الأخبار
الدفاع المدني: جيش الاحتلال حرق أجزاء كبيرة من مخيم جبالياأبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة مع الاحتلالالحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية في البحر الأحمرإسرائيل تقرر استقبال 300 ألف عامل أجبنيالحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية في البحر الأحمرإيرلندا وعدة دول يدرسون الاعتراف بدولة فلسطين الشهر الجاريأردوغان: إسرائيل ستطمع بتركيا إذا هزمت حماسحركة حماس ترد على اتهامها بالتخطيط لأعمال تخريبية في الأردنالصحة بغزة: ارتفاع شهداء العدوان الإسرائيلي لأكثر من 35 ألفانتنياهو: لن نسمح للفلسطينيين بإقامة دولة إرهابية يمكنهم من خلالها مهاجمتنا بقوةوزير الخارجية الأمريكي: لا يمكن أن نترك فراغا في غزة لتملأه الفوضىالأردن: إحباط محاولة تهريب أسلحة إلى المملكةقيادي بحماس: مصر لن تتعاون مع الاحتلال ويدنا لا تزال ممدودة للتوصل إلى اتفاقاستشهاد شاب برصاص الاحتلال عند المدخل الشمالي لمدينة البيرةالفلسطينيون يحيون الذكرى الـ 76 لـ النكبة
2024/5/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشيخ محمد معلم حسن الصومالى المفسر البارع ومعلم الدعوة ذكرى عشر سنوات على رحيله بقلم:موسى أحمد عيسى

تاريخ النشر : 2010-02-10
الشيخ محمد معلم حسن الصومالى ….. المفسر البارع ومعلم الدعوة.… ذكرى عشر سنوات على رحيله

بقلم : موسى أحمد عيسى

خريج جامعة إفريقيا العالمية ، كلية الشريعةوالقانون قسم القانون، وامين الشؤون الإجتماعية لإتحاد العام للطلبة الصوماليين بالسودان





تمهيد

الشيخ محمد معلم هو رجل من رجالات الدعوة الإسلامية فى القرن الإفريقى بل كان أبو الصحوة الإسلامية فى الصومال لكثرة طلابه ومحبيه لدرسه التفسير فى القرآن الكريم وإسهاماته الكبيرة للدعوة العامة ولتثقيفه المواطن الصومالى بالثقافة الإسلامية .

ونحن اليوم بسدد ذكرى مرور عشر سنوات على وفاته عام 2000م ونقول له رحمك الله يامعلم الدعوة وليست صدفة أن يكون إسمه هكذا (محمد معلم ) بل كان قدرا مقدورا فهو معلم جميع أبناء الصحوة الإسلامية بكل توجهاتهم وهذا ما يشهده التاريخ ويشهده منصفوا علماء الصومال أمثال د. محمد على إبراهيم المراقب الأسبق لحركة الإصلاح ووزير الشئون الإجتماعية فى الحكومة الصومالية الحالية حيث ذكر فى محاضرة ألقاها للجالية والطلبة الصوماليين بالسودان فى تاريخ 2712010م (( أنما مما جعله أن يميل إلى المشروع الصومالى وأن يؤمن أن الإسلام هو الحل وأنه منهج حياة هو تفسير الشيخ محمد معلم حسن الذى كان يستمعه فى كل وقت وحين )) أ.هـ .

وكذالك ذكر الدكتور عبد الرحمن باديو قيادي بارز من حركة الإصلاح بسدد حديثه عن محاضرة ألقاها للطلبة الصوماليين بالسودان فى شهر يناير 2010م حيث قسم تاريخ الحركة الإسلامية إلى أربعة مراحل :
1) مرحلة الإحياء الإسلامى : والتى تبدأ من القرن التاسع عشر ومن أبرز علمائها عبد الرحمن الزيلعى وأويس القادرى والسيد محمد عبدالله حسن وكلهم من الطرق الصوفية

2) مرحلة الوعي الإسلامى : وهي مرحلة الحركات الوطنية حيث كانت هذه الحركات منضوية فى داخلها إسلاميون ووطنيون على حد سواء مثل وحدة الشباب الصومالى والتى تأسست عام 1943م

3) مرحلة الصحوة الإسلامية : ــوهي المرحلة التى تعنيناــ حيث ذكر باديوأن من أبرز من ساهم لهذه الصحوة هو الشيخ محمد معلم وكان فى هذه المرحلة الفكر الإخوانى هو سيد الموقف وتبدأ بعد الإستقلال مباشرة

ومما يقال أن معظم أعضاء حركة الأهل الشهيرة ــ اول حركة إسلامية صومالية ــ كانون من تلامذة الشيخ حيث يستمعون تفسيره ويعيد عليهم واحد منهم فى درس التفسير الذى إستفادوه من الشيخ عندما يجتمعون فى مقر الحركة الذىكان فى منزل الشيخ عبد القادر شيخ محمود رئيس الحركة آنذاك لقلة الثقافة والمعرفة وندرة الكتب الدينية فى ذالك الزمان .

4) مرحلة الحركات الإسلامية فى الصومال : بدءا من حركة الأهل فى نهاية ستينيات القرن المنصرم وختاما بحركة الشباب المجاهدين .أ. هـ .

فقد وهب الشيخ لكل حياته خدمة للإسلام والمسلمين ولايقاس عمر الرجال بالأعوام ولاتقارن حياتهم بحياةمن يمرون بهذه الدنيا عرضا فإن تشابهت الوجوه والتقاسيم ، فلا تتشابه الأقدار ، فثمة من يعمر هذه الأرض لسنوان طويلة يعيش عالة عليها فى هوامش الظلمات ، لايؤثر ولا يتأثروعلى الضفة الأخرى ثمة من يساهم فى صنع حياة أخرى ، فيؤثر ويتأثر حتى نقول أنه كان هنا …

وشخصيتنا التى نحن بصدد الحديث عنها كانت هنا حيث كان قمة من القمم الشامخة لا يكل ولا يمل من العمل الإسلامى يصول ويجول فى كل ميدان لا لغرض الدنيا بل لخدمة الإسلام والمسلمين .

قليلون هم الذين يموتون ولايموت ذكرهم بموتهم لأنهم دخلوا قلوب الناس ، وتركوا بصمات عميقة فى وجدان من عرفوهم وعاصروهم والشيخ محمد معلم منهم حيث إنتشرت الدعوة الإسلامية بفضل أشرطته المسجلة لتفسير القرآن الكريم رغم غيابه وموته .

ولقد كان الشيخ مثالا للداعية الصادق والمجاهد الصابر والمؤمن العامل الذى كان فقه الإسلام حق الفقه ، وترجم هذا الفقه إلى واقع عملي يعيش فيه وسط الناس يدرس مشكلاتهم وعمل على علاجها.

ونقول : إذلاقى الشيخ صنوفا من المضايقات والإهمال فإن له عظيم المكانة إن شاء الله فى الآخرة وحسبه أنه وقف مدافعا عن الشريعة الإسلامية الغراء من الشوائب الإشتراكية . ولكى لا نطيل على القراء ندخل لترجمة حياة الشيخ مباشرة .
مولده ونشأته

ولد الشيخ محمد معلم عام 1934م فى بادية بورهكبة قرب مدينة بيدوا ولكن التاريخ المكتوب فى جواز سفره تشيرأنه ولد عام 1936م .

وتعلم القرآن فى الدكسى كعادة الصوماليين حيث كان أبوه أستاذه فى القرآن الكريم وحفظ القرآن وعمره تسع سنوات ، وهذه تدل على نباهة الشيخ وفهمه وقوة حفظه وحبه للعلم والمعرفة

نسبه وأسرته

ينتمى الشيخ إلى قبيلة حوادلى بطن من بطون قبيلة الهوية الساكنة فى بلدوين عاصمة محافظة هيران ، وذهب أبوه إلى بيدوا طلبا للعلم وتعلم القرآن فى هذه المدينة وأصبح أخيرا معلما يدرس الطلبة للقرآن الكريم وتزوج إمرأة من القبائل الساكنة فى بيدوا ، وتنتمى أمه إلى قبائل دجل ومرفل الساكنة فى إقليمى باي وبكول وكان يتيما حيث مات أبوه وهو صغير ونشأ فى بيت أخواله ، وكان بيتهم بيت علم حيث أنهم إعتنوه عناية فائقة وربوه على حب العلم حتى فاق أقرانه . وبرز فى العلم والفقه والفهم ، تصدر للتعليم مبكرا وأشتهر بفراسته وذكائه .

قصة كفالة أخواله

وممايروى عندمامات أبوه تنازع فى كفالة الإبن الصغير ــ محمد معلم ــ أخواله وأعمامه وتحاكموا إلى الإيطاليين الذين يحكمون البلد فى ذالك الزمان فكان حكمهم كالآتى :ـ

أن يقف الإبن الصغير ــ محمد معلم ــ إلى وسط أخواله وأعمامه وإلى الجهة التى يتبعها طوعيا فهي التى تكفله فاتجه الإبن إلى جهة أخواله فآلت كفالته إليهم .

طلبه إلى العلم

ويروى لنا الشيخ قصته فى حوار قامت به هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالى على يد المراسل محمود شيخ دلمر(من أبناء عيرجابو) عام 1994م حيث ذكر ( أن خاله أعطاه كتاب سفينة الصلاة ثم ذهب برفقته إلى بيدوا لدراسة العلم ولم يستقر فى بيدوا وقتا طويلا إذ جاءه رجل وهو جالس فى المسجد وينتظر الإمام ليقرأ له درسا فى كتاب سفينة الصلاة فقال له : ماذا تريد من هذا الإمام فذكرت له مقصدى فقال تعال معي فأنا أقرؤك وسنذهب معا إلى الصومال الغربى (منطقة أوغادين حاليا ) .

رحلته لطلب العلم

سافر الشيخ مع هذا الرجل إلى أن وصلوا إلى نواحى جكجكا فمكثوا بعدما رأو شيخا يدرس الناس للعلم يدعى الشيخ محمد عبد الله فأواهم وأستضافهم ليلة كاملة فذكر الشيخ لمرافقه أنه يريد أن يمكث مع هذا الشيخ ويستفيد من علمه فوافقه وعلى يد هذا الشيخ بدأ دراسة كتاب سفينة الصلاة وهو أول كتاب بدأ دراسته فى الدين الإسلامى ، فقد مكث الشيخ محمد معلم مع هذا الشيخ لمدة طويلة وتعلم على يديه كتبا كثيرة فى الفقه وبعدما أنهى دراسته خلف الشيخ محمد معلم إلى مدرسة شيخه فبدأ بتدريس القرآن والعلم حتى أصبح شيخا يشار إليه البنان من كافة الصوماليين شرقا وغربا ووفدت إليه المشائخ من حدب وصوب .

ثم زار به الشيخ حاج على وكان مدرسا فى مدينة دردوا وتخرج هذا الشيخ من السعودية وخاصة من مكة المكرمة وعلى يد هذا الشيخ تعلم منه النحو والفقه وهو الذى ختم للشيخ كتاب ألفية إبن مالك فى النحو وأيضا من علمائه الشيخ على جوهر والشيخ براوى .

ذهابه إلى هرجيسا

وبعدما أنهى الشيخ دراسته للعلوم الشرعية فى الحلقات التقليدية ذهب إلى هرجيسا وعاشها مدة من الزمن وفتح فيها مدرسة يدرس فيها الطلبة للقرآن الكريم والعلوم الشرعية ، وعقد مع تجار هرجيسا أن يشتغل معهم فى التجارة مقابل تعليم أبنائهم فوافقوا عليه .

وبعد فترة من الزمن زار به الشيخ شريف من علماء الصومال الكبار إذ نصح به أن يذهب إلى مصر لزيادة العلم الشرعى وكان زاد هذا الشيخ الذى يذهب به إلى مصر جاهزا ، ومع ذالك توعد الشيخ محمد معلم أنه سيذهب قبله إلى مصر حرصا للعلم فكان كما توقع الشيخ فقد ذهب قبله وحققت أمنياته .

وطلب الشيخ من تجار هرجيسا أجره وما يزيدون عليه وأخبرهم بأنه سيسافر إلى مصر طلبا للعلم ، فأعطاه التجار أجره وزيادة ، ثم رحل من هرجيسا عام 1958م متجها إلى مصر وكان سفره مرة يمشى على الأقدام ومرة يركب قطارا ومرة حافلة وقد مر بدول كثيرة مثل إرتيريا والسودان حتى وصل إلى مصر عام 1958م .





بداية حياته العلمية فى مصر

أراد الشيخ أن يبدأ دراسة جامعة الأزهر ولكن شيخ الأزهر عبد الحليم محمود إمتحنه فقال له إنك جيد وتعرف العلوم الشرعية وفنون اللغة العربية ولكن ليس عندك شهادة ثانوية فأمتحن إمتحان قبول الجامعات ، فأمتحن هذا الإمتحان ، وذكر الشيخ أنه كان أول إمتحان إمتحنه فى حياته وأنه لم ير مادة غريبة عليه سوى الأدب العربى الذى لم يكن معروفا لدى الصوماليين فى ذالك الزمان .

فنجح الشيخ فى هذا الإمتحان وألتحق فى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فتخصص فى العقيدة والفلسفة لأن الشيخ تعلم من قبل علم المنطق وتعمق به فأحب أن يتخصص فيه للعلاقة الوثيقة بينهما .

وبعد تخرجه واصل دراسته فى درجة الماجستيرا فى نفس التخصص وكان تقديره جيد جدا وبعده إلتحق إلى معهد كلية التربية التابع لجامعة عين شمس حيث تعلم منهاوأخذ منها دبلوم فى طرق التدريس والمناهج وبعد ذالك شرع الشيخ تحضير درجة الدكتوراة وكان موضوع رسالته ( الأيمان وأثره فى حياة الفرد والمجتمع ) كان مشرفه الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وكان أستاذه فى قسم العقيدة والفلسفة من قبل ، وكان هذا الشيخ يتعجب فى حفظ الصوماليين للقرآن الكريم والدين واللغة العربية وفنونها فيقول لهم : ( أيها الصوماليون فإنى لاأقول فى علمكم وفى حفظكم إلا كما قال الله تعالى : (( يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا ألوا الألباب) . أ.هـ.

ولكن لسوء الحظ لم يكمل الشيخ فى كتابة هذه الرسالة فقد أشغلته هموم الدعوة والمعيشة ولم ير النور هذا الكتاب وأمثاله من مؤلفات الشيخ .

وكان الشيخ محمد معلم رئيس إتحاد للطبة الصوماليين فى مصر أيام دراسته الجامعية وكان نشطا بين أقرانه وإخوانه الصوماليين وكانت مدة دراسته ايام صراعات الحكم فى مصر بين الإخوان المسلمين من جهة والقوميين من جهة أخرى .

تأثره بحركة الإخوان المسلمين

كانت نهاية الخمسينات وأوائل الستينات بيئة نشطة للصراعات وخاصة صراعة الأفكار والسياسة حيث تصادمت أفكار حركات كثيرة من هذه الحركات جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست عام 1928م على يد الشيخ حسن البنا وتأثر الشيخ محمد معلم من دعوة الإخوان وخاصة كتب روادها أمثال الإمام الشهيد حسن البنا والشهيد سيدقطب والشيخ حسن الهضيبى وغيرهم من علماء الإخوان وكان أغلب علماء الإخوان فى السجن وكانت جماعتهم وكتبهم محظورة وحتى المكتبات النشر وتوزيع الكتب كانت مجهولة أما الشيخ فكان يعطى الكتب للشيخ شاب صغير .

ويحكى لنا الشيخ فى إعدام سيد قطب عام 1966م حيث يقول ( كنت قريبا فى مكان وقوع هذه الحادثة ـ أي إعدام سيد قطب ـ حيث كان سكنى قريبا من هذا المكان فقد أصابتنى صدمة وحيرة ففزعت من هذا الخبر وحزنت منه حتى أن رجلا من رؤساء العالم نصح لجمال عبد الناصر ألا يعدمه لثلاثة أمور :ـ

اولا: هو رجل شيخ ومسن فى الستينات من عمره

ثانيا : أنه رجل ذو علم وشرف وحرام على قتل العلماء

ثالثا: أنه أفكاره إنتشرت وبالتالى لاينفعط إبادته لأنك تريد أن لاتنتشر أفكاره وقد إنتشرت .ا.هـ.

عودته إلى الصومال

عاد الشيخ محمد معلم إلى مقديشوا عام 1968م وفى أواخر هذا العام بدأ دراسة تفسير القرآن الكريم فى مسجد الشيخ عبدالقادر بعدما إكتشف حاجة الناس إلى الدعوة والتفسير وتذكيرهم لمحاسن هذا الدين الحنيف .

وأبتكرالشيخ بطريقة جديدة فى التدريس لم يعرفه علماء الصومال من قبل وهي قراءة التفسير فى المصحف المجرد مما سهل للدارسين تركيزهم بمعانى آيات القرآن الكريم باللغة الصومالية بدلا من قراءة التفسير بالجلالين الذى كان سائدا فى ذالك الزمان إذ يشتت هذا التفسيرفهمهم حيث أنهم يركزون معانى القرآن الكريم باللغة العربية والصومالية معا .

وأستمر الشيخ لدراسة تفسير القرآن الكريم مدة سنة .

دوره فى جمعية النهضة وبداية فكرة الإخوان فى الصومال .

إستقبل البلد فى فترة الستينات من القرن المنصرم عددا ممن تم أبتعاثهم إلى الدول العربية وخاصة إلى مصر وكان منهم الشيخ محمد معلم حيث كان أشهر المبتعين العائدين إلى البلد وذالك لعلمه العزير الذى إشتهر به قبل الإبتعاث . وبعد عودتهم إلى الصومال أسسوا جمعية النهضة فى عام 1967م .

ويقول الشيخ غريرى فى حواره مع شبكة الصومال اليوم ( فى عام 1967م أسسنا جمعية النهضة ونحن مجموعة من المثقفين بالثقافة العربية والإسلامية أغلبهم من الموظفين والمدرسين ورجال القضاء وكانت ذات طابع (أخوانى ) غير معلن وترأسها الشيخ عبد الغنى شيخ أحمد رحمه الله والذى كان مستشارا فى المحكمة العليا وكنت نائبه ، ومن أهم ماقامت به إستيراد كتب الثقافة الإسلامية بمختلف أنواعها )أ.هـ.

أما علاقة الشيخ ــ محمد معلم ــ بهذه الجمعية فيحدثنا د. محمد على إبراهيم فى حواره مع شبكة الصومال اليوم حيث يقول :(عندما عاد الشيخ محمد معلم إلى الصومال أنسجم مع جمعية النهضة التى أسسها الشيخ عبد الغنى شيخ أحمد (توفي 2007م فى الكويت وكان عضوا فى الموسوعة الفقهية)والذى جلب الكتب من مصر ، ونائبه الشيخ محمد غريرى تخرج من الجامعة الإسلامية وجلب مكتبة كبيرة أيضا من السعودية ،وكان الشيخ محمد معلم أمينا لتلك المكتبة وكان ذالك تقريبا سنة 1967م والشيخ محمد معلم لكونه عالما لغوياإستفاد من المكتبة فكان يحضر تفسيره من كتاب (الظلال لسيد قطب) .

الشيخ محمدمعلم وثورة أكتوبر1969م

ويحكى لنا الشيخ محمد معلم علاقته بهذه الثورة فيقول ( عندما جاءت الثورة رحبونى وقربونى فى البداية وعينونى فى منصب منسق العام لوزارة الشئون الدينية ولكن بعد ذالك إضطهدونى وأجبرونى أن أوقف تدريس التفسير فأمتنعت من ذالك ) .

وبعدما تأكدت الحكومة أنه لايوقف التفسير عينته سفيرا إلى الخارج فأمتنع الشيخ لهذا المنصب وآثر الدعوة الإسلامية عن أعراض الدنيا وكان الشيخ من أوائل العمال الذين طردوا من وظيفتهم .

تعرضه للسجن

وبعدما إمتنع الشيخ توقيف التفسير سجن فى سجن يسمى ذو عشرين سنة (لباتن جرو) عام 1976م ومكث فيه إلى سنة 1984م وكانت أوضاع قاسية أيام سجنه وقد سأله شيوخ من مناطق باي وبكول عن أوضاعه فى هذا السجن بعدما أخبروه أنهم طلابه الذين يستمعون تفسيره فأجاب الشيخ قائلا : كانت أيامى فى السجن أصعب أيام فى حياتى وسألوه أيضا كيف كان يعرف عدد السنين والأسبوع والشهور فذكر الشيخ أنه كان حافظا فيختم القرآن فى كل أسبوع مرة واحدة بالطريقة الصومالية المعروفة وعبرها يعرف أن الأسبوع قد إنتهى وكذا الشهر فإنه كان يقرأ فى كل يوم جزأ وبالتالى يختم القرآن فى كل شهر مرة واحدة فيعرف أن الشهر قد إنتهى ، أما السنة فقد كان الشيخ متبحرا فى علم الفلك فكان ينظر الشمس والنجوم فى ثقب كان فى سقف السجن وعبر النجوم يعرف عدد السنين والحساب وذات يوم أنبتت شجرة فى ذالك الثقب أحجبته برؤوية النجوم وبعد عدة أيام ساقوا به إلى مدير السجن فسأل عن أخباره وأحواله فذكر له أن الثقب الذى أزعجه وأتعبه أنبت الله مكانه شجرة أحجبته من لهيب الشمس ، ويقول الشيخ وأعرف أنى لوذكرت له هذا الخبر أن سيقطع الشجرة ورغم ذالك فعلت لإنى أريد أن أعرف حساب عدد السنين عبر هذا الثقب ففعلوا كما ظننت فقطعوا هذه الشجرة .

ويحكى لنا الشيخ أيضا عن أشد أيامه فى السجن فيقول ( كانت عادتى أن أرفع الآذان فى كل صلاة بعدما قرب وقتها فمنعنى مدير السجن وأعوانه ذالك الآذان وقالوا لى : لا ترفع الآذان مرة اخرى وعندما قلت لهم : إن جميع السجون ترفع آذانهم للصلاة فلماذا تمنعوننى ؟ فقالوا هذا امر من الضباط العليا فألتزم هذا الأمر . فأمتنعت أمرهم فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق .

وهذا دليل على صلابة موقف الشيخ وكان يؤمن بالله ويعرف ان قوة الحكومة كبيرة ولكنه يومن أن الله أكبر وهذا الإيمان يجعل تلك القوة الكبيرة الضخمة صغيرة وضعيفة . فجاؤوا به إلى داخل السجن وضربوه ضربة عنيفة حتى سقط على الأرض مغشيا عليه ويقول الشيخ فلم أظن أنى سأخرج من هذا السجن وأنا حي لشدة تعذيبى إلي .

وبعد فترة من الزمن بعدا أصبح الشيخ مرهقا ومتعبا لكثرة التعذيب حولوه إلى السجن المركزى واعتقلوه فى حجرة ضيقة إسمها (شمبرولى ) وسميت لذالك الإسم لأن فيها قمل وحشرات ضارة صغيرة تنزل عند الشخص مثل الطيور وتأكله فى كل وقت ولايستطيع الشخص ان ينام فى هذه الحجرة لكثرة الأكولة والأمراض فى الجسد .

وقال الشيخ : بعدا أرهقت وتعبت فى الزنزانة أرادت العساكرة أن ترحمنى فأخرجونى من هذه الغرفة الضيقة وشرعوا فى تنظيفها وغسلها وتصبيغها وإضاءتها وبعدما أكملوا صيانتها رجعونى وقالولى : نريد أن تعفو بنا فقد أرهقناك وأتعبناك )

وأصبحت غرفتى بعد هذه الصيانة أحسن غرفة فى السجن حتى دفع السجناء الرشوة مقابل إعتقالهم فى غرفتى النظيفة .

ومكث الشخ فى السجن 11 سنة وبعد خروجه من السجن 1984م مرض الشيخ فنقل إلى الخارج للعلاج ودخل عملية جراحية وبعد عودته إلى البلد بدأ التفسير مرة أخرى وبعد أن قرا 9 درسا من التفسير أعيد إليه فى السجن مرة أخرى .

وظنا الحكومة فى هذه المرة أن الشيخ وطلابه قد تناسيا مع بعضهم البعض ولكن بالعكس كانت جموع المسلمين تتدفق فى مسجد الشيخ لإستماع تفسيره ، وخلال هذه المدة الطويلة لم يتزحزح الشيخ عن مبادئه وأفكاره الإسلامية قيد أنملة .

فأضغطت الحكومة الصومالية وأمرته بتوقيف التفسير ولكن الشيخ لم يطع اوامرهم .

ومما يقال أن الحكومة إعتقلت معه رجلا فى السجن لغرض قتل الشيخ ولكن الله أنقذه من شره .



مواقفه وصلابته

وقديما قيل ( الرجال مواقف) ويحكى لنا الشيخ كيف كان فى كل مرة اخرج إليه فى السجن حيث يقول ( فى كل مرة أخرجونى من السجن لايتكلمنى إلا الرئيس محمد سياد برى فيسألنى عن أوضاعى وصحتى وأن أترك هذا التفسير فقلت له يافخامة الرئيس إذا كنت فى السابق رجلا شجاعا وذو عزيمة قد أصبحت الآن أشجع من قبل فضحك الرئيس وخلا سبيلى )

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تترددا

وقد إتصف الشيخ بثبات مبادئه الإسلامية لأن الثبات عامل مهم فى الأثر الذى يتركه الإنسان فى هذه الحياة وهو الموصل بإذن الله إلى ما يريده المرء ويطلبه ،فالمريد تغيير حركة التاريخ والراغب تعبيد الناس لرب العالمين والعامل على رفقة دينه وإعلاء رايته لا غنى له عن الثبات .

محاولة تطبيق الإشتراكية العلمية على الصومال وموقف الشيخ منه

فى إحتفالات العيد الأول للثورة فى أكتوبر 1970م أعلن سياد برى تطبيقه للإشتراكية العلمية معلنا رفضه لمفاهيم الإشتركية العربية والإفريقية والإسلامية .

مفهوم الإشتراكية العلمية : مفهوم فلسفى ومادى إيدلوجى ماركسى ، وبعد ست سنوات من العمل والنشاط الدؤوب لمحاول تعميق مفهوم الإشتراكية العلمية بلغ هذا الإتجاه ذروته وذالك عندما أعلن النظام العسكرى بأن الأمم المتحدة سمت عام 1975م بعام المرأة العالمى .

وعليه تقرر إنعقاد الحوار الإقليمى الإفريقى فى مقديشوا بعنوان (مساواة المرأة للرجل) فى الفترة ما بين 13ـــ15 أبريل 1975م .

وفى أجواء الإستعداد لإنعقاد المؤتمر فى مقديشوا أعلن مجلس قيادة الثورة الصومالى عن مساواة المرأة للرجل بما فى ذالك الميراث وصدر ذالك رسميافى قانون الأسرة الجديدة رقم 23 الصادر فى 111950م كما نصت المادة 158 من ذالك القانون .

وليس من الممكن أن تمر بسهولة هذه الممارسات اللادينية فى مجتمع مسلم بنسبة 100% فقد قام العلماء فى يوم الجمعة 5محرم 1395هـ الموافق 17يناير 1975م بإلقاء خطب تستنكر هذا القانون فى عدد من المساجد مما أدى إلى إعدام عشرة من العلماء وإعتقال عدد كبير من المصلين ، وكان الشيخ محمد معلم من الرافضين والمستنكرين لهذا القانون.

وقد سئل الشيخ : ماذا منعك فى إستهداف الحكومة لك وان من رواد الصحوة الإسلامية وقد أعتقل وقتل كثير من العلماء من أمثالك ؟ فأجاب الشيخ قائلا : كان الحدث فى يوم الجمعة فجائنى ضابط من المخابرات الصومالية رفيع المستوى وأنا أستعد لأتوضأ لصلاة الجمعة فأخبرنى أن الحكومة أمرت أن لا أخرج من بيتى وفى كل مرةهممت أن أخرج لذهاب المسجد يمنعنى وبعد مدة وقد ظن الضابط أن عملية اعتقال العلماء فى المساجد قد تمت قال لى أإذهب الآن فأنت حر فسألته وهو يخرج : لماذا تلعبنى وتمنعنى الصلاة والخير ؟ فقال لى صراحة : نريد أن نعتقل علماء السوء الذين عارضوا النظام وتطبيق مساواة النساء للرجال فى الميراث وأعرف أنك من أول المعتقلين فأردت أن لاتكون منهم لحبى لك أن تبقى .

فقلت له : لم تجلبنى خيرا فقد منعتنى الثواب والجنة .

وفى ذالك الزمان أفتتحت الثورة 13 مركزا لتوعية الشباب ولدعوتهم الإنضمام لمذهب الإشتراكية العلمية فجندت الثورة ناسا كثيرة فكان الشيخ يوعظ الناس ويبين لهم مساوئ الإشتراكية ولايذكر صراحة أن الثورة خاطئة ولكن عبر تفسير القرآن الكريم فقط .

وقد إنقلب السحر على الساحر فقد جاء الناس وبكل أشكالهم إلى تفسير الشيخ سواء كانوا عمالا أو تجارا أو طلابا أو شرطة حيث يستمعون فى تفسير الشيخ والذى لم يدع موضوعا فى الدين إلا تطرق إليه وبالعكس أصبح مراكز توعية الإشتراكية شبه مهجورة مما أدى فى نهاية المطاف إلى إغلاقهم بعدما إمتنع الناس لزيارتهم هذا وقد إعتقلت الحكومة الشيخ ووضعته فى السجن وعندما سئل الرئيس سياد برى عن سبب إعتقاله ؟ ذكره صراحة بأن هذا الشيخ ليس مذنبا ولامجرما بل هو مواطن صالح ولكنه أنشأ مركزا للتوعية ضد الحكومة يقصد تفسير الشيخ ونحن أنشأنا 13 مركزا للتوعية الإشتراكية فكثر أنصاره وطلابه بينما تضائلت أنصارنا ونحن أقوى منه وليس من المعقول أن يوجد فى البلد حاكمان لذالك إعتقلناه .

معرفتى بالشيخ محمد معلم

فقد عرفت الشيخ من خلال أشرطته المسجلة كتفسير القرآن الكريم فقد إستعمت تفسيره لأول مرة وأنا فى مدينة عيرجابوا تقريبا عام 1997م فأحببت إستماع تفسيره فقلت ياالله : ماهذا الشيخ الهادئ الذى يفسر القرآن بدون تكلف فكان تفسيره موصوفا بالنبرة الهادئة ...

وكان دائما يتوسط مقاطع كلامه مرة تلو الأخرى بالكلمة الصومالية (kolka)

ومعناها (حينئذ) وذات مرة سألنى زميلى فى الجامعة بشير شيخ أحمد خريج جامعة إفريقيا العالمية وكان من تلامذة الشيخ فقال : إذا كنت تعرف الشيخ محمد معلم وأستمعت أشرطته فهل تعرف الكلمة التى كان يكررها دائما فقلت له هي كلمة (كلك) فضحك بشير وقال : والله قد عرفت . فكانت صلتى بالشيخ عن طريق هذه الأشرطة فقط ولم يقدر الله أن ألتقي به وهو حي وقديما قيل (صلة الدين فوق صلة القرابة )

دوره فى المصالحة الصومالية

وبعد إنهيار الحكومة المركزية عام 1991م وإندلاع الحروب الأهلية فى الصومال بدأ الشيخ تفسيره فى مسجد التضامن الإسلامي وسط مقديشوا .

وقد أخذ دورا كثيرا فى المصالحة بين الفرقاء الصوماليين حيث كان يجتهد فى إصلاح ذات البين ، وكان من مؤسسى المحاكم الإسلامية فى مقديشوا إبان الحرب إذ جاءت فكرة إنشائها من العلماء بقيادة الشيخ محمد معلم حسن بعدما تحول البلد إلى فوضى عارمة وجاءت ظاهرة المحاكم الإسلامية والتى حددت لنفسها جملة من الأهداف إستجابة لحاجة المجتمع ومن أهدافها تلك :ـ

1ـ إعادة الأمن والإستقرار عن طريق القضاء على كافة مظاهر الإجرام والتخريب

2ـ إعادة الممتلكات إلى أصحابها الأصليين

3ـ الحفاظ على الآداب الإسلامية ومحاربة المفاسد الإجتماعية المختلفة

4ـ الفصل فى الخصومات بين أفراد الشعب

5ـ تشجيع قيام المؤسسات الإجتماعية والخدمات المختلفة فى الصومال

6ـ حماية ما تبقى من المرافق العامة والخاصة فى البلاد.

علاقته مع الإخوان الدولى وحركة الإصلاح

إنتهج الشيخ محمد معلم نهجا متوسطا لنفسه ودعا إليه طلابه ومقربيه فلم ينضم إلى الإخوان الدولى أو حركة الإصلاح الصومالية التى تأسست عام 1978م وسمي فيما بعد طلابه ومقربوه (الإخوان المسلمون المحليون ) أو (آل الشيخ ) نسبة إلى الشيخ محمد معلم

يقول د.محمد على إبراهيم فى حواره الفائت ( لم يرفض الشيخ محمد معلم أن يقيم علاقات مع الإخوان الدولى وكان مستعدا لذالك ، لكن الإصلاح قطعوا عليه الطريق والمسألة نفسها تكررت مع الجماعة الإسلامية التى تطورت إلى الإتحادالإسلامى والتى قامت نتيجة تعنت ورفض قيادات من الإصلاح لتشكيل كيان دعوى أوسع )أ.هـ.

دوره فى تأسيس مجمع العلماء

فى أواخر التسعينان من القرن الماضى أسس الشيخ محمد معلم تجمع كبير ينضم إلى شريحة كبيرة من علماء الصومال إسمه (مجمع علماء الصومال ) وترأسه فى البداية وبعد وفاته خلفه برئاسته أحمد عبدى طعسوا وكان القصد منه توحيد كلمة العلماء وتحول إسم المجمع لاحقا إلى إسم حركة التجمع الإسلامى ويعود له الفضل فى بدء هذه الطريقة الحسنة من توحيد العلماء ( ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ).

دوره فى نشر الدعوة الإسلامية فى المهجر

بعدما سقوط النظام هاجر بعض الصوماليين إلى جميع بقاع العالم مما تفاقم دور العلماء وأدى أن يرحل بعض العلماء معهم إلى أماكن إقامتهم .

فكان الشيخ يزور مراكز الجالية الصومالية فى المهجر مثل دول الخليج العربى وبعض من دول أوروبا فأستقبله الصوماليون فى المهجر أحسن إستقبال ورحبوه أجمل الترحيب وظل يؤدى دوره الدعوى فى تذكير الناس إلى الدين ووعظهم لسلوك سبل الخير والصلاح وطريق النجاح والفلاح فكانت جموع المسلمين تتدفق على المساجد خاصة من الشباب الذين أحبوا وتعلقوا به وتأثروا بمواعظه ونأخذ مثالا لأماكن دعوته فى المهجر مسجد الرابطة الإسلامية فى فلندا حيث زاره الشيخ فى تسعينات القرن الماضى ووعظ الناس فى ذالك المسجد وأيضا زاد مدينة لندن لأغراض دعوية عام 1994م ، حيث حاوره المراسل محمود دلمر من هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالى .

وكان الشيخ أبو الصحو الصومالية فى الصومال حيث كان مرشدا ومعلما لشباب الصحوة وقد بارك الله فى جهوده ووفق الله وإخوانه وتلاميذه للتحرك بالدعوة الإسلامية ونشرها فى كثير من أقاليم الصومال خاصة والقرن الإفريقى عامة ونشر الفكر الإسلامى فى كل مكان .

ثناء العلماء عليه

المحبون للشيخ محمد لايحصى عددهم والمتأثرون به لايمكن حصرهم والذين أشادوا بفضله لاتحيط بهم ذاكرتى وأكتفى بأربعة فقط :ـ

1) يقول الشيخ أحمد عبدى طعسوا خلفه فى مجمع علماء الصومال ( كان الشيخ محمد معلم من مؤسسى المحاكم فى الصومال ومجمع علماء الصومال حيث أصبح أول رئيس لها فقد بدأ دراسة التفسير منذ عودته إلى الصومال وكذالك بعد إنهيار النظام سياد برى ، بدأ التفسير فى مسجد التضامن الإسلامى ، وكان رجلا ذو إيمان عالية إذ وهب جميع حياته لخدمة الإسلام ، وكان وقافا للدين وكان الناس بالنسبة له سواسية ، وكان سخيا وقائدا مجاهدا فذا من نوعه ، وكان رجلا حليما ورحيما ، وكان أبو الصحوة الإسلامية فى الصومال ، وسيذكره الناس عن محاسنه ، وقد حزن عن وفاته جميع الصوماليين الذين عرفوه وعاصروه وأنه كان يحب أن يكون الشيء حيا يرزق بين ظهرانيهم ولكن الدنيا لاتدوم لأحد فقد توفي اليوم ــ يعنى يوم وفاته ــ داعية وعالم إسلامى كبير ومشهور والذى لانستطيع أن نملأ بسهولة .

ثانيا: يقول الشيخ عمر فاروق متحدثا لهيئة الإذاعة البريطانية بعد وفاة الشيخ ( كان الشيخ محمد معلم متبحرا فى العلوم الشرعية وهو من الراسخين فى العلم الذين وهبهم الله بمنه وكرمه ملكة عظيمة فى معرفة الدين الإسلامى ، حيث كان معظم الناس الذين نشروا الدين من تلاميذه الذين أنهلوا من معين علمه وأستفادوا من نصائحه ومواعظه وتفسيره القيم )

ثالثا: يقول الشيخ شريف عبد نور ( كان الشيخ محمد معلم رجلا هادئا ذو أدب وأخلاق رفيعة وكان متصفا بقلة الكلام وكثرة الإنصات وكان يكره اللغو ، وكان كثير القراءة للقرآن الكريم وكان رجلا منفتحا يكثر المزاح حيث كان يمزحنى شخصيا وكان ينادينى أوكى شريف

رابعا : يقول الشيخ عبد الغنى شيخ أحمد وزير العدل والشئون الدينيةالأسبق فى إحدى حكومات الصومال السابقة ( يعتبر وفاة الشيخ محمد معلم صدمة للعالم الإسلامى عامة وفى الصومال خاصة وإننى لا أعرف رجلا أسهمفى نشر الدين الإسلامى وأثر الجيل الإسلامى الجديد فكريا وعلميا مثل تأثير الشيخ محمد معلم فى مدة ثلاثين عاما التى مضت ، الموت حق ولكنى حزين لفقدانه إذ لاننسنى تربيته وتعليمه للطلاب فى تفسير القرآن الكريم وتوجيهاته القيمة ، وذهب الشيخ إلى مصر وهو عالم وعندما دخل إمتحان قبول الجامعة قبل الممتحن على وجهه مهيبا عليه وكان رجلا فهاما ذو عقل نير وكبير وكان حافظا للقرآن الكريم ويعتبر وفاته خسارة لنا فقد مات فى وقت تحتاجه الدعوة الإسلامية لأمثاله )

من أقوال الشيخ محمد معلم

1ـ (( الإسلام نظام شامل فكل نواحى الحياة تطرقها فتحدث عن الفرد والمجتمع وتوازن الجسد والروح والأخلاق والآداب والنظافة والمحافظة على البيئةحتى العلاج فالحمية رأس كل دواء والمعدة بيت الداء وتحدث الإسلام عن المسئوليات الكبيرة للإنسان بما فيها عمارة الأرض والخلافة لأن الله وهبه عقلا وفضله من سائر المخلوقات بذالك العقل وقديما قيل إستراح من لا عقل له ))

2ـ (( التأخر الذى أصاب المسلمين سببه هجر الدين وقد إنحطت أخلاق الفرد حتى أصبح كالأنعام وأنحطت قيم المجتمع فالزواج الإسلامى قد أهمله الغرب حتى إبتدع ما يسمى الزميلة والصديقة فأدت إلى التفكك الأسرى الذى نراه اليوم ))

3ـ (( أرى أن تسمية عصر النهصة والتنوير فى حضارة أوروبا ليس صحيحا لأن تطورهم لم يكن مكتملا فقد تطوروا فى الماديات كالبنيان وغيرها ولكن الإنسانية تأخرت لأن الإنسانية تتطور إذا كانت عندها أخلاق وعدالة فى كل الأمور وبالتالى فالطبيعة والماديات تطورت ولكن الإنسانية تأخرت جدا ))

4ـ (( الدولة العصرية فى مفهومى هي أن تكون الدولة دولة متطورة وهادئة وعادلة ونظيفة وبعيدة عن الأخلاق الذميمة كالنميمة وأن يكون سكانها إخوانا متحابين وأن تكون بعيدة عن البداوة وقسوة العيش وليس فى الدنيا دولة عصرية تنعم بكل هذه الأمور إلا التى تريد تطبيق الشريعة الإسلامية فى واقع حالها))

(( أقول للغرب إذا لم تريدوا إعتناق الإسلام كدين فطبقوا قواعده وشرائعه العامة لأن الإسلام جاء ليقرر للدنيا أعدل المبادئ وأقوم الشرائح ويسموا بالنفس الإنسانية ويقدس الأخوة العالمية وهذا ما يشهده منصفوا علماء الغرب وفيه ما لاتستغنى جميع قوانين العالم مثل قوانين الحرب والسلم ))



* ملحوظة *

هناك كلمات من لفظ الشيخ فى حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالى وقد قالها مباشرة بالعربية ولم أترجمها وهي :

1/ فالطبيعة تطورت ولكن الإنسانية تأخرت جدا

2/ إستراح من لاعقل له

3/ الحمية رأس كل دواء والمعدة بيت الداء



وفاته

وقد مرض الشيخ محمد معلم فى السعودية ونقل إلى أيطاليا للعلاج حيث توفي هناك عام 2000م الموافق 1420هـ ونقل جثمانه ودفن فى مقديشوا .

وبوفاته يكون الشيخ سادس العلماء الكبار الذين فقدتهم الأمة الإسلامية فى عام واحد وهو :ـ علامة الجزيرة الشيخ إبن باز، أديب الفقهاء العلامة الأستاذ على الطنطاوى والفقيه الكبير العلامة مصطفى الزرقاء ، والمحدث الكبير الشيخ محمد ناصر الدين الألبانى .

نسأل الله أن يجعل هذا الشيخ نبراسا لأجيالنا والأجيال القادمة لمزيد من حب الدين والوطن وتضحية فى سبيله ، تعثرت الكلمات فى وصفه وجفت الأقلام فى نعيه رحمه الله برحمته الواسعة وأدخله فسيح جناته رفقة النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

وفى الختام :

قلت: هذا البحث هو أوَّل بحث في هذا الموضوع يُنشر باللغة العربية وقد ترجمته من تقارير كثيرة من اللغة الصومالية بعضها أشرطة مسجلة للشيخ ، وحقوق اقتباسه محفوظة للموقع وللكاتب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

المراجع والمصادر

1ـ الهيئة الإذاعة البريطانية القسم الصومالى

2ـ عبدالقادر محمد جيدى ، الصومال وقضية التحول من مجتمع رعوى إلى مجتمع مدنى ، رسالة ماحستير غير منشورة بجامعة إفريقيا العالمية

3ـ شبكة الصومال اليوم

4ـ www.midnimo.com
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف