الأخبار
2024/5/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحاكم العربي والرأس المقطوع !بقلم:أنور الوريدي

تاريخ النشر : 2012-01-17
الحاكم العربي والرأس المقطوع !بقلم:أنور الوريدي
للحاكم العربي حكايا عديدة مديدة مع الثعلبة والضبعنة والقردنة والشيطنة عبر تاريخه، ولسوف أورد هذه القصة التي حصلت في العصر المملوكي وتتلخص في أن حاكما من حكام أحد الاقاليم في مصر ؛ أحس أن الشعب غير راض عنه ، ولمح بعض إرهاصات التمرد، فتفتق ذهنه الشيطاني عن حيلة شيطانية، فقد حفر في مجلسه حفرة طولية تتسع لرجل وأدخله فيها واقفا وجاء بطبق وشقه نصفين ووضع النصف حول رأس الرجل البارز من الحفرة وقابله بالنصف الثاني، فبدى الرأس وكأنه في الطبق وطبعا باقي جسم الرجل كان مخفيا في الحفرة، وجاء بدم وسكبه في الطبق وعلى الرأس وطلب من الحراس أن يسمحوا للعامة بالدخول إلى مجلسه ليروا الرأس داخل الطبق، ووقف أحد أعوان الحاكم مخاطبا الناس :
هذا الرجل المارق الكافر أعلن العصيان لمولانا وشق عصا الطاعة، فنال جزاءه فقمنا بقطع رأسه ودفنا جسده ، ولكن الرأس ما زال يتحرك وينطق.
والآن سنسمح لكم بمحادثته وطرح الأسئلة عليه ، فأقبل الناس يطرحون الأسئلة على الرأس ما جنايتك ؟ وماذا فعلت؟ ومتى تم قتلك؟ ولماذا لم تمت ؟
وكان الرجل يجيب بما لقنه الحاكم وأعوانه وفحوى كلامه :
إنني شققت عصا طاعة مولانا وخرجت عليه ولكن الله مكنه مني وقد نلت عقابي العادل بقطع رأسي وفصله عن جسدي، وعندما خرجت روحي أخذوني إلى مصيري المحتوم جهنم، ثم شاء الله أن ينطقني حتى أكون عبرة لسواي ممن تسول لهم أنسهم الخروج على مولانا العادل الحاكم بشرع الله ، وقد طلب إلي أن أبلغكم بطاعة مولانا،
فهي من طاعة الله ورسوله.
وكان الناس يدخلون فرادى وجماعات للاستماع الى حكاية هذا الرجل العاصي وقد بدى عليهم الخوف والتصديق بضرورة طاعة هذا الحاكم ،
وبعد أن تحقق المراد أ خرج الحاكم الرجل وقام بضرب عنقه وضرب أعناق كل من شارك في نسج هذه الحيلة حتى لا يعلم بها الناس .
كم من حيلة نسجت في زمننا هذا لتثبت للشعب أن الحاكم العربي ملهم من الله تجب طاعته وعد عصيانه وغلا فالنار مصير من يخالف وكم من جريدة وإذاعة وفضائية طبلت وتطبل لتفرد هذا الحاكم ومجده وعبقريته وقيادته للأمة ووجوب خضوع جميع البشر له؟ وكم من كتاب سرد لنا حكاية الحاكم ونبوغه منذ الطفولة بل قبل والولادة وهو في بطن أمه ؟
الحمد لله أن الثورة العربية ماضية ولن تتوقف .
أنور الوريدي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف