الأخبار
دائرة الشؤون الفلسطينية: الأردن يواصل دوره بالتخفيف من أزمة (أونروا) الماليةأميركية تحاول إغراق طفلة فلسطينية تبلغ من العمر 3 سنواتالاتحاد الأوروبي: إرسال المساعدات دون الوصول إلى غزة "غير مجدٍ"بعد مزاعم تخزين أسلحة داخله.. جولة لوزراء وسفراء بمطار بيروتروسيا: الولايات المتحدة متواطئة في الهجوم الصاروخي على القرمسنجاب تركي يعشق المعكرونة وشرب الشايالمتطرف سموتريتش يهدد بضم الضفة إلى إسرائيلمصدر مصري: القاهرة ترفض تشغيل معبر رفح بوجود إسرائيليمنظمة إنقاذ الطفولة: 21 ألف طفل مفقود في غزةالشركات المدرجة في بورصة فلسطين تفصح عن بياناتها المالية للربع الأول من العام 2024إعلام إسرائيلي: السماح بمغادرة الفلسطينيين من غزة عبر معبر كرم أبو سالمالجيش الإسرائيلي: حماس تعيد تسليح نفسها من مخلفات ذخيرتناالإعلامي الحكومي بغزة: الرصيف العائم كان وبالاً على الشعب الفلسطينيجنرال أميركي: الهجوم الإسرائيلي على لبنان قد يزيد مخاطر نشوب صراع أوسعاستشهاد عسكريين أردنيين اثنين بتدهور شاحنات مساعدات متوجهة إلى غزة
2024/6/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وطن الشهيد - الحلقة 19 عرض وتحليل وتعليق: ياسين السعدي

تاريخ النشر : 2012-05-18
وطن الشهيد - الحلقة 19 عرض وتحليل وتعليق: ياسين السعدي
وطن الشهيد
مسرحية شعرية للشاعر برهان الدين العبوشي
عرض وتحليل وتعليق: ياسين السعدي
الفصل الثالث - المنظر الثالث
الحلقة التاسعة عشرة
... (المنكود) الذي وصل مرحلة المذلة والهوان لا يريد أن يتكرر الموقف الذي حصل معه مع خليل صاحب الأملاك والبساتين؛ بإغوائه بهاتين اليهوديتين، لكي تسلباه عقله ثم أرضه بعد ذلك. لكن خليلاً يسخر من المنكود ويتمادى في غلوائه ويجالس اليهوديتين مع صاحبيه الساقطين مثله على طاولة ويطلب الخمر للجميع في إشارة إلى انحراف هذا النوع من الناس؛ حيث يقول خليل لخادم المقهى:
أحضر لنا خمراً فما ***** يحيي النفوس سوى المدامْ
ويتواصل المشهد حول هذا الموضوع وكيف تنفخه (شوشانه) بالثناء عليه وإطرائه بأنه أسد، وشاربه الغليظ دليل رجولته. وتناوله (راحيل) الكأس التي يقول عنها خليل بأنه:
لو كان كأسك من زعاف ذقتها
وتواصل خداعها لخليل وتوهمه بأنها تحبه إلى درجة أنه يعرض عليها الزواج:
هل تقبلين؟
فتقبل بشرطها القاسي على ضمائر الأحرار والأبرار:
نعم؛ قبلت ومهرنا ***** أرض وماء، لا عدمت مسيلهْ
ويصور لنا طبيعة اليهودي الذي لا يكترث لسلوك ابنته وتصرفاتها ما دام في ذلك منفعة وفائدة لخدمة الأهداف الصهيونية؛ حيث يدخل والد شوشانا فيراها مع الرجال ولكنه يبتسم لها بدل أن يفاجأ فيثور ويغضب، وإنما يبارك هذا التصرف منها، فتقول:
شكراً أبي؛ إني غدوت خليلةً ***** لخليل هذا، هل رأيت مثيلهْ؟
ويهزأ خالد الشاب الملتزم بخليل المستهتر فيعلق قائلاً:
هو قد رأى مثلاً له في خانِنا ***** وستسمعون نهيقه وعويلهْ
في إشارة إلى ما ينتظره من العقاب على تصرفه هذا من الثوار. ثم يأتي دور الشاعر ناصحاً لأمثال هؤلاء؛ محذراً من عاقبة تصرفاتهم حين يقول (الشاعر) لخليل الفاجر:
لو كنتَ ممن يعقلو ***** نَ ويحذرون العاقبهْ
ما كنتَ تحفل باليهو ***** دِ وبالنقود الذاهبهْ
ويؤنبه على تصرفاته كأنما هو يعيش بيننا اليوم:
أنّى تطيب لك الحيا ***** ةُ، وذي بلادك ساغبهْ
وشباب قومك عاطلو ***** نَ، وذي نساؤك نادبه؟
أتبيعُ قومك بالدرا ***** همِ لليهود الغاصبهْ؟!
ويصور اليهود تصويراً دقيقاً، وكيف يعاملون أمثال هؤلاء الساقطين المنحرفين ويستغلونهم لتحقيق أهدافهم:
حتى إذا عصروك، أل ***** قوا بالفريسة عاطبهْ
ورموا بقومك في القفا ***** ر وبالصحارى الشاحبهْ
ثم يأتي إلى موقف فيه مراجعة مع الذات، وتراجع عن الخطأ؛ إنقاذا للنفس من مزالق السوء التي انزلق إليها خليل.
كان خالد قد تحفز يريد الانقضاض على خليل لموقفه الشاذ مع اليهوديتين وصاحبيه المنحرفين. يصور المؤلف الموقف الإصلاحي بطريقة متسرعة، ولكنه يعبر عن رغبته وفكره بعدم التسرع بمعاقبة الذين يحيدون عن طريق الحق والصواب؛ فيضع ذلك في أقواس منصوصة: (يجلس الشاعر ويجلس إلى جانبه خالد وجماعته ويغمد خنجره ويجلس خليل وصاحباه. يطرق خليل إلى الأرض ورأسه بين يديه). يشير خالد إلى خليل بنظرة ازدراء:
هذا اللئيم يبيع عز بلاده ***** وتموت أمته لقلة زادِ
فيجيبه جابر بأسف وأسى:
أسفاً على دمنا الذي نسقي به ***** هام الجبال وتربة الأجدادِ
نشقى ونتعب، ثم يأتي مارقٌ ***** فيكافئ الإيمان بالإفسادِ
ونلاحظ أن الشاعر يكثر من ذكر الحاج أمين الحسيني تمجيدا واحتراماً؛ لأن الرجل كان من جماعة المفتي كما أسلفنا سابقاً؛ حيث يقول على لسان أحمد:
ما زال مفتينا الأمينُ مشرداً ***** عن أرضه يأبى الرضوخ لعادِ
ويذكر سياسة الإبعاد الظالمة التي كان ينفذها الانتداب البريطاني، والتي ورثها وطبقها الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال بقية فلسطين سنة 1967م.
ورجالنا في سيشلٍ قد عُذبوا ***** وشبابنا في السجن؛ في الأصفادِ
وهذا هو حالنا اليوم من حيث الإبعاد، ومن حيث الأسرى الذين يعانون مرارة الأسر وأساليب القهر التي يمارسها الاحتلال.
جنين في ضميره
الشعراء أكثر الناس حنيناً إلى أوطانهم التي نشأوا فيها وتربوا في أجوائها ونهلوا من مائها. فقد نهل شاعرنا من (عين نيني) و(عين الشريف) وتجول في مرج ابن عامر ولعب بين البساتين التي كانت تزين جنين. فهو لا يفتأ يذكرها في كل مناسبة تعرض له. وهو يفخر بجنين ويعتز بها ويعتبرها معقل النضال بالرغم من كل ما أصابها من أذى في كل مراحل الصراع:
هذي (جنينٌ ) لم تزل أطلالها ***** رمزاً؛ لما عانت من الأحقادِ
لهفي على أسواقها قد دُمِّرتْ ***** لهفي عليها؛ جُلِّلت بسوادِ
وهي إشارة إلى ما قام به الإنجليز من تدمير في جنين بعد مقتل نائب الحاكم العسكري (موفِت) في 2481938م، حيث تم تدمير أكثر من مئة محل تجاري ومؤسسة ومنزل في الشارع الرئيسي وشارع عمر بن الخطاب؛ (طلعة فرن أبو موسى)، الذي نال قسطاً كبيراً من التدمير.
ثم يشير إلى نضال وبطولات جنين والقضاء:
كانت وما زالت عرين أسودنا ***** وشبابها الأحرار كالأطوادِ
وقضاؤها الجبار أُسْد عرينه ***** بدمائهم جبلوا ربوع الضادِ
فهل كان برهان الدين يشير إلى مشاركة كثير من شباب فلسطين، وهو واحد منهم، في ثورة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941م في العراق؟
ويتواصل الحوار بين الشاعر، الذي هو برهان نفسه، ورفاقه وهم يومئون إلى خليل الذي (يستفيق من ذهوله ويخاطب الشاعر والقرويين) طالبا العفو والمغفرة ومعلنا توبته وندمه على سلوكه:
إني كفرت، ومن يتبْ يُغْفرْ له ***** لكنني أمعنت في الإلحادِ
قد كنت مجنوناً وبعت هدايتي ***** يا ليتني حَجَراً بقعر الوادي
ثم ينفجر بالبكاء والنحيب كما ينص المشهد:
عاهدت ربي أن أعود لأمتي ***** أفدي الحمى بالمال والأولادِ
ويجيبه خالد قابلاً توبته:
وسع الإله بعفوه كل الورى *****
فيطمئنه أحمد:
***** أبشر؛ أتاك العفو من رب السما
ويدعو الشاعر ربه قائلاً:
الشاعر: (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا)
أما خالد فيتلو من سورة الأنبياء قوله تعالى: (ونادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين).
وينهي الفصل بقوله تعالى على لسان خالد: (يا أيتها النفس المطمئنة. إرجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
وفي الحاشية يورد الآيات الكريمة من سورة (المنافقون): (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. ولله خزائن السماوات الأرض ولكن المنافقين لا يفقهون. يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ولكن المنافقين لا يعلمون). ونعود مرة أخرى لنشير هنا إلى سيطرة الهاجس الديني على فكر برهان الدين العبوشي رحمه الله، كما مر بنا في موضوع البعد الديني في شعره.
نشرت في جريدة القدس المقدسية يوم الجمعة بتاريخ 18-5-2012م؛ صفحة 22
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف