانين والتشريعات المنظمة للقطاع في التطبيق على ارض الواقع

- تعدد المؤسسات المشاركة في ادارة قطاع التراث، كالثقافة والسياحة والتراث، مما ولد تداخل في المهام

- نقص الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة لهذا القطاع

- نقص الدور التوعوي حول اهمية التراث، من طرف وسائط الاعلام او من الهيئات المجتمعية

- احتلال التراث المراتب الاخيرة في تصنيف القطاعات ذات الاهمية،

- دور العولمة في تكريس الهيمنة الثقافية امام تراجع الثقافة المحلية

- عدم تحديد وحصر المواقع لمختلف الالوان والاشكال التراثية المحلية، كمؤشر للثراء والتنوع

- عدم ادماج التراث في برامج المؤسسات التربوية والجامعية كالاغاني التقليدية والحرف اليدوية، او البحوث والدراسات الميدانية

- ضعف قدرات المؤسسات ذات الصلة وغياب الاستراتيجيات لحفظ التراث

- قلة التظاهرات والملتقيات المتعلقة بالتراث

- عدم التنسيق في البرمجة التراثية، التي غالبا ما يشوبها الخلط في المواضيع

ولتناول مسألة التراث بكل جدية، واخراجه من الدائرة الضيقة، التي تحاصرها جملة المشاكل والمعوقات، يستوجب الكشف عن الوظائف والادوار الحقيقية التي يمكن ان يلعبها التراث كرافد من روافد التنمية في جميع المجالات، والاعتراف به كمورد اساسي في تنشيط الحركة التنموية، تجمع ما بين الاصالة والمعاصرة.

ولا شك ان التراث من الاسس الحضارية، التي يتطلب التعامل معها بشيئ من الحيطة والحذر، للخصوصية الدلالية التي تمتد جذورها الى اعماق التاريخ، وللروابط الانسانية، اذ لا تتوانى المجتمعات في الاعتداد بروح الانتماء والاعتراف بما قام به الامجاد، والتشبث بالهوية الحضارية.

ولتحقيق الاهداف المنتظرة من التراث، يتطلب رسم مناهج واستراتيجيات واضحة، تراعى فيها القيمة الحضارية للتراث، وفي نفس الوقت تساير الموجة التطورية الحديثة. ويعتبر التراث من القطاعات القابلة للتطويع والولوج بها الى الصفوف الاولى من الافكار والمشاريع التنموية.

وقد راينا في هذا الجانب دراسة العلاقة بين التراث والسياحة الثقافية، وذلك من منظور اهمية التراث والثقافة في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية بما فيها السياحية، باعتبار ان التراث وتوظيفه لخدمة السياحة الثقافية اصبح من الرهانات الكبرى التي تعول عليها المجتمعات مع الاشارة الى ضرورة التوفيق بين المحافظة على التراث من ناحية، ومتطلبات السياحة في الوقت الراهن.

وهنا لابد لنا من توضيح المفهوم العام للسياحة، باعتبارها تمثل عملية التنقل من مكان لآخر لاهداف متعددة ومختلفة، كالسياحة الثقافية والاقتصادية والترفيهية والعلاجية، وهي في مجملها تلبي احتياجات نفعية للسائح في حركة تبادلية ثقافية ومادية مع المجتمع المستضيف. وتنقسم السياحة الى فرعين اساسيين وهما السياحة الداخلية والسياحة الخارجية. وقد يتراءى للبعض ان ظاهرة السياحة حديثة المنشأ، ولكن في حقيقة الامر هي ظاهرة قديمة ارتبطت بالحضارات المتعاقبة وان اختلفت اهدافها وغاياتها سواء للترفيه، او للاكتشاف او لنشر الثقافات.

وكغيرها من الظواهر الاخرى تشهد السياحة تطورا وحركية دائمة تجعلها في حالة تجدد مستمر، تبتعد من خلاله شيئا فشيئ عن الاشكال النمطية المتعارف عليها والسائدة في المجتمعات، وهو ما يدفع بضرورة البحث عن طرق وآليات جديدة في التعامل مع ظاهرة السياحة، فاليوم لم يعد التنوع التراثي والثقافي للمجتمعات بأشكاله وصوره المعهودة كافيا لجذب السائح، في غياب المقاييس الجمالية والموضوعية والنظرة التطورية، لاضفاء روح جديدة على الموروث الثقافي وتقديمه باشكال جديدة متنوعة تستقطب كل الاذواق وتحقق المتعة الفكرية والبصرية للزائرين، وبالتالي تعود بالفائدة على المجتمعات المستضيفة لهم.

تعتبر السياحة من اهم عوامل التبادل الثقافي، وهو ما يدفع بالمجتمعات الى التدقيق في المحتوى الموجه وفي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والبيئية، التي تشترك جميعها في انتاج مادة ثقافية تحمل خصوصية هذا المجتمع او ذاك، فكما هو معلوم ان السياحة الثقافية لا تقتصر على الثروات الاثرية والتاريخية، وانما هناك اشكال وعناصر تراثية متعددة يمتزج فيها عبق الماضي بروح الحاضر في بيئة اجتماعية وجغرافية معينة، فتفرز بالضرورة ثقافة تعكس الواقع الفكري والبيئي للمجتمعات.

لطالما اعتبرت الثقافة المقياس الانجع لمعرفة مدى تطور المجتمعات والشعوب فكلما كانت جملة الموروثات الثقافية في حركة دؤوبة وفي تطوير مستمر نحو الانفتاح، الا وكانت تلك الثقافة ذات بريق مميز، وكلما جنحت الثقافة نحو الجمود والانغلاق والتقوقع الا وكانت في حالة تراجع نحو الضمور والاندثار.

ومن هذا المنظور لا بد من وجود عملية تثاقف بين المجتمعات لفهم الاخر وتحقيق التواصل معه، والتفاعل مع الطبيعة وملاءمة عناصرها المتوفرة وفق المتطلبات والاحتياجات المنشودة لمختلف الاطراف.

ولاشك أن عملية التاثير والتاثر بين التراث والسياحة قد تؤدي الى ظهور منتجات سياحية وفق مقاييس مادية تجارية بحتة، قد تصبغها صفة السلعة وتدخل بها في دائرة العرض والطلب، وتفقدها احيانا خصوصيتها وقيمتها الثقافية والحضارية، ونورد مثال الصناعات الحرفية التقليدية، والتي اصبحت في جانب منها تنتج حسب ذوق اغلبية الزائرين ومدى مردودها من الكسب المادي، وان تطلب ذلك تغيير اشكالها التقليدية أو الوانها المعهودة او خصائصها التي تمثل رموز دلالية ثقافية ذات معايير مجتمعية قيمية.

والمطلوب هنا هو حماية التراث من التشويه والانتهاكات التي قد يتعرض لها بدعوى التطوير والتهذيب ومسايرة الموجة التحديثية الحاصلة، وكغيره من الكنوز النفيسة يتطلب التراث التعامل معه بكل دقة وحرفية، ولا يتعارض استعماله بطابعه الخاص والمميز في كل الميادين والقطاعات ذات المردودية الثقافية والاقتصادية.

لكن اذا كان التاثير السياحي في جانب منه واذا ما تطاول على الابعاد الثقافية للتراث يعتبر سلبيا، فقد يكون ايجابيا في بعض المواضع الاخرى، اذ يمثل احد الدوافع والحوافز في تهيئة مناطق ذات اهمية سياحية، وخاصة اذا ما تعلق الامر بالمنشآت الأثرية والمعمارية الدينية والثقافية وغيرها، التي تستقطب عددا كبيرا من الزائرين، فيترتب عن ذلك مزيد من الاحاطة والعناية من قبل الجهات المختصة بتلك المواقع، من حيث الترميم واعادة الاعتبار على جميع المستويات، وتساهم تلك المعالم الاثرية بدورها في تنشيط الحركية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الاطر المحيطة بها والدفع نحو التنمية الشاملة.

والاقرار بان التاثير السياحي ينعكس بهذا الشكل او ذاك، في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عن طريق عملية تبادل لمعايير مادية مقابل معايير ثقافية، جمالية وفنية، فكيف يمكن للتراث عامة ان ينخرط في هذه المنظومة دون ان يفقده ذلك المبادئ والمعايير القيمية الاساسية؟

ان ما يشهده العالم اليوم من تطور تقني وآلي في ظل حركة العولمة التي سادت مختلف المجتمعات يجعلنا نسعى الى تغيير طريقة التعامل مع ما تبقى من تراثنا الحضاري، وذلك بتكاتف الجهود نحو العمل على الجمع والتصنيف لمخزون الجهات من التراث الثقافي وخاصة الشفوي منه المهدد أكثر من غيره بالاندثار، وان تطلب الامر انخراط المؤسسات الثقافية والتربوية في هذه العملية، باحداث برامج ومناهج محلية تلقينية وفق مقاييس جهوية خاصة، يمرر من خلالها الموروث الثقافي الى الناشئة.

ثم في مرحلة ثانية لابد من تقديم وتعريف ذلك التراث بطرق جمالية فنية حديثة، مع الحرص ألا يخرج بها عن السياق الاجتماعي والثقافي العام، وفي المرحلة الثالثة لابد من العمل على توظيف المخزون الكبير من التراث بأنماطه وأشكاله المختلفة التقليدية منها والمستحدثة، في تنشيط الدورة الاقتصادية وتنمية السياحة الثقافية، وهو ما يستوجب تفعيل جملة من المقترحات الهامة نرى انها تتمثل في:

* في البداية لابد من الجمع والتوثيق( ارشفة) لمختلف الظواهر الفنية التي ظلت تتداول شفويا وذلك باستغلال ما جادت به حركة العولمة، و مختلف الوسائل والالات المتطورة للتسجيل السمعي البصري، والتي يفترض ان تنقل المشهد او الظاهرة كما هي، وبالتالي توثيقها على جملة من المحامل بالصيغة الاقرب لواقع الظاهرة، مع التنصيص على ضرورة النقل والتوثيق من قبل مختصين في مختلف المجالات الثقافية.

* تشجيع العمل الجمعياتي الذي يعنى بحماية الموروث الثقافي، وتقديمه بالصورة الأمثل للمتقبل، مع ضرورة التوعية المجتمعية بقيمة وأهمية التراث للمحافظة على مكتسباته من ناحية، والانخراط في التفاعل معه من ناحية ثانية.

* دفع مختلف الاشكال التراثية التقليدية نحو المحيط السمعي باستخدام وسائل الاتصال الحديثة، وايضا بتكثيف المناسبات والتظاهرات الثقافية ذات الخصوصيات الجهوية والمحلية التي تبرز التمايز بين مختلف المجموعات.

* ضرورة التشجيع لكل انتاج ابداعي ذو طابع تراثي يساهم في ترويج الثقافات المحلية، كالابداع الفني الادبي والموسيقي أو الابتكارات في مختلف الحرف التقليدية.

* تهيئة المنشآت الاثرية وفق مقاييس مضبوطة من قبل المختصين، تحترم من خلالها قيمة وخصوصية المادة المعروضة في مثل تلك المواقع.

* ضرورة جرد مختلف المواقع الاثرية، وكل الأنماط والأشكال والتعابير ذات الصبغة التراثية في سجلات جهوية، توضع تحت تصرف الباحث عن المعلومة، كالسائح او المستثمر أو غيرهم من عامة الناس.

* التكوين العلمي الجيد للمختصين في قطاعي التراث والسياحة، وخاصة للمرشدين السياحيين، نظرا لأهمية الدور المناط بعهدتهم.

* حصر مختلف الاطر والمواقع ذات الخصوصيات الطبيعية، الجغرافية والبيئية المميزة، التي بامكانها استقطاب مختلف انواع السياحة الثقافية والبيئية او الترفيهية، كممارسة الصيد او الفروسية وغيرها.

* العمل على جمع كل الخصوصيات التراثية الجهوية في شكل كتيبات ومطويات، وكذلك ادراجها في اقراص مضغوطة، يسهل الوصول اليها واقتنائها مما يساهم في انتشارها والتعريف بالمخزون التراثي المحلي، في الداخل والخارج.

* التركيز على عامل السرعة في ايصال المعلومة، وبالتالي احداث مواقع على الشبكة المعلوماتية، تعنى بمختلف الخصائص الجهوية التراثية والثقافية والسياحية، يعتمد من خلالها تقنية الاشهار في نشر الصورة و ترويج المعلومة.

اذا ما توفرت جملة العناصر سالفة الذكر يصبح من السهل الحديث عن اعتماد التراث كرهان تنموي، وذلك باحداث المعارض الثقافية، واقامة المنتديات والملتقيات المتعلقة بالسياحة، وبالمخزون الثقافي الجهوي، وتتخذ السياحة الثقافية موقعها ومهمتها الاساسية في التفاعل الثقافي بين مختلف الشعوب و الحضارات.

اما على المستوى الاقتصادي فيمكن احداث عديد المشاريع المربحة ذات المنحى الاستثماري، والتي تجمع قطاعي التراث والسياحة، وناخذ مثال الانشطة التراثية الاكثر انتشارا في المناطق الريفية وهي حرفة النسيج التقليدية، فكيف يمكن تفعيل مثل هذه الانشطة التراثية في المنظومة الاقتصادية والثقافية؟

وللتركيز على مشروع المنسوجات التقليدية، لا بد من انجاز منظومة استراتيجية تتمثل في احداث مؤسسات ذات وظائف تكاملية في اختصاص المنسوجات، ويتم ذلك في شكل مركبات صناعية، تحتوي على مراكز ومؤسسات تعليمية خاصة بحرفة النسيج، تعتمد في تسييرها على الفئات الحاملة والممارسة لتلك الثقافة، كما تحتوي على مؤسسات استثمارية صناعية ذات اهداف انتاجية، تعتمد على اليد العاملة المكونة في القطاع، وبالتالي خلق العديد من مواطن الشغل، كما توفر انتاج نسيجي من القطع التقليدية تحمل خصوصية ثقافية معينة وذات جودة مدروسة قادرة على التميز والمنافسة، يتم اقحامها في المؤسسات ذات الصبغة الترويجية المهيئة لذلك، والناشطة في الداخل عن طريق الاسواق واقامة المعارض والتظاهرات المحلية ذات الصلة، والتي تعمل بدورها على تنشيط الحركة الثقافية والسياحية واستقطاب عددا كبيرا من الزائرين، او الناشطة في الخارج عن طريق سياسة التصدير الاقتصادي والثقافي المنظم.

وفي هذه المرحلة التاريخية وفي علاقتنا بالتراث، لابد من التنبيه الى ان الاقرار باهمية التراث وبجدواه في واقعنا الحالي، لا يجعلنا نقف عند ذلك الحد والبكاء على ما تلاشى واندثر منه، فالموروث الحضاري بصفة عامة ينتظر من الجميع مصالحة شاملة وعلى جميع المستويات، باستنباط طرق وآليات جديدة تعيده الى الواقع، وتكسبه الاهمية التي يستحق، فينخرط في منظومة العلاقات بغية الافادة والاستفادة.

وفي النهاية لا يسعنا القول الا ان تراثنا وموروثنا الثقافي، بحرا مترامي الاطراف زاخرا بمختلف الكنوز والثروات، ومهما اخذنا ونهلنا منه تظل في اعماقه دررا متخفية تتطلب جهدا اكبر للغوص اعمق والنبش في طياته المتراكمة.

1
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف