الأخبار
إعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقها
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الدّيك الّذي يأبى أن يبيض!بقلم: صلاح حميدة

تاريخ النشر : 2011-07-21
الدّيك الّذي يأبى أن يبيض!بقلم: صلاح حميدة
الدّيك الّذي يأبى أن يبيض!

كتب: صلاح حميدة

عام 1923م كتب أب اليمين العنصري الصّهيوني مقالاً قال فيه: أنّه قرأ تاريخ الشّعوب التي تعرّضت للإحتلال، ووجد أنّ "أكثرها تخلّفاً قاومت الاحتلال بشراسة لا تقل عن مثيلاتها المتحضّرة" وأضاف جابوتنسكي ناصحاً الصّهاينة باستخدام سياسة " الجدار الحديدي" والّتي تتلخّص باستخدام كافّة أشكال الضّغط على الفلسطينيين، وجعل وجههم ملتصقاً بالجدار، حتّى يجبروا على طلب النّجاة بأرواحهم، ويمنحون الاحتلال كل شيء، فالفلسطينيون أكثر تحضّراً من تلك الشّعوب ولن يسلّموا بسلب أرضهم منهم. ثار ضد جابوتنسكي حينها من يعرفون ب " اليسار الصّهيوني" واتهموه بالتّجرّد من الأخلاق، فردّ عليهم بكلام ملخّصه بأنّ الصّهيونيّة التي دفعتهم لاحتلال أرض شعب غيرهم كلّها ليست أخلاقية، وبالتّالي فإنّ الحديث عن الأخلاق مع الاحتلال ليس إلا ترف فكري.

بمراجعة سريعة للممارسات الصّهيونية بحق الفلسطينيين نستنتج أنّ أفكار جابوتنسكي يتمّ تطبيقها بالكامل، وإن كان الانقسام لا يزال قائماً بين من يريد تطبيق تلك السّياسة كما هي، وبين من يريد تطبيقها مع بعض المكياج ومواد التّجميل، ولكن تلاميذ جابوتنسكي هم الأكثر حظّاً في بازار السّياسة الاسرائيلية هذه الأيّام.

مثلما اختلف الصّهاينة الأوائل والجدد في التّعامل مع أهل البلاد الأصليين في فلسطين، فقد اختلف أهل البلاد ومحيطها في كيفيّة التّعامل مع المحتلّين لأرضهم أيضاً، وانقسم الفلسطينيون بين حسيني ونشاشيبي، ومقاتل بالسّلاح وآخر بالسّياسة والكلام، وبين مؤمن بالتّعامل مع القوى الكبرى والهيئات الدّولية لاسترجاع أرضه، وبين فاقد لأي ثقة بتلك الأطراف، ومن يراجع الخلافات في المنهج بين الطّرفين لا يستغرب عندما يرى ما يجري من خلافات حاليّاً، ولكن من الطّبيعي أن يصبغ كل فترة ميّزات تتعلق بالزّمن والجغرافيا والشّخوص.

ولكن يوجد ما يشي بأنّ هناك اختلاف بيت اتّفاق الصّهاينة على الجوهر واختلافهم على المظهر، وبين اختلاف الفلسطينيين على الجوهر وربّما على المظهر أيضاً، فاليمين واليسار في الدّولة العبرية يقومون بتطبيق أهداف الحركة الصّهيونية المتمثّلة في نظريّة " الجدار الحديدي" ، بينما يختلف الفلسطينيون اليوم على القضايا الرّئيسيّة وعلى التّفاصيل أيضاً.

وتكمن المشكلة الفلسطينية في افتقادهم لقيادة جماعية متّفقة على الهدف من الحراك الميداني بكافّة أشكاله، بل ومختلفة أيضاً على طرق الوصول للهدف، ومختلفة على الأساليب التي يجب أو من الممكن من خلالها تحقيق الأهداف، بل قيادة لا تستطيع الاتفاق ولا اللقاء على قضايا مشتركة، ولهذا العديد من الأسباب، بعضها يكمن في تمكّن عقلية الإقصاء ورفض الاحتكام للخيار الإنتخابي، إضافةّ إلا التّدخّل الخارجي وسطوة المال السّياسي على الواقع السّياسي الفلسطيني.

حسب رأي بعض السّياسيين الفلسطينيين مثل الدكتور عزمي الشّعيبي والكاتب الصّحفي خليل شاهين، فالفلسطينون تقودهم ثلاثة اتجاهات سياسيّة، أحدها يتمثّل في حركات مقاومة تتبنّى بناء مشروع مقاوم يبداً من الكلمة والحجر، بالمزرعة والمؤسسّة، ولا ينتهي عند الصّاروخ والبندقيّة، مشروع يبنى على مدار السّاعة في قطاع غزّة، وينتظر الفرصة المناسبة "لاستئناف نشاطه في بقيّة المناطق الفلسطينية" بسبب عوائق موضوعيّة.

أمّا المشروع الثّاني، فيرى الإثنان أنّه بدأ من مدريد وأوسلو، وأنّ نهايته ستكون في أيلول القادم، ويقول الدكتور عزمي أنّ :- " صاحب هذا المشروع أعلن بشكل واضح أنّه لا يملك غيره خياراً، وأعلن كذلك أنّ هذا المشروع فشل، وألمح بما يشبه التّصريح بأنّه سيستقيل بعد أن يجلب أكبر اعتراف دولي بدولة فلسطينية أعلنت الولايات المتّحدة الأمريكية والدولة العبرية أنّهم سيمنعان قيامها".

أمّا المشروع الثالث، فيريان أنّه مشروع الطّريق الثالث، وهو مشروع "نابلس أهم من أنابوليس" ومشروع لا يرى جدوى من أي حراك سياسي لا ترغب به أمريكا وإسرائيل، مشروع قام بتطبيق خارطة الطّريق بكافّة تفاصيلها الدّقيقة، أعطى الغرب والدّولة العبرية كل ما أرادوا، ولكن لم يعط الفلسطينيون أي شيء مما أرادوا، وتمّت إدارة الظّهر لهم.

وبالرّغم من أنّ هذا المشروع قدّم نفسه للشّعب الفلسطيني بأنّه القادر على بناء المؤسسّات وتعبيد الطّرق وجلب الرّواتب وكسر الحصار، وأنّه لا بد من إلقاء نتائج الانتخابات خلف الظّهر حتّى يتمّ تحقيق الرّفاه للشّعب الفلسطيني وتحقيق حلم الدّولة، إلا أنّ مآلات هذا الخيار كانت فاجعة للشّعب الفلسطيني، فلا رواتب، وديون بالمليارات، وضرائب وغلاء معيشة، وسياسة ماليّة جعلت غالبيّة الفلسطينيين مكبّلين بقروض بنكيّة، والقائمة تطول ولن تتّسع لسرد كل ما يقال من العامّة والخاصّة.

صرّح عدد من المسؤولين بأنّ الشّعب الفلسطيني مطالب بالصّبر والتّقشّف، وهذه دعوة ممتازة ومطلوبة، ولكن من حق الفلسطيني أن يتساءل: " إذا كان سيعاني من شح المال وشظف العيش تحت سقف خياره الدّيمقراطي، وعندما يقول لا لشروط الرّباعيّة، فلماذا يدفع ثّمن أكبر وهو راضخ وملتزم بكل ما تمليه الرّباعيّة الدّولية وبلا سقف خياره الانتخابي، وفوق ذلك ديون بالمليارات على شعب وعد بدولة ذات استقلال مالي وسياسي؟" فإذا كان الفلسطينيون سيدفعون ثمناً أفظع إن التزموا بشروط الرّباعيّة، فالأولى أن يرفضوها ويحفظوا كرامتهم وسلامتهم.

ومن حقّ الفلسطينيين أن يتساءلوا عن إمكانيّات توحيد الحراك السّياسي الحركي التنظيمي والمؤسّسي والفردي لإعادة تقويم ما تمّ في المرحلة السّابقة، وتقييم كافّة التّجارب التي تمّ تنفيذها على الأرض، وعن كيفيّة الخروج من النّفق الّذي أوصلهم لل"جدار الحديدي"؟ وعن إمكانيّات تطوير أطر قيادية وبرامج نضاليّة جديدة تعيد للنّضال الفلسطيني ألقه ومبادرته وتأثيره المحلّي والعالمي؟.

ما يجري مع الفلسطينيين حاليّاً عبارة عن تطبيق لنظريّة "الجدار الحديدي" وهي نظريّة تضيّق على الفلسطيني أكثر كلّما تنازل أكثر، حتّى تجعله ملتصقاً بالجدار طالباً الفرار بحياته، وثبت - من خلال ما جرى ويجري - أنّ عمليّة التّسوية، بكافّة أشكالها، قدّمت للفلسطينيين على شكل فرخ دجاج سيكبر وسيتحوّل لدجاجة وسيبيض دولة، ولكن كبر الفرخ وتبيّن أنّه ديك، ولكن هل يوجد بين الفلسطينيين والعرب من يتمنّى وينتظر أن يبيض هذا الدّيك؟.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف