الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العرب والانترنت شبهة علاقة أم علاقة مشبوهة؟ بقلم:م. ايمن قاسم الرفاعي

تاريخ النشر : 2010-12-19
قد يبدو هذا العنوان كأحد عناوين الصحافة الصفراء، لكن حقيقة يدمي القلب أن يكون المضمون أكثر فظاعة واصفراراً، في دراسة إحصائية بسيطة يمكن القيام بها باستخدام إحدى خدمات محرك البحث جوجل وهي (Google Trends) التي تساعد المستخدم في الحصول على معلومات إحصائية حول بعض الكلمات المفتاحية (Keywords) التي يتم استخدامها للبحث على الانترنت بحسب الدولة واللغة للمستخدمين لهذا الكلمات، فقد قمنا بدراسة مبسطة باستخدام ثمان مجموعات تصنيفية ست منها باللغة الانكليزية هي (Science، Education، Rights، Culture، Fun، Platitude) واثنتان منها باللغة العربية هي (لهو وابتذال، معرفة وعلم)، حيث تحوي كل مجموعة عشر كلمات مفتاحية تم اختيارها بشكل عشوائي تتبع بوصفها للمجموعة التي تنتمي إليها وتعبر عنها، فكانت النتائج بصورة مروعة كالتالي:
• في المجموعات الخمسة الأولى من المجموعات الانكليزية والتي تعنى بالكلمات ذات الصلة بالعلم والثقافة والتربية والحقوق والمرح، لم يكن هناك أي ترتيب لمستخدمين من دول عربية في أعلى عشر لغات مستخدمة لتلك الكلمات في البحث باللغة الانكليزية، باستثناء الترتيب العاشر في مجموعة (Science) حيث احتلت اللغة العربية هذا الترتيب بسبب كلمة مفتاحية واحدة من أصل عشر كلمات كان هناك مستخدمون عرب استخدموا هذه الكلمة في البحث وهي (scientific research) ومن دولة عربية واحدة فقط هي الإمارات العربية المتحدة، والتي تحوي مقيمين من كافة الجنسيات بأعداد تفوق المواطنين بمرات كثيرة، ولو تم تغيير هذه الكلمة لربما اختفى العرب من أي ترتيب في هذا المجال.
• في حين نجد في مجموعة (Platitude)، تعني اللهو والابتذال، والتي تحوي عشر كلمات من أكثر الكلمات المستخدمة باللغة الانكليزية ضمن المعنى الذي تشير إليه المجموعة من كلمات لها صلة بالجنس والنساء ونحو ذلك، كان المستخدمين العرب هم المتصدرين لأكثر عشر لغات في البحث عن هذه الكلمات باللغة الانكليزية وفي المرتبة الأولى على وجه التحديد متقدمة على اللغة الانكليزية نفسها، حيث كانت هناك أربع دول عربية ضمن العشر الأوائل لأكثر البلدان استخداماً لهذه الكلمات تحتل اثنتان منها المرتبة الثانية والرابعة على مستوى مستخدمي هذه الكلمات على جوجل في العالم.
• بينما نرى في المجموعات التي باللغة العربية والتي هي (لهو وابتذال، معرفة وعلم)، كانت الدول العربية الغائبة عن إحصائيات البحث باللغة الانكليزية هي المتصدرة لإحصائيات البحث باللغة العربية في حين تأخرت او غابت تلك الدول التي كانت حاضرة باللغة الانكليزية، مما يعكس أنها ظاهرة في كل الدول العربية بلا استثناء وإنما تغيبت بعض الدول عن نتائج البحث باللغة الانكليزية تبعاً لاعتمادها سياسة التعليم باللغة العربية فقط على نحو مغاير من تلك الدول العربية التي تعتمد التعليم باللغة الانكليزية.
تأتي هذه الدراسة المبسطة المتواضعة لتلفت الانتباه إلى التوجه العام للمستخدم العربي للانترنت وكيف يتم إضاعة الوقت والجهد والموارد المصروفة على إيصال هذه التقنية للجيل العربي، وفي أي هدف وأي سبيل يتم استخدامها، في حين نجد أن دول نامية مثل الهند والفلبين تتصدران قائمة المستخدمين الباحثين عن الكلمات التي لها صلة بالعلم والمعرفة والثقافة على مستوى العالم، متغافلين عن الدول الغربية التي دائما ما نتهمها بالإباحية والغرائزية، والتي بحسب الدراسة لم تستطع منافسة العرب باللهو والابتذال على صفحات الانترنت، فهل تفسر نظرية فرويد هذه الظاهرة؟، شخصياً لا أعتقد ذلك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذه النتائج، لماذا هذا الوضع المخجل ومن هو المسؤول؟.
وفي دراسة إحصائية أخرى قامت بها إحدى شركات خدمات الانترنت في الدول العربية لتصنيف أهم المواقع التي يرتادها مستخدمو الانترنت في تلك الدولة، كانت النتائج مطابقة على نحو كبير لما وصلت إليه دراستنا الإحصائية المبسطة التي تحدثنا عنها.
حيث أظهرت إحصائيات تلك الشركة أن محركات البحث تأتي في صدارة المواقع المتصفحة، وتأتي بالمرتبة الثانية مواقع البريد الالكتروني والدردشة والتعارف ومواقع الوسائط المتعددة والأفلام، ثم وبدرجة متأخرة تأتي المواقع الإخبارية والسياسية، في حين إن المواقع الإباحية والمواقع الشائنة أخلاقياً تشكل نسبة لا تنكر من تلك القائمة الإحصائية، وبالرغم من أن مزودات الخدمة، إضافة للجهات الرقابية، تحاول مقاومة هذه المواقع وحجبها، إلا أن الموضوع يدخل في قائمة شبه المستحيل، نظرا لكثرة تلك المواقع!
وعن النسب المئوية للمواقع الأكثر زيارة تورد الشركة، أن وبإهمال نسب الزيارة المحققة لمحركات البحث، لأنها لا تعتبر تصفحاً بحد ذاته ولكنها وسيلة وصول للصفحات، نجد أن المواقع الترفيهية تشكل حوالي 60% في حين أن هناك ما نسبته 20% للمواقع الشائنة والإباحية - مع ملاحظة طول فترة الزيارة في هذه المواقع مقارنة مع المواقع الأخرى- وتأتي المواقع الإخبارية بنسبة تصل لحدود 15% وما نسبته 5% للمواقع الأخرى، وما تغيبت المواقع الإباحية عن الظهور في الترتيب المتقدم بالنسبة لقائمة المواقع الأكثر زيارة عالمياً أو محلياً، إلا لأن المواقع الإباحية عددها كبير جداً وفي كل يوم هناك مواقع جديدة، ولو أمكن جمع كل هذه المواقع ورؤية ترتيبها لكان الرقم مخيفاً جداً وربما يحتل الصدارة.
وتقودنا مثل هذه النتائج بمنطق التحليل والمعالجة إلى محاولة معرفة مستوى وفحوى المحتوى العربي على الانترنت للوقوف على الحقيقة الكاملة، فمن حيث الكم تفيد آخر الدراسات أن المحتوى العربي على الانترنت لا يتجاوز النسبة من 0.5-1% من المحتوى العالمي، في حين تعتبر اللغة العربية اللغة التاسعة بالعالم من حيث عدد الناطقين بها، وبالتالي كان يفترض أن تكون نسبة المحتوى أكبر بنسبة 10 - 15 ضعف مما هي عليه الآن بالنسبة لقانون الكم، أما من حيث نوعية هذا المحتوى، فتستحوذ مواقع المنتديات العامة والدردشة على نصيب الأسد، من ثم تليها مواقع الوسائط المتعددة والأفلام ومواقع الأخبار والمعلومات العامة والمواقع الأدبية الشخصية وغيرها، وبشكل عام، نلاحظ أن الإنترنت في الوطن العربي - بحسب سلوك مستخدميه - مازال وسيلة ترفيه وتسلية وإضاعة وقت، ولم يرتقِ ليصبح جزءاً من الحياة الرقمية بعد كما هو الحال عليه في دول أخرى، حيث نلاحظ غياب الحضور الفاعل لمواقع التجارة الالكترونية والتبادل التجاري والمواقع الاستثمارية ومواقع الدفع الالكتروني والمواقع الحكومية التي تتعدى التعريف والترحيب وكذلك المواقع العلمية والأكاديمية التي تقدم المعرفة وتوثق العلوم وتكون مصدر ومرجع للباحثين والطلاب أكثر من كونها دعاية لتلك المراكز والهيئات.
فهل يمكننا بعد كل هذه البيانات الإجابة على السؤال الذي طرحناه: لماذا هذا الوضع المخجل ومن هو المسؤول؟. إن انحدار المستوى المعرفي والثقافي والخدمي لطبيعة استخدام الانترنت العربي مرده بشكل أساسي لجملة معقدة من الأسباب تكاد تثقل كاهل المجتمع العربي على كافة جوانبه الحياتية، لكن فيما يخص موضوعنا فإننا نشير من باب الاجتهاد والاختصار الذي يفرضه هذا المقام لأهمها، وهي:
• ضياع مفهوم الهدف من الحياة لدى المجتمع العربي بشكل عام والذي نلمسه على الأخص في جيل الشباب، الأمر الذي انعكس على استخدام الانترنت كأحد جوانب هذه الحياة والتي يشكل الشباب فيها الجزء الأكثر أهمية، حيث إن عدم وجود هدف محدد وواضح وذا قيمة يسعى له المرء يجعل منه فريسة الترهات وتوافه الأمور هروباً من الفراغ، ورحم الله الشافعي حيث قال: (من لم يشغل نفسه بالحق شغلته بالباطل)، وبذلك يتجه المرء نحو هدر والوقت وإضاعته في التسلية والتعارف وملء الفراغات المتعددة في النفس والوقت.
• غياب القيم الأخلاقية في المجتمع وانحسار الدور الأسري في تكوين الهوية الثقافية والسلوكية نتيجة جهل الآباء وانحطاط ثقافتهم الأسرية وعدم التأهيل المسبق قبل خوض غمار تجربة الزواج والذي انعكس على كافة جوانب الحياة العامة وبخاصة سلوك الأفراد ورغباتهم.
• ضعف الدور الحكومي والمؤسساتي الفاعل في خلق منظومة معرفية وثقافية وخدمية راقية على الشبكة العنكبوتية من خلال إنشاء المواقع الفاعلة وتسهيل وتذليل كافة الصعاب التي تواجه إنشاء مثل هذه المواقع، والتسويق لها وإتاحة الامتيازات وإعطاء الدفع لمستخدمي الانترنت على الاستفادة من هذه التقنية بالأشياء المفيدة، وبالتالي حثهم على تغيير مفهومهم عن الانترنت من أنها مجرد عالم افتراضي لإضاعة الوقت وترميم الخلل النفسي الذي تعانيه هذه الشريحة على مختلف صعده، إلى وسيلة راقية لتسهيل الحياة وأداء الخدمات وكسب المعارف وتحقيق الذات.
حاول هذا المقال تسليط الضوء على قضية باتت تشغل حيزاً كبيراً من وقت وجهد وطاقة مجتمعاتنا، لم يكن القصد فيه هو السلبية وجلد الذات التي يغرق فيه البعض، ولكن الإشارة إلى قضية تحتاج الكثير من الالتفات من كل شرائح المجتمع، حيث لا يمكننا أن نغفل تلك المواقع القيمة التي تتوفر على الانترنت وكان وراءها أفراد ومؤسسات وحكومات، لكن قلة عددها وضعف قدرتها وحاجتها للدعم والمساندة هو ما أطلق مثل هذا المقال.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف