الحالة العراقية واللحمة الوطنية لأي مجتمع ..
لا يمكن لأي متابع مهما كانت درجة وعيه أن يحيط بالحالة العراقية منذ تصريح صدام ( سنحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج) وحتى نهاية هذه المتاهة التي دخلها الشعب العراقي و التي لا يعلم مداها إلا الله تعالى .
هل هناك مكتسبات حقيقية لسقوط صدام أم العكس ؟
لا يخطئ من يرى أن الآراء تتضارب حول هذا الموضوع وربما هذا الاختلاف يفسد للود قضية , فمن يرى أن الشعب العراقي مر بعد فترة صدام بحالة سياسية صحية لانتهاء التسلط والقمع والكبت , ولكن هل يستطيع أن يغض الطرف عن الانتهاكات والرعب وانعدام الأمن وربما ضياع الوطن بين ألف يد وألف قدم .
هل يسوى ذلك الهراء عن الحرية السياسية وانتهاء الظلم والقمع أمام موت ربع الشعب وتهجير الربع الآخر ؟
هناك من يقول نعم للحرية لا للعبودية والتسلط .
هل الحالة العراقية بعد صدام خرجت من تلك البوتقة البغيضة ؟
عين الحقيقة تقول أن العراقيين سقطوا فيما هو أسوأ وربما الأسوأ , فالواقع يقول أن غياب صدام نتج عنه ظهور ألف صدام ( ولو غاب حرامي ظهر ألف حرامي ) .
إن غياب الأمن الذي كان يتمتع به العراقيون ولو بنسب مختلفة وبحالات معينة ولكن لا شك كان هناك أمن وكان هناك احترام لسلطة الدولة وخوف من أجهزتها , فمالذي حصل عليه العراقيون بعد صدام , الإجابة شائكة ولن نحصل عليها بسهولة .
إن ما يظهر أمام الكواليس في الحالة العراقية بعد صدام هو أقل بكثير وربما أجمل مما يختبئ خلفها وربما الأيام ستثبت لنا ذلك .
من المؤكد أن نظام صدام لم يكن مثاليا وكان له أثار سلبية على العراق وجيران العراق واقتصاديات جيران صدام في الماضي والمستقبل , وما فعله بالكويت جريمة دفع ثمنها العراقيون قبل صدام , كانت الكويت القشة التي قصمت ظهر صدام ولو أن الكويت لم تكن إلا مبررا لسيناريو وضع مسبقا (بعد تهديد إسرائيل مباشرة ) , ومن المؤكد أن أي سيناريو يوضع أو تبدو ملامحه في منطقة الشرق الأوسط يصدق عليه مقولة (فتش عن إسرائيل ) .
إن الفجوة التي حدثت بشكل بطئ بين صدام والمجتمع العراقي كانت السبب في تزعزع حصنه الحصين , فصدام أعتمد على أجهزته الأمنية وبث الرعب بين طبقات الشعب , حتى الأخ لم يعد يشعر بالأمان نحو أخيه , واكتفى بتلك الحلقة الضيقة من البعثيين وأجهزة القمع عن حب المجتمع , فكان الانهيار سريعا جدا فلم يرى الشعب العراقي فائدة من حماية نظام أدخلهم في مغامرات مدمرة لأسباب مرضية تنم عن تضخم الإحساس بالزعامة لدى المهيب , ذلك الشعب الذي يمتلك مقدرات مادية ونفطية ويد عاملة وأرض خصبة وعقول مفكرة وحضارة موغلة , إلا أنه لم يجني من هذا الكم الهائل من أدوات التقدم والثراء إلا الحروب وسجون المخابرات , إن من يرى تعامل صدام مع أعضاء الحزب (كما نجد في الشبكة العنكبوتية ) لتصيبه الحيرة , فإذا كان صدام يتعامل مع خاصته ورجاله المخلصين بهذه العنجهية والغرور والتسلط والإهانة وربما الشتم والقتل , فكيف يمكن أن يتعامل مع عامة الشعب ؟؟
ربما هذا السر الغامض خلف السقوط السريع والمهين لتلك القوة الوهمية الكرتونية والتي لم تبد أي نوع من المقاومة , فشاهدنا ملامح السقوط المهين عبر الفضائيات والذي أشعرنا بالعار بهكذا نهاية لجيش كان من أقوى الجيوش العربية , السر خلف سقوط صدام كان خلقه لقاعدة خاصة من الحصون الوهمية دون دعم شعبي ودون حب وطني يحمي تلك الحصون من السقوط السريع , حتى ذلك الجيش الذي كان أشبه بأسطورة سقط في لحظات وكأن كل ضابط وجندي يقول في قرارة نفسه كفى يجب أن ينتهي كل هذا , يجب أن ينتهي حكم هذا الرجل الذي أضاع زهرة شبابنا في معارك لا نعرف أهدافها أو لا نؤمن بأهدافها , ربما وجد أولئك الرجال فرصة تاريخية سانحة ليسقط ذلك العبء عن كواهلهم بأيدي أقوى من معارضتهم وأقوى من محاولات الاغتيال الفاشلة وأقوى من الرفض والكره والحقد القابع في النفوس .
هنا نعود للحمة الوطنية التي هي الحصن الحقيقي والأقوى ضد أي تدخل خارجي لأي مجتمع , فالغزاة عبر التاريخ لا يقهرون الشعوب بل يقهرون الأنظمة والقادة , بل أن الشعوب كانت هي المقياس الحقيقي لتقبل أي تدخل أو رفضه , أليس هناك شعوب استقبلت الفاتحين ولم تراق قطرة دم واحدة لأنها رأت المصلحة في تلك الفتوحات (كما حدث في الفتوحات الإسلامية) , وشعوب أخرى أذاقت الغازي الأمرين حتى دحرته لأنها رأت مصلحتها في ذلك .
إن تفكيك اللحمة الوطنية أمر بالغ الخطورة , وهذا ما تلجأ إليه بعض الجماعات والتي تعيش خارج مجتمعاتها وتبث أفكارها وتوجهاتها نحو الداخل ربما لتصفية حسابات خاصة وشخصية , فمن الصعب أن تطلب من المجتمع تبديل نظامه والدخول ربما في فوضى عارمة ينعدم معها الأمن ويضيع الآمان لمجرد أهواء خاصة وتصفية حسابات شخصية , كيف يمكن تفكيك اللحمة الوطنية عن طريق ترديد إشاعات أو تلاوة تقارير وهمية أو مليئة بالمغالطات والمبالغات أو ربما حتى الكذب , وربما أحيانا تفاجأ بتقارير ساذجة وأطروحات لا دليل عليها أو ربما لا يتقبلها إلا أنصاف المتعلمين , إن استغلال بعض الأوضاع وبعض المظاهر التي يمكن التغلب عليها بقليل من الحوار والمكاشفة هو أفضل من سكبها في أذان الناس فتتسلل إلى قلوبهم وتضخمها أوضاعهم التي يتوقون لتحسنها دائما .
إن أقوى درع وأنجح طريقة لمقاومة مزعزعي اللحمة الوطنية هو الالتفات للداخل بدل التوجه لمحاربتهم في عقر دارهم , فبالحب وتحسين الأوضاع قدر الإمكان والتواصل مع المجتمع والاستماع لمعاناته هي الطريقة الوحيدة للقضاء على مروجي الشائعات ومفتتي اللحمة الوطنية , بل يمكن استغلا جهودهم وتقاريرهم وإشاعاتهم وحتى أكاذيبهم للرد عليهم بعنف وربما ينقلب السحر على الساحر , وكلما أوقدوا حربا يطفئها القادرون على ذلك , وهذا يتأتى بكل بساطة عن طريق إصلاح ما زعموا أنه فاسد وإعطاء ما زعموا أنه منع وتغيير ما زعموا أنه لا يتغير , وكل ذلك في أفضل حدود التلاحم بين القادة والشعوب عن طريق المصارحة والمكاشفة ثم التغيير المدروس والخاضع لرضى الجميع حكاما ومحكومين , عنده فقط لن يجد أولئك النفر والذين يتوقون لتحطيم اللحمة الوطنية والأنظمة المستقرة ما يقولوه أو يفعلوه , لأن الإرادة انتقلت لأيدي الشعب الذي قرر الحفاظ على لحمته الوطنية وعلى مكتسباته والتي أهمها وأغلاها الأمن والآمان على المال والعرض والدين والولد ( ولنا في الحالة العراقية خير شاهد) .
لا يمكن لأي متابع مهما كانت درجة وعيه أن يحيط بالحالة العراقية منذ تصريح صدام ( سنحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج) وحتى نهاية هذه المتاهة التي دخلها الشعب العراقي و التي لا يعلم مداها إلا الله تعالى .
هل هناك مكتسبات حقيقية لسقوط صدام أم العكس ؟
لا يخطئ من يرى أن الآراء تتضارب حول هذا الموضوع وربما هذا الاختلاف يفسد للود قضية , فمن يرى أن الشعب العراقي مر بعد فترة صدام بحالة سياسية صحية لانتهاء التسلط والقمع والكبت , ولكن هل يستطيع أن يغض الطرف عن الانتهاكات والرعب وانعدام الأمن وربما ضياع الوطن بين ألف يد وألف قدم .
هل يسوى ذلك الهراء عن الحرية السياسية وانتهاء الظلم والقمع أمام موت ربع الشعب وتهجير الربع الآخر ؟
هناك من يقول نعم للحرية لا للعبودية والتسلط .
هل الحالة العراقية بعد صدام خرجت من تلك البوتقة البغيضة ؟
عين الحقيقة تقول أن العراقيين سقطوا فيما هو أسوأ وربما الأسوأ , فالواقع يقول أن غياب صدام نتج عنه ظهور ألف صدام ( ولو غاب حرامي ظهر ألف حرامي ) .
إن غياب الأمن الذي كان يتمتع به العراقيون ولو بنسب مختلفة وبحالات معينة ولكن لا شك كان هناك أمن وكان هناك احترام لسلطة الدولة وخوف من أجهزتها , فمالذي حصل عليه العراقيون بعد صدام , الإجابة شائكة ولن نحصل عليها بسهولة .
إن ما يظهر أمام الكواليس في الحالة العراقية بعد صدام هو أقل بكثير وربما أجمل مما يختبئ خلفها وربما الأيام ستثبت لنا ذلك .
من المؤكد أن نظام صدام لم يكن مثاليا وكان له أثار سلبية على العراق وجيران العراق واقتصاديات جيران صدام في الماضي والمستقبل , وما فعله بالكويت جريمة دفع ثمنها العراقيون قبل صدام , كانت الكويت القشة التي قصمت ظهر صدام ولو أن الكويت لم تكن إلا مبررا لسيناريو وضع مسبقا (بعد تهديد إسرائيل مباشرة ) , ومن المؤكد أن أي سيناريو يوضع أو تبدو ملامحه في منطقة الشرق الأوسط يصدق عليه مقولة (فتش عن إسرائيل ) .
إن الفجوة التي حدثت بشكل بطئ بين صدام والمجتمع العراقي كانت السبب في تزعزع حصنه الحصين , فصدام أعتمد على أجهزته الأمنية وبث الرعب بين طبقات الشعب , حتى الأخ لم يعد يشعر بالأمان نحو أخيه , واكتفى بتلك الحلقة الضيقة من البعثيين وأجهزة القمع عن حب المجتمع , فكان الانهيار سريعا جدا فلم يرى الشعب العراقي فائدة من حماية نظام أدخلهم في مغامرات مدمرة لأسباب مرضية تنم عن تضخم الإحساس بالزعامة لدى المهيب , ذلك الشعب الذي يمتلك مقدرات مادية ونفطية ويد عاملة وأرض خصبة وعقول مفكرة وحضارة موغلة , إلا أنه لم يجني من هذا الكم الهائل من أدوات التقدم والثراء إلا الحروب وسجون المخابرات , إن من يرى تعامل صدام مع أعضاء الحزب (كما نجد في الشبكة العنكبوتية ) لتصيبه الحيرة , فإذا كان صدام يتعامل مع خاصته ورجاله المخلصين بهذه العنجهية والغرور والتسلط والإهانة وربما الشتم والقتل , فكيف يمكن أن يتعامل مع عامة الشعب ؟؟
ربما هذا السر الغامض خلف السقوط السريع والمهين لتلك القوة الوهمية الكرتونية والتي لم تبد أي نوع من المقاومة , فشاهدنا ملامح السقوط المهين عبر الفضائيات والذي أشعرنا بالعار بهكذا نهاية لجيش كان من أقوى الجيوش العربية , السر خلف سقوط صدام كان خلقه لقاعدة خاصة من الحصون الوهمية دون دعم شعبي ودون حب وطني يحمي تلك الحصون من السقوط السريع , حتى ذلك الجيش الذي كان أشبه بأسطورة سقط في لحظات وكأن كل ضابط وجندي يقول في قرارة نفسه كفى يجب أن ينتهي كل هذا , يجب أن ينتهي حكم هذا الرجل الذي أضاع زهرة شبابنا في معارك لا نعرف أهدافها أو لا نؤمن بأهدافها , ربما وجد أولئك الرجال فرصة تاريخية سانحة ليسقط ذلك العبء عن كواهلهم بأيدي أقوى من معارضتهم وأقوى من محاولات الاغتيال الفاشلة وأقوى من الرفض والكره والحقد القابع في النفوس .
هنا نعود للحمة الوطنية التي هي الحصن الحقيقي والأقوى ضد أي تدخل خارجي لأي مجتمع , فالغزاة عبر التاريخ لا يقهرون الشعوب بل يقهرون الأنظمة والقادة , بل أن الشعوب كانت هي المقياس الحقيقي لتقبل أي تدخل أو رفضه , أليس هناك شعوب استقبلت الفاتحين ولم تراق قطرة دم واحدة لأنها رأت المصلحة في تلك الفتوحات (كما حدث في الفتوحات الإسلامية) , وشعوب أخرى أذاقت الغازي الأمرين حتى دحرته لأنها رأت مصلحتها في ذلك .
إن تفكيك اللحمة الوطنية أمر بالغ الخطورة , وهذا ما تلجأ إليه بعض الجماعات والتي تعيش خارج مجتمعاتها وتبث أفكارها وتوجهاتها نحو الداخل ربما لتصفية حسابات خاصة وشخصية , فمن الصعب أن تطلب من المجتمع تبديل نظامه والدخول ربما في فوضى عارمة ينعدم معها الأمن ويضيع الآمان لمجرد أهواء خاصة وتصفية حسابات شخصية , كيف يمكن تفكيك اللحمة الوطنية عن طريق ترديد إشاعات أو تلاوة تقارير وهمية أو مليئة بالمغالطات والمبالغات أو ربما حتى الكذب , وربما أحيانا تفاجأ بتقارير ساذجة وأطروحات لا دليل عليها أو ربما لا يتقبلها إلا أنصاف المتعلمين , إن استغلال بعض الأوضاع وبعض المظاهر التي يمكن التغلب عليها بقليل من الحوار والمكاشفة هو أفضل من سكبها في أذان الناس فتتسلل إلى قلوبهم وتضخمها أوضاعهم التي يتوقون لتحسنها دائما .
إن أقوى درع وأنجح طريقة لمقاومة مزعزعي اللحمة الوطنية هو الالتفات للداخل بدل التوجه لمحاربتهم في عقر دارهم , فبالحب وتحسين الأوضاع قدر الإمكان والتواصل مع المجتمع والاستماع لمعاناته هي الطريقة الوحيدة للقضاء على مروجي الشائعات ومفتتي اللحمة الوطنية , بل يمكن استغلا جهودهم وتقاريرهم وإشاعاتهم وحتى أكاذيبهم للرد عليهم بعنف وربما ينقلب السحر على الساحر , وكلما أوقدوا حربا يطفئها القادرون على ذلك , وهذا يتأتى بكل بساطة عن طريق إصلاح ما زعموا أنه فاسد وإعطاء ما زعموا أنه منع وتغيير ما زعموا أنه لا يتغير , وكل ذلك في أفضل حدود التلاحم بين القادة والشعوب عن طريق المصارحة والمكاشفة ثم التغيير المدروس والخاضع لرضى الجميع حكاما ومحكومين , عنده فقط لن يجد أولئك النفر والذين يتوقون لتحطيم اللحمة الوطنية والأنظمة المستقرة ما يقولوه أو يفعلوه , لأن الإرادة انتقلت لأيدي الشعب الذي قرر الحفاظ على لحمته الوطنية وعلى مكتسباته والتي أهمها وأغلاها الأمن والآمان على المال والعرض والدين والولد ( ولنا في الحالة العراقية خير شاهد) .