الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عيد بأية حال بقلم:عادل بن مليح

تاريخ النشر : 2011-08-31
عيد بأية حال عدت يا عيد ( لعادل بن مليح)

( من سره زمن ساءته أزمان)

عيد ولا كأي عيد , وجهه كالح عبوس عند البعض , ومبهج مسرور عند آخرين .

سياسيا , هذا عيد القيامة الكبرى لبعض الأنظمة العربية , فمنها ما هو رائح ومنها ما هو ينتظر , أساطير وهامات ولا كهامة هامان الذي طلب بلوغ الأسباب , تصدعت وهوت وقد كانت ملء السمع والبصر , ربما لخصها تهكم جمال مبارك حين سؤل عن شباب (الفيس بوك) وابتسم ساخرا , ولعمري هو لا يعلم أنه وبعد ابتسامته تلك بأيام سيرتدي مسحة دهشة غير مصدق أنه يقف خلف قضبان حديدية بعد أن كان يربت بيديه الناعمتين على القضبان المذهبة لسلالم قصر القبة صاعدا هابطا وكأنه ملك الزمان والمكان والتاريخ , واه من هذا التاريخ الذي لا يرحم , ثم واه من أولئك البشر الذين لا يجيدون قراءته بعمق , كيف لا ومازال البعض يراهن رهان هامان بأنه سيبلغ الأسباب , أحجار تتساقط , ومحجرين غافلون عن دهاء اللاعبين , وما زالت القافلة تمضي بين داهس ومدهوس , أوراق (الرزنامة) تقذف في سلة المهملات ولا يعي قاذفها ما كتب بين السطور (يوم لك ويوم عليك ويوم كفاك الله شره) , ربما تطول الأيام التي لك وربما يكفيك الله شر بعضها , ولكن يوم هو عليك يذهب بأيامك كلها سدى , فإلى مزابل التاريخ أو ذروة سنامه , وما أكثر الماضون نحو مزابل التاريخ , كراس وعروش وصولجانات وكروش , كلها ذات أقدار لا تزن وزن ورقة التقويم , لكل أجل كتاب ولكل كرسي ذهاب , وكل أرض لا عدل فيها قفر يباب , وما هي إلا عقارب الساعة التي إن قرصت دمرت وأوجعت , فكأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها .. هكذا تقول النفس الأمارة بالسوء حين يغادرون القصور وقد نسوا أن يطيلوا أمدها بالعدل والتسامح , بدل أن يعمروها بالظلم والفجور , ذلك العدل والتسامح كان كافيا لمد عمر الصولجان حتى يبلى , أو يكتسي منه وجه التاريخ أكاليل الحمد والشكر بدل صيحات العار واللعن والذل والمهانة .

منهم من قضى ومنهم من ينتظر , ومنهم من يقبع في سباته وكأن بينه وبين رحى التاريخ أمدا بعيدا .

هذا العيد ولا كأي عيد , قذف لنا هذا العيد حمما من العبر وكأنها عبر مودع , لقد ألقى ثقله وكأنه يصرخ للبعض (انتهى الدرس يا غبي) , فمن لم يعي الآن الآن الآن فلن يعي أبدا ذلك الدرس , وسيسقط في امتحان التاريخ وتتبدل سيئاته بسيئات أكبر وينتقل من فيء القصور إلى ضيق المخابئ والجحور , وحرقة الأغلال بين المعاصم والنحور .
وهذا العيد ككل عيد , نتبادل التهاني ونراقب الفضائيات وهي تمور بالفرح والسرور ونخضع الفرح عنوة لمشيئتنا , لماذا لأنه العيد , أوليس أنت أيها العيد السارق منا عاما كاملا بشهوره وأيامه وساعاته وثوانيه ؟ أوليس أنت المقبل علينا وقد اقتربنا من الموت زمنا ؟ أوليس أنت أيها العيد القادم إلينا وقد فقدنا حبيبا أو سكننا هم أو وجع ؟ أوليس أنت أيها العيد الذي أضفت عاما فوق كواهل أعمارنا التعبة أصلا ؟ فكم من أرملة وكم من يتيم وكم من معاق وكم وكم وكم قد أطللت عليهم وكانوا قبل مجيئك في حال غير تلك الحال .

عيد بأية حال عدت يا عيد ) , و ( عيد بأية حال ستعود يا عيد ))
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف