الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في السحر والفيزياء بقلم:عادل الانصاري

تاريخ النشر : 2009-08-22
سؤالان :

السؤال الأول :
هل يعتبر( بعض) السحر نوع من الفيزياء ؟
فمثلا ما يقوم به الساحر(ديفد) من قطع نصف جسده والسير في الشارع أمام الناس حاضنا نصفه الأسفل بيديه , لا يمكن أن يكون حقيقيا , والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم (سحروا أعين الناس) .

ولو افترضنا أنه تأثير فيزيائي على خلايا العين وأعصاب المخ ثم يحدث تغير ما في ملفات المخ وأرشيفه المعقد ليعاد ترتيب الصور والمسلمات المنطقية المخزنة فيه (بطريقة علمية معينة أو بعلم قدره الله لبعض البشر , ولا ننسى في قصة عرش بلقيس أن الله شاء لرجل عنده علم من الكتاب أن يتفوق على عفريت من الجن لحكمة واضحة , حيث لن يتكاسل البشر عن طلب العلم ويجيرون هذه الأعمال الخارقة للجن , بل يجب عليهم الجد والبحث حتى ينالوا بإرادة الله (علم من الكتاب كما ناله صاحب سليمان الإنسي ) .

عندها يبرز سؤال مهم : هل ذلك العلم إذا ما سخر لبشر ذات يوم يعد من السحر برغم قدراته الهائلة في التحكم بكل ما تراه العين ورسم ما يشاء على خلاياها ؟

- ومن يؤكد لنا أن بعض هؤلاء الذين نسميهم (سحره) ويعبثون بأعيننا ولا يمارسون الشعوذة في التفريق والتقريب وعلم الغيب والتمائم والذبح وبقية الأجندة الطويلة من الخزعبلات , مثل (ديفد الساحر الأمريكي) ممن أتيح لهم بطريقة ما بالاطلاع على علم فيزيائي ما لا نعرفه واحتفظ بالسر لنفسه وقام بكل تلك الخوارق التي نشاهدها , ولا شك أن الإجابة تكمن فقط عند هذا ألـ ديفد ولا أظنه سيجيب عنها .

السؤال الثاني :
نرى في بعض أفلام الخيال العلمي قصة من يعودون بالزمن للماضي , وبغض النظر عن موضوع تلك الأفلام , هل هذا ممكن ذات يوم بعد تقدم العلم بحيث يصعب لنا الآن تصور كيفية حدوث ذلك؟

أذكر عند قراءتي لبعض كتب النسبية ذات وقت , أن السرعة إذا قاربت سرعة الضوء يقل الزمن عنده بشكل عكسي , وأعتقد أن أينشتين وبعض علماء الفيزياء إذا لم تخني الذاكرة أستحالوا أن يصل الإنسان يوما بوسيلة نقل ما أن يصل لسرعة الضوء أو تجاوزها , وأذكر قبل سنوات أثناء دراستي الثانوية (طبعا بمعهد مكة العلمي ورغم اسمه العلمي لا ندرس أي مواد علمية حتى الرياضيات ) , المهم كنت أناقش أخ لصديق لي يدرس بالجامعة قسم فيزياء , ومن حبي وقتها للمواد العلمية وقراءتي بنهم لموضوع النسبية وعلاقة السرعة بالكتلة والوزن ومانتج عنها من اختراع للقنبلة الذرية , استطعت أن أجاريه في بعض التفاصيل , ومنها أني قلت له لماذا يستحيل على الإنسان أن يصل ذات يوم لسرعة الضوء أو تجاوزها , ربما نظرتنا للموضوع في وقتنا الحالي وإمكانياتنا الحالية فيه ظلم كبير للعلم ففي خلال سنوات قليلة قفز العلم قفزات مذهلة , ولو قسنا هذا التطور من خلال المستقبل لتأكدنا أن المستحيل سيكون ممكنا ذات وقت .
وبعد سنوات قرأت مقالا بجريدة الشرق الأوسط لعلماء بريطانيين , وربما منهم (ستيف هوكنج) صاحب نظرية الثقوب السوداء , أن الوصول لسرعة الضوء أو تجاوزها ليس مستحيلا نظريا (ربما أينشتين هو من ذكر ذلك ) , ولكن أليات ذلك مجهولة حاليا .
أذكر أني تحمست كثيرا وقتها بما وعدني به أخ صديقي بلقائي لأستاذه في الجامعة في مادة الفيزياء لما كان للحوار من تشعب وإثارة , فقمت بإعداد بحث (ما زال لدي ) من عشرون صفحة به شروحات ورسوم بيانية ورسوم توضيحية لما أعتقدته وقتها باكتشاف شئ ما في عالم الفيزياء ( والمضحك أنني قمت بمراجعته بعد سنوات طويلة وبالكاد فهمت منه القليل والكثير منها لم أفهمه أو نسيته , ربما لأنها مجرد شخبطات ) ,

مازال صديقي ذاك زميل عمل , وذكرته بتلك الأيام الخوالي وعرضت عليه مقالة الشرق الأوسط , فقال ضاحكا ومازحا (ربما كان بحثك ذاك كجاذبية نيوتن وغفل عنه التاريخ ) .

- هنا خطر ببالي خاطر.. لو صحت تلك النظريات هل يمكن استحداث مركبة في المستقبل تتجاوز سرعتها سرعة الضوء كما قال العلماء البريطانيين .
- عندها هل يمكن لقانون العلاقة بين السرعة والزمن من أن يحدث ثورة حضارية وانقلاب في حتمية التاريخ ويتمكن الإنسان من الرجوع بالزمن للوراء (زمن سلبي) ؟

من المؤكد أن هذا لن يحدث مهما تقدم العلم لأسباب واضحة ومنها :
- أن في ذلك عبث واضح في دورة التاريخ والمسلمات الدينية .

- أن ذلك لو حدث في المستقبل لشهدنا وجود أناس غرباء جاءوا من المستقبل وغيروا بعض الأحداث أو أرشدونا لمخاطر تفاقمت وعادت على الإنسانية بكوارث حدثت .

- وهنا تمر خاطرة ما , ربما كانت الأحداث الغريبة والتي نعرفها بالأطباق الطائرة أو بعض المخلوقات الفضائية التي تدور عنها بعض القصص , أو بعض تلك الأحداث الخارقة التي تحدث بيننا ليست إلا زيارات يقوم بها أبناء المستقبل ؟
- وربما لم نشهد بعد زيارات حقيقية ومؤثرة لأن الفترة الزمنية التي قفز فيها العلم لهذه المرحلة ليست إلا بدايات , وأنهم عجزوا عن الرجوع كثيرا للوراء , لأننا لم نسمع عن أشخاص جاءوا لتغيير مجرى التاريخ عبر بعض العصور المشهورة مثل العصر الفرعوني (رغم بعض الحقائق التي لم تفسر تفسيرا علميا مؤكدا حتى الآن ) , أو العصر اليوناني أو في عصر النهضة الأوربية أو الإسلامي وما شابه ذلك .

- ولكن هناك حقيقة علمية منطقية تمنع فكرة الرجوع بالزمن للوراء وربما هي التي كنت أدور حولها في ذلك البحث البدائي الذي نسيت أكثره , ولكني استطعت فهم تخطيط كنت قد رسمته بشكل واضح وهو:
- لو افترضنا أن المركبة (س) انطلقت بسرعة تفوق سرعة الضوء من النقطة (أ) عندها تبدأ سرعتها بالتصاعد نحو سرعة الضوء ثم تخطيها , فنظريا سيتناقص الزمن على المركبة حتى يقارب الصفر , عنده ستصدم النظرية بعائق منطقي رياضي لا انفكاك منه ثم لا يمكن بتجاوز الزمن لنقطة الصفر , وهذا المنطق هو :
- وصول المركبة لزمن لحظة الاشتعال أو لحظة التشغيل عندها سيتوقف كل شيء على المركبة فهذه لحظة ما قبل الانطلاق.
- ربما ستنسف هذه النظرية فكرة الرجوع بالزمن للوراء من جذورها , إذ لا يمكن العبث بالأقدار وبمشيئة الله , من خلال هذا المنطق الرياضي البسيط .
- إن التحكم بالزمن على هذه الأرض هو بيد الخالق وحده , مثل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم برحلة الإسراء والمعراج والناس على الأرض يمضون ليلة واحدة وتجعله القدرة الإلهية يرى فيها ما لا يمكن رؤيته في أشهر .
- هنا تتبع النبي صلى الله عليه وسلم خطا زمنيا خاصا لم يتح لأحد من البشر, وتجاوز حدود المنطق الرياضي والقوانين العلمية .
- ربما يستطيع الإنسان ذات زمن من اختراع مركبة تقهر الوقت ولكن في حدود المنطق والممكن , فمثلا من المستحيل الوصول لزمن (الصفر) , ولكن يمكن الوصول لأدنى زمن إيجابي بعد الصفر ولو لثواني معدودة , هنا تتبدل الثوابت وتظهر خطورة أخلاقيات العلم والعبث بحياة الإنسان المنظمة والمنطقية , وينحاز حفنة من البشر في حجرات خاصة يشربون الشاي ويتحدثون ويتضاحكون , ثم يرجعون لواقع ربما مضى عليه مئات أو آلاف السنين ليجدوا كونا غير الكون وأناس غير الذين عهدوا , وربما تصطدم مركباتهم بزلزلات يوم النشور .
- لا يمكن التكهن أو التنبؤ بالغد في ظل مارد العلم وتقلباته السريعة المذهلة , فلنعد بذاكرتنا لأيام الصبا , حيث الحواري والبرجون والجلنط والقب والسبعة حجار , وما نحن عليه الآن , هذه المقارنة البسيطة عبر سنين قليلة ترسم الرعب والخوف لما يمكن أن يحدث بعد عشرات أو مئات أو آلاف السنين .
- (قد يكون الغد أحلى وأفضل , وربما يكون مليئا بالتعاسة والرعب ) , وتبقى الكلمة للإنسان وعبقريته وطموحاته وإحساسه الحضاري والعاطفي نحو أبناء الغد .

- يقول سبحانه:
( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )
هذه هي حقيقة الزمن فهو نسبي بين البشر منهم من يراه طويلا ومنهم من يراه قصيرا , ويظل الإنسان ابن لحظته فقط , لا يملك ماضيه لأنه انتهى , ولا يملك مستقبله لأنه مجهول بالنسبة له , بينما يوم البعث يتساوى البشر في الشعور بالوقت وكأن الدنيا وقتها بأزمنتها النسبية ليست إلا عشية أو ضحاها .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف