الأخبار
قناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاق
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العنف في الطبيعة الانسانية بقلم:د.حنان مصطفى اخميس

تاريخ النشر : 2011-07-21
العنف في الطبيعة الانسانية بقلم:د.حنان مصطفى اخميس
1- بقلم الدكتوره/ حنان مصطفى اخميس
2- دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية



ان دراسة التاريخ الانساني وامتلاءالازمنة البشرية بالعنف الذي بدأ بشكل صراع نفسي- فردي- و اجتماعي ،بين أفراد كأفراد وبين بعضهم بعضا كطبقات أو فئات وبين دول وحكومات0
ترينا هذه الدراسة أن التاريخ الانساني لم يكن حقبا نتجت من توسع ملك أو انقلاب عليه أو ثورة مجموعة من الافراد أو صدور قانون ظالم أو بناء معبد أو هيكل أو قصرعلى حساب شقاءالاخرين،أو تسخير الكثرة العديدة في مشروع، أوسيادة الانسان على الانسان بقالب القسوة والجبروت،وكما يبدو أن التاريخ يمتلىء باعمال العنف والظلم ،وبالملكية غير العادلة، وبسيطرة طبقة على طبقة، أو فئة على فئة ،وبثورات عديدة عمت البشرية، وانتشرت فيها وباستعمار دول لدول اخرى تجني مكاسبها منها وبالقتل الفردي والاعتداء الشخصي كالقوي يعتدي على الضعيف وبالصور السلبية لحياة الانسان ،كالكراهية والبغض والكبرياء وحب الظهور وتحقيق الشهوات التي كانت وما زالت دلائل عنف وقسوة ،فالحقيقية يجب ان تقال فهي لم تعد دليل شؤم أو تشاؤم بل نتيجة خبرة انسانية مؤلمة نعاني من واقعها ،تعمقت في القلب والعقل،فقد انطفأت شعلة الروح والعقل في كل الاوقات والاحقاب ،الفلاسفة كذبوا والحكماء اهينوا وتحملوا المصائب والويلات ،والعلماء ذلوا واضطهدوا والابرياء نبذوا والمصلحون سجنوا وقتلوا وقد تم هذا كله باسم الحق والعدالة والفضيلة والوطنية0
بدأ العنف وظهر في صورته الناصعة عندما كان الانسان الحاكم أو غيره يطفىء شعلة بدأت تنير طريق الانسانية في عالم المحبة والفكر والعدل والمساواة والعلم والفضيلة0
ان ظاهرة العنف هي اللاوعي ،وظاهرة اللاعنف هي الوعي ،فالوعي هو الفرق الاساس بين العنف واللاعنف ،بين الحيوانية، وبين المادية والروحانية وزيادة الوعي تعني زيادة في الانسانية أو تعاليا في عالم الروح والفكر وزيادة اللاوعي أي زيادة في الجهل ،والصراع والشر والعنف ينتج من الجهل الذي يشير بدوره الى فقدان الوعي ان عنف الانسان يظهر اول ما يظهر في لا وعيه أو تخليه عن الحكمة والمعرفة ويتجرد الانسان من القيم الاخلاقية والروحية التي نحتت فيه منذ ان وجد على أرض البسيطة وليس تجرد الانسان من قيمه الاخلاقية والروحية الا برهانا على انغماسه في عالم ماديته وجديته،وليس الانغماس في عالم المادية والجسدية الا تعبيرا خاضعا لشهواته ،فالشهوات والرغبات الانسانية وهي انحرافات دوافعه دليل قاطع على عنف الانسان لانها تربطه بعجلة اللاوعي والجهل والشر،والشهوات متنوعة وعديدة شهوة الجاه وشهوة السلطة وشهوة المال وشهوة القوة وشهوة الطمع وشهوة الحقد والكراهية،أن هذه الشهوات تحتضن العنف لانها متأصلة فيه0
يعتقد الانسان ان المال والسلطة وسيلة لتحقيق معيشته ورغباته ومتى كان المال وسيلة للمعرفة والحكمة وهل يزداد الانسان حكمه وفضيلة وهل تحقق طاقاته الفكرية والانسانية في حال زيادة المال ،وماذا يحقق المال ،انه يحقق الشهوات يستطيع ان يشتري ضمير الاخرين ،يستطيع التفوق على الاخرين بالمال والسلطة كله ،هذا يشير الى العنف ذاته ،انها مأساة الانسان الانساني الذي أضاع نفسه فأراد ان يجدها في المجتمع بطريقة كاذبة ،ان حب الانسان للمال والسعي وراءه يشيران الى صراع عنيف بين الناس الى الحروب والنزاع الى العنف المبطن في الشي ذاته ،العنف يشير الى ضياع العقل الانساني والى عدم تركيزه على غاية انسانية ولم يهذب نفسه وفق قواعد الاخلاق والروح وليس سقوط الانسان الا تعبيرا واضحا عن سقوطه من الروحانية الى الجسدية والخطيئة والشر والعنف تتركز في الجسد يسير وفق أهواء وشهوات تتفجر على الدوام 0
ان فكرة العنف تخلق فكرة الدفاع التي تخلق بدورها فكرة التسلح – ان الدول الصغيرة والضعيفة من الوجهة المادية تسعى الى التسلح قبل اي شيء اخر لان فكرة التأخر او التفوق الداخلي واضاعة فرصة النمو والازدهار في الاقتصاد الداخلي أو في حقل التعليم هي اسباب الخوف التي تقف وراء فكرة التسلح لانها تخاف من اعداء وهميين لان فكرة الخوف تحمل في ثناياها فكرة العنف التي تتجلى في السلاح في القوة المادية الغاشمة ،هو العنف القاتل الذي يتسع على حساب غيره ليستغله فالدول الكبرى هي التي تعلن عظمتها من خلال جيوشها ،فلو كان الانسان يدرك ويعلم لرفض ان يكون فردا في قطيع يساق الى الموت أو الحرب أو الى الدفاع عن أفكار همجية خلقها أفراد الى درجة انهم صاغوا مبادىء الدفاع والهجوم والقومية العرقية والعقائد المتطرفة ومفاهيم لعبت بعقول الناس فدمرتها وحولتها الى اناس لا يعرفون ما يفعلون 0
الانسانية تحتاج الى العلم الملقح بقاعدة الاخلاق والروح والانفتاح الى الانسان الذي يدرك وجوده ويجد في كل انواع الدمار عنفا شديدا وخطرا على حقيقة وجوده وشرا يهدد مغزى وجوده في هذا العالم ،ان الانسان لا يتعلم هذه المبادىء في الدول التي انشأت ذاتها على فكرة الصراع والعنف ولهذا السبب يجب ان نخفف من شعور الامم القوية ماديا والتقليص من انشاء الاساطيل البحرية والجوية وآلات الدمار والرعب ،ان عنصر التوسع أو الدفاع أو الهجوم هو الذي يدفع الامم صغيرها وكبيرها الى الدفاع الى التسلح،فان تناقص هذا العنصر ،تناقص العنف معه0
تعد ظاهرة العنف التي تسود المجتمعات الحاضرة نتاجا مباشرا أو غير مباشرا للاراء والنظريات المادية التي تغزو العالم وتنتشر فيه ،فقد أغرق العالم في بحر من الاراء المضطربة وتختلف هذه النظريات باشكالها وانواعها ،فقد نشأ بعضها من أوضاع اقتصادية اتخذت كزاوية ينظر فيها الى الوجود وصارت فكرة التاريخ ونشأ بعضها من فكرة عبث الانسان والوجود وضياع الانسان ولا جدوى وجوده0
ونشأ بعضها من اراء فلسفية متطرفة اشد التطرف ونشأ الاخر من اراء علمية ومادية جهلت وتجاهلت حقيقة الوجود الانساني ،ونشأ بعضها من اراء رمت الانسان في احضان السلوكية والدوافع واللاوعي والتنكر للصفة الدولية الجوهرية للانسان وهي الروح والعقل الفوقي او وجوده المطلق0
أن سوء فهم الانسان وقصور الانسان ذاته في فهم حقيقة وجوده ادى الى خلق نظريات من هذا النوع انفعال الانسان ولا تعقله وانغماسه في عالم اللاوعي والرغبات المادية التلقائية التي ادت الى اضعاف انسانية الانسان والى القضاء على عقلانيته التي تتجاوز الحدود والاطر المادية ولما كانت حياة الانسان تخلو من القيم الاخلاقية والروحية التي تعلمه بانه غاية بذاته ،غاية تسمو على الغايات الاخرى فانه يندفع وراء الغايات الدنيا كالملكية والمال والوضع الاقتصادي والاجتماعي ،التعبير المباشرعن حسه ولما كانت هذه الغايات الدنيا تشكل معنى معيشته فانه يتمسك بها ويعتبرها الجوهر ويتجاهل حياته الروحية والفكرية ،فالنظريات المادية والاراء السلبية والعلمية ،غير الناضجة اعدت تقويما جديدا للانسان ودفعته وراء غاياته الدنيا،فقد اصبح الانسان يقوم نفسه في كل نظام اجتماعي حسب وضعه الاقتصادي ،انه يشعل الثورات ويقتل البشر ويتنازعون وتستلم الفئات القوية السلطة ويعمل البشر من اجل غاية ضيقه جدا تحسين حالة الانسان الاقتصادية ومن اجل هذه الغاية يسود العنف ويقوم صراع بين دولة ودولة بين فئة وفئة وبين انسان وانسان ولا تتحقق هذه الرغبات الا بالعنف0
ليس القوي من يستعمل العنف المادي بل من يعتمد الروح والفكر والاخلاق ليس القوي من يعتدي بل هو من يسامح ،ليس القوي من ينتصر على غيره بالقوة المادية الغاشمة بل هو من ينتصر على اهوائه ورغباته ولا وعيه،وليس القوي من يستعبد غيره ويفوز بنصيب الاسد من غنائم المال والسلع،بل هو من يدل غيره كيف يصبح انسانا صالحا ،ليس القوي من يخدع غيره بل من يدل غيره على الحقيقة ،ليس القوي من يصارع من أجل البقاء ،بل هو من يتكامل مع غيره من أجل البقاء0
القوي بمادته جبان والقوي بروحه شجاع،الشجاعة المادية عنف لكنها فوق حيوانية،والشجاعة الروحية لا عنف لكنها قوة ،فالحياة تتحقق في مبدأ اللاعنف والمحبة وذلك لانهما قانون الروح والسلام والعدالة والسكينة والعلم والمعرفة والاخلاق قانون الروح وهي تسير في تطورها نحو تحقيق ذاتها اللاعنف والمحبة شريعة الانسان،أما العنف فانه شريعة الغاب0
ان حل مشكلة العنف في عالم وصل الى درجاته العليا من التمزق مسألة صعبة في غاية الصعوبة ،فاللاعنف بعيد الاحتمال والتطبيق في حال وصول العنف الى أقصاه وتدل الدلائل الى ان العنف قد وصل الى هذا الحد الاقصى بسبب العوامل المذكورة التي تشجعه ،فالحرب قمة العنف وحده الاقصى ،ففي عالم العنف هذا تتراجع اخلاقية اللاعنف والمحبة وروحانياتها ،لكن تطبيق اللاعنف يكون اكثر فعالية في حالة اجتماعية او فردية لا يكون الشر قد طغى تماما0
يحتاج اللاعنف الى امرين – يحتاج الى اناس يحملون بذوره ومبادئه يحملونها الى عالم ويعملون من أجل تطبيقها ،ونحن نؤمن بتضامن اهل الخير والحق الذين يعملون في حقل الانسانية والمحبة ، فالعلام اشد الحاجة الى اصحاب الرؤى والبصيرة أصحاب الحدس الروحي او الى المنادين بالسلام والحق والعدالة ،يحتاج اللاعنف الى تربية تطبيقية جديدة تقوم على مباديء الروح والاخلاق وتلغي التعصب المذهبي والطائفي ،والفروق بين الناس والشعوب ،ان هذه التربية تؤمن بأخوة الانسانية ،ويتضامن الانسان مع الانسان وباحترام اراء الاخرين وبتقدير الشخصية الانسانية0
ان غاية التربية لا تخرج عن ان تكون وسيلة لتعليم الانسان معنى وجوده والغاية منه وليس معنى وجود الانسان الا ان يحقق المعرفة والفضيلة وتتجلى الفضيلة في ان يعمل الانسان ايضا بأن وجوده مرتبط بغاية اخلاقية سامية غاية السمو في ان يسعى الى تحقيق السلام والهدوء والمحبة والسعي وراء سعادة البشرية جمعاء ، ان الاسباب التي تؤدي الى ظهور العنف في المجتمع الانساني كثيرة منها:-
1- الايديولوجيات القائمة في المجتمعات المتباينة والتي تؤدي الى الحروب، والتاريخ يشير الى ان الحروب التي نشأت كانت وليدة التعصب القومي الذي أدى بدوره الى حب السيطرة والتوسع،وان فكرة الامم القومية قد انبثقت اصولها من فكرة العرق السائد وهذه الفكرة لا تخرج عن دائرة العنف0
2-العلم نرى ان العلم يؤدي الى الحروب،بل يؤدي الى الاعتقاد بأن العالم لا يتقدم الا من خلال الصراع- والنزاع ،لكنه واقعي يتضمن فكرة العنف0
3- التقدم العلمي- يستعمله من أجل اطماعه من اجل الدفاع عن الوطن 00 ومن أجل الدفاع عن معتقد او ايديولوجيا – ومحاربة المباديء الاخرى الهدامة ، وشكل الحفاظ على حريات البلدان الاخرى وانقاذها من العدو0
4- الحروب ،انها وسيلة عنف ،وقمة الشر الجسد ،فالحرب دليل انعدام العقل التي تصل الى درجة الانفجار الذي يعقبه التدمير 000 والموت 0
ان عالمية الانسان مبدأ يحثنا على احترام الانسان وتقديره واعلاء شأنه فلا يحق للانسان ان يقتل الانسان او يعتدي عليه او يستثمره او يستغله او يحقد عليه ويكرهه أو يرذله والانسان الذي يتصف بهذه الصفات السلبية يقترف جريمة شنعاء ،فالانسان الذي يكره نفسه ،يكره الاخرين ،والذي يقتل غيره ،يقتل ويكره الانسانية كواقع وتشخيص وفكرة0
لذلك علينا ان نعتبر الانسان فكرة شاملة لوجود البشر اجمعين، ان احترام الانسان يعني احترام الانسانية كلها ،والعناية به تعني العناية بالبشرية كلها ،فالانسانية هي تحقيق انسانية الانسان الواحد لغاية اجتماعية شاملة وكلية وعالمية ، ان الانسان لا يتعلم ليقتل بل ليحقق الحياة 00والمطلق0
* نشرتها في جريدة (الرأي) يوم السبت الموافق(11-12- 1999)
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف