الأخبار
حادث "هبوط صعب" لمروحية تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجيةتحول هام.. الولايات المتحدة تستعد لتصنيف القنّب كمخدر ذو خطورة أقلثورة القهوة واستخدامها في صناعة الخرسانةالإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال منع إدخال 3000 شاحنة مساعدات خلال 13 يوماًسموتريتش: إسرائيل في طريقها للحرب مع حزب الله اللبنانيفيديو مسرب يكشف حقيقة العلاقة بين أحمد أبو هشيمة و روان بن حسينتعرف على خفايا الإصابة بمرض التهاب الكبد الوبائيفي اليوم 226 للعدوان: شهداء وجرحى بعدة استهدافات في قطاع غزةالصحة بغزة: 70 شهيداً في ثمانية مجازر بالقطاع خلال 24 ساعة الماضيةجنوب إفريقيا: ما يحدث في فلسطين فصل عنصريجيش الاحتلال الإسرائيلي يدخل لواءً عسكرياً رابعاً للقتال في مدينة رفحالجيش الإسرائيلي: إصابة 44 جندياً بمعارك غزة نهاية الأسبوع الماضيالأردن يطالب بإجراء تحقيق دولي في "جرائم حرب كثيرة" مرتكبة في غزةالاحتلال يحاصر مستشفى العودة شمال غزة بعد قصفه بالمدفعيةاستشهاد مدير مباحث شرطة المحافظة الوسطى بغزة بغارة إسرائيلية
2024/5/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"الأقصى".. من التناسي إلى النسيان!بقلم:جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2012-02-21
"الأقصى".. من التناسي إلى النسيان!بقلم:جواد البشيتي
"الأقصى".. من التناسي إلى النسيان!

جواد البشيتي

ويظل المسجد الأقصى بؤرةً لهذا الصراع التاريخي بين إسرائيل التلمودية وبين الشعب الفلسطيني (وسائر الشعوب العربية). ولقد سمحت الشرطة الإسرائيلية ليهود متطرفين في عدائهم التلمودي لـ "الأقصى" بالاعتداء عليه؛ وفي اليوم التالي، تعرَّضت كنيسة (في القدس الغربية) لاعتداء تلمودي آخر. وكان أعضاء في حزب "ليكود" الحاكم قد دعوا إلى اقتحام "الأقصى"، لهدمه وإقامة الهيكل مكانه.

إنَّها "مُسلَّمة" أنْ أقول، وأنْ يقول معي كثيرون من القانطين من السياسة العربية، إنَّ "المسجد الأقصى" ليس بذي أهمية تُذْكَر لدى العرب، دولاً وقِمَمَاً؛ ولعلَّ خير دليل على ذلك هو أنَّ الزعماء العرب لم يجتمعوا، ولو مرَّة واحدة، ليرسموا "الخط الأحمر" في موقفهم من قضيته، التي يُظْهِرونها، في شعائرهم وطقوسهم السياسية ـــ الدينية على أنَّها قُدْس أقداس السياسة الرسمية العربية.

أمَّا في العالم الواقعي والحقيقي للسياسة التي ينتهجون ويمارِسون فقد أتوا إلينا بكل دليل مُقْنِع ومُفْحِم على أنَّ السلام مع إسرائيل ممكن وضروري وحتمي ولو ظلَّ المسجد الأقصى، والحرم القدسي كله، إلى الأبد، على ما هما عليه الآن؛ وكأنَّ بقاء "الأقصى" خاضعاً لاحتلال إسرائيلي أبدي، لا يقف، ويجب ألاَّ يقف، عقبة في طريق السلام (وتطبيع العلاقة بأوجهها كافة) مع "الدولة التلمودية"!

إنَّنا لا ندعو الدول العربية، أو بعضها، إلى "تحرير" المسجد الأقصى، فلا يكلِّف الله نفساً إلاَّ وسعها؛ كما أنَّ "الدعوة" هي بحدِّ ذاتها مساهمة في بث ونشر مزيدٍ من الأوهام.

ما ندعو إليه فحسب هو أن "يُجامِل" السلام (العربي) مع إسرائيل، ولو قليلاً، المشاعِر الدينية الإسلامية والمسيحية لشعوبنا ومجتمعاتنا، فجَعْل "السلام"، في معاهداته واتفاقياته، مشروطاً، على الأقل، بحلٍّ انتقالي (مؤقَّت) دولي لمشكلة الحرم القدسي والأماكن المسيحية ككنيسة القيامة، يقوم على إنهاء كل مظهر من مظاهر السيادة (والاحتلال) الإسرائيلية، هو ما كان يجب أن يُفكَّر ويُعْمَل فيه عربياً، أي لدى المؤمنين من العرب بالسلام مع إسرائيل خياراً إستراتيجياً لهم.

وكان لا بدَّ لذلك من أن يشغل حيِّزاً من نصِّ "مبادرة السلام العربية"، التي كلَّما تقادم عهدها تأكَّد أنَّ حملها، على ضآلته، ناء وينوء حامله، فالمسجد الأقصى، ولجهة ضرورة انتزاعه من براثن السيادة الإسرائيلية، لَمْ يؤتَ على ذِكْرِه في تلك "المبادرة"!

وربَّما لا يتأخَّر كثيراً مجيء يومٍ تُعامِل فيه الدول العربية، التي أعْجَزَها كثيراً "تحدِّي الأقصى"، المسجد الأقصى على أنَّه "شيء فلسطيني صرف"، يعود إلى "المفاوِض الفلسطيني"، المُثْخَن بجراح "مفاوضات السلام"، والذي يملك من "أسباب الضعف" ما يُفْقِده صفة "المفاوِض"، بتَّ أمره، لِيُعْلِن العرب بعد ذلك (كما أعلنوا من قبل) أنَّ أهل مكة أدرى بشعابها، وأنَّهم على عهدهم باقون، يقبلون ما يقبله الفلسطينيون، ولن يكونوا أبداً فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم؛ فهذا "الخطاب العربي"، الذي يقطر "أُخُوَّةً" من رأسه حتى أخمص قدمه، هو خير مساعدة تُسْدى إلى "المفاوِض الإسرائيلي" في حَلْب وعَصْر "المفاوِض الفلسطيني".

والخوف، كل الخوف، هو من اتفاقيات سلام، تُحْفَظ فيها وتُصان، الحقوق الدينية الإسلامية في المسجد الأقصى؛ لكن في مقابل التفريط في كثيرٍ من "الحقوق الدنيوية"، أي "القومية"، للشعب الفلسطيني، كأنْ يُدْفَن "حق العودة" في "مقبرة إسرائيلية"، وتُضمُّ إلى إسرائيل الأجزاء التي تريد من "القدس الشرقية" والضفة الغربية، في مقابل أن نَشْعُر ونحن نصلِّي في المسجد الأقصى أن القدسية الإسلامية لهذا المكان أصبحت بمنأى عن كل "تدنيس يهودي"!

"خطاب النصر" هذا يجب ألاَّ يقع على أسماعٍ شعبية (فلسطينية وعربية) تشبه أسماع مُلْقييه، الذين سيُفْرِطون في "التزيين الديني" للتفريط في تلك "الحقوق الدنيوية"، قائلين لنا: لقد ضَحَّيْنا بالغالي والنفيس (من تلك الحقوق) في سبيل إنقاذ الأقصى!

إنَّ العالم اليوم يرى من دون أنْ يحرِّكَ ساكناً ما يُعِدُّه المستوطنون ومنظَّماتهم مِن حروب تلمودية عنصرية بغيضة ضد المسجد الأقصى بدعوى أنَّ لهم حقَّاً مقدَّساً في الصلاة في باحة هذا المسجد الذي بزعمهم قد بُني حيث هُدِم "الهيكل"، ولا بدَّ، في نهاية حروبهم تلك، من هدمه من أجل أنْ يعيدوا بناء "الهيكل" في مكانه!

هذا العالم، الذي عينه، الآن، لا ترى، وأُذنه لا تسمع، سيرى ويسمع كل فعل، وكل قول، فلسطيني أو عربي أو إسلامي يتمخَّض عن الحرب التلمودية القذرة على الحرم القدسي، وسيتَّخذه دليلاً إضافياً وقويَّاً على أنَّ "التزمُّت الديني"، ووليده "الإرهاب"، يستوطنان "العقل الثقافي" العربي، ولا بدَّ، من ثمَّ، من استئصالهما منه عبر مزيد مِن جهود الإصلاح الثقافي والتعليمي والتربوي!

إنَّهم، الآن، لا يرون، وليس من مصلحة لهم في أنْ يروا، كيف يتوفَّر المستوطنون ومنظَّماتهم، وكل من يدعمهم في السرِّ والعلن، على إنتاج، وإعادة إنتاج، وزيادة إنتاج، ما يسمُّونه "التطرف الديني والقومي"، في العالم العربي، مع كل ما يفضي إليه من عمل وممارَسة. كما لا يرون هذا "التهويد" في بعض الجماعات المسيحية، التي يتوفَّر ذوو "المصالح الدنيوية الضيِّقة" على زراعة أوهام دينية في عقول أبنائها، من قبيل وَهْم أنَّ "التسريع" في "عودة المسيح" يُلْزمهم أنْ يمدُّوا يد العون والمساعدة إلى المستوطنين ومنظَّماتهم في الحرب "المقدَّسة" على الأقصى، فهُمْ أُحيطوا عِلْماً بأنَّ المسيح لن يظهر ثانية قبل هدم الأقصى وإعادة بناء "الهيكل" في مكانه!

العالم الحرُّ، المتحضِّر، الإنساني، الديمقراطي، مدعوٌّ، الآن، إلى تأليف لجنة دولية من خيرة العلماء والباحثين في حقلي "التاريخ" و"الآثار"، وفي أي حقل يتَّصل بهما، للتحقيق، في موضوعية ونزاهة، في الدعاوى التاريخية والدينية اليهودية، التي بها تسربل المشروع الصهيوني في فلسطين، فقد حان لـ "العقل الإنساني" في مستهل الألفية الثالثة أنْ يغتسل من خرافة "أرض الميعاد"، ومن كل الأوهام التلمودية، التي تلطَّخ بها "العقل السياسي ـــ الثقافي" للعالم!

ولكن، دَعُونا أوَّلاً أنْ نبدأ بأنفسنا؛ فلقد رأيْنا "شيوخاً" يستسهلون الإفتاء في كل شيء، ويتوفَّرون على إنتاج وتسويق الفتاوى في صغائر الأمور؛ لكنَّهم فضَّلوا أن يغيبوا غياب "البدر" في الليلة الظلماء، فَلَمْ يكلِّفوا أنفسهم عناء الاجتهاد الديني في أمر "الأقصى"، فيُبَيِّنوا للعامة من المسلمين "حُكْم الشرع" في سلام مع إسرائيل يقوم على بقاء المسجد الأقصى على ما هو عليه.

أحدهم رأى، وكأنَّه "شاهد عيان"، أنَّ النبي داوود، وبأمرٍ من الله، هو الذي بنى المسجد الأقصى؛ ولقد بناه في مكان بيت رجل يهودي؛ ثمَّ جاء النبي سليمان ليُكْمِل، بأمرٍ من الله أيضاً، ما بدأه داوود.

وغني عن البيان أنَّ هذا المعبد، الذي يسميه هذا الشيخ، أو الداعية، "المسجد الأقصى"، هو "هيكل سليمان"، الذي بحسب الرواية اليهودية، التي لا سند لها في التاريخ والواقع، يقع تحت المسجد الأقصى.

إنَّه، في روايته، يقول لأبناء الأوهام التلمودية إنَّ المسجد الأقصى هو في الأصل منزل كان يملكه رجل يهودي!

وأنتَ يكفي أن تقول للإسرائيليين ذلك حتى تبدو أنَّكَ تدعوهم إلى أن يستعيدوا حقَّهم في المكان، الذي كان، على ما زعم في روايته، بيتاً يملكه رجل يهودي!

أحد كبار الزعماء الدينيين اليهود مِمَّن كانت لهم مساهمة كبيرة في عقد اجتماعات ومؤتمرات "التطبيع الديني" مع شيوخ كبار، دعا إلى "حوار ديني جاد"، بدعوى أنَّ لدى "التوارتيين" من الحُجَج (المُقْنِعَة والمُفْحِمَة) ما يسمح لهم بتقليل وزن المسجد الأقصى (وفلسطين كلها) في "الميزان الديني" لدى المسلمين!
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف