الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 بقلم : عبدالرزاق خلف محمد الطائي

تاريخ النشر : 2011-03-05
قراءة في موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية   من الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 بقلم : عبدالرزاق خلف محمد الطائي
بقلم : عبدالرزاق خلف محمد الطائي
العراق/الموصل / جامعة الموصل
مركزالدراسات الاقليمية
[email protected]
واجهت دول الخليج العربية الحرب العراقية ـ الايرانية بصعوبة بالغة وكان يتعين عليها ان تختار بين طرفيها ، ولم يكن لها خيار الانحياز بالأمر السهل ، نظراً الى الحساسية المتناهية للأوضاع الخليجية السائدة هناك .
كانت ايران تسعى من جانبها الى تحييد دول الخليج والضغط عليها بكافة السبل للتخلي عن دعمها للعراق مادياً ، ولا سيما الكويت والمملكة العربية السعودية ، وكانت ترى في هاتين الدولتين دولتين منحازتين الى جانب العراق . فمن المنظور الايراني لا يجوز الوسيط خصماً وحكماً في آن واحد. اما العراق فقد كان يرى ان على الدول العربية مساندته باسم العروبة وبما ينص ميثاق الدفاع العربي المشترك. وعندما اندلعت الحرب في شهر ايلول 1980 كانت احد مطالب العراق اعادة الجزر. بحيث راحت التقارير الصحافية تتكهن بان هناك علاقة ما بين امارة راس الخيمة والعراق ، وافادت صحيفة ديلي تلغراف اللندنية في 30 ايلول 1980 بان : " تقارير دبلوماسية من لندن تفيد ان السفن العراقية قد ارسلت الى الموانيء المحايدة مع اندلاع الحرب ، لم تكن بهدف البحث عن ملجأ لها بل للاعداد للهجوم على الجزر الثلاث . وهذا ما نفاه الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم راس الخيمة ونفى ان تكون الطائرات او السفن الحربية العراقية تستخدم تسهيلات من دولة الامارات العربية المتحدة . وكشفت مصادر الملاحة في راس الخيمة ان سفينة حربية ايرانية ترابط حول الجزر.

كان موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتصف بالحياد على الصعيد الرسمي وبعض الميول والانحياز نحو العراق على الصعيد العملي مع بعض الاستثناءات التي لعبت فيها المصالح الاقتصادية وعلاقات الصداقة القديمة المميزة لامارتي دبي والشارقة مع ايران ، ناهيك عن التخوف من انتقام ايراني لا تستطيع دولة الامارات مواجهته ، نظراً الى قدرتها المحدودة ، وعدم ثقتها بقدرة شركائها في دول مجلس التعاون على حمايتها.

لم يمنع الموقف المحايد للدول الخليجية من مساندة العراق ، والذي كان في الاساس قراراً سعودياً ، فقد قدرت مساهمة الدول الخليجية للعراق في المجهود الحربي بـ( 200 ) مليار دولار كما جمعت السعودية والكويت ( 000 ، 300 ) برميل نفط يومياً لتعويض العراق عن تراجع انتاجه النفطي ، بسبب الدمار الذي لحق بحقوله ومنشأته النفطية وسمحت السعودية للعراق ببناء خط انابيب قادرة على نقل ( 5 , 1 ) مليون برميل نفط يومياً تصب في ميناء ( ينبع ) على الساحل السعودي في البحر الاحمر.
كان موقف دول مجلس التعاون الخليجي خلال سنوات الحرب 1980 ـ 1988 يتطور مع تطور مجريات الحرب فكلما زاد تاثير خطر هذه الحرب في امن هذه الدول ومصالحها ، ازدادت ردود افعالها السياسية والدبلوماسية وبما يتناسب مع قدراتها . وفي هذا السياق يشار الى النشاط السياسي والدبلوماسي الذي قامت به دول مجلس التعاون خلال تلك الحرب التي دامت ثماني سنوات .
عندما اعلن عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، كان قد مضى على الحرب العراقية ـ الايرانية تسعة اشهر منذ اندلاعها في ايلول 1980 . وقد نالت هذه الحرب عناية مؤتمر القمة الاولى لدول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في ( ابو ظبي ) في 25 ايار 1981م اذ اكد البيان الختامي السعي الى وقف هذه الحرب بوصفها من المشاكل التي تهدد امن المنطقة وتزيد من احتمال التدخل الاجنبي فيها.وناقش مؤتمر القمة الثاني لمجلس التعاون الذي عقد في الرياض في 10 ـ 11 تشرين الثاني 1981م ، تطورات الحرب الجارية بين العراق وايران ، واعرب عن تمنياته بان تتوج المساعي السلمية بالنجاح ، ومؤكداً دعمه قيام المساعي الاسلامية المنبثقة من المؤتمر الاسلامي وجهود دول عدم الانحياز ومساعي هيئة الامم المتحدة.
عندما بدأت ايران بهجومها في اذار وفي شهر ايار 1982م ، شهدت عواصم مجلس التعاون الخليجي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً وتبعتها اجتماعات استثنائية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون ففي 15 ايار 1982 ، وبناء على طلب دولة الكويت ، عقد وزراء خارجية دول المجلس جلستين مغلقتين في العاصمة الكويتية لبحث مخاطر استمرار الحرب العراقية ـ الايرانية.
انتقد العراق ما الت اليه اجتماعات مجلس التعاون الخليجي على لسان النائب الاول لرئيس الوزراء طه ياسين رمضان في ايار 1982 ، والذي كان يرغب بدعم اكثر للعراق كما اشار الى ان دولة الامارات قد رفضت طلباً من بغداد باثارة قضية الجزر الثلاث.

استعرض مجلس التعاون في 30 ـ 31 ايار 1982م في الرياض نتائج الاتصالات التي بدأتها العربية السعودية والكويت مع الجزائر التي تتوسط في النزاع مع سوريا التي تساند ايران ، ومع العراق نفسها ، وعبر المجلس عن ايمانه بان تحقيق موقف عربي موحد هو عامل اساسي لانهاء الحرب بما يكفل الحقوق المشروعة للبلدين المسلمين . واهاب المجلس بجمهورية ايران الاسلامية بالتجاوب مع استعداد العراق للسلام.
وفي دورته الرابعة في تموز 1982 في الطائف عبر المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي عن تقديره بسحب العراق قواته من الاراضي الايرانية الى الحدود الدولية ، واستعداده لحل المشكلة بالطرق السلمية على نحو يكفل حقوق الطرفين.

حذر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الثورة الاسلامية في ايران دول الخليج العربية من مساعدة العراق ضد القوات الايرانية التي دخلت اراضيه ، مؤكداً ان ايران يمكن ان تلجأ الى اجراءات ضد هذه الدول " دفاعاً عن نفسها ".
قدم عدد من ممثلي دول مجلس التعاون والمندوبين في الامم المتحدة مشروع قرار في 22 تشرين الثاني 1982 بالتضامن مع عدد من الدول العربية الى الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة يدعو الى:
ـ وقف فوري للقتال الدائر بين العراق وايران .
ـ انسحاب القوات الى الحدود الدولية مع البدء باجراءات تسوية سلمية للنزاع على اساس مباديء القانون الدولي .
وطالب مندوبو كل من قطر والبحرين والامارات العربية المتحدة في كلماتهم في الجمعية العامة للامم المتحدة بضرورة وقف الحرب والاستجابة لجهود الوساطة المبذولة وخصوصاً من قبل المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز والامين العام لهيئة الامم المتحدة.
عندما انعقدت الدورة الثالثة للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة البحرينية ( المنامة ) للفترة 9 ـ 11 تشرين الثاني 1982 استمع قادة المجلس الى مجمل الاتصالات التي اجرتها دولة الامارات العربية المتحدة مع ايران ، وكان رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان قد ابلغ هؤلاء القادة اصرار ايران على موقفها المتصلب ، وان اتصالاته لم تسفر عن اية نتيجة مشجعة ، بل رفضت ايران وساطة دولة الامارات.

وفي اختتام الدورة صدر البيان الختامي ، اكدت فيه الدول الاعضاء تاييدها للعراق في مساعيه من اجل وضع حد للحرب بالطرق السلمية. .

بدأت دول الخليج العربية مساندة ودعم العراق من الناحية العملية ففي 9 ايار 1983 عقد في المنامة اجتماع طاريء لوزراء خارجية اقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية استعرضوا الوضع في المنطقة ، وقد اعلن وزير خارجية البحرين محمد بن مبارك ال خليفة عقب الاجتماع انه تم بحث تطورات الوضع الراهن في المنطقة وخاصة في ما يتعلق بالحرب العراقية ـ الايرانية والتسرب النفطي من حقل نوروز الايراني

اسفر الاجتماع عن تشكيل وفد مشترك من وزير الخارجية الكويتي صباح الاحمد ووزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الامارات العربية المتحدة راشد بن عبدالله لزيارة كل من طهران وبغداد لامكانية التوصل الى حل لانهاء الحرب . وصل المبعوثان الخليجيان الى طهران في 18 مارس 1983 واجتمعا مع الرئيس الايراني علي خامنئي ( 1981 ـ 1989 ). وجرى البحث في وسائل وقف تسرب النفط من ابار نوروز في الخليج وسبل ازالة البقعة النفطية. كما عرض المبعوثان مشروعاً لوقف الحرب يرتكز على ثلاث نقاط.
ـ العودة الى حدود ما قبل الحرب .
ـ تبادل الاسرى بين البلدين .
ـ انشاء صندوق خاص باعادة اعمار المرافق المهدمة في البلدين كليهما تموله الامم المتحدة واعضاء دول منظمة الاوبك .
وفي 19 مايس 1983 استقبل الرئيس العراقي صدام حسين في بغداد وزير خارجية الكويت صباح الاحمد ووزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الامارات راشد بن عبدالله إذ عرض المبعوثان نتائج زيارتهم الى طهران ، التي لم تسفر عن شيء بسبب تصلب الموقف الايراني.
خلال اجتماعات الدورة الرابعة للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للفترة 7 ـ 9 تشرين الثاني 1983 في الدوحة اعرب المجلس عن تاييده لقرار مجلس الامن الدولي الصادر في 31 تشرين الاول 1983 والذي يدعو الى وقف جميع العمليات العسكرية في الخليج وعدم التعرض للمدن والمنشأت الاقتصادية والموانيء وللوقف الفوري لجميع الاعمال العدائية في منطقة الخليج بما في ذلك جميع الممرات والطرق المائية ، ولاحظ بارتياح موافقة العراق على هذا القرار ودعا ايران للتجاوب مع هذا القرار وعدم التعرض لحرية الملاحة في الخليج.
شهد ربيع عام 1984 مهاجمة السفن المحايدة وغير المحايدة في الخليج مما كان له تاثير كبير في ردود فعل مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، اذ اصبح القتال يصب في شريانها الحيوي ، فعندما قُصِفَتْ الناقلتان الكويتيتان للنفط ( ام القصبة ) و ( بحرة ) في 13 ـ 14 ايار 1984 والناقلة السعودية للنفط (مفخرة ينبع) في ميناء راس تنورة السعودي وهي محملة بحوالي (210) الف طن في 16 ايار 1984م ، اتهمت دولة الكويت رسمياً ايران بقصف الناقلتين، فيما هددت ايران بانها لن تترك طرق الملاحة امنة في الخليج اذا ما بقي الطريق الى مينائها النفطي في جزيرة خرج مهدداً.
كان رد فعل دول مجلس التعاون سريعاً إذ دعا الى اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول المجلس في 17 ايار 1984م في الرياض ، واصدر بياناً ختامياً جاء فيه : " ان الاعتداءات الايرانية على الملاحة من والى موانيء الدول الاعضاء في المجلس ، هو اعتداء على جميع الدول وانسجاماً مع هذا الموقف ، فان المجلس يدين هذه الاعتداءات " ، كما قرر المجلس طرح الموضوع على الاجتماع الطاريء لمجلس الجامعة العربية من اجل اتخاذ موقف عربي موحد . " ونظراً لما لهذا الاعتداء من مخاطر تهدد الامن والسلام الدوليين ، قرر المجلس عرض الموضوع على مجلس الامن الدولي " .
كانت الرسائل التي تقدم بها ممثلو دول مجلس التعاون الى رئيس مجلس الامن تشير الى الاعتداءات الايرانية على حرية الملاحة من والى موانيء دول مجلس التعاون . وادت نتائج اجتماع مجلس الامن الى تبني قرار مجلس الامن رقم ( 552 ). كان القرار يهدف الى فرض اجراءات فعالة من قبل مجلس الامن اذا استمر التهديد للسلام والامن الدوليين ، وقد حدد البيان الختامي لمجلس الامن الموانيء الكويتية والسعودية اكثر مما اشار الى الحقوق العامة للدول غير المتحاربة في ظل القانون الدولي للملاحة البحرية " .
كانت هذه المبادرة السياسية جزءاً من الدبلوماسية التي يتبعها مجلس التعاون الخليجي لغرض الحفاظ على مصالح وسيادة الاقطار الست الاعضاء . لذلك رحب المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في دورته الحادية عشر المنعقدة في الطائف في حزيران 1984 بقرار مجلس الامن ، واستنكر الاعتداء على الباخرة الكويتية (كاظمة) الذي جاء في اعقاب قرار مجلس الامن الانف الذكر.
وخلال دورتها الرابعة عشر المنعقدة في الرياض في اذار 1985 اعلن المجلس الوزاري تضامنه الكامل مع العراق في المحافظة على سيادته وسلامة اراضيه ووحدة ترابه . ودعا ايران للاستجابة للمساعي الدولية لايجاد حل سلمي للحرب . وقرر المجلس ارسال وفد الى كل من طهران وبغداد في مبادرة جديدة من مجلس التعاون لوقف الحرب. اذ كلف المجلس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي صباح الاحمد بالتوجه الى بغداد وطهران لاقناع المسؤولين في ايران والعراق ، الذي اعلن مراراً استعداده للجلوس الى مائدة المفاوضات لوقف الحرب وكانت هذه الزيارة في 18 اذار 1985. كما كلف المجلس وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي وصل طهران في 19 اذار 1985 واجتمع مع وزير خارجيتها علي اكبر ولايتي بحضور مسؤولين من الجانبين وعقب الاجتماع صرح مصدر مسؤول في الوفد السعودي ان المحادثات تناولت القضايا المتصلة بامن منطقة الخليج وبصفة خاصة الحرب الايرانية وما تجلبه من مخاطر على المنطقة واتسمت المحادثات بالصراحة والوضوح وتناولت العلاقات الثنائية ، وتعد هذه الزيارة هي الاولى من نوعها لمسؤول سعودي منذ بدء الحرب العراقية ـ الايرانية.

لم تفلح المساعي الدبلوماسية لانهاء الحرب وعلى الرغم من ان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اشارت الى عدم رغبة ايران في التوصل الى تسوية سلمية للصراع الا انها كررت استعدادها للقيام بمساعي مباشرة قد تحقق تقدماً باتجاه حوار ومفاوضات . وقد اظهر البيان الختامي لقمة مسقط 6 تشرين الثاني 1985 ليونة في موقف مجلس التعاون لدول الخليج ، مشيراً الى الحقوق الشرعية ومصالح كلا الطرفين ، وقد امتدحت ايران هذا الاجتماع.

وعندما احتلت القوات الايرانية شبه جزيرة الفاو في اوائل 1986 هددت بعملية فصل البصرة عن باقي العراق . وجاء التهديد الايراني مصحوباً بعودة التهديدات الايرانية لدول مجلس التعاون الخليجي ، فقد هدد مسؤولون ايرانيون علناً تلك الدول ، بانها اذا لم تتوقف عن دعم العراق سوف تعرض نفسها للخطر .

تكونت قناعة لدى قادة مجلس التعاون الخليجي ، بان ايران لن توقف الحرب وان التركيز يجب ان يكون مع الاطراف العربية التي تدعم ايران لايقاف الحرب. وجاءت زيارة بعض كبار المسؤولين من دول الخليج الى دمشق وليبيا في محاولة لاقناع ايران بالاستجابة لجهود السلام ومنها محاولات الملك فهد بن عبدالعزيز ملك العربية السعودية . وولي عهده عبدالله بن عبدالعزيز والشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة. فضلاً عن جهود مجلس التعاون من خلال اللجنة السباعية العربية لمتابعة تطورات الحرب ، المنبثقة من الدورة الطارئة لمجلس جامعة الدول العربية المنعقدة في بغداد في 14 اذار 1984. ومن خلال حركة عدم الانحياز والجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة لوضع نهاية للحرب العراقية ـ الايرانية.
وبينما استمر مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذه الجهود ، قام في الوقت ذاته بتنسيق دفاعي وامني جماعي . وهو ما برهنت عليه قوات درع الجزيرة التي تركزت في منطقة قرب الكويت بعد احتلال ايران لشبه جزيرة الفاو.
وتاكيداً لتهديداتها قامت ايران ببعض الاستفزازات والاعتداءات ضد دول مجلس التعاون الخليجي ومنها : قصف حقل ( ام البخوش ) النفطي في دولة الامارات العربية المتحدة في كانون الاول 1986م. وهجماتها المتقطعة ضد ناقلات النفط السعودية ؛ وعدت موسم الحج فرصة ذهبية لها ، للتعبير عن ايديولوجيتها السياسية ففي اب 1987م تظاهر حجاج ايرانيون في مكة المكرمة وحجاج اخرين ومواطنين اسفرت عن سقوط عدد من الضحايا ناهيك عن وقوع خسائر مادية مما استدعى تدخل القوات السعودية لضبط الامن . وقد اصدرت وزارة الداخلية السعودية بياناً اشارت فيه : " ان الاضطرابات التي اثارها الايرانيون اسفرت عن مصرع ( 402 ) شخصاً منهم ( 85 ) من رجال الامن والمواطنين السعوديين و ( 42 ) حاجاً من الجنسيات الاخرى ، و( 275 ) من الايرانيين المتظاهرين ومعظمهم من النساء اما المصابون فكان عددهم ( 649 ) منهم ( 145 ) من رجال الامن والمواطنين السعوديين و ( 201 ) من الحجاج من جنسيات اخرى و ( 302 ) من الايرانيين ". وحدثت اعمال شغب في الكويت عام 1987 كانت ايران تساندها بشكل مباشر او غير مباشر ومنها اطلاق صواريخ على منشأت النفط والسفن الكويتية.

كان تركيز ايران على المملكة العربية السعودية والكويت ؛ لأنها كانت تعدهما الدولتين الممولتين لالة الحرب العراقية.


كانت دول مجلس التعاون الخليجي تحاول الابقاء على اتصالاتها مع ايران عبر دولة الامارات العربية المتحدة ، حتى في اوج الازمات بين دول مجلس التعاون وايران . وكانت دولة الامارات وسلطنة عمان تتزعمان الاتجاه الداعي للحياد عن طريق اقامة حوار ايراني خليجي يهدف الى وضع الاسس التي تحصر المخاطر المحدقة بين الجانبين في اضيق نطاق ممكن ، ومن ثم تهدئة التوترات الحاصلة في المنطقة والتمهيد لوقف الحرب واعادة صياغة العلاقات الخليجي الايرانية. وعبرت دولة الامارات العربية المتحدة عن هذا الموقف من خلال مشروع الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان الهادف الى وقف الحرب العراقية ـ الايرانية . والذي يتلخص في ان يفوض القادة العرب في مؤتمر القمة القادم في عمان ثلاثة رؤساء من الذين يتصفون بموقف محايد للسعي بين ايران والعراق ، واكدوا لهم ان هذا الوفد يضمن حقوق الطرفين وانهم لا يمثلون انفسهم بل القادة العرب كلهم ، فاذا قبلت الوساطة تنسحب القوات ويتم وقف اطلاق النار ، عندئذ يجري التحكيم من محكمين مقبولين ومن يثبت عليه الحق لجاره يكون القادة العرب كفلاءه وضامنيه.


وجاءت موافقة ايران مشروطة بان تنهي دول مجلس التعاون ما اسمته بتاييدها للعراق، اما عُمان فقد صاغت لنفسها اداءاً متميزاً تمثل في ثلاث ممارسات هي:


ـ تنمية العلاقات العمانية مع كل من العراق وايران وعدم اهمال الحوار مع أي منهما في أي وقت من الاوقات .
ـ القيام بدور لتلطيف حدة الحرب وتخفيف المضاعفات الخطيرة الناتجة عنها في اطار قبول اقليمي ودولي لمثل هذا الدور .
كشفت سلطنة عمان عن هذه الممارسات عملياً برفض الدعوة الى مقاطعة ايران وعزلها دبلوماسياً خلال اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في اب وايلول 1987م ، وكذلك رفض سلطنة عمان السماح للعراق باستخدام اراضيها او تقديم تسهيلات عسكرية في شن هجمات على الجزر الثلاث او المشاركة للتخطيط في مثل هذه الهجمات.

في اجتماع القمة العربية في عمان ـ الاردن في اواخر شهر تشرين الثاني 1987م ، قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية بجهود دبلوماسية جديدة من اجل زيادة الضغوط الدبلوماسية القائمة على ايران ولمتابعة ايجاد تسوية . ومما يشار في هذا الاجتماع ان سوريا شاركت الدول العربية في ادانة التعنت الايراني في الحرب ، وجاء التحرك السوري نتيجة لتشجيع من مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وبشكل خاص بوساطة النفوذ السعودي في دمشق وباستخدام دبلوماسية الشيكات ـ أي المساعدات المالية ـ وقد تم ادانة احتلال ايران لاجزاء من الاراضي العراقية ورفضها وقف اطلاق النار بين المتحاربين والعودة الى حدود ما قبل الحرب.

كان من نتائج تاثير دبلوماسية مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ما يتعلق بعلاقاتها مع سوريا هو ما اعلنت عنه سلطنة عمان بعد انتهاء مؤتمر القمة بانها سوف تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق الامر الذي يشير الى تحسن العلاقات بين دول مجلس التعاون وسوريا إذ كانت دول الخليج ترى ان سوريا يمكن ان تكون ورقة ضغط على الحكومة الايرانية بوقف القتال نظراَ الى العلاقات الحميمة بين الحكومتين السورية والايرانية.

وعلى الرغم من النشاط الدبلوماسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فان المبادرات التي تقدمت بها لم تنجح في تحقيق تسوية بين الاطراف المتحاربة فقد كانت هناك عوامل اخرى ادت الى وقف اطلاق النار وقبول قرار مجلس الأمن رقم ( 598 ) لعام 1987 في 8/ اب/ 1988 ، وهو يوم وقف اطلاق النار بين الجانبين.

اولاً ـ التطورات الحاصلة على جبهات القتال بعد ان فشلت ايران في الوصول الى اهدافها ، وكانت قد اعلنت عنها فيما سمي بـ( سنوات الحسم ) ونجح العراق في سلسلة حروب وهجومات متعاقبة ومتوالية كللها بتحريره شبه جزيرة الفاو في 17 نيسان 1988 ، وتصعيد العراق حرب الناقلات وحرب المدن ، اذ ابتدأ في اواخر شباط وحتى اوائل نيسان 1988 بقصف المدن الايرانية بصواريخ بعيدة المدى بما فيها العاصمة طهران . وحاولت ايران الرد بالمثل لكنها لم تكن تملك العدد الكافي من هذه الصواريخ او الخبرة اللازمة . وكان لقصف طهران اثر معنوي وبخاصة انها ظلت معزولة عن اثار الحرب طيلة السنوات السابقة ، مما خلف تاثيرات اقتصادية ونفسية بعيدة المدى

ثانياً ـ كانت احداث السياسة الداخلية في ايران قد عمقت التخوف من ان يؤدي استمرار القتال الى تمكين العراق من السيطرة على اهداف جديدة داخل الاراضي الايرانية او يعيد خلق موقف عام 1980 ـ 1981 سيما ان الحرب التي استخدمت كاداة لتحقيق التماسك السياسي ودعم النظام ، قد تحولت الى اداة استنزاف اقتصادي وضغط سياسي اضعف من قدرات النظام في ايران وغدا مصدر تهديد لكل مكتسبات الثورة. وكان الدور الذي لعبه هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى في اقناع الخميني بالقبول غير المشروط للقرار رقم ( 598 ) بعدما ادرك رفسنجاني ، تبعة الاستمرار في حرب خاسرة او كما قال نصاً : " ان الوقت لم يعد في صالح ايران ؛ لأن القوى المتعجرفة المناهضة للاسلام قررت بذل اقصى ما في وسعها لتكبيل ايدينا ".

ثالثاً ـ الموقف الدولي الذي اخذ يضيق ذرعاً بالتسويف الايراني بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي ، اذ اتفقت الدول الكبرى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا على وضع نهاية لهذا الصراع فقد اعدت بريطانيا مشروع قرار يمنع حصول ايران على أي معدات او قطع غيار او تدريب . واهم من ذلك كان رفع الولايات المتحدة اعلامها على ناقلات النفط الكويتية في عام 1987م ، وفي تموز 1988م ، بلغت العلاقات الامريكية الايرانية نقطة الصفر عندما اسقطت الولايات المتحدة طائرة ركاب ايرانية فوق الخليج وقُتل جميع ركابها الـ( 290 ). دفعت هذه العوامل المجتمعة ايران في 17 / تموز / 1988م الى الابراق للامين العام لهيئة الامم المتحدة خافير بيريز ديكويلار
(Javier Perez De Cuellar) بما نصه : " نعلن رسمياً ان جمهورية ايران الاسلامية بناء على الاهمية البالغة التي توليها لانقاذ ارواح البشر واقامة العدل والحفاظ على السلام والامن الاقليميين والدوليين تقبل قرار مجلس الامن ( 598 ) ".

بلغت التكلفة الاقتصادية الاجمالية لهذه الحرب اكثر من ( 500 ) مليار دولار ، منها
( 280 ) مليار دولار خسائر ايران ، و( 220 ) مليار دولار خسائر العراق ، فضلاً عن الخسائر المترتبة على انقطاع العائدات النفطية ، وتكاليف اعادة البناء والتعمير واعادة البنية التحتية والاقتصادية الى مستوى ما قبل الحرب والتي وصلت تقديراتها الى حوالي ( 500 ) مليار دولار للبلدين ، أي ان التكلفة الاجمالية للحرب بين ايران والعراق تجاوزت الـ( 1000 ) مليار دولار. ناهيك عن حجم الخسائر البشرية التي يصعب تعويضها والتي بلغت ، وفقاً لاحدث التقديرات بنحو مليون قتيل وجريح.
برهن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قدرته على دمج المصالح المشتركة للدول الاعضاء ، من خلال علاقاته مع الطرفين المتحاربين العراق وايران ، ومحاولاته المتكررة لاحتواء اثار الحرب وعدم اتساع رقعتها . وعلى الرغم من ان مواقف دول مجلس التعاون لم تكن متطابقة تماماً وكشفت عن وجود خلافات في وجهات النظر بين دول المجلس حول كيفية التعامل مع الحرب العراقية ـ الايرانية ، فقد كان لكل من دولة الامارات وسلطنة عمان اللتين كانتا موضع انتقاد للزيارات المتبادلة بين المسؤولين من كلا البلدين مع ايران ، كانتا تريان ضرورة ابقاء حوار مفتوحاً مع طهران ، وكان لهما وجهات نظر تختلف عن شركائهما في دول مجلس التعاون . وهذه الخلافات حاول الامين العام المساعد للشؤون السياسية في المجلس سيف بن هاشل المسكري الرد عليها وتبريرها في احدى المقابلات الصحفية بقوله : " ان الزيارات بين ايران وبعض الدول الاعضاء لا تخرج عن اتجاه انهاء الحرب العراقية ـ الايرانية اولاً ، ثم تخفيف التوتر في المنطقة وابعادها عن الصراعات الدولية . . . " . وراى ان هذا التباين في وجهات النظر ليس في : " تحديد المخاطر ، بل في كيفية معالجة تلك المخاطر " . واضاف قائلاً : " كما تعلمون ان دول المجلس ذات طابع تعاوني وتنسيق مشترك في مواقف سياسية ، وان كل دولة لها اجتهاداتها ولها وجهات نظرها في كيفية معالجة الامور من اجل انهاء هذه الحرب ".


المصادر المستخدمة في الدراسة

1. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1981م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1982م )
2. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1982م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1983م )
3. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1983م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1984م )
4. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1984م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1985م )
5. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1985م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1986م )
6. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1986م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1987م )
7. يوميات ووثائق الوحدة العربية لعام1987م ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 1988م )
ـ البيانات الختامية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
البيان الختامي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدورة الاولى ، ابو ظبي 25 ـ 26 / 5 /1981م.
البيان الختامي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدورة الثانية ، الرياض ، 11 / 11 / 1981.
البيان الختامي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الدورة الثالثة ، المنامة ، 11 / 11 / 1982م .
البيان الختامي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدورة الرابعة ، الدوحة ، 9 / 11 / 1983.
البيان الختامي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدورة السادسة مسقط ، 6 / 11 / 1985 .
البيان الختامي ، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، للدورة الثالثة عشر، ابو ظبي ، 23 ايلول 1992م .
البيان الختامي للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليج العربية ، للدورة الثامنة عشر، الكويت ، 22 / 12 / 1997م .
البيان الختامي للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون العربي ، للدورة الحادية والعشرون ، المنامة ، 31 / 12 / 2000م .
محمد السعيد ادريس، النظام الاقليمي للخليج العربي ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 2000م ) .
نايف علي عبيد ، مجلس التعاون لدول الخليج العربية من التعاون الى التكامل ، ط2 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 2002م ).
عبدالجليل زيد مرهون ، امن الخليج بعد الحرب الباردة ، دار النهار للنشر ( بيروت ـ 1997م ) .
نفين عبدالمنعم مسعد ، صنع القرار في ايران والعلاقات العربية الايرانية ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 2002م ) .
عبدالخالق عبدالله ، " التوتر في النظام الاقليمي " ، مجلة السياسة الدولية ، مؤسسة الاهرام ، السنة 34 ، عدد 132 ، ( القاهرة ـ نيسان ، 1998م ) .
سيار كوكب الجميل ، ورقة مقدمة الى العلاقات العربية الايرانية الاتجاهات الراهنة وافاق المستقبل ، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع جامعة قطر ، ( ايلول 1995م ) ، ط 2 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت ـ 2001م ) .
.

(1) مجلة المجلة ، الرياض ، 12 / 11 / 1982 .
حسن ابو طالب ، " التطورات الاخيرة في حرب الخليج " ، مجلة السياسة الدولية ، مؤسسة الاهرام ، السنة 24 ، العدد 92 ، ( القاهرة ـ نيسان ، 1988م ) .
(5) ابراهيم نوار ، " السياسة الخارجية العمانية من العزلة الى الدبلوماسية الوسط " ، السياسة الدولية ، مؤسسة الاهرام ، السنة 28 ، العدد 110 ، ( القاهرة ـ تشرين الاول ، 1992 ) ، ص 39 .

(5) صحيفة السياسة ، في 3 / 10 / 1980 .
(1) مجلة المجلة ، الرياض ، 12 / 11 / 1982 .
(5) ماهر عبد الواحد خليل الدوري ، دولة الامارات العربية المتحدة دراسة التطورات السياسية والنظام السياسي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية العلوم السياسية ، ( جامعة بغداد ـ 1990م ) ، ص 124 .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف