الأخبار
2024/5/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في كتاب ..الأرض والإنسان والجهد للباحث الموسوعي الدكتور شكري عراف عرض وتعليق:د.إدريس جرادات

تاريخ النشر : 2010-09-21
قراءة في كتاب ..الأرض والإنسان والجهد للباحث الموسوعي الدكتور شكري عراف عرض وتعليق:د.إدريس جرادات
قراءة في كتاب ...
الأرض والإنسان والجهد للباحث الموسوعي الدكتور شكري عراف
من معليا في الجليل
"الأول من نوعه في البحث عن الحضارة المادية باللغة العربية في العالم العربي"

عرض وتعليق:د.إدريس جرادات/مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي-سعير/الخليل [email protected]

صدر كتاب الأرض والإنسان والجهد : دراسة لحضارتنا المادية للباحث الموسوعي والمؤرخ الدكتور شكري عراف ابن معليا القرية الفلسطينية الصامدة في الجليل رغم عمليات الطمس والتهويد – بحجم 186 صفحة من القطع المتوسط .
الغلاف من الكرتون المقوى الفاخر باللون الأخضر لوحة فنية من تصميم "سيسيل كاحلي"،وأهدى الباحث كتابه إلى أبيه الفلاح والعامل والى أمه رفيقة دربه الطويل في الأرض والى كل أب وأم جبلوا أرضنا بعرقهم متعاونين وإياها في سبيل خلق أنماط الحياة".
أشار الدكتور سامي مرعي في مقدمته للكتاب :"أن التراث المادي هو عبارة عن أنماط الممارسة الحياتية من خلال وسائل العيش والتكيف للبيئة المادية التي تحيط بنا وهو أيضا ركيزة من ركائز الوجود المعنوي للإنسان الفرد والمجموعة ، وهذا الكتاب يتميز بالدقة والموضوعية والتحليل للشخصية الجمعية للذات العربية الفلسطينية ، والبحث عن التراث بأبعاده المختلفة من أجل إعادة اكتشافه وهو شرط ضروري لتجدد الشخصية الحضارية والوطنية لأن هذا التراث نما على أرض الوطن".
تناول الباحث عدة موضوعات مستقلة ، منها لقمة الخبز التي تشكل وجبة الفقراء وكثيري الأولاد في كل مجتمع وإن طبخ فهو تتبيل اللقمة وتطريتها، وأشار إلى عملية الزراعة وأدوات الحصاد من الحاشوشة والقالوش والسحيلية والقاروطة والدومرج والقاحوف والطربان وأدوات الدراس من جرن و شاعوب ومذراة وبلانة وكريك ومجرفة ومشط ونورج وعقفة ونير وكدانة وكمامات وشباقات ومنساس، ثم عملية الغربلة والجرش والطحن والخبز، وأورد قصة تزويج فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وقول الرسول:"بارك الله في الفقير ابن الفقير وبارك الله بالقمح خلط بالشعير".
أما الموضوع الثاني عن الملح والإنسان يملح طبيخه وعجينه، وأن منطقة الشيخ زويد قرب رفح هي مصدر للملح في بلادنا وكان عرب التياها والترابين من السبع ينقلون الملح من البحر وتاجروا به أيام الحرب العالمية الأولى ، كما تحدث عن استعمالات الملح في دباغة الجلود وكبس الخضروات وطرق حفظ الملح في طينية من الطين أو قرعة من يقطين أو في برنية وتكون قريبة من الموقد ليكون في متناول الجميع.
ثم الحديث عن الزيتون ،"وأن الرومان هم الذين غرسوا الزيتون في بلادنا وبعض المناطق تحمل اسمه تبركا به مثل عين الزيتون قرب صفد وزيتا قرب طولكرم وبير زيت قرب رام الله، وان الزيتون شيخ الطاولة متبلا ومشهيا وله استعمالاته في الدواء والصابون والجفت للتدفئة والطابون.
كما أشار إلى الكروم التي تشمل العنب وانتشاره وزراعته وحراسة الكروم وقطفه وتغطية الدوالي في المواسم الصيفية، وورق العنب والدوالي يملأ الموائد بعد ملئه بالأرز واللحم والسمن والفريكة ويخزن مكبوسا أو مجففا، وسائل العنب يطبخ منه الدبس ويدخل في صناعة المشروبات الروحية والخفيفة والمربيات، وانتشار معاصر العنب الصخرية التي تتكون من قسمين:"العلوي وهو المكان الذي ديست فيه قطوف العنب فجرى عصيرها إلى مصفاة فمزراب إلى الجرن وهو الجزء السفلي من المعصرة". واتبعها ب32 صورة تراثية معبرة.
ثم فصل للتين ومسمياته البياضي والشتاوي والغزالي والسوادي والعجلوني والسلطي ومنه يصنع القطين والدبس والمشروبات والمربيات.
أما النخيل فيحمل سعفه في أحد الشعانين ومنه أنواع الحياتي وبنت العيش والسكرية والصفراء وليف النخيل يدخل في حياكة المقلاع والحبال والقف وورقه في صنع المقشات والمكانس والسرابل والقراطل.
والجميز وأنواعه: البلمي والغزي والبوطي ويؤكل مع الزيت بعد التجفيف ثم تحدث عن الرمان والصبر والتوت والحبوب الصيفية من ذرة وسمسم وحمص ودوار الشمس والمقاثي والحدائق والخضروات وقصب السكر والتبغ والتنباك.
أما المياه وما شكلته في الصخور من أجران ورحاريح وجحايف وفحيرة وبصة ومقر وطرق توزيعها وجمعها وحفر الآبار والبرك وأدوات رفع الماء من شادوف وشلاف ووصول الماء بقوة الجاذبية أو قوة عضلات الإنسان أو الحيوان وصناعة المشتيل:-"الذي يشبه الخرج تحمل فيه أوعية فخارية كالجرار خوف اصطدامها بأجسام قاسية-" من أغصان العبهر والزيتون والسريس" وان آباءنا تركوا لنا تراثا ماديا زاخرا بالنفع ماديا وغيبيا تجدر بنا دراسة كل جوانبه" صفحة 90-.
كما درس أصحاب المهن كالحداد الذي يصنع أدوات الحرث والنكش والحطب والدفاع عن النفس والحصاد والبيدر والحدائق وأدوات البيت والحيوان والرعي والنقل والنجار العربي والنحاس والسمكري والنساج والخياط والسروجي والاسكافي والفاخوري والحصري والصائغ والصياد والحلاق والعامل الأجير والمرابعي والكروي والناطور وأتبعها باثنتين وثلاثين صورة ملونة حيث الصورة ابلغ من الكلام.
وللحيوان نصيب من الدراسة وما يتعلق بالداشورة وهي :"قطيع القرية من الحمير والبغال والخيل والجمال والحصان والجاموس والماعز والغنم وأورد أسماء الحيوانات حسب العمر والنوع من سخل وطلي وحور وشولي ودغلي وقاعود وعنزة وكبش وتيس وعالول وكراز، وللطيور والحشرات والنحل مجال في دراسته:" ومن الغريب أن تكون العناية بالنحل من أعمال النساء كالرجال في مجتمعنا، فهن بانيات الخلايا وقاطفات العسل رغم لسع النحل لهن".
أما الأرض الوعر وما لها من نباتات من سنديان وبطم وعبهروغار وسويد ودفلة وقيقب وحور وصفصاف وشبرق وسدر وزعرور وعليق وبلان وأحراج، ونادى" بأهمية الحفاظ على الأحراج لمصلحة الجميع "ولنعيد إلى سفوحنا الخضراء ولتصبح الأشجار بما تصدره من أكسجين في النهار رئة صحية في عصر يتزايد فيه تلوث البيئة نتيجة الثورة الصناعية التي نمر بها وتعصف بنا".صفحة161-.
ثم الأوزان والمقاييس والمكاييل من جرة وبقلولة وكوز وفنجان وصاع وتنكة وكيلة وطاسة ومغطاس واصبع وقيراط وذراع وقامة، وعادات زراعية بتوضيح رزنامة الفلاح الفلسطيني من سعد ذابح وسعد البلع وسعد السعود وسعد الخبايا وطريقة حرث الأرض بالسكة والفدان والبلك:"العود الحديدي له سكتان ويجره فرسان أو بغلان".
بعد هذا العرض الموجز يمكن الإشارة إلى الملاحظات التالية:
1-الكتاب فصوله مستقلة ولكنها مترابطة الوظيفة والموضوع في البحث في التراث المادي والحضارة المادية على أرضنا.
2- اعتمد الباحث منهجية البحث العلمي والموضوعية خاصة أن الباحث أكاديمي ومتفرغ للعمل في عدة جامعات.
3-اعتمد الباحث على مجموعة من المراجع والمصادر منها 28 مرجعا باللغة العربية وسبعة مراجع باللغة العبرية وأربعة مراجع باللغة الانجليزية وأعداد متفرقة من مجلات التراث والمجتمع والشئون الفلسطينية والمشرق مما يدلل على سعة اطلاع الباحث وثقافته الموسوعية ومعرفته بلغات أجنبية مما أثرى مادة الكتاب .
4-قابل الباحث خمسين شخصا من مناطق متعددة من يافة الناصرة ومعليا وجولس وطمرة وترشيحا وسلواد والزبابدة وغيرها من المناطق وهذا جهد عظيم للباحث بالرغم من كبر سنه ويدل على روحه المتفانية في خدمة التراث والحضارة المادية والذاكرة الجماعية.
5-تسلسل الباحث في تناول المواضيع من خبز الفلاح ولقمة عيشة المغمسة بالزيت والملح والماء وسلة الخضار والفواكه من عمل يده والأدوات التي يستعملها أو يحتاج إليها.
في الطبعة الثانية من الكتاب أرجو الأخذ بالملاحظات التالية:
1-توزيع الصور بما يناسب المحتوى حيث عرضت الصور ملزمة ملونة من 32 صفحة في القسم الأول من الكتاب وأخرى 32 صفحة من القسم الثاني من الكتاب.
2-التعليق على الصورة صفحة 184 المنقولة عن كتاب شموئيل افيتسور والرد على افتراءاته ودحضها حيث يذكر المستشرق الدكتور فيليب حتي في كتابه سوريا وفلسطين ولبنان "أن الشعب اليهودي شعب رعوي بلا حضارة ولكنهم يسرقوا حضارات غيرهم من بني البشر"..
3-الرد على الجانب الإسرائيلي الذي يسرق الحضارة المادية وينسبها إليه كما ورد في صورة المعصرتين في متحف بلادنا فأي متحف تقصد أخي الكريم؟هل هو متحف تل أبيب ،مدينة تل الربيع الخالدة والتي ستبقى عربية رغم كل محاولات الطمس؟! "ولا يحرث الأرض إلا عجولها"..
4-عمل فهرس للمصطلحات والأدوات التراثية وتوضيحها للقارئ بالكلمة والصورة لأن قسم كبير منها يتعرض للطمس والتهويد والاندثار والإهمال.
5-إضافة موضوعات جديدة ذات صلة تتعلق بالعادات والتقاليد من فرح وترح ومناسبات أخرى كالطهور والعزب-السكن المؤقت في الصيف- وأدوات الطبخ والشرب واستعمالات الحياة اليومية والراعي والحطابة وطرق التحميل والنقل والمواصلات والاتصالات والتكنولوجيا الشعبية التي كان يستخدمها الآباء والأجداد خاصة أن الباحث متمكن من هذه الجوانب .
6-توزيع الكتاب على شكل قرص مدمج على المؤسسات والمهتمين وإنزاله على شبكة الانترنت لتعم الفائدة منه.
7-عمل قائمة بالكلمات المحكية باللهجة الدارجة لخدمة باحثين آخرين ودارسين للهجات وصوتيات وفقه لغات.
هذه الملاحظات لا تقلل من أهمية الكتاب فهو الدراسة الأولى للحضارة المادية في فلسطين وهو الأول من نوعه في العالم العربي على حد علمنا ودراسة بكر-كسر الباء- والى الأمام أخي الدكتور شكري عراف بإصدار مجلد أو موسوعة تراثية تجمع فيها جميع الإصدارات"من القرية العربية الفلسطينية والمواقع الجغرافية في فلسطين والمساجد والكنائس ومصادر الاقتصاد الفلسطيني وغيرها من كتب صدرت لك" من خلال التنسيق مع دور نشر عربية أو عالمية وترجمتها إلى لغات أجنبية.
والله يعطيك العافية على الجهد المبارك الذي تبذله وأنت في هذا العمر ولك كل الشكر والعرفان والتقدير على هذا الجهد الدؤوب الذي تحرص فيه على توثيق الذاكرة الفلسطينية والباحث أضاء قنديلا في عالم التراث الشعبي الفلسطيني وتراث بلاد الشام وقد قررت أسرة مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي في سعير منحك شهادة عضوية شرف مع مسوغات التكريم المتعلقة بمنح هذه الشهادة حيث أشعرتنا بأن عملك مؤسسة كاملة كفريق من النحل في العطاء ومن النمل في الاستمرارية .
عرض وتعليق:د.إدريس جرادات/مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي-سعير/الخليل [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف