الأخبار
حماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل ثلاثة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزةحماس تتمسك بوقف إطلاق النار وضغوط أميركية على نتنياهو للمشاركة بالمفاوضاتمسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين السابق: حماس جادة بالتوصل لاتفاق وإسرائيل لا تريدإعلام إسرائيلي: نتنياهو يصدر بيانات ضد إبرام الصفقة تحت مسمى مسؤول دبلوماسيحماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثل
2024/5/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فولكه برنادوت المغيب بعد 62 عاما على اغتياله بقلم:قيس مراد قدري

تاريخ النشر : 2011-09-19
فولكه برنادوت المغيب بعد 62 عاما على اغتياله بقلم:قيس مراد قدري
قبل يوم واحد من رحيل آخر جندي بريطاني عن فلسطين أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحد قرارا بتعيين الكونت السويدي فولكه برنادوت وسيطا دوليا لحل النزاع العربي - الاسرائيلي جراء قيام دولة اسرائيل على أرض فلسطين.
اختيار فولكه برنادوت لهذه المهمة الصعبة تم نظرا لما قدمه من خدمات انسانية جليلة خلال الحرب العالمية من موقعه كرئيس لمنظمة الصليب الأحمر الدولية وخبرته الواسعة في مجال العلاقات الدولية.
الكونت برنادوت هو سليل العائلة الملكية السويدية وأحد الشخصيات العالمية التي عملت بتفان واخلاص لاطلاق آلاف المعتقلين من السجون النازية والذي بينهم أعداد كبيرة من اليهود الأوروبيين.
برنادوت اغتالته عصابة "شتيرن" الصهيونية صبيحة السابع عشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 1948 في مدينة القدس ؛ وكان اسحاق شامير الذي أصبح لاحقا رئيس وزراء الكيان الصهيوني من بين المخططين لعملية الاغتيال .
عملية الاغتيال
حطت طائرة الوسيط الدولي في مطار قلنديا عند الساعة العاشرة والربع صبيحة يوم 17 أيلول/سبتمبر قادمة من دمشق وكان في استقباله عبد الله التل قائد الحامية العربية في القدس؛ وبرغم التحذيرات التي وصلت من مركز قيادة الأمم المتحدة في حيفا بعدم الهبوط في المطار بسبب القنص الشديد؛ الا أن كل شيء سار على ما يرام وتوجه الموكب الى مدينة رام الله حيث أجرى الوسيط الدولي محادثات مع الجنرال البريطاني لاش قائد القوات العربية!.
الموكب توجه بعد ذلك الى القدس ، وبعد عبور المنطقة الحرام عند بوابة مندلبوم ووصوله الى أول حاجز يهودي تقدم أربعة مسلحين من السيارة التي تقل برنادوت وأمطروها بوابل من الرصاص أدت الى مقتله فورا وكذا العقيد الفرنسي أندريه سيروت الذي كان برفقته.
قضية اغتيال فولكه برنادوت ظلت قيد الكتمان زهاء 40 عاما ، وبعد تكشفت تفاصيلها قامت وزارة الخارجية السويدية باستدعاء السفير الاسرائيلي لديها وطالبت الحكومة الاسرائيلية تقديم اعتذار رسمي عما حدث.
وكعادة اسرائيل التي تعتبر نفسها فوق القانون رفض السفير الاسرائيلي في ستوكهولم طلب الحكومة السويدية وقال في حينها أن اسرائيل قد فعلت ما بوسعها للقبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة علما أنه اطلق سراحهم فورا بدعوى عدم كفاية الأدلة. السفير الاسرائيلي رد على طلب الاعتذار السويدي بالقول أن اسرائيل اعتذرت قبل 40 عاما وهي لن تفعل ذلك مجددا.

رواية شاهد عيان
أوجيه لوندستروم رئيس أركان قوة المراقبين الدوليين عام 1948 رافق برنادوت منذ وصوله الى مطار بيروت قادما من جزيرة رودوس قبل يوم من اغتياله؛ قال : في بيروت التقينا بالرئيس رياض الصلح الذي وعد بتقديم كل عون ومساعدة للآجئين الفلسطينيين؛ وبعد تناول الغذاء معه اتجهنا الى دمشق حيث التقينا الرئيس شكري القوتلي ورئيس الوزراء جميل مردم بك ووزير الخارجية وتناول الحديث أيضا تقديم المساعدات للآجئين.
في اليوم التالي وصلنا الى مطار قلنديا وتوجهنا على الفور الى رام الله للقاء قائد القوات العربية الجنرال البريطاني لاش.
في طريقنا للقدس اقترحت على برنادوت تغيير الطريق الذي نسلكه بشكل اعتيادي بسبب تكرار الاعتداءات على موظفي الأمم المتحدة عند بوابة مندلبوم والدخول للقدس عن طريق اللطرون ، لكن الكونت رفض الاقتراح قائلا لا بد من المخاطرة كما بقية المراقبين الدوليين كما أنه لا أحد يملك حق منعي من العبور.
قبل مغادرتنا رام الله طلبت من الجنرال لاش تزويدنا بسيارة مصفحة وقد فعل، في الطريق عبرنا العديد من نقاط التفتيش الغير عادية وتعرضنا لاطلاق نار أصاب الجزء الخلفي من السيارة وهو ماكتشفناه عند وصولنا للمدرسة الأمريكية .الآن لم يبق أمامنا سوى عبور بوابة مندلبوم.
بعد عبورنا البوابة اتجهنا نحو قيادة المراقبين الدوليين في الطرف اليهودي في "جمعية الشبان المسيحيين". وفي الطريق قررنا زيارة مركز الحكومة في منطقة الصليب الأحمر والتي تقع عند جبل المكبر والتي أراد برنادوت جعلها مقرا له. صعدنا بسيارتين ، الأولى قادها ضابط الاتصال اليهودي هيلمان والسيارة الثانية قادها الكولنيل بيغلي رئيس جهاز الأمن في قوات حفظ السلام، وفي المقعد الأمامي جلس الكومندان الأمريكي كوكس كبير المراقبين الدوليين في الشطر اليهودي.
في طريق العودة اقترحت زيارة المدرسة الزراعية التي تديرها سيدة يهودية كانت قد رفضت الامتثال للأوامر بجعل منطقة المدرسة منزوعة السلاح تماما وأن وجود 18 تلميذا في المدرسة أيضا مخالفا للأوامر، كما كان هناك العديد من الحواجز التي لم يتم رفعها.
بعد عبورنا لحاجز الكولونية اليونانية شاهدنا شاحنة مليئة بالجنود الاسرائيليين وسيارة مصفحة بداخلها الحاكم العسكري الاسرائيلي الدكتور جوزيف. الطريق عبر منطقة القطمون أصبح خاليا عدا عن شاحنة مليئة بالجنود الاسرائيليين كانت معطلة .
في الطريق استوقفتنا سيارة جيب عسكرية أكبر من السيارات التي يستعملها الاسرائيليون ويعتقد أنها سرقت من المراقبين الدولييين وطليت بلون بني وترجل منها أربعة رجال بلباس عسكري يهودي وكانوا يعرفون مكان جلوس برنادوت وقام أحدهم كان يحمل مسدس رشاش "شمايزر" باطلاق النار على برنادوت وسيروت..وكلاهما قضى على الفور.
اعترافات القتلة
بعد أربعين عاما على حادثة الاغتيال ووفاة اثنين ممن نفذوا العملية قال يوشوا زيتلر رئيس جهاز "شتيرن" في القدس آنذاك في مقابلة مع وكالة رويتر أن برنادوت كان عميلا لبريطانيا وأن قتله كان تصفية وليس اغتيالا لأنه كان يريد اعطاء الجليل والقدس وصحراء النقب للعرب ووضع الضفة الغربية وقطاع غزة تحت اشراف الأمم المتحدة.
أما قائد عملية الاغتيال ماشولام ماركوفر فقد أقر أن من أطلق الرصاصات التي أودت بحياة برنادوت هو يشوا كوهين الصديق الشخصي لديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لاسرائيل، والذي كان قد توفي قبل عامين من تلك المقابلة التي أجراها التلفزيون الاسرائيلي بعد أربعين عاما على تلك الجريمة.
المعلومات التي تكشفت بعد ذلك دلت على أن الذين شاركوا بالتخطيط لاغتيال برناوت هم اسحاق شامير (رئيس وزراء لاحقا) ايسرائيل الداد وناثان يالين وثلاثتهم من قادة منظمة "ليحي" الارهابية.
الغريب في الأمر أن الجيل الجديد من السويديين لم يسمع أبدا عن الكونت فولكه برنادوت ؛ ولم يأت ذكره الا في الذكرى الأربعين لاغتياله حيث أقيم قداس في أحد الكنائس في العاصمة ستوكهولم حضره أفراد العائلة الملكية وعدد من السياسيين. في حين تتجدد ذكرى مساعده راؤول فلنغباري الذي ساهم بانقاذ أعداد كبيرة من اليهود من السجون النازية بأوامر مباشرة من مرؤسه الكونت برنادوت والذي قضى في السجون السوفياتية بعد اختطافه ابان الحرب العالمية الثانية، والجالية اليهودية تحتفل بذكراه كل عام وأقامت له تمثالا في أحد أرقى مناطق العاصمة في حين طويت ذكرى برنادوت بل مسحت من الذاكرة السويدية لأنه باختصار قضى بأيدي ارهابيين اسرائيليين.

قيس مراد قدري
النقيب الأسبق للصحفيين الأجانب في السويد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف