الأخبار
أفضل وسطاء الفوركس لتعزيز تجربتك في تداول الذهبأولمرت يشن هجوماً على نتنياهو ويتهمه بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين وإطالة أمد الحربالبيت الأبيض: ندعم إسرائيل بالسلاح ونقدم مساعدات إنسانية لغزة.. ولا نرغب بحرب في لبنانالمتطرف بن غفير: سياستي حصول الأسرى الفلسطينيين على الحد الأدنى من الطعامتقرير: تكتيك حماس العسكري يحرم إسرائيل من النصرأردوغان: نتنياهو يسعى لشن حرب في لبنانأونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزةأردوغان يعلن دعمه لبنان ويستنكر الدعم الأوروبي لإسرائيلمؤسس موقع ويكيليكس "حر" بعد اتفاق مع القضاء الأميركيالاحتلال يغتال فادي الوادية أحد أعضاء (أطباء بلا حدود) بغزةسارة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة تنظيم انقلاب عسكري ضد زوجهاالأردن: لن ننظف وراء نتنياهو ولن نرسل قوات إلى قطاع غزةالقضاء الفرنسي يصدّق على مذكرة توقيف بحق بشار الأسد بشأن هجمات كيميائيةمهاجمة كلب إسرائيلي مسنة فلسطينية تشعل منصات التواصلثمانية شهداء على الأقل في قصف للاحتلال على شمال ووسط قطاع غزة
2024/6/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

باب القلعة بقلم: علي الجريري

تاريخ النشر : 2012-05-21
باب القلعة بقلم: علي الجريري
رحلة اليوم السابع / الجمعة
باب القلعة ؟ علي الجريري 18 /5 / 2012
كانت ساعات ليلة الجمعة تهرب بسرعة ، والأحلام تعود إليه ثانية يصعد الدرج باحثا عن مفتاح قلعته الذهبية ، كان بيته هناك أوكل غجريته التي أسكنته بيتها ، يوم كان يدرس في أروقة الأقصى ، خبر حارتها وأسماء بني قومها ، من فرط حبها له سجلت البيت باسمه وكتبت على باب البيت شارة غجرية وأول حرف من اسمه ،يغلبه النوم ثانية لم يجن بعد موعد صلاة الفجر ،يغرق في نومه تعاوده الأحلام ، ها هو يصعد درجات سلم باب الزاهرة ويمضي باتجاه باب العمود وهو يمسك بيدها أتذكرين كيف كنا أطفالا لحقنا بجارنا الاسكافي لنصعد درجات باب العامود ونشاهد معه الاحتفال الخاص باستلام المفتي برفقة أعيان المدينة مدفع إفطار رمضان من الحاكم البريطاني للمدينة ، منذ ؤول عهدهم نافقوا وتمكنوا من الدهماء وانطلت عليهم العاب أسيادهم من الاستعمار وعملائه ولا يزالون يتمسحون بالدين ، أردوا في حينها الحفاظ على بعض التقاليد التي اعتاد عليها أهل القدس منذ أيام الأتراك العثمانيين تجمع الناس هللوا وطبلوا وزمروا ونقلوا مدفع رمضان في احتفال مهيب إلى ساحة خالية في مقبرة باب الساهرة والتي لا تزال بقاياها المتهرئة إلى يومنا هذا ، أمسكت غجريته بيده حاولت ضمه وتقبيله ، الا انه استفاق من أحلامه لينهض قبل الفجر بدقائق ، خرج قبل موعد خروجه الصباحي ليمارس رياضته المعتادة منذ أربعين عاما ونيف بعد قليل ينضم إليه بعض من تعود الالتقاء بهم في هذا الطقس المحبب له ، ليعود بعدها إلى شعائره الخاصة بصلاة الصبح ، يحضر مجموعة التدريبات الورقية والالكترونية التي دربها لصالح مؤسسة (الواي ) حي واد الجوز ؛ حيث تنتظره مركزة التدريب مع الفريق الايطالي الممول لبرامج اللغات ، ظل مفتاح القلعة عالقا في هذنه منذ أول النوم وأوسطه وآخره ، ثمة فتح قريب في هذه المدينة ؛ التي مرت منها جيوش وعبرتها ممالك ودول شتى ورحلوا وبقيت صابرة محتسبة عامرة بأهلها وأحيائها رغم شراسة التهويد والاستيطان فيها وحولها ، ممرات ومتاهات خاصة بالعرب والفلسطينيين أبناء هذه الديار ؛ اصطفاف قبل الوصول إلى بوابات التفتيش على مراحل ، ما آن تقترب أكثر ؛ حتى يشرع البشر من طينة عربية أو فلسطينية بخلع كل يحمل معدنا ليضعه في سلة خاصة تمر تحت آلة فحص كهرو مغناطيسية عالية التركيز والدقة ، قد تجبر على خلع نعلك أذا أعلنت البوابة الالكترونية ؛ عن معدن ما في بعض ثيابك أو ملابسك ، وتعود ثانية حافي القدمين ، وكثيرات وكثيرون يتعرضون إلى تفتيش مهين بخلع كامل ملابسهم بأمر من أشخاص محتلين ليسوا من أصل البلاد ولا من أسوياء البشر ، كانت الطريق تمر بسرعة ترجلت من الحافلة أول شارع ابن جبير ، كانت أربع مروحيات تتجه غربا اغلب الظن تودع موحيتين لضيف مهم قادم بمروحياته من شرقي النهر حاولت مرافقتي التقاط صورة لها فوق فضاء جبل المشارف الذي تتربع عليه الجامعة العبرية ، ينتهي الاجتماع التدريبي واتجه أراقب المتغيرات وازدياد ظهور العلام الإسرائيلية فوق شوارع القدس وأحيائها ، بعض المحال في شارع الحريري ، حيا بعضهم وسألتهم الم يكن هنا مقر ندي الموظفين ، هنا أسسنا اتحاد الكتاب العرب عام 1982 وكان من الحضور : اسعد الأسعد وحنان عشراوي وعلي الخليلي والمرحوم أبو خالد البطراوي وعبد اللطيف البرغوثي وخليل توما وآخرون ، تغير المكان وتغير الزمان وتذكرت أن ثمة احد طلابي دعاني أي بيته ذات مرة في هذا الحي لفت انتباهي اسم البيت فسالت احد الأطفال كان لي صديق يسكن هذا البيت اسمه ثائر نسيبة الم يزل يسكن هنا ؛ ابتسم الفتى وقال نعم انه أبي تفضل انه يسكن في الطابق العلوي ، كم أعجبني هذا الفتى بجرأته وكرمه وثقته صعدت خلفه درج المبنى المقدسي وتخيلت والده عندما كان تلمذا عندي في دار الأولاد ليس بعيدا عن منزله ، وبجوارها كانت مكاتب الطليعة الأسبوعية المقدسية أول نشأتها ، حيث كنت أعود للنوم فيها مع صديقي إبراهيم جوهر، بعد عملنا الليلي في جريدة القدس في الحي ذاته آنذاك أوائل الثمانينات ونستغل بقية الليل في تدقيق ما أنجز من صفحاتها ، ما أن دخل الفتى يخبر والده حتى خرج إلي ثائر مهللا ومرحبا وبكل ابتهاج قدمي لامه وآهل بيته بوصفي أستاذه مع سيل من المديح والتفاخر ، ولم اشك في صدق مشاعره واحتفى بي وأكرم ضيافتي ودخلنا في أحادثينا بين الماضي والحاضر والتقت لي بعض الصور من شرفة منزله حيث تظهر جلية مباني الجامعة العبرية على جبل المشارف الذي عملت سلطات الاحتلال إلى تهويده وتسميته ب " هار تسوفيم سكوبس " قادني إلى مشغله حيث يمتلك مخزونا من الصور العتيقة للقدس ؛ كان بينها صورة لم ارغب بالنظر إليها تظهر العلم الإسرائيلي الذي رفعه احد جنود القوة التي داهمت المكان أول احتلاله وكنت انظر إليه في حسرة وألم غير هذا المشهد المذل لم يدم ، ولم تدم تلك اللحظات الكئيبة إلا بضع ساعات ، فاحد الثوار المجاهدين الأحرار تحرك دمه الحر ، وببندقية يدوية الدفع ؛ أطلق النار على ذلك الجندي الذي تجرا على رفع علم الاحتلال فوق قبة الصخرة فارداه قتيلا وسقط مدرجا بدمه ؛ وجاءت احتجاجات القنصلية التركية على ذلك ليمتنع بعدها المحتلون عن مثل هكذا محاولات عدوانية تثير الضغائن ؛ غير أن سلطة الاحتلال أقامت لهذا الجندي تمثالا لتخليده ، في أول طريق باب الأسباط ؛هذا الطريق الذي تم تهويده وأطلقوا عليه اسم شارع (مرخاي غور) احد قادة المظليين الذين اقتحموا الحرم القدسي ثم البراق . صورت بعضها وتصورت مع لوحاته في مشغله سألته كالعادة عن المسميات العبرية وعدني كغيره وأعطاني بعض هواتف الخبراء كما قال وكل الخبراء الذين سبقوه لم يسعفوني بعد في معرفة أي من هذه الأحياء التي سلبت وتم تهويدها بالأسماء والسكان . ودعته شاكرا كرم ضيافته لي ومضيت ملتفا من باب الساهرة إلى زاوية برج اللقلق في طريقي التقيت سائحتين رافقتهما إحداهما التقت لي صورة مع احد أبراج السور الشمالي وتركت السائحتين لالتقى ثانية مع مجموعة كانت تلقي نظرة من مطلة المقبرة اليوسفية وتحديدا عند النصب التذكاري لشهداء حرب عام 1967 من تلك النقطة صورت برج اللقلق ،كان دليلهم السياحي يتحدث العبرية ويسوق مادة سياحية معدة سلفا لأغراض التهويد ؛ عن الجامعة العبرية وجامعة "المرمون" ومقابر وكنائس الارثوذكيس في منطقة واد الجوز والحي الاستيطاني على جبل الزيتون . بجوار برج اللقلق مركز تجمع حاويات ضخمة للنفايات وقد أخذت مساحة واسعة من مساحة المقبرة التي ردمت مقابرها جوار السور ، أو جرفت فيها القبور بين المقابر والسور لتصبح طريقا يصل إلى باب الأسباط وأماكن انتشار الباعة المتجولين والمتسولين بمسميات مختلفة ، دخلت باحات الأقصى وأمر يشدني إلى حي باب حطة الذي سكنته مع غجريتي ثلاثة أعوام ؛ كانت من أقسى أيام حياتي فقرا ومعاناة ؛ غير أنها كانت كذلك من أجمل أيام حياتي وأكثرها عشقا وورعا وتقوى وثقافة وعلما وكفاحا وتجربة حياة ؛ في القدس العتيقة وداخل أروقة الأقصى تحديدا ، وفيما كانت ذكريات الحرب وأحلامي الباحثة عن مفتاح قلعتي وغجريتي تلاحقني مثل ظلي ، قطع شرودي صديقي العتيق جمال غوشة مع زميلنا الصحفي خليل العسلي مراسل صوت أمريكا . تداولنا في الذكريات والمسميات والتهويد وكل واحد منهما يعطيني أسماء خبراء وعالمين بالأمور ، منها : ابواحمد البديري ، بشير بركات ، محمد غوشة وقائمة تطول وحتى اللحظة لم أجد خبيرا واحدا يسعف ذاكرتي لنسترد بعض المسميات العربية للحياء التي تم تهويدها ، اقترب موعد صلاة الجمعة فافترقنا جمل تعود الصلاة في المصلى المرواني في الزاوية الجنوبية الشرقية للسور ، التقيته غير مرة مع صديقنا المشترك إبراهيم الجولاني ، غيراني تعودت الصلاة قرب مسكني العتيق باب حطة وقرب باب الأسباط لاتمكن من الخروج باكرا قبل تزاحم المصلين لحظة الخروج ، وهكذا كانت خطبة اليوم لأستاذنا الشيخ عكرمة صبري ، الذي نوه إلى التروي والكف عن التزاحم لدى الخروج من هذا الباب تحديدا ، كم أحب هذا المعلم شخصيا رغم اختلافي سابقا معه يوم كان يغضب مني ومن الشهيد المرحوم محمد الخواجا ، حين كنا نكتب في بياناتنا وشعاراتنا وجريدة الحائط عبارة "فلسطين عربية" كان يشطبها بيده ويكتبها فلسطين إسلامية ، وكم استغربت كيف عاد ليكون ممثلا لسلطة فلسطين العربية ويشغل منصب مفتي القدس والديار الإسلامية لبضعة أعوام من عمر سلطتنا ، كانت اليوم خطبته رائعة تحدث فيها عن انتصار إضراب المعتقلين بإلغاء الحجز الانفرادي والإداري ، وعن ازدياد حالات اقتحام باحات الحرم القدسي ، غير انه انتابني الشك في عودته إلى السلفية عندما تناول الوضع في سوريا وتحدث مثلما تتحدث الفضائيات في قطر والسعودية ، فقلت في نفسي قد تكون دول الخليج عممت على مشايخ البلاد وغيرها بضرورة تناول هذا الأمر في خطب الجمع ، وليسامحني سيدي الشيخ وليسامحني الرب باني لم اجتنب كثيرا من الظن في هذا الشأن ، غير أني بعد صلاتي استغفرت الله وأرجو منه المغفرة ، بضع خطوات تفصلني عن باب الأسباط في الزاوية الشمالية الشرقية للحرم القدسي ويتدافع الناس في حالة من الازدحام وبعضة جنود من قوات الاحتلال ، على يسار الخارجين تذكرهم باحتلال المكان ، عشرات الأمتار في ساحة الغزالي إلى باب الأسباط البوابة الشرقية الوحيدة المفتوحة في السور الشرقي تفيض ببحر من البشر رجالا ونساء ليتفرقوا بعد ذلك جنوبا إلى رأس العمود وجبل المكبر ، وسلون وشمالا عبر المقبرة اليوسفية إلى حي وادي الجوز والطور والزعيم والتفافا إلى شارع السلطان سليمان ، عدت التف حول السور التقط بعض معالمه جلبة وازدحام للخارجين من باب الساهرة ومجموعة من السائحين تسمرت مكانها بانتظار انتهاء الزحام ساعة الخروج من الصلاة ، ينظرون ، يتأملون ، يحدثون أنفسهم : كيف يمكن لهؤلاء الناس أن ينسوا أماكنهم المقدسة بأيدي المحتلين وهل تنتسى فلسطين وفيها شعب كهذا يحب بلده ومقدساته وعشرات الأسئلة تجد إجاباتها على وجوههم وفي عيونهم ،لا بد وأنهم يتحدثون عن عظمة هؤلاء الناس الذين يقطعون المسافات ويجتازون الحواجز المهينة ليصلوا إلى الأقصى ويصلوا فيه مبتهلين لخالقهم ؛ أن يخلصهم من ابغض احتلال حل على بلادهم ، ما إن تمض قليلا بجوار السور الشمالي بين باب الساهرة وباب العمود حتى ترى عبث الاحتلال المتواصل بالقدس العتيقة وسورها وبجور وأسفل حارة السعدية تتواصل الحفريات بين مغارة سليمان وباب الزاهرة ناهبين كل ما تقع ايدهيم عليه من مطمورات تاريخية وترى بأم العين تصدع أساسات السور واضحة للعيان ، وسط صمت رهيب ومريب من أولى الأمر المعنيين بالمدينة المقدسة والتاريخية وعاصمة التنوع الحضاري والثقافي ، العاصمة الدائمة للثقافة العربية ولم تسعفها كل هذه المسميات ولا وضعها تحت حماية اليونسكو العالمية عام 1981 ولا خصوصية هذه المدينة للفلسطينيين مع عجزهم التفاوضي المتواصل ولا للأردنيين أو الملوك المغاربة الذين يشترط فيهم كولاة عهد أن يكونوا من أمهات بربريات من نسل بربريات القلعة اليبوسة في باب الخليل ممن هجروا إلى جبال أطلس في أعقاب مقتل ملك القدس جالوت عام 980 قبل الميلاد وهو شقيق اليوبسيين وحليفهم ، حامي حماها وقلعتها ، وهالني أمر هذه المقارنة بين حماتها في الماضي وحماتها اليوم تركت المدينة عائدة إلى مسكني احمل أجمل ذكرياتي فيها معطرا بعبير أسواقها وترابها ، بانتظار أن أجد مفتاح قلعتها يوما ، وأعود إليها دون حواجز ووجوه جنود كريهة تملأ المكان .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف