الأخبار
حماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل ثلاثة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزةحماس تتمسك بوقف إطلاق النار وضغوط أميركية على نتنياهو للمشاركة بالمفاوضاتمسؤول ملف الأسرى الإسرائيليين السابق: حماس جادة بالتوصل لاتفاق وإسرائيل لا تريدإعلام إسرائيلي: نتنياهو يصدر بيانات ضد إبرام الصفقة تحت مسمى مسؤول دبلوماسيحماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثل
2024/5/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حَرَمَت غيرها فَحُرِمت بقلم:نصير أحمد الريماوي

تاريخ النشر : 2011-09-18
حَرَمَت غيرها فَحُرِمت بقلم:نصير أحمد الريماوي
قصة قصيرة
حَرَمَت غيرها فَحُرِمت
بقلم
الكاتب والصحفي
نصير أحمد الريماوي
14/9/2011م

مرة تزوج رجل من فتاة وأنجب منها طفلاً وعاش معها ومع والدته داخل بيتين قديمين يتقدمهما حوش يلتف حلوله جدار صخري مع أشجار السَرو والصنوبر. كانت والدته طاعنة في السن.. وقد أصابها من الزمان ما أصابها حتى هزلت ونَحِلَ جسدها، وصارت بحاجة لمن يرعاها ويقوم على خدمتها..
أما الكَنّة فقد كانت حادة الطباع، ولا تعرف الرأفة مكاناً لها في نفسها، ومسيطرة على زوجها المنشغل دائما بأعماله اليومية لكسب قوت عيشهم، و تُظهر بين الفينة والأخرى الاحترام والاهتمام بوالدة زوجها فقط عندما يكون الزوج في المنزل، وحالما يخرج منه تبدأ بممارسة أساليب حرمانها من الطعام والعناية، وكلما سألها زوجها عن أمه بعد عودته تجيبه: بأنها قامت بالواجب على أكمل وجه!!..
وبالرغم من قيام جاراتها النسوة بإسداء النصائح لها وحَثِها على الاهتمام بصحة حماتها، إلا أنها كانت غير آبهة بعواقب أفعالها المشينة عندما تتركها تَبيت جائعة ومتألمة!!
كانت والدة الزوج المذكور تتمتع بصفات حميدة طوال حياتها، كريمة الخلق، وطيبة النفس، وحنونة، وحتى لا تخلق خلافاً بين نجلها الوحيد وزوجته آثرت كِتمان سِرّ معاملة الزوجة في صدرها حتى وافتها المنية..
كبر هذا الطفل واشتد عوده وصار شاباً يعتمد عليه، وقادراً على تحمل المسؤولية.. وبعد حين توفي والده فبقي هو ووالدته في المنزل، فواظب على إكمال رسالة والده المرحوم من بعده..
وكان كل ما ينتجه هذا الشاب، وما يحصل عليه من تعبه يَكنِزه مع والدته، وعاش الاثنان في حياة رغدة وفي بحبوحة..
هذا الشاب كان يتمتع بحسن الخلق والسيرة، ويحرص على العدالة، وكريم النفس، ويكره التفرقة.. وأحبت والدته أن تزوجه من بنات القرية، وزوجته فتاة تماثله في الخلق.. وصارت هذه الفتاة تهتم بشؤون المنزل وبوالدة زوجها في حضوره وغيابه، وكان ظلهما الظليل في الحياة..
في يوم من الأيام أُصيبت والدة الزوج بألم حاد في عينيها.. اشتد عليها الألم وفقدت نعمة البصر على إثر ذلك رغم المحاولات اليائسة!! جُنّ جنونها بعدما صارت لا تعرف الحركة، ولا ترى شيئاً مما اعتادت عليه في السابق، كأنها أضحت مغلولة اليدين والقدمين!!
مع ذلك، كان نجلها وزوجته يحرصان على تعويضها، وإشعارها دائما بأنهما حولها، ويقومان على خدمتها خير قيام.. ومن طبع هذه الأم أنها كانت تفضل دائما الجلوس على الحصير في حوش المنزل عند الغداء حيث تضع لها كَنّتها الطعام الدَسِم، وتذهب لإتمام باقي أشغال المنزل..
عندما تتحسس الأم الكفيفة الطعام في كل مرة ولا تجد لحماً فيه.. تستغرب من الأمر.. وعندما يعود نجلها من العمل تشتكي على كِنّتها البريئة إليه بأنها لا تضع لها لحوما مع الأكل؟؟ وتلومها وتلمزها زوراً وبهتاناً في غيابها!!..
يندهش ويستغرب مما تقوله والدته فيسارع لسؤال زوجته عن مدى صحة الكلام، فتجيبه: كل يوم أضع لها اللحم مع الأكل، ومثلما نأكل أطعمها، ولا أبخَس حقها في كل شيء..
الأمر غريب ويُحَيّر العقل!! فكر في الأمر ملياً.. وحتى لا يظلم زوجته التي يثق بها.. خطرت له فكرة للتأكد من كلام زوجته، والتحقق من شكاوى والدته.. فماذا فعل؟؟
قال لزوجته مع اقتراب موعد الغداء في أحد الأيام: أريد الذهاب للاطمئنان على الأرض وإحضار بعضٍ من ثمار التين وقطوف العنب لنأكل معاً.. وبدلاً من أن يذهب إلى الأرض لاذَ بإحدى زوايا المنزل، واختبأ داخل برميل يستطيع منه مراقبة ما يجري عن كثب داخل الحوش..
مع اقتراب موعد الغداء انهمكت الزوجة في تحضيره وتجهيزه، وهو يراقبها وهي تتصارع مع ببور الكاز.. تارة ينطفئ فتنكشه ويشتعل من جديد، وتارة أخرى ينفد منه الكاز فتزوده بالكاز، وهكذا دواليك حتى أنجزت عملها.. أطفأت الببور واستراحت من ضجيجه.. هدأ المطبخ.. ثم أحضرت طبقاً وسكبت فيه طعاماً شهياً ولذيذاً وزيّنته بقطعة لحم كبيرة.. تركته هنيهة حتى بَرَدت حرارته.. ثم وضعت طبق الطعام على صينية منسوجة من قش القمح مع رغيف خبر طابون محمص يفتح الشهية، وكوب دهاق بماءٍ زلال.. وهو لا زال يتابع كيف تتصرف زوجته في غيابه..
حملت الصينية بين كفيها وقدمت الطعام لِحَماتِها، وقالت لها: تفضلي يا عمتي لقد جَهِزَ الطعام.. ثم عادت لترتيب المنزل قبل عودة زوجها كما قال لها.. فسألتها : أين ابني؟
فأجابتها: بأنه ذهب لإحضار التين والعنب من الأرض..
وَلجَت الزوجة في أحد البيتين القديمين لإتمام عملها فيما بقيت حَماتها في الحوش لوحدها.. وقبل أن تتحسس الطعام بيديها.. وإذا بطائر جارح اسود اللون هبط نحو الصينية والتقط بمخالبه المدببة قطعة اللحم وطار بها- وهي لا ترى ما يجري حولها- تحسست الطعام.. فلم تجد لحماً فيه!! كما سمع سُباب والدته، وتذمرها من زوجته!!
عندما شاهد زوجها المختبئ ما شاهد بأم عينيه أدرك حينها مدى صدق زوجته، وكشف سبب فقدان اللحم من الأكل..
خرج من مخبئه دون أن يشعر به أحد وغادر المنزل باتجاه الأرض وأحضر عنباً وتيناً بعد ذلك.. حال عودته اشتكت له والدته نفس الشيء، وصَبّت جام غضبها على زوجته.. فعلى الفور ذهب و أحضر لها لحماً وأطعمها بنفسه..
وكرر هذه الفكرة لمدة ثلاثة أيام للتأكد مما رأى بنفسه، يختبئ، ثم تجهز زوجته الطعام، وتقدمه لوالدته، ويأتي هذا الطائر الجارح في نفس الوقت، ويخطف قطع اللحم من طعامها قبل أن تستدل عليها؟؟..
فقال في نفسه: يا إلهي ماذا أرى؟ ربما تكون خلف هذا الطائر حكمة إلهية!!..
جلس مع والدته، ونادى زوجته وأخبرهما بما فعل، وماذا كان يشاهد بنفسه، وكيف أن هذا الطائر يسرق اللحم دون أن يشعر به أحد منهم..
دهشت والدته مما سمعت.. فسارعت إلى طلب السماح من زوجة ابنها على ما بَدَر عنها من شكاوى خاطئة، وسوء تصرف.. وقالت: أنا ظلمتك لأنني فاقدة البصر..كما بعثرت كلاماً أثار التساؤل في ذهن نجلها، وهي تتذكر كيف كانت في شبابها تحرم أم زوجها من الطعام..
سألها ابنها كيف تفسرين يا والدتي هذه الظاهرة الغريبة عَلَّنا نجد حكمة في ذلك، فأجابته: يا بُنيّ ربما هذا الطائر مُبعث ومُسيّر ليعاقبني على ما فعلته مع جدتك، حيث كنت قاسية معها في غياب والدك، وأحرمها من بعض أنواع الطعام، واللحم حتى توفيت.. الله يرحمها ويحسن إليها.. كانت أفضل وأحسن مني خلقاً، وقد أَخّفَيت عن والدك مساوئي وجَوري.. وها أنا الآن كما ترى لقد حُرِمت من نعمة البصر، وأيضاً حُرِمت من نعمة الأكل.. فسامحوني أنا أخطأت في حق غيري وحق نفسي.. وأجهشت بالبكاء ندماً.
بعدما سمع قصة والدته الغريبة صار هو وزوجته يطعمانها داخل المنزل وبنفسيهما، ويطارد الطائر كلما أتى إلى المنزل في محاولة لسرقة طعام والدته حتى اختفى ولم يعد. وهكذا حَرَمَت غيرها من الطعام فَحُرِمت منه.
_______
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف