الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ونفس وما سواها بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2011-11-07
ونفس وما سواها بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
(ونفس وما سواها)

في البدء لايمكن تجيير فكرتي هنا على كونها دفاعا عن القذافي , فأنا وللحقيقة لا أعرف كيف كان يحكم القذافي ليبيا , ولا كيف كان الليبيون ينظرون لحكم القذافي ( إلا ما صار ينشر بعد الثورة طبعا ) , ولا أعرف شيئا عن المعارضة الليبية قبل الثورة الليبية .
ولكن راودتني خواطر أحببت أن أسردها هنا مع التعليق عليها وربما أصبت وربما أخطأت , فإن أصبت فالحمد لله وإن أخطأت فعذرا لمن استاء من أفكاري .
أتذكر قبل فترة شاهدت ملفا في اليوتيوب للقذافي وكان كالتالي :
- القذافي يتجول في أحد شوارع طرابلس , وكان حوله عدد قليل جدا من الرجال , وكان يقابل بعض النساء المتسولات , فسأل إحداهن : من أين أنت ؟ قالت ليبية , قال لما تتسولين ؟ لا أذكر ما قالت ولكن رد القذافي لغرابته علق بذهني فقال : ليه تتسولين إحنا ما حطينالكم معاشات (أو هكذا قال ولكن المعنى واحد) , فقلت أيعقل أن القذافي يستغرب من وجود متسولة ليبية والمعارضين الآن يقولون أن الفقر كان منتشرا بليبيا ؟
- حسنا لو كان القذافي يكذب , فهل يجرؤ على الكذب أمام عدسات التصوير وهو يعلم أن الآف الصحفيين والمواقع العنكبوتية ستكذبه وستشتمه وقتها ؟
- تساءلت أين الحراسات ومئات الرجال حوله وأين قوات الثوار والمعارضة عن هذا الظالم الذي يتسكع في شوارع طرابلس دون حراسة مشددة ؟
- يمكن أن يكون القذافي (كأي زعيم عربي) مهد لهذه الجولة بتمشيط الشارع الذي ظهر فيه , ولكن أين الإعلام المعارض وقتها عن هكذا فلم ؟
- ولقي متسولة أخرى وسألها من أين أنت ؟ قالت من الجزائر , فقال لها : وليه ما تشحدين في الجزائر (أو معناها) , ولو كان هنا إسقاط ما على الحالة الجزائرية (مثلا) أن الجزائريين فقراء لدرجة التسول في ليبيا , فلجوء ابنته للجزائر بعد الثورة ووقوف الجزائر معه ولو عاطفيا دليل على أن الفيديو غير مقصود بدليل علاقته الجيدة بالجزائر وفرار ابنته لها ووقوفهم معه , حتى قيل أن هناك مقاتلين جزائريين مع حرس القذافي كما أسلفت .

وحتى الظهور المفاجئ لقوات الثوار بهذا الزخم والتنظيم والتدخل الأممي بهذا الزخم والذي لم نشاهد له مثيل في أي ثورة أخرى يضع علامات استفهام غريبة حول الحالة الليبية .
أنا لا أشكك في نوايا الثوار وأهدافهم ولكن الحالة الليبية تحوم حولها علامات استفهام بالنسبة لي على الأقل , فكل هذا الطرح عن قذارة القذافي وجبروته ظهرت أثناء الثورة بشكل مكثف ومفاجئ , حتى أصدقاء الأمس سرعان ما انقلبوا عليه وقلبوا له ظهر المجن , وأيضا بطريقة درامية عجيبة .

- هل هناك علاقة بين أراء القذافي الغريبة وتصرفاته الأغرب أحيانا وتصريحاته الفلاشية حول بعض الأنظمة وبعض الزعماء وبين سقوطه المدوي المخزي وتنكر الصديق له ؟
- وهل للتدخل الأممي علاقة بلوكربي وغيرها مما يسمى دعم الإرهاب ؟
- لماذا هذه النهاية المأساوية لزعيم حكم أكثر من 40 عاما دون أن نرى أثرا ولو على استحياء للمعارضة وقواتها الثورية ؟
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2011/08/27/236085.html
- أليس من الملاحظ أن المعارضة في مصر وتونس واليمن وسوريا كان لها وجود ولو بنسب متفاوتة ولكن المعارضة الليبية تكاد تكون معدومة بالنسبة للحراك الفعال للمعارضين ؟
- أليس بشار وعلي يستخدمون الجيش ضد مواطنيهم ؟ فأين التدخل الأممي عنهم ؟
- لماذا تعطى الفرصة لبشار وعلي وحرم منها القذافي ؟

- إن هي إلا خواطر جالت بذهني وليس الهدف منها الدفاع عن القذافي أو نقد الثوار ..
- القذافي كما نشرت بعض المواقع فيديو له قال متنبئا للزعماء العرب الآتي :
http://panoday.net/%D9%81%D9%8A%D8%A...2%D8%B9%D9%85/
-- وهذه من غرائب القذافي ( أعقل المجانين ) التي لا تنتهي .

- انتهت الثورة وقتل ثم مُثل به وأهين كما لم يحصل لزعيم من قبل .

- وقد لفت انتباهي شماتة وقبول الكثير من المتابعين للساحات الحوارية بما حصل للقذافي نظير ما فعله بشعبه ؟

- ولست هنا لمناقشة ما فعله بشعبه ولكن بما فعله شعبه به , ولكن هل يمكن القبول بتلك النهاية كما نراها كل يوم عبر ملفات اليوتيوب من إهانة وتحقير وتنديس وتشفي وتمثيل بجثة رجل مسلم ؟؟؟

- إن الله تعالى أمر الملائكة ان تسجد لأدم أبو البشر , وكان الله يعلم أن من ذرية هذا الإنسان الذي أمر الملائكة أن تسجد له أبو جهل وجولدامائير وشارون وابو لهب وغيرهم من طغات التاريخ , وفي هذا تعظيم من رب البشر لجسد أدم عند خلقه , وفيها من الدلالة أن هذا الجسد خلقه الله وهو أمانة عند هذا الإنسان مرجعها لله بعد موته .

الله سبحانه وتعالى يقول ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) , فالجسد واحد عند ولادة الإنسان , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ( مامن مولود إلا يولد على الفطرة, فابواه يهودانه أوينصرانه أويمجسانه ....) , فالنفس أو الروح تتشكل حسب المحيط الديني والثقافي والاجتماعي , وهذا لا يخفى على أحد وهو من البديهيات , فلذلك توجه الروح الجسد حسب خلقها إما للخير او للشر .

- فمثلا : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأبو جهل كانا طفلين في قريش , ولم يكن يدرك أحد من القرشيين ان هذا جسد نبي وهذا جسد كافر , ولكن المشيئة الإلهية وضعت روح ونفس النبي في جسد محمد صلى الله عليه وسلم ووضعت روح ونفس الكافر في جسد أبو جهل , ثم تشكلت تصرفات كل جسد حسب تلك الروح .
- القصد من هذا المثال أن الأجساد ملك لله والله يزرع فيها الروح ثم ينتزعها إليه ويترك الجسد للتراب لأن هذه الروح هي الأولى بالنعيم أو العذاب , وما الجسد إلا إناء يتشكل بما ملء فيه , فإذا فرغ الإناء مما فيه لم يعد له ضرورة تذكر .

- روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أخرجه الطبراني بإسناد حسن.

- و كما في حديث بريدة رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية؛ أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً... الحديث") (أخرجه مسلم في صحيحه) , وهذا عن الكافر فما بالنا بالمسلم ؟؟ .

- هذا هو نهجنا الإسلامي الحنيف الذي أعجب به عقلاء البشر في كل مكان , وهل ما فعله الثوار (المحسوبين على التنظيمات الإسلامية ) كما شاهدنا في ملفات اليوتيوب وما فعلوه مع ( جثة ) القذافي من الإسلام في شيء ؟

- ألم يحاكم الكفار (الأمريكان) و القادة (الشيعة) صدام ثم أعدموه ؟ لماذا لم نر ما رأيناه من تنكيل في القذافي ؟ وربما ما فعله صدام في (حلبجة) لم يفعل القذافي عـًـشره ؟؟

- ثم تتوالى مصائبنا بما ورد من نبش لقبور أم وبعض اقارب القذافي وحرقها وقد شاهدت الصور ولم تكن هدم بناء بل نبش واضح للقبور (ومن السهل الاطلاع عليها في الشبكة) , وجيرت أيضا لحساب الثوار , ولنا بقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه حمزة حين رأى تمثيل الكفار به خير سُنة :


" قال ابن إسحاق : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنى يلتمس حمزة بن عبدالمطلب ، فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه .
فحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى
ما رأى : " لولا أن تحزن صفية وتكون سنة من بعدى ، لتركته حتى يكون في
بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرنى الله على قريش في موطن من المواطن
لامثلن بثلاثين رجلا منهم " .
فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه
ما فعل ، قالوا : والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها
أحد من العرب .
قال ابن إسحاق : فحدثنى بريدة بن سفيان بن فروة الاسلمى ، عن محمد بن كعب ،
وحدثنى من لا أتهم عن ابن عباس ، أن الله أنزل في ذلك : " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل
ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " الآية .
قال : فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة .

- حتى الكفار عفى عنهم صلى الله عليه وسلم وقد أذوه في أحب الناس إلى قلبه امتثالا لأمر الله تعالى له بالصبر والعفو والإصلاح .

ربما سيأتي يوم يدرك الثوار والشعب الليبي بعد مرور الريح العاتية لثورتهم أن ما قاموا به نحو جثة القذافي إنما هو عار حضاري وجريمة يندى لها جبين كل مسلم غيور على إسلامه , فهل يكفي يومها تقديم الاعتذار لأسرته وقبيلته , أم ستذهب الرياح بتلك الجريمة لمقابر التاريخ ؟؟

ولكن التاريخ علمنا مرارا وتكرارا أنه لا ينسى وأن دفاتره مفتوحة لمن ألقى السمع وهو شهيد , حتى وإن أغبرت حينا من الدهر , لابد أن يأتي يوما ما وتصرخ صفحاته بما يجب أن يقال .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف