الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشعر بين العقل والعاطفة بقلم: د.نافذ الشاعر

تاريخ النشر : 2012-02-04
الشعر بين العقل والعاطفة
بقلم: د.نافذ الشاعر

عادات البشر وطرائق تفكيرهم من أكثر الأشياء التي ألست الأوهام والضلال على عقول الناس وأفهامهم، فيظهرون الشيء على خلاف حقيقته في الواقع المنظور..
فربما جعلت العادة من أراء والأحكام الفاسدة ذيوعا وانتشارا لدى طائفة من العامة والخاصة، بشكل لا يقبل مجالا للنقاش والمراجعة، حتى يصبح كالعملة الزائفة التي درج الناس على التعامل بها وقبولها على أنها صحيحة، مادام تعاملهم بها ساريا، ونقدهم وإنقادهم بها جاريا.. فما ظنك بمجاهدتهم بعدم كشف زيفها، أو إظهار حقيقتها لمصلحة في النفس ارتأوها، أو فائدة ارتجوها، أو هم في مستقبل أيامهم يرتجوها..!

قولنا هذا عن العملة وزيفها نحضره في أذهاننا عند سماع قول ذاع وانتشر، حتى ملأ الأفاق بين نقاد الأدب ومتأدبيه، وذلك هو وصفهم لشعر بعض الأدباء بالعقلاني، حيث أنه على حد زعمهم، لا يفسح مجالا للعاطفة الفياضة، أو الأحاسيس الجياشة، أو الاختلاجات القلبية الرقراقة!!
وإذا ذكرت تلك المقولة الناقدة، في الشعر والنثر، تجدها دوما تستشهد على صحتها بشعر العقاد ونثر توفيق الحكيم. فمثلا يقولون عن شعر العقاد أنه يغلب عليه جانب المنطق على جانب العاطفة، فهو لحظات منطقية أكثر منه لحظات نفسية أو عاطفية، وأنه أجرى شعره على هذا المنطق الحاد الذي لا يتخلف أبدا!
والواقع أننا لو رجعنا لتلك المقولة وقلبناها على وجوهها لنبين مبلغها من الدقة والصدق، لوجدناها كلمة حق أريد بها باطل..
إن تلك المقولة قد فاه بها ناقد ينطوي نقده على غرض، فكان النقاد معها على موعد وقدر.. فما أن أطلقت هذه المقولة حتى تلقفتها ألسنة، وجرت بها أقلام، ولاكتها أشداق وأفواه، فوافقت قلوبا مستعدة، وآذانا صاغية، فكان من شأنها ما كان، كحيز قابل للاشتعال، لم يكن ينقصه إلا شرارة يقدحها قادح!

إن العقل والعاطفة كلمتان متمايزتان في العقل، لكنهما في واقع الأمر على غير متمايزتين، فلو تتبعنا مسار تفكيرنا لما وجدنا ثم فصل بين العقل والعاطفة، لأنهما لا ينفكان عن بعضهما البعض بحال من الأحوال، وإلا فكيف يكون شأن عاطفة بلا عقل أو عقل بلا عاطفة؟
إن هذا الفصام الذي ابتدعوه لم يكن أبدا إلا في الذهن المجرد الذي يجمع بين المستحيلات ويؤاخي بين المتناقضات، على نقيض الواقع المشهود في الإنسان، الذي يمتزج فيه العقل بالعاطفة والعاطفة بالعقل..
إن شعر العقاد عاطفي يتحكم فيه عقل متوازن، فهو يوجه العواطف توجيها محسوبا، بحيث نلمس في شعره دقة العقل وميزانه، بجانب رقة القلب وجيشانه، وهو يعبر عن تجاربه الوجدانية بالشكل الذي يمليه عليه العقل، ويلتقط كل هبات الحواس والعواطف ويصوغها شعرا..

فالذين يلغطون بهذه المقولة بعلم أو بغير علم، هل يريدون عقلا غفلا من العاطفة، أو يريدون عاطفة غفلا من العقل؟ وهل هذا مطلب يسير في عالم الإنسان؟
كيف لو تصورنا عاطفة بلا غفلا من العقل، أو عقلا غفلا من العاطفة!
إن تصورنا الأول لا نحسب أننا واجدوه في ملتمس نلتمسه فيه، اللهم إلا في الأذهان والعقول التي تقتنص شوارد الأفكار وسوانح الخواطر والأوهام..
أما التصور الثاني فحقا إننا واجدوه لو التمسناه، لكنه في إنسان غير هذا الإنسان الذي عرفناه: قبضة من طين ونفخة من روح..
إن هذا الذي نطلب موجود في الإنسان الآلي الذي خلقه الإنسان وطوره، وأصبح يؤدي مهامه وفق نظام مخصوص لا يخرج عنه ولا يحيد قيد أنملة بعد البرمجة والتنظيم..
فمن يعيب فضلا على أن لا يتمنى السيطرة على عواطفه، ومن ثم يتحكم فيها كيفما يشاء وحسبما يريد فيوقعها في نفس المخاطب كأعظم ما تقع عاطفة في نفس إنسان!
ولعمر الحق إن رجلا يوصف بأنه ذو عقل عاطفي، أو عاطفة عقلية، ليعد من أساطين الدهاة ونوابغ الرجال.. وإنه لحقيق أن يحسب لرجل يعرف قدر نفسه وقدر نفوس الآخرين، فيلعب في عواطفهم متى شاء وكيفما أراد..
فانظر إلى ابن الرومي الذي بات يلتمس كل وسيلة في إرضاء صاحب له، كان يملك تلك الموهبة العقلية، ويضعه في مكان سامق لا يصل إليه واصل بحال مهما كان، فيقول:
غلط الناس لست تلعب ... بالشطرنج لكن بأنفس اللعباءِ
لك مكر يدب في القوم أخفى... من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
أو مَسيرِ القضاء في ظلم الغيبِ... إلى من يريده بالتَّواءِ
عالما بالذي أخذت وأعطيت... حكيما في الأخذ والإعطاء
جهبذ العقل لا يفوتك شيء ... مثله فات أعين البصراء

ولست ادري إن كان هؤلاء الناقدون يريدون عاطفة هوجاء، أو كلمات رعناء تهذي كيف تشاء، دون لجام من عقل أو تصويب من منطق أو فكر!
على سبيل المثال أمامي الآن فاتورة الهاتف كتب في أسفلها:
"يُرجي تسديد قيمة الفاتورة قبل الموعد المحدد لاستمرار تمتعك بخدماتنا الهاتفية، كما يرجى إعلام شركتنا عند تغير عنوانك البريدي قبل إخلاء الهاتف بثلاثين يوما"
فهل العبارة السابقة تصبح قصيدة حداثية لو كتبناها في جمل تنتهي قبل نهاية السطر، ونضع في السطر أحيانا كلمة أو كلمتين:

قيمة فاتورتنا..
سدد..
قبل الموعد المحدد..
هكذا نبقيك في خدمتنا...
قيمة فاتورتنا..
أخبر شركتنا..
بتغير العنوان..
فلابد من إبلاغنا..
قبل أن يمر عليك..
وأنت في خدمتنا
ثلاثون..
من الأيام..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف