الأخبار
معروف: مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت خطوة قانونية بالاتجاه الصحيحإعلام إسرائيلي: القتال العنيف بغزة سيستمر حتى أكتوبر 2024ما دور العقوبات الأمريكية في حادث مروحية الرئيس الإيراني؟كتائب القسام: قصفنا معبر رفح بقذائف الهاون من العيار الثقيلقوات الاحتلال تتوغل شرق دير البلح وسط اشتباكات ضارية مع المقاومةأونروا: نزوح 810 آلاف فلسطيني من رفح خلال أسبوعينحماس: نية المحكمة الدولية باستصدار مذكرات اعتقال بحق قيادات حماس مساوة بين الضحية والجلادإسرائيل تنشئ "غرفة حرب" لمواجهة تحرك المحكمة الجنائيةالجنائية الدولية تسعى لإصدار مذكرات اعتقال لنتنياهو والسنواروفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيتهحادث "هبوط صعب" لمروحية تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجيةتحول هام.. الولايات المتحدة تستعد لتصنيف القنّب كمخدر ذو خطورة أقلثورة القهوة واستخدامها في صناعة الخرسانةالإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال منع إدخال 3000 شاحنة مساعدات خلال 13 يوماًسموتريتش: إسرائيل في طريقها للحرب مع حزب الله اللبناني
2024/5/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

محاضرة لمجدى شلبى فى بيت ثقافة السنبلاوين

تاريخ النشر : 2010-11-09
محاضرة لمجدى شلبى فى بيت ثقافة السنبلاوين
(مشكلات الانتماء لدى الشباب فى ظل التفكك الأسرى) هذا هو عنوان المحاضرة التى ألقاها الكاتب الأديب مجدى شلبى صباح الأحد 7 نوفمبر فى بيت ثقافة السنبلاوين

بدأ مجدى شلبى محاضرته بتحية الحضور الكريم ، وعبر عن سعادته بتلك الزيارة لمدينة السنبلاوين ، وذكر نبذه عن أعلام ومشاهير هذا المركز وتلك المدينة وعلى رأسهم : العالم الدكتور فاروق الباز ، والسياسى القدير الدكتور أسامه الباز ، والأستاذ الدكتور أحمد جمال الدين موسى الذى تولى رئاسة جامعة المنصورة ووزارة التربية والتعليم ، وأستاذ الجيل أحمد لطفى السيد ، والأديب محمد حسين هيكل وسيدة الغناء العربى أم كلثوم ، وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامه والممثل الراحل الضيف أحمد ، وفى مجال الرياضة الكابتن محمود الخطيب ورضا شحاته وعقل جاد الله ....
ثم وجه تحية خاصة لمدير بيت ثقافة السنبلاوين الأستاذ رفعت طرباى والأستاذ عابد الغنام وذكر أن وصف هذا الكيان الثقافى (ببيت) يوحى بالحميمية التى تجمع أفراد أسرة هذا البيت الثقافى العريق .......
ثم بدأ فى إلقاء محاضرته وسط جمع كبير من المثقفين الذين أنصتوا باهتمام وتفاعلوا مع ما تناوله من تفاصيل وقضايا اتسمت بالشفافية والصراحة والوضوح ، تفاعلاً إيجابياً يعبر عن مدى الوعى الكبير الذى يتمتع به أبناء السنبلاوين

فقد ذكر ملاحظة هامشية على صياغة عنوان المحاضرة فقال : "مشكلات الانتماء تعبير غير دقيق ... لأن الانتماء ليس له مشكلات ، إنما المشكلات تنبع من انعدام الانتماء أو ضعفه على الأقل" ، "كما أن تعبير (التفكك الأسرى) أيضاً تعبير غير دقيق ـ رغم شيوع استخدامه ـ إذ كيف يوصف التفكك الذى يحمل معنى الضعف ... بالأسرى وهو مايحمل معنى القوة والحصانة ... " وذكر أن العنوان الأدق والأوفق هو (مشكلات ضعف الانتماء لدى الشباب فى ظل تفكك الأسرة)

ثم بدأ بتعريف لفظ (انتماء) فقال : "الانتماء مصدره انتمى (انتمى فلان إلى طائفة) أى انتسب إليها ، ونمى الولد إلى أبيه : انتسب إليه ، وهى تحمل نفس معنى كلمة (عزا) : عزوته إلى أبيه ... أى انتسابه إليه أيضاً ، لكن لفظة انتمى يحمل معنى الانتساب والرفعة والزيادة والكثرة ، كأن نقول (نمى المال زاده وأكثره) ، نما السعر : ارتفع وغلا ، انتمى الصقر : ارتفع من مكان إلى آخر ....." ولفت النظر إلى معنى آخر لتلك اللفظة ورد فى المعجم المحيط وهو : نمت الدواب : أى تفرقت تطلب الكلأ (سعياً وراء العشب) "أو الرزق" .... وهنا ربط بين سعى الإنسان وراء الرزق خارج حدود وطنه وبين الانتماء طبقاً لما ورد ، وقال : "إن هذا السعى خارج حدود الوطن يجدد الحب والاشتياق ويدعم الارتباط ويعزز الولاء ، وهو ما أكده أمير الشعراء فى قصيدته (غربة وحنين) التى جاء منها البيت الشهير :
وطنى لو شغلت بالخلد عنه نازعتنى إليه فى الخلد نفسى
(وهو ما يجعل البعض يؤكد على حقيقة أن جحيم الوطن ولا جنة الغربة ، ونجده مايلبث أن يعود إلى وطنه ريثما حقق ما كان يبتغيه من سفره) .... "
"أما الذين استبدلوا أوطان غيرهم بأوطانهم على طريقة مقولة جحا (وطنك فين ياجحا قال اللى فيها رزقى) فقد تحجرت قلوبهم وتبلدت مشاعرهم تجاه أوطانهم وذويهم وأهلهم ...
يُقال لمن انتمى إلى قوم ليس منهم : وشيظ
وشظ : إلصاقُ شيءٍ بشيءٍ ليس منه
يشبههم هؤلاء الذين انفصلوا عن واقعهم الاجتماعى مما يعزز مشاعر عدم الانتماء المتمثلة فى الكراهية والسخط واليأس والإحباط والانعزال الاجتماعى والسلبية والتقاعص والانزواء وهو ما اصطلح على تسميته (الاغتراب) "

ثم انتقل إلى الحديث عن درجات الانتماء فقال : "إن درجات الانتماء كدرجات السلم تبدأ أولاً بانتماء الانسان لنفسه : من خلال سعيه لأن يكون الأفضل ، بتنمية مهاراته وقدراته وإثبات نجاحه وتفوقه ، باعتبار أن هذا التجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره ، وإذكاء روح المنافسة الإيجابية .... ثم بالانتماء الى أسرته (وطنه الصغير) : من خلال الترابط العائلى وتنمية روح المشاركة بود وحب وتآلف وتناغم ، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية ... ثم بالانتماء الى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب والوظيفة والعمل الى من تخطى تلك المرحلة : ويظهر ملمح هذا الانتماء جلياً فى الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة كذا أو جامعة كذا أو عملك فى شركة كذا ، ودفاعك عن هذا الكيان الذى تنتسب إليه ، وعدم قبولك لأى مساس به ، فأى انتقاص من قدره تعده انتقاصاً لقدرك وقيمتك الذاتية ... ثم بالانتماء للوطن الكبير : وهو الذى يفرز حباً فياضاً للوطن ، يعده الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (شعبة من شعب الإيمان) ... " وفى معرض حديثه عن الانتماء للوطن ذكر البيت الحكيم الذى يعبر مشاعر الانتماء: بلادي وإن جارت علي عزيزة / وأهلي وإن ضنوا علي كرام .... وذكر أن قائل هذا البيت هو الشريف قتاده أبوعزيز بن ادريس بن مطاعن بن عبدالكريم بن موسى بن عيسى بن سليمان بن عبدالله أبى الكرم بن موسى الجون بن عبدالله بن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه وقد تولى أمارة مكه المكرمة عام 597 هـ وتوفي عام 617 هـ
وهو القائل أيضاً :
بلادى وأن هانت على عزيزة/ ولو أننى أعرى بها وأجوع
ولى كف ضِرغام أصول ببطشها / وأشرى بها بين الورى وأبيع
تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها / وفى بطنها للمجدبين ربيع
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى / خلاصا لها ؟ أني اذن لوضيع
وما أنا إلا المسك فى كل بلدة / أضوع وأما عندكم فأضيع
* الضِرغام : هو الأسد القوى الشديد ، ويكنى بها عن الرجل الشجاع .........

ثم الدرجة الأخيرة من درجات الانتماء هى الانتماء الى الدين : وهو لا يعنى التعصب الأعمى ، أو التطرف والإرهاب البغيض ، لأن الدين ذاته يدعونا إلى السماحة ويرسم لنا منهاجاً أوصى به رب العزة سبحانه وتعالى رسوله الكريم (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران 159

وبعد أن استعرض معنى الانتماء ودرجاته قال : " دعونا نسأل بصراحة ووضوح : ما الذى يجعلنا نهتم فى هذه الآونة بالذات بقضية الانتماء ؟ * هل شبابنا يعانى من ضعف الشعور بالانتماء ؟ ولماذا ؟ * هل هناك علاقة بين ضعف الشعور بالانتماء وانتشار الجريمة واستخدام العنف وسيلة للتحاور مع الآخر ؟ * هل هناك وسيلة لاستعادة روح الانتماء ؟ كيف ؟ ..... "
ثم أجاب على السؤال الأول : "بكل أسف ـ :(نعم) ! ففيه كثير من شبابنا مفتقدين لروح الانتماء .... لكن هذا يحدث فى الوقت الذى يشعر غيرهم بأحاسيس مختلفة ومشاعر فياضة وارتباط قوى بمجتمعهم ووطنهم الكبير .....إذاً المسألة لا علاقة لها بالوطن ذاته ، إنما علاقتها الأساسية هى بهمزة الوصل بين الوطن والمواطن ، بالجسر الموصل بينهما ..... فإذا كان هذا الكوبرى الموصل سليماً أضحت العلاقة قوية ويشعر المواطن حينئذ بأنه هو ومجتمعه جسد واحد ، يسعد لسعادته ويتألم لألمه ، يهتم بقضاياه ويلتزم بمبادئه ، ، ويدافع عنه إذا أحدقت به الأخطار ..... أما إذا كان انعدم هذا الجسر ، أضحى المواطن ناقماً على مجتمعه ووطنه ، فاقداً الصلة الإيجابية التى تدعم هذا الارتباط الحيوى والضرورى والهام ..... إذا وسيلة التواصل بين الوطن والمواطن لها أهمية قصوى فى بث روح الانتماء ، فما هى تلك الوسيلة السحرية ؟
إنها التنشئة الاجتماعية .... وهو المحور الثانى من موضوعنا اليوم : ثانياً : التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالانتماء وبسلوكيات الأبناء ... "

ثم بدأ فى تعريف معنى التنشئة الاجتماعية فقال : " لأجل أن نعرف معنى التنشئة الاجتماعية ، لابد أن نقرر بداية حقيقة أن الإنسان بطبعه أنانى ، تلك هى جبلته الأولى ، فهو منذ أن أصبح جنيناً فى بطن أمه وهو سلبى الإرادة ، يعيش بلا عمل ، له حقوق وليس عليه واجبات ، يصله الغذاء عن طريق الحبل السرى جاهزاً ومهضوماً ، يعنى لا يكلف نفسه حتى فتح الفم والمضغ والبلع (وهنا أذكر تلك الطرفة التى تحكى عن كسول جائع أبلغوه أن فى البيت المجاور وليمة وهو مدعو لها ، فظل على كسله ورد عليهم : أنا لسه ها قوم ، وأمشى ، وأأكل وأمضغ ، وابلع ، وارجع ، خلينى كده مرتاح أحسن) .... هكذا الجنين فى بطن أمه ، كسول جداً ، وأنانى أيضاً فهو يأخذ ولا يعطى ، ويظل على هذا الحال شهوراً إلى أن تأتى لحظة ولادته التى تعد لحظة فارقة فى تاريخ حياته ، فقطع الحبل السرى يعنى قطع عيشه ! ، فيصرخ ويبكى بكاءاً متواصلاً ، خصوصاً وأن هذا يتزامن مع افتقاده للإحساس بالأمان داخل رحم الأم ، وخروجه إلى عالم رحب رهيب ، وأصوات مجلجلة وأجسام ديناصورية مرعبة بالنسبة له ! ... فيشعر بانتزاع جزء هام من حقه ، حقه فى الغذاء ، حقه فى الإحساس بالأمن والأمان ، حقه فى الأنانية والتفرد .... إلا أن الأم تعوضه بالرضاعة ، والهدهدة ، وتسهر على راحته ، إلى أن يبلغ سن الحضانة .... هنا تبدأ مرحلة جديدة ، هى الانتقال من مجتمعه الصغير الأسرة إلى مجتمع أكبر وأرحب ، وهى نقلة مهمة فى حياة الطفل تحتاج إلى إعداد ، هذا الإعداد هو ما نطلق عليه (التنشئة الاجتماعية) .... فالتنشئة الاجتماعية هي تحويل النشاط الفردي عن الأغراض الشخصية إلى الأهداف العامَّة.... فهو فى الحضانة والمدرسة والجامعة والعمل لم يعد هذا الشخص الذى يأخذ ولا يعطى ، إنه فى حاجة لإعداده كيف يعرف العلاقة القوية بين الحق والواجب ، وأنه لا يعيش وحده فى هذه الدنيا بل يشاركه غيره من البشر ، وأن هؤلاء لهم حقوق وعليهم واجبات مثلهم مثله ، وأن روح التعاون هى سر النجاح والتقدم .... كما أن التربية الوطنية والدينية وزرع روح الولاء لله والوطن أساس من أسس التنشئة الاجتماعية السليمة التى تقى المجتمع مستقبلاً شرور انتشار ظواهر العنف والجرائم الناشئة عن ضعف الشعور بالانتماء الناتج عن إهمال تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة ، والمؤدى حتماً لظواهر العنف وانتشار الجريمة ...... "

ثم لفت النظر إلى أن البعض يركن فى تفسيره لظواهر العنف وانتشار الجرائم إلى أسباب اقتصادية ... من حيث أن انتشار رقعة الفقر وانخفاض دخل الأسرة وارتفاع عدد أفراد الأسرة والوضع الاجتماعي والتعليمي وصعوبة الحياة المعيشية التي تعيشها بعض الأسر مما يؤدى إلى زعزعة روح التآخى والألفة والود بين الأفراد .... كما أن البعض الآخر يعزوا تلك الظاهرة إلى التأثر بالجوانب السلبية من النموذج الغربى والتى تطارد الشباب فى وسائل الإعلام والفضائيات على نحو يهدم القيم والمثل والمبادىء تؤثر فى انتشار ظواهر الانحراف

فأكد على أن العلاقة بين الثراء والجريمة أقوى من العلاقة بين الفقر والجريمة ... كما أن الحصانة الحقيقية من أى انحراف هى فى دعم مشاعر الانتماء وتقوية أواصر الحب بين أفراد المجتمع عن طريق التنشئة الاجتماعية السليمة
ثم طرح سؤالاً كاشفاً : "لماذا تراجع دور الأسرة فى التنشئة الاجتماعية رغم أهميتها القصوى ؟!" فاعتبر أن تفكك الأسرة هو السبب الرئيسى فى تراجع دور الأسرة فى التنشئة الاجتماعية للأبناء
وهنا بدأ كعادته بتعريف معنى (تفكك) (الأسرة) فقال : "الأسرة : أهل الشخص وعشيرته ، نقول : ينتمى إلى أسرة كريمة ... الأسرة أيضاً : الجماعة التى تربطها أمور مشتركة ، كقولنا أسرة بيت ثقافة السنبلاوين ، أو أسرة نادى أدب السنبلاوين (تلك الأسرة التى نتمنى أن تتآلف بود وحب كعادتنا بها وتنهى الخلافات القائمة الآن والتى تعرقل مسيرة الأدب فى هذا النادى العريق الذى يُعد ثانى نادى أدب على مستوى فرع ثقافة الدقهلية ، والذى يضم نخبة من الأدباء المبدعين المتميزين)... " ثم أكمل نعريف معنى أسرة فقال : " إن أصل كلمة (الأسرة) فى اللغة هى : الدرع الحصينة جمعها أُسَرٌ. ... يقول بيت الشعر :والأسرةُ الحصداءُ والــ بيضُ المكللُ والرماحُ .... أما تفكك الشىء فمعناه فُصلت أجزاؤه ، وتفككت عبارة الكاتب : أى أصبحت غير مترابطة وغير منسجمة ، وتفككت الأسرة أى ضعفت " ...
ثم أوضح أن تفكك الأسرة نوعين : "تفكك مباشر : وهو الناتج عن حدوث طلاق أو وفاة ....
أو تفكك غير مباشر : وهو الناتج عن ابتعاد أفراد الأسرة بعضهم عن البعض ابتعاداً معنوياً رغم وجودهم تحت سقف واحد .... "
ثم عرج على الأسباب التى تؤدى لتفكك الأسرة غير المباشر فقال : " من الأسباب المؤدية لتفكك الأسرة : قلة الوعى وضعف الثقافة لدى الأبوين ، ولما نقول قلة الوعى نقصد بهذا قلة الوعى المعرفى بأصول التربية السليمة وكيفية إقامة أسرة ناجحة ، وعدم وعي الآباء والامهات لمتطلبات المراحل العمرية للابناء والتي تتغير باستمرار , وبمدى اهمية توفير العاطفة قبل المادة للاولاد ..... كذلك الخلافات الأسرية المستمرة والتى تضع الابن بين شقى الرحى ، فيشعر بعدم الاستقرار ، الذى ينعكس على لجوئه للعنف والجريمة كرد فعل ووسيلة ينتقم بها لنفسه من الظلم الذى حاق به ، وأوجده فى تلك الأسرة المتناحرة ! .... وثالثة الأسافى هى استخدام العنف ضد الأبناء كوسيلة انتقامية من جانب الآباء والأمهات على حد سواء .... "
وعدد أشكال العنف وصنفها على نحو : "العنف ضد الأبناء يتمثل فى : عنف بدني وعنف معنوي إما بالضرب والإيذاء البدنى , أوالحبس في غرفة مغلقة أو مظلمة أوتشغيل الأطفال في أعمال لا تتفق مع قدراتهم العقلية والجسمية ... أو عدم الاهتمام بتعليم الاطفال , واهمال رعايتهم , ونقص الاشراف والمتابعة ، والحرمان العاطفي ... وتزويج القاصرات ..."‏
وذكر أن استخدام العنف ضد الأبناء يفقدهم الشعور بالانتماء ، إذا أن المتعرض للعنف ينهار داخله الشعور بتقدير الذات (فيفقد أول درجة من درجات الانتماء "انتماء الإنسان لنفسه") ، ثم إن تعرضه للعنف داخل الأسرة يفقده ثانى درجة من درجات الانتماء وهى انتماء الإنسان إلى أسرته .... فيتعثر دراسياً (فيفقد ثالث درجة من درجات الانتماء "انتماء الإنسان إلى مجتمعه الصغير ـ مدرسته أو جامعته ـ ")، فهل بعد أن يفقد ثلاث درجات من سلم الانتماء يمكن أن نطالبه بالانتماء لوطنه الكبير ؟! ، إن فاقد الشىء لا يعطيه ، وبناءاً عليه فإن حماية الأبناء من العنف داخل الأسرة هو الأساس الذى تنبنى عليه مشاعر الانتماء ..... "
ثم ذكر " إن حماية أبناءنا من العنف الآن هو الطريق الأجدى لحماية المجتمع من عنفهم فى المستقبل وتقوية مشاعر انتمائهم لأنفسهم وأسرهم ومجتمهم الصغير ووطنهم الكبير ولدينهم أيضاً "
وذكر أن ظاهرة العنف ضد الأبناء تقع في كل المجتمعات سواء العربية أو الغربية .... لكن مع وجود فارق : أن المجتمع الغربي يعترف بوجود هذه المشكلة ويضع القوانين المعاقبة على ارتكابها , بعكس المجتمعات العربية التي تعتبرها من الأمور الخاصة ... كما أن الفرق بين المجتمعات العربية والغربية, انه في الغرب توجد مراكز بالامكان اللجوء اليها , حيث تتم حماية ضحايا العنف الاسري ... اما في مجتمعنا فلا توجد مثل هذه المراكز . وفي بعض الاحيان قد يلجأ بعض ضحايا العنف من الابناء إلى الشرطة , الا أن الشرطة لا تأخذ بشكوى ابن على والده أو والدته ، ولابد من وجود ادلة وشهود ولا احد من الاخوة يجرؤ على الشهادة ضد أبويه خشية تعرضهم هم أيضاً للعنف ، فيرجع المتعرض للعنف الاسري مهزوما إلى منزله , أو تندفع الفتيات خاصة إلى البحث عن بديل يمدها بالعاطفة والحنان الذي تحتاجه ، من هنا تبدأ سلسلة من المآسى والانحرافات السلوكية التى أساسها هو استخدام العنف ضد الأبناء داخل الأسرة ... "
" وهنا لا يفوتنى أن أشير إلى سلسلة المقالات التى نشرتها لى مجلة روزاليوسف عام 2003 أى منذ سبع سنوات ... وكنت أهدف من ورائها الحث على إستصدار قانون لحماية الطفل من العنف داخل الأسرة ... "
واستعرض فقرات مما أورده فى ثلاثة مقالات منها : من يمنع ضرب الأطفال فى المنازل ؟!
والذى نُشر له فى باب (حوار الأسبوع) بمجلة روزاليوسف العدد (3914) بتاريخ 14/6/2003 صفحة 80
"بعد صدور قرارات منع ضرب الأطفال داخل المدارس من الذى يملك سلطة منع ضرب الأطفال داخل المنازل ؟! فباسم التربية وتهذيب الأبناء تُرتكَب أحياناً جنح القذف والسب والضرب وجنايات ترويع آمنين وشروع فى محو شخصية طفل باستخدام القوة والعنف ! .
باسم التربية وتهذيب الأبناء على طريقة وحدوووه يمارس بعض أولياء الأمور مهنة حانوتية "ترابية" فيكفنون النبوغ والتفرد ويدفنون الموهبة والإبداع والابتكار ويهيلون التراب على البراءة والحب والحنان !
نسينا أن من حق الطفل أن يسأل ويحاور ويجادل وواجبنا أن نجيب ونتفهم ونتعقل ونصبر … يريد البعض إلغاء شخصية الطفل الخاصة وكيانه المختلف … يريدون أطفالاً نسخاً متطابقة شكلاً وموضوعاً على طريقة النعجة "دوللى" !
نسينا أن لكل جيل مفرداته الفكرية وتطلعاته المستقبلية … نسينا أن ممارسة القهر ضد الطفل تعد الطريقة المثلى لتفريخ العنف المضاد المتمثل فى العداء للمجتمع والأسرة والنفس . " ....
" إننا فى حاجة لتغيير نظرتنا للطفل ، ومعاملتنا له ، ونحتاج لتغيير مفهومنا للتربية والتهذيب ، بعيداً عن الشخط والنطر ، والفلكة والكرباج … إننا فى حاجة لمحو الشعار الذى عشش كالعنكبوت فى أذهان البعض "العصا لمن عصا" ، ونستبدله بالحب الذى يصنع المعجزات .
إننا فى حاجة لإنشاء جمعية لحماية الطفل .. وبعد أن نجحت حملات التطعيم ضد الأمراض البدنية ، نجاحاً منقطع النظير ، نحتاج إلى حملة قومية لتطعيم الطفل طعم الحرية ، ضد القهر وضد الضرب … حملة قومية ضد الرعب وشلل الفكر ."

ثم استعرض فقرات من مقاله (بلطجة عائلية !) الذى نُشر فى باب (حوار الأسبوع) بمجلة روزاليوسف بتاريخ 6/9/2003 صفحة 63
" عندما يكون الجو مشحون بالتوتر والقلق تتحول الكلمات إلى لكمات والأسرة إلى أثرة تفرغ الزوجة جام غضبها على الأبناء انتقاماً من أنانية الزوج وتسلطه ويرد الأب بنفس السلاح انتقاماً من تطاول ست الدار على سى السيد والضحية دائماًً هم الأطفال الصغار !
عندما يكون الجو مشحون بالتوتر والقلق نتحول إلى (قهرمان) ضد (الضعف بيبى) ! فى ماسوشية ديكتاتورية بغيضة نشخط وننطر ونزعق ونضرب ونعبر عن جام غضبنا بشتى الوسائل والطرق فى ذات الوقت الذى نمنع فيه أطفالنا من التعبير عن غضبهم ولو سلبياً بالبكاء بل نصرخ فى وجوههم كالمجانين (إخرس ياولد .. إياك أن أسمع نفسك .. اتكتم خالص) !
حقاً إنها بلطجة عائلية أو بالأحرى عيالية تحتاج لقانون رادع يحمى هؤلاء الأطفال الذين تنطق عيونهم بما لايستطيعون التعبير عنه بالكلمات من رعب وفزع فيرفعون أكتافهم الرقيقة لحماية وجوههم من بطش قساة القلوب الذين يحاولون قسراً انتزاع شخصياتهم وتفردهم بكل عنف وقهر ويطلقون على العملية المشبوهة من باب التمسح فى الدين .. والدين منهم براء (الطاعة العمياء مقابل الإنفاق) يتعاملون مع الأطفال كما يتعاملون مع الجزار وبائع لحم الرأس والفشة والممبار !
من يحمى هؤلاء الأطفال من قسوتنا التى تقتل فيهم مزية التفرد وتجعلهم تابعين لنا بلا شخصية وكأنهم أشباح نمطية ؟ "
ثم استعرض فقرات من مقاله (اشتم عمو !) والذى نشر فى باب (حوار الأسبوع) بمجلة روزاليوســـف العــدد {3929 } بتاريـخ27 /9 /2003 صفحـة 60
"يحلو لبعض الأسر عند اجتماعها ، أن تستغل أطفالها كمادة للتسـلية واللهو ! فمنهم من يُعَلم طفله فنون السب وقبيح الكلام ثم يستنطقونه بالأمر (اشتم عمو) ! فينطلق لسان الطفل بأقذع الألفاظ التى حفظها عن ظهر قلب دون إدراك لمعناها .. ومع انطلاق الشتائم تنطلق الضحكات والقهقهات ، فينظر الطفل بعفوية واستغراب إلى هؤلاء (الكبار) الذين يستحقون على فعلهم هذا : اللوم والتوبيخ والتأنيب !"
"فمن يحاسب هؤلاء (الكبار)على أفعالهم فى حق أطفالهم وفى حق المجتمع ومن يحمى تلك الطفولة من عبث هؤلاء العابثين ؟ ..... إن عصا القانون الغليظة يجب أن تمتد إلى هؤلاء حتى داخل حصونهم الحصينة (بيوتهم) ماداموا يمارسـون جرائمهم تلك ضد الطفولة محتمين بها ! "

ثم عبر عن سعادته بصدور القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والذى نص فى الباب الأول :مادة (1) : تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة ، وترعى الأطفال ، وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم التنشئة الصحيحة من كافة النواحى فى إطار من الحرية والكرامة الإنسانية ..... ـ "على رأس هذه التنشئة التنشئة الاجتماعية باعتبارها حجر الأساس فى بناء صرح الانتماء الشامخ" ـ
كما تكفل الدولة ، كحد أدنى ، حقوق الطفل الواردة باتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة فى مصر .....
وأهدى نسخة من نص هذا القانون إلى بيت ثقافة السنبلاوين
ثم اختتم حديثه بالقول : " إننا مع حماية الطفل ، ولكننا فى ذات الوقت ضد إسلوب التدليل الزائد عن الحد والذى له مخاطر قد تصل إلى حد انفلات الأبناء وانقلابهم على والديهم بالاستهزاء بهم أوالسخرية منهم وقد يتطور الأمر إلى عقوق أو استخدام العنف ضد الآباء والأمهات ! .... فقانون حماية الطفل لا يعنى إهدار حقوق الوالدين ، لكنه يرسخ قواعد وأسس لعلاقة أسرية تسودها روح المودة والألفة والحب .... سعياً وراء تنمية مشاعر الولاء والانتماء لهذا الوطن الكبير ... حماية للمجتمع من انحراف أبنائه الذين هم عدته وعتادة فى معركة التنمية والرخاء والتقدم بإذن الله ... "
ثم شكر الحضور الكريم وطالبهم بطرح أسئلتهم واستفساراتهم التى جاءت فى مجملها معبرة عن وعى كامل بقضية الانتماء .... تلك القضية التى كانت ومازالت وستظل محوراً هاماً من محاور النقاش
أدار الحوار كل من : الأستاذ / رفعت عبد الهادى طرباى ـ والأستاذ / عابد على الغنام ـ وفى حضور المهندس على محمد بدر
شارك فى المداخلات وطرح الأسئلة والاستفسارات كل من :
ـ أ / رحاب جمعه أنور
ـ أ / سحر عادل عبد العزيز
ـ أ / نسرين محمود عبد المطلب
ـ أ / منال المتولى
ـ أ / إيمان محمد عزاز
ـ أ / سمر محمود أصلان
ـ أ / ماجده النحاس
ـ أ / بشرى حسن الحسينى
ـ أ / هدير محمد إبراهيم
ـ أ / هنادى محمد إبراهيم
ـ أ / على صبرى أمين
ـ أ / تامر محمد محمود
ـ أ / تامر محمد الهادى
ـ أ / حمدى عبد الكريم أحمد
ـ أ / محمد السيد إمام
ـ أ / نهى نبيل سليم
ـ أ / مروه ابراهيم حسن
ـ أ / أسامه إبراهيم فكرى
ـ أ / عباس محمود عباس
ـ أ / محمد سعد يوسف
ـ أ / وليد محمد على
ـ أ / إيمان طلعت الدسوقى
ـ أ / هشام على فريد
ـ أ / كريمه وفيق على
ـ أ / غاده السيد بركات
ـ أ / بهجت عبد الخالق حجازى
ـ أ / نصر عبد العظيم الجوهرى
ـ أ / محمد عبد الواحد
ـ أ / خالد شهيب
ـ أ / إبراهيم عبد الله حسن
ـ أ / حسن السيد الدسوقى
ـ أ / هاشم إبراهيم الدسوقى
ـ أ / محمد عابد السيد
ـ أ / ولاء عادل رياض
ـ أ / ساميه حسين كشك
ـ أ / الصديق أحمد إبراهيم
ـ أ / محمد مصطفى السيد
ـ أ / أمانى النبوى محمد
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف