الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

جـامـع المـال بقلم : د. مرفت محرم

تاريخ النشر : 2011-10-09
كان لى جار بلغ من الكبر عتيا ، ومن الشح مليا ، وليس له أحد ، لا زوج ولا ولد ، ولا قريب ، ولا حبيب ... اشتعل الرأس شيبا ، والعقل خيبا ، فقد شغله جمع المال حتى ألهاه ، عن دوره الطبيعى فى الحياة ، فحوله الحرص الشديد، نحو عشق وحيد ، لاكتناز المال ، من حرام أو حلال ... المهم أن يزيد
كان يمتلك متجرا على هيئة دكان ، متسع الأركان ، وفيه من البضاعة ما كان ... يقضى فيه نهاره ، حتى إذا أسدل الليل أستاره .... حمل حصيلته ، وسعى كاللص نحو حجرته ... تداعبه الأحلام قبل أن ينام ....
فالمال يغريه ، ويخدعه ليبقيه ، فى حصنه الحصين الذى يواريه فيه.... فهذا الصندوق الخشبى القديم محكم الإقفال ، صنع منه هذا البخيل مقبرة للمال
وراح من حين إلى حين ، يخرجها من الكفن ، خشية أن تصاب بالعفن ، يرمقها بعشق ووله ثم يمعن النظر ، ثم يحاول عدها بحرص وحذر
ووصل به الحال المنكود ، أن أضحى يكلم النقود ، فهى معشوقته العنود ، التى يخشى عليها من كل حاقد و حسود
يكفيه أن يرى حسنها ، فلا حبيب غيرها ... يقضى وقته فى ترتيبها ومداعبتها على نحو غريب وعجيب ومريب
وهو يرقص طرباً كلما رآها تكتنز وتزيد
حتى وصل حاله فى يوم من الأيام ، إلى شدة الافتتان بالرقم الجديد ، عندما وصلت الحبيبة إلى مليونين بالتمام والكمال ، فإذا بمن علم سره الدفين وفشا على نحو مبين بما وصل إليه حجم مال هذا (المسكين) !
وفى ساعة متأخرة ، من ليلة ماطرة ، سمع طرقات شديدة على بابه ، جعلته يقفز من فراشه ومعه شكه وخوفه وارتيابه ....
هرول مرتعشاً نحو الباب وكأنه سارق ، ثم سأل بشجاعة الجبناء : من الطارق ؟!!
فرد عليه باطمئنان : إفتح أيها الولهان ، ورد علينا السلام ... وعندما استجاب ، وفتح الباب ، وجد جماعة من الشرطه حياله ، يطلبون منه الذهاب معهم بصحبة أمواله ، فقد لحق بها الغش والتزوير ، ولا بد لها من التطهير ، فقاموا باصطحابه وبه أشادوا ، وأغلقوا بابه على نحو ما أرادوا
وبعد سفر طويل وشاق ، توقف الرفاق على حين غرة ، ليفحصوا ماله بالمرة .... وبعد ساعات مضت وكأنها سنوات ، ردوا إليه الحاجات ، معتذرين لكذب هذا الإخطار ، والافتراء على الأبرار ، مؤكدين أن الأموال كنيته سليمة ، وذات قيمة فعلية ، وقدموا له المعونة الإنسانية بتوصيله إلى حجرته ، ومعه المصونة ثروته
فحمد المولى على السلامة ، والبعد عن الندامة ، ووضع حمله الحبيب فى الصندوق الخشبى العجيب تحت سريره الفردى الوحيد ليستريح لحظه ، ثم يرجع إلى العد من جديد ...
وما هى إلا لحظات ، وقبل أن يباغته السبات ، إلا وفتح صندوقه الذى بات صندوقاً للمفاجآت .... فهاله ما رأى من حبال وحجارة وأوراق صحف ومجلات ، فكست عينيه غشاوة حزن وغضب ، وعلم أن زوار الليل هم السبب .. اكتشف المؤامرة ، والخطة المدبرة بعد فوات الأوان ، فأغمى عليه فى الحال ، وفى هذا الليل الطويل زاره طيف أبيه ، يحذره مما هو فيه ، مرددا هذه الكلمات : يا جامع المال الكثير ، العمر وإن طال قصير .القبر يضمك بلا مال ، هذا مصيرك الأخير
.........
زوروا موقعى على الانترنت رابط :
http://drmervat.blogspot.com/
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف