الأخبار
غالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدةإسرائيل: سنرد بقوة على الهجوم الإيرانيطهران: العمل العسكري كان ردا على استهداف بعثتنا في دمشقإيران تشن هجوماً جوياً على إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخالاحتلال يعثر على المستوطن المفقود مقتولاً.. والمستوطنون يكثفون عدوانهم على قرى فلسطينيةبايدن يحذر طهران من مهاجمة إسرائيل
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فلسفة الديمقراطية بين نظريتي الخلق والإلحاد بقلم:د. خالد صقر

تاريخ النشر : 2011-04-16
فلسفة الديمقراطية بين نظريتي الخلق والإلحاد بقلم:د. خالد صقر
فلسفة الديمقراطية بين نظريتي الخلق والإلحاد

د. خالد صقر


عندما نقول أن الديمقراطية ترتبط إرتباطاً فلسفياً وثيقاً بالإقرار بصحة الإلحاد العلمي الحداثي ، فإن هذا الكلام قد ‏يكون بعيدا تماماً عن إدراك الكثيرين ، لذلك أصبح من الواجب وضع بعض الملاحظات لبيان مدي إرتباط ‏الديمقراطية كنظام سياسي بالإلحاد العلمي الحداثي وما يتعلق به من نظريات علمية ، وجدير بالذكر في هذا ‏السياق التأكيد علي ارتباط فلسفة العلم بشقيه الحيوي والطبيعي بالنظريات الإجتماعية والسياسية الحديثة

‏1- هناك نظريتان فلسفيتان تفسران الوجود ، هما : (الخلق ‏Creationism‏) و (الإلحاد ‏Atheisim‏)‏

نظرية الخلق تعتمد أساساً علي (الإيمان) بوجود خالق هو الذي أحدث الوجود بكامله ، وهي النظرية التي يستند ‏إليها الإسلام والنصرانية واليهودية ، وبعض الديانات الوضعية كذلك ، يقول البروفيسور إيوجين سكوت [1] في ‏كتابه ” التطور في مواجهة الخلق – مقدمة” : (نظرية الخلق تنص علي أن الوجود الإنساني والحيوي علي سطح ‏الأرض والوجود الكوني كله قد أحدثه – أو صنعه – كيان فائق القوة يطلق عليه في نطاق هذه النظرية (الإله)”.‏

بينما نظرية الإلحاد تعتمد اساساً علي (الإيمان) بانعدام وجود (إله) في هذا الكون ، ومن ثم تفسير وجود كل ‏صور الحياة و الكون بأنها نتاج لبلايين من الصدف والأحداث العشوائية التي أدت لوجود هذا الكون بالشكل الذي ‏نعرفه الآن ، يقول إدواردز بول[2] في “موسوعة الفلسفة”: (الإلحاد هو أن يرفض الشخص مبدأ الوجود الإلهي ‏بصرف النظر عن صحة أدلته لهذا الرفض)‏

وبطبيعة الحال فإن الصراع الفلسفي والعلمي بين المساندين لكلتا النظريتين لايزال مستمراً منذ الإنتشار الحقيقي ‏للعلم التجريبي الحديث في نهاية القرن السابع عشر حتي يومنا هذا ، وحصر جوانب هذا الصراع وجبهاته يحتاج ‏لبضعة مجلدات ، ولكن الجدير بالذكر أن نظرية الإلحاد قد شهدت عدة قفزات فكرية وأصولية منذ إرتباطها ‏بشكل حصري بنظرية داروين للنشوء والإرتقاء ، مروراً بظهور النظرية النسبية علي يد ألبرت أينشتين ‏واكتشاف (التدقيق المتناهي ‏Fine Tuning‏ ) الذي اعتبره العديد من مؤيدي نظرية الخلق ضربة قاتلة للإلحاد ، ‏حتي الوصول إلي نظريتي الأكوان المتعددة والأوتار الفائقة اللتان كانتا من أهم نتائج التزاوج بين علم الفيزياء ‏الكونية وعلم ميكانيكا الكم ، واللتان اعتبرهما العديد من الملحدين تفسيراً كافياً للوجود في مواجهة نظرية الخلق ، ‏ومن المفيد في هذا السياق أن يرجع القارئ إلي كتاب رودني هولدر[3] “الإله ، الأكوان المتعددة ، وكل شئ” ‏للإلمام بطبيعة الصراع بين النظريتين.‏

‏2- نظرية الخلق تقتضي – منطقيا وفلسفياً – كمال الخالق وإحكام سلطته علي الوجود

وهذا الحتم المنطقي ينشأ أساساً من الإلمام بالطبيعة المحكمة والنظام المتناهي الدقة للكون ، فحيثما تحقق هذا ‏الإلمام كان الإعتقاد بكمال قدرة (الخالق) حتمياً. يقول البروفيسور آرثر كومبتون الحائز علي جائزة نوبل في ‏الفيزياء: (ليس من الصعب عليّ أن أحمل هذا الإيمان ، فإنه من غير الممكن الإختلاف علي أنه حيثما وجد ‏التخطيط ، وجد الذكاء – كون منظم محكم يشهد بحقيقة أعظم كلمة علي الإطلاق “وفي البداية كان الله”) ، ويقول ‏السير إسحق نيوتن في كتابه الخالد “الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية”[4]: (بالرغم أن هذه الأجسام الكونية ‏تستطيع البقاء في حركتها المدارية باتباعها لقوانين الجاذبية ، ولكن من المستحيل أن تكون هذه الأجسام قد ‏اكتسبت موضعها في هذه المدارات لأول مرة باتباعها لتلك القوانين …النظام البالغ الجمال الذي يتكون من ‏الشمس والكواكب والأقمار كان يمكنه الحدوث فقط من خلال القدرة والسلطة لكيان فائق القدرة والذكاء…الإله).‏

‏3- نظرية الإلحاد – بشقيها الحيوي ‏biological‏ والطبيعي ‏physical‏ – تقتضي عشوائية وفوضوية الوجود ‏، ومن ثم عدم وجود أي سيطرة أو سلطة علي الوجود

الشق الحيوي للإلحاد يتجسد بوضوح في نظرية تشارلز داروين التي فسر بها نشوء الحياة علي سطح الأرض ‏وتطورها إلي ظهور الإنسان والمعروفة بنظرية (التطور) ، وتقتضي هذه النظرية عدم وجود أي تدخل إلهي – ‏ومن ثم عدم وجود أي إله – في إحداث الحياة أو التحكم فيها أو السيطرة عليها في هذا الكون ، ينقل ريتشارد ‏هوفشادتر في كتابه “الداروينية الإجتماعية في الفكر الأمريكي”[5] علي لسان الفيلسوف الأمريكي تشارلز ‏هودج قوله بأن “الداروينية والإلحاد كلمتين مترادفتين” ، كما أكد علي هذا الترادف عالم الأحياء البريطاني ‏الأشهر ريتشارد داوكينز أيضاً في كتابه “سراب الإله” [6] ، وتتجسد العشوائية في نظرية داروين بقوة عند ‏الربط بين التطور الطبيعي والطفرات الجينية التي يفترض بها الخضوع لعشوائية رياضية هائلة لا يمكن التنبؤ ‏بها مسبقاً ، مما يهدم تماماً وجود أي تدخل (إلهي) لحدوث هذا التطور ، وجدير بالذكر أن ربط التطور الدارويني ‏بالطفرات الجينية العشوائية يمثل الآن الإتجاه السائد بين علماء الأحياء الداروينيين في العالم.‏

بينما يقف الجانب الطبيعي للإلحاد موقفاً أكثر وضوحاً من حيث ارتباطه بالعشوائية والفوضوية ، فنجد أن الكثير ‏من علماء الفيزياء الكونية وميكانيكا الكم قد اتجهوا منذ النصف الثاني من القرن العشرين إلي يومنا هذا لنظرة ‏الفوضي ‏Chaos Theory‏ لمحاولة إثبات العديد من نظرياتهم ، بالإضافة إلي إعتماد نظرية الأكوان المتعددة ‏Multiverse‏ ونظرية الأوتار الفائقة ‏String Theory‏ علي أسس رياضية تعتمد علي نظرية الفوضي في ‏تفسير التدقيق المتناهي للكون.‏

‏4- الشرائع السماوية تعتبر تطبيق عملي لنظرية (الخلق) في النواحي الإجتماعية والسياسية من الحياة ‏البشرية

حيث أن نظرية (الخلق) تقتضي الإيمان بوجود خالق للكون ، مستمر في حكم هذا الكون بسلطاته المطلقة ، ‏فيكون الإيمان بأن هذا الخالق له (هدف) أو (حكمة) من إيجاد هذا الكون ، وبالنسبة للأديان السماوية التي تعتبر ‏التجسد الوحيد لنظرية الخلق ، فإن هذه الحكمة مدارها بشكل رئيسي علي الإنسان.‏

ومن ثم يصبح الإيمان بوجود (أنبياء) مهمتهم تعليم البشر هذه (الحكمة) الإلهية من خلق الكون منطقياً أيضاً ، ‏وفي هذه الأديان الثلاثة تتمحور تلك الحكمة بين (العقيدة أو الإيمان) وبين (التشريعات) ، فبينما يقف الإسلام ‏موقفاً متزناً بالنسبة للعلاقة بين (العقيدة) و(قوانين الشريعة) ، نجد النصرانية تقف موقفاً يختزل (الحكمة الإلهية) ‏من خلق الكون في مسألة (الإيمان بالمسيح) فقط ، ونجد أن اليهودية تختزل تلك (الحكمة) في مسألة (تطبيق ‏شريعة إسرائيل) فقط ، وعلي هذا فيمكن القول أن الإيمان بنظرية (الخلق) تقتضي الإيمان بمقتضيات هذه ‏النظرية من حيث (العقيدة) و(التشريع) علي حدٍ سواء

‏5- تعتبر الديمقراطية تطبيقاً عملياً لنظرية (الإلحاد) في النواحي الإجتماعية والسياسية من الحياة البشرية

فنظرية الإلحاد ، كما سبق ، تنص علي أن الوجود الكوني كله محض العديد من الأحداث العشوائية ‏Random ‎Events‏ التي صنعت الكون بكل عناصره التي يشاهدها الإنسان ، و بالتالي فإن المجتمع الإنساني ووجوده ‏وبقاؤه أيضاً خاضع لمجموعة مماثلة من الأحداث العشوائية باعتبار المجتمع الإنساني جزء من الوجود الكوني ‏ككل ، وعلي ذلك فإن المنظومات التي تحكم هذا المجتمع الإنساني (النظم السياسية) يجب أن تكون متماشية ‏ومتناسبة مع تلك الأحداث العشوائية التي تتحكم في المجتمع الإنساني ، وعلي هذا تصبح الديمقراطية كنظام حكم ‏يستند إلي (إرادة الشعب) التي تمثل أحد مظاهر التطور الإنساني أنسب تطبيق عملي لنظرية الإلحاد ما يخص ‏الحياة العامة للمجتمع الإنساني.‏

يقول تشارلز تايلور في كتاب “عصرٌ عالمانيٌ” [7] : (هناك نوع من الترابط أو الإنتظام بين حقوق الإنسان ، ‏والديمقراطية ، والإلحاد)‏

ويقول أكسل هادينيس في كتاب “نصر الديمقراطية وأزمتها” [8]: (إن الديمقراطية في معناها السياسي تعني ‏تحرر المجتمعات ‏liberalization of societies‏ ، وهذا التحرر هو نتيجة طبيعية لتطور الواقع السياسي ‏الإنساني ، وعلي هذا فإن الدين يكون متوافقاً مع الديمقراطية – فقط – عندما لا تعتبر الديمقراطية مصدراً ‏للسلطات. الديمقراطية لا دينية ‏Democracy is areligious‏).‏

‏____________________________‏

المراجع

‏[1] ‏Eugenie C. Scott (2004). Evolution vs. Creationism: An Introduction. Berkley & ‎Los Angeles, California: University of California Press‏.‏
‏[2] ‏Edwards, Paul (2005) [1967]. “Atheism”. In Donald M. Borchert. The ‎Encyclopedia of Philosophy. Vol. 1 (2nd ed.). MacMillan Reference USA (Gale‏)‏
‏[3] ‏Rodney D. Holder (2004) God, the multiverse, and everything: modern cosmology ‎and the argument from design, Ashgate Publishing, Ltd‏.‏
‏[4] ‏Isaac Newton, Mathematical principles of natural philosophy, Edited and ‎republished by: Florián Cajori, University of California Press, 1962‎
‏[5] ‏Richard Hofstadter (1965) Social Darwinism in American thought, G. Braziller
‏[6] ‏Richard Dawkins (2006) The God Delusion, Bantam Books
‏[7] ‏Charles Taylor (2007) A secular age, Harvard University Press
‏[8] ‏Axel Hadenius (1997) Democracy’s victory and crisis, Cambridge University ‎Press
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف