بوصلة الاسلام السياسي عميت عن فلسطين
أسعد العزوني
بكل الصدق والشفافية والحماس والاندفاع ،تحركت بوصلة الاسلام السياسي الى أفغانستان ،وخاض حربا عالمية كبرى هناك،وحرر جبال تورا –بورا المزروعة بالحشيش،ومن ثم تمكن من هزيمة أعتى قوة عالمية بعد أمريكا ،وهي الاتحاد السوفييتي آنذاك بما كان يمثله من قوة وندية للغرب الرأسمالي بأكمله.
جاء تحالف الاسلام السياسي مع الرأسمالية العالمية مفاجأة كبيرة للجميع ،اذ ساد الاستغراب للاهتمام بتحرير أفغانستان علما أن فلسطين والقدس تحت الاحتلال ولم يتحرك أحد.كما أنه لم يرد ذكر جبال تورا –بورا على سبيل المثال لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوي الشريفة ولا حتى في الأثر، ليهب الاسلام السياسي ويحيي فريضة الجهاد الغائبة المغيبة .ومع ذلك فقد استجاب الشباب العربي المسلم المتعطش لفعل شيء ما ،لنداء الجهاد وتوجه الى أفغانستان وقاتل بكل الشراسة المعهودة.
كانت حربا عالمية بكل تفاصيلها ،وشارك فيها الاسلام السياسي بكل امكانياته، ولم لا وقد اتحدت امكانيات الرأسمالية الاسلامية العالمية بزعامة أمريكا ،مع القدرات غير المحدودة التي يتمتع بها رموز الاسلام السياسي ،الى درجة أن المشايخ كانوا يظهرون على شاشات التلفزة ،ويقسمون بالله العظيم أغلظ الأيمان أنهم رأوا بأم أعينهم " المجاهد " الأفغاني وهو يرفع سبابته ويوجهها ناحية طائرة السوخوي السوفييتية في الجو ويقول :لا اله الا الله فتهوي الطائرة محترقة!.؟كما أنهم رأوا بأم أعينهم أيضا أن أنهار المسك تسيل من جثامين "الشهداء" في أفغانستان ،ولكنهم لم يقولوا لنا كم فتاة أفغانية صغيرة تزوج الواحد فيهم!؟
انسحب التحالف الرأسمالي مع الاسلام السياسي على كافة الأمور ،وفي مقدمتها الاعلام وهو السلاح الأقوى في المعركة ،اذ أمرت واشنطن اعلامها المسيطر عليه واعلام حلفائها المدجن الى تصوير " المجاهدين " الأفغان وهم بأبهى صورهم الايمانية ،حيث الصلاة جماعة والصوم وما أدراك ليظهروا أمام العالم على أنهم الأقرب الى الله بينما كان مشايخ الاسلام السياسي يتهمون المقاتلين الفلسطينيين في لبنان على بأنهم يحبون النساء ويشربون المنكر ولا يقيمون الصلاة جماعة كما قال لي قادة الاسلام السياسي أواخر العام 1987!؟
لا أنكر أن هذا التحالف قد حقق ما لم يكن بمقدور الغرب بأكمله أن يحققه منفردا ،كما أنجز هذا التحالف اسقاط الاتحاد السوفييتي وتفكيكه الى دويلات سهل السيطرة عليها غربيا بل وجرى النفخ في بعضها لتقف في وجه روسيا كما حصل مع جورجيا .
وليس سرا القول ،أن هذا التحالف وما نجم عنه، قد ارتد الى العالمين العربي والاسلامي بكل السوء،لأنه أخل بنواميس وقوانين الطبيعة ،وقد خسرنا العراق وباتت حالتنا تصعب حتى على الكافر ،بعد أن اكتملت دائرة المؤامرة وجرى اخراج قوات منظمة التحرير من لبنان اثر غزو اسرائيل للبنان صيف العام 1982،وما نجم عن ذلك من تداعيات مزعجة تجلت في اتفاقيات أوسلو ومعاهدة وادي عربة.
هذه واحدة من المآسي التي ان دلت على شيء ،فانما تدل على قدرة الاسلام السياسي ان رغب في الانجاز ،أما الثانية التي أثبت الاسلام السياسي فيها قدرته على التغيير فهي ركوب موجة ما يطلق عليه " الربيع " العربي كما حصل في كل من تونس ومصر وليبيا وما يحصل في سوريا ،وأدى ذلك الى خلع رؤوس الحكم في هذه الدول الثلاث الأولى. وهام سائرون على الدرب في سوريا والحبل على الجرار ،لأن هذا الزمن هو زمن الاسلام السياسي المتحالف مع أمريكا ومع الغرب .
أما ثالثة الأثافي فهي أن الاسلام السياسي وحلفاءه قد أنجزوا شيئا مختلفا بوقوفهم ضد روسيا والصين بسب الفيتو المؤيد للنظام في سوريا ،الى درحة أنهم وظفوا الأزهر الشريف لهذ الغاية لاضفاء المزيد من القدسية على هذه الحركة .وكل ذلك يحسب في الهواء للاسلام السياسي ،لأن اختفاء الاتحاد السوفييتي وكذلك القضاء على رموز الفساد والهزيمة والاستبداد في الوطن العربي ،فتح الباب على مصراعيه كي يحل الاسلام السياسي الحليف مع الرأسمالية الغربية محل هذه الرموز وذلك ليس من مصلحتنا لأن الأمور بالنسبة لاسرائيل لن تتغير .
وما لا أظن أنه من المرغوب سماعه من قبل الاسلام السياسي ومن يمثلونه هو:ما دام الأمر كذلك فلماذا لم يستغل الاسلام السياسي قدرته التي أظهرها في أفغانستان وفي " الربيع " العربي في انجاز تحرير فلسطين؟!
أتمنى أن لا يكون هذا لمقال للتسلية لأنني أردت منه أن يكون نقاشا حيويا بمستوى قضية نقاش عام يستند على سؤال واحد هو:لماذا عميت بوصلة الاسلام السياسي عن فلسطين والقدس؟
"ليس كل ما يعرف يقال ،لكن الحقيقة تطل برأسها!"
أسعد العزوني
بكل الصدق والشفافية والحماس والاندفاع ،تحركت بوصلة الاسلام السياسي الى أفغانستان ،وخاض حربا عالمية كبرى هناك،وحرر جبال تورا –بورا المزروعة بالحشيش،ومن ثم تمكن من هزيمة أعتى قوة عالمية بعد أمريكا ،وهي الاتحاد السوفييتي آنذاك بما كان يمثله من قوة وندية للغرب الرأسمالي بأكمله.
جاء تحالف الاسلام السياسي مع الرأسمالية العالمية مفاجأة كبيرة للجميع ،اذ ساد الاستغراب للاهتمام بتحرير أفغانستان علما أن فلسطين والقدس تحت الاحتلال ولم يتحرك أحد.كما أنه لم يرد ذكر جبال تورا –بورا على سبيل المثال لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوي الشريفة ولا حتى في الأثر، ليهب الاسلام السياسي ويحيي فريضة الجهاد الغائبة المغيبة .ومع ذلك فقد استجاب الشباب العربي المسلم المتعطش لفعل شيء ما ،لنداء الجهاد وتوجه الى أفغانستان وقاتل بكل الشراسة المعهودة.
كانت حربا عالمية بكل تفاصيلها ،وشارك فيها الاسلام السياسي بكل امكانياته، ولم لا وقد اتحدت امكانيات الرأسمالية الاسلامية العالمية بزعامة أمريكا ،مع القدرات غير المحدودة التي يتمتع بها رموز الاسلام السياسي ،الى درجة أن المشايخ كانوا يظهرون على شاشات التلفزة ،ويقسمون بالله العظيم أغلظ الأيمان أنهم رأوا بأم أعينهم " المجاهد " الأفغاني وهو يرفع سبابته ويوجهها ناحية طائرة السوخوي السوفييتية في الجو ويقول :لا اله الا الله فتهوي الطائرة محترقة!.؟كما أنهم رأوا بأم أعينهم أيضا أن أنهار المسك تسيل من جثامين "الشهداء" في أفغانستان ،ولكنهم لم يقولوا لنا كم فتاة أفغانية صغيرة تزوج الواحد فيهم!؟
انسحب التحالف الرأسمالي مع الاسلام السياسي على كافة الأمور ،وفي مقدمتها الاعلام وهو السلاح الأقوى في المعركة ،اذ أمرت واشنطن اعلامها المسيطر عليه واعلام حلفائها المدجن الى تصوير " المجاهدين " الأفغان وهم بأبهى صورهم الايمانية ،حيث الصلاة جماعة والصوم وما أدراك ليظهروا أمام العالم على أنهم الأقرب الى الله بينما كان مشايخ الاسلام السياسي يتهمون المقاتلين الفلسطينيين في لبنان على بأنهم يحبون النساء ويشربون المنكر ولا يقيمون الصلاة جماعة كما قال لي قادة الاسلام السياسي أواخر العام 1987!؟
لا أنكر أن هذا التحالف قد حقق ما لم يكن بمقدور الغرب بأكمله أن يحققه منفردا ،كما أنجز هذا التحالف اسقاط الاتحاد السوفييتي وتفكيكه الى دويلات سهل السيطرة عليها غربيا بل وجرى النفخ في بعضها لتقف في وجه روسيا كما حصل مع جورجيا .
وليس سرا القول ،أن هذا التحالف وما نجم عنه، قد ارتد الى العالمين العربي والاسلامي بكل السوء،لأنه أخل بنواميس وقوانين الطبيعة ،وقد خسرنا العراق وباتت حالتنا تصعب حتى على الكافر ،بعد أن اكتملت دائرة المؤامرة وجرى اخراج قوات منظمة التحرير من لبنان اثر غزو اسرائيل للبنان صيف العام 1982،وما نجم عن ذلك من تداعيات مزعجة تجلت في اتفاقيات أوسلو ومعاهدة وادي عربة.
هذه واحدة من المآسي التي ان دلت على شيء ،فانما تدل على قدرة الاسلام السياسي ان رغب في الانجاز ،أما الثانية التي أثبت الاسلام السياسي فيها قدرته على التغيير فهي ركوب موجة ما يطلق عليه " الربيع " العربي كما حصل في كل من تونس ومصر وليبيا وما يحصل في سوريا ،وأدى ذلك الى خلع رؤوس الحكم في هذه الدول الثلاث الأولى. وهام سائرون على الدرب في سوريا والحبل على الجرار ،لأن هذا الزمن هو زمن الاسلام السياسي المتحالف مع أمريكا ومع الغرب .
أما ثالثة الأثافي فهي أن الاسلام السياسي وحلفاءه قد أنجزوا شيئا مختلفا بوقوفهم ضد روسيا والصين بسب الفيتو المؤيد للنظام في سوريا ،الى درحة أنهم وظفوا الأزهر الشريف لهذ الغاية لاضفاء المزيد من القدسية على هذه الحركة .وكل ذلك يحسب في الهواء للاسلام السياسي ،لأن اختفاء الاتحاد السوفييتي وكذلك القضاء على رموز الفساد والهزيمة والاستبداد في الوطن العربي ،فتح الباب على مصراعيه كي يحل الاسلام السياسي الحليف مع الرأسمالية الغربية محل هذه الرموز وذلك ليس من مصلحتنا لأن الأمور بالنسبة لاسرائيل لن تتغير .
وما لا أظن أنه من المرغوب سماعه من قبل الاسلام السياسي ومن يمثلونه هو:ما دام الأمر كذلك فلماذا لم يستغل الاسلام السياسي قدرته التي أظهرها في أفغانستان وفي " الربيع " العربي في انجاز تحرير فلسطين؟!
أتمنى أن لا يكون هذا لمقال للتسلية لأنني أردت منه أن يكون نقاشا حيويا بمستوى قضية نقاش عام يستند على سؤال واحد هو:لماذا عميت بوصلة الاسلام السياسي عن فلسطين والقدس؟
"ليس كل ما يعرف يقال ،لكن الحقيقة تطل برأسها!"