الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نهاية الإسرائيليين الجدد في فلسطين بقلم:د. كمال علاونه

تاريخ النشر : 2008-02-16
نهاية الإسرائيليين الجدد في فلسطين

سياسيا وتاريخيا ودينيا

=================

د. كمال علاونه

أستاذ العلوم السياسية

جامعة فلسطين التقنية / طولكرم

==================

في هذه الدراسة السياسية - التاريخية – الدينية ، هناك تنبوآت وتوقعات حتمية لزوال دولة الاحتلال اليهودي – الصهيوني – الإسرائيلي بفلسطين الكبرى ، نسلط الضوء فيها على آليات ورؤى نهاية الكيان الدخيل على فلسطين ، وذلك لأن كل كيان أو دولة سينتهي إن عاجلا أو آجلا ، وهذه سنة الله في خلقه ، وعملية تصفية الوجود الصهيوني في فلسطين ، ككيان وجيتو استعماري مصطنع وهش ، في الوطن العربي ، ستقع كذلك سواء على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد . وهذا الزوال السياسي سيحدث عبر عدة طرق متفرقة أو مجتمعة ، لدوافع داخلية أو خارجية ، طوعية أو قسرية عن طريق القدر الإلهي الحتمي ثم عبر الأمة العربية الإسلامية عندما تصبح أكثر نفيرا وليس عددا فقط . وتتمثل أهم طرق لزوال الكيان الإسرائيلي الجديد ب : الرجوع الذاتي الاختياري ، والرجوع الترغيبي والإرجاع الترهيبي والاقتتال الداخلي وكارثة طبيعية كبرى والهرم التاريخي ودعوة اليهود لاعتناق الإسلام والإفناء الإسلامي ليهود فلسطين . على النحو الآتي :

1) الرجوع الذاتي الطوعي ( الاختياري )

تكون بالهجرة اليهودية المعاكسة من فلسطين المحتلة إلى الخارج فرديا أو عائليا أو جماعيا . وحسب الإحصاءات الرسمية الإسرائيلية بالفعل شهدت البلاد حركة هجرة معاكسة إلى الخارج بنسبة 1 ر1 % - 7ر285 % سنويا خلال أربعة عقود ( 1948 - 1988 ) . وقد اختلفت أعداد المغادرين اليهود الذين قدموا إلى البلاد في فترة سابقة ، من عام لآخر ، تبعا للأوضاع العامة السائدة عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، وتبين أن أعداد المهاجرين اليهود المغادرة تصاعدت في سنوات ما بعد الحروب مع العرب كما حدث في العدوان الثلاثي الإسرائيلي – البريطاني – الفرنسي على مصر عام 1956 ، وحرب عام 1967 ضد سوريا والأردن ومصر واحتلال بقية فلسطين والجولان وسيناء ، إذ بلغ عدد المغادرين 230 ر11 بينما وصل عدد القادمين الجدد 327ر14 يهودي ، أي إن نسبة المغادرة وصلت 3 ر78 % من أعداد القادمين لذلك العام . وكذلك عام 1974 ، بعد حرب 1973 ، تزايدت أعداد اليهود المغادرين مقارنة بالقادمين الجدد ، إذ بلغ عدد القادمين اليهود إلى البلاد 979ر31 يهودي بينما بلغ عدد المغادرين نحو 20 ألف يهودي ، بنسبة 5ر62 % من عدد القادمين . وفي عام 1975 زاد عدد المغادرين لنحو 20 ألف يهودي بينما وصل عدد القادمين 028 ر20 يهودي ، أي أن نسبة المغادرين وصلت إلى 8 ر99 % في ذلك العام . كما إن سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، قلصت عدد المهاجرين اليهود إلى البلاد ، وزادت من عدد المغادرين اليهود فانخفض عام 1987 عدد القادمين اليهود إلى 965ر12 يهودي بينما وصل عدد المغادرين نحو 17 ألف شخص ، في العام ذاته ، فبلغ المغادرون نسبة 1ر131 % . وفي عام 1988 ، انخفض عدد القادمين إلى 11 ألف شخص ، بينما غادر نحو 19 ألف يهودي ، بنسبة مغادرة 7 ر172 % . وتعزى أسباب الهجرة اليهودية المعاكسة بالدرجة الأولى إلى تصاعد حدة الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال والى أسباب سياسية وعسكرية واقتصادية يهودية داخلية وخارجية . على العموم ، إن عدد القادمين اليهود الجدد إلى البلاد خلال 41 عاما ( 1948 – 1988 ) وصل إلى رقم كبير جدا نسبيا فبلغ 442 ر802 ر1 يهودي ، في حين بلغ عدد المغادرين اليهود إلى الخارج 032ر514 يهودي ، أي أن معدل الهجرة اليهودية المعاكسة بلغت خلال الفترة المبينة 5 ر28 % . وهذه الفترة مثلت فترة توتر وتقلب سياسي وعسكري واقتصادي في البلاد . ومن الملاحظ أن سنوات حرب الاستنزاف أو الحرب العربية المفتوحة ، كدفاع شرعي عن النفس ضد الكيان اليهودي ، والتدهور الاقتصادي الداخلي وارتفاع معدلات البطالة وتزايد الديون الخارجية إضافة إلى العوامل الأمنية والاجتماعية وعدم مصداقية مزاعم الوكالة اليهودية الداعمة للهجرة ، أدت بمجملها إلى انخفاض معدلات الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين التاريخية . وعلى الجانب الآخر ، لم يغادر البلاد سوى أعدادا قليله من العرب ، أهل البلاد الأصليين ، فمثلا ، في عام 1978 غادر البلاد نحو 900 فلسطيني من الجليل والمثلث والنقب والساحل ، رجع منهم 890 شخصا ، وهذا يدلل على مدى تمسك أهل البلاد الأصليين بالبقاء في وطنهم رغم المعاناة ، مستفيدين من التجربة التهجيرية المريرة عام النكبة الكبرى . وفي انتفاضة الأقصى ( 2000 – 2006 ) بلغ عدد اليهود المغادرين لفلسطين نسبة كبيرة ، نحو 700 ألف على شكل مغادرة دائمة أو مؤقتة خلال السنوات الأربع الأولى من الانتفاضة العنيفة وفي المقابل وصلت نسبة القادمين اليهود الجدد نسبة في أدنى مستوياتها منذ قيام الكيان الصهيوني . وكذلك الحال تصاعدت وتيرة الهجرة اليهودية من فلسطين لخارجها في الحرب الصهيونية على لبنان أثناء وبعد عدوان 12 تموز 2006 بعد إطلاق حزب الله اللبناني ، أربعة آلاف صاروخ على التجمعات السكانية اليهودية شمال ووسط فلسطين المحتلة .

2) الرجوع بالترغيب والإغراء

يتمثل في إنشاء جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي صندوق مالي ضخم لدعم ترحيل اليهود الراغبين بالهجرة من فلسطين إلى مواطنهم الأصلية ضمن مبدأ الرحيل الاختياري ومد هؤلاء المغادرين بمحفزات مالية كتنظيم عمليات خروج جماعية كما أتوا ، وشراء شقق لهم في أوطانهم الأصلية وتوفير فرص عمل لهم هناك ، وتخصيص وسائل إعلام مرغبة كالقنوات الفضائية تتحدث باللغات العبرية والإنجليزية والفرنسية والروسية وسواها لتشجيعهم على المغادرة وتبديل أفكارهم العنصرية التي زرعتها المنظمات الصهيونية واليهودية بأفكار إنسانية متسامحة تعيد الحق إلى نصابه . إضافة إلى دعم المنظمات الغربية واليهودية التي تتبنى هذه الأفكار الترحيلية – التوطينية لليهود الهادفة إلى نشر السلام في المنطقة وعدم وقوع الحروب واضطهاد الشعب الفلسطيني في وطنه . على أي حال ، إن الهجرة اليهودية المعاكسة موجودة أصلا ، ولكن المؤسسة اليهودية – الصهيونية - الإسرائيلية الحاكمة ، تتكتم عليها حيث يغادر البلاد عشرات آلاف المهاجرين اليهود عندما تظهر الحقيقة أمامهم ولم يستطيعوا التكيف في فلسطين المحتلة لاختلاف الطبيعية الجغرافية والمناخية والثقافية والحضارية العامة .

3) الإرجاع بالرعب والترهيب

يكون الإرجاع الترهيبي باستخدام الترهيب عبر شن حملات عسكرية فلسطينية وعربية وإسلامية متتالية على اليهود في فلسطين ، لصد الهجمات اليهودية والغربية المضادة المعادية للعرب والمسلمين واستعادة الأراضي التي احتلوها عنوة ، وتكون حرب فجائية ، وطويلة المدى عبر الحرب المفتوحة الاستنزافية لأنها الأكثر جدوى في ظل موازين القوى الحالية . ويمكن أن يكون باستخدام قوة عربية أو مسلمة لأسلحة تقليدية أو كيماوية أو نووية ضد الجاليات اليهودية في فلسطين . وقد توعد الله العزيز الحكيم اليهود بسبب أفعالهم الشنيعة بان يبعث ويسلط عليهم إلى يوم الدين من يسومهم سوء العذاب ، يقول الله تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } ( القرآن الكريم : الأعراف ، 167) . ولاسترجاع حقوق العرب الفلسطينيين في فلسطين المحتلة 1948 يمكن العمل بعدة مسارات : أولها : تطبيق الحكم الذاتي للعرب كخطوة أولى . وثانيها : تطبيق قرار تقسيم فلسطين حسب قرار الأمم المتحدة الظالم كخطوة لاحقة . وثالثها : استعادة الأراضي التي سيطرت عليها المنظمات الصهيونية والجماعات اليهودية المتطرفة ، والسماح ببقاء اليهود الذين كانوا يعيشون في البلاد قبل وعد بلفور عام 1917 .

4) الاقتتال والصراع الداخلي اليهودي

من الممكن اندلاع حرب أهلية بين اليهود في ظل التنافر الأيديولوجي والصراعات الداخلية التي تظهر بين الحين والآخر ، خاصة أنه يعيش في هذه البلاد طوائف يهودية متباينة المنابت والأصول . كما أن هناك العديد من القوميات الأوروبية والروسية والأمريكية والإثيوبية وغيرها التي جاءت من 102 دولة من العالم . فهذه الفسيفساء القومية المتباينة سيأتي يوم وتختلف وتتصارع في ظل انتشار المافيا بكثرة في ثنايا الكيان الإسرائيلي . فيمكن أن تندلع حرب قومية واقتتال داخلي بين هذه القوميات المتباينة حال تضارب مصالحها ، والمرشح الأقوى لذلك مبادرة اليهود الروس أو الأوروبيين لخوض هذا الاقتتال ضد الطوائف اليهودية الشرقية العربية والآسيوية والأفريقية . قال الله تبارك وتعالى عن اليهود : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }( القرآن الكريم ، المائدة، 64 ) . وأسباب الاقتتال الداخلي اليهودي يمكن أن تظهر باختلافات وتباينات استعمارية : دينية وعقائدية وتضارب في المصالح والمنافع الاقتصادية أو القومية أو الاجتماعية أو السياسية كالولاءات الحزبية والسياسية والاستئثار بالمناصب العليا أو عند توقيع اتفاقية معينة مع الفلسطينيين خاصة وأنهم لا يلتزمون بما يوقعون عليه كما وصفهم الله عز وجل بقوله : { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }( القرآن الكريم : البقرة ، 100) . ويقول الله سبحانه وتعالى أن بأس اليهود شديد بينهم :{ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ . لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ . كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } ( القرآن الكريم : الحشر ، 13 – 17) . إن النعرات العنصرية أثبتت علميا ودينيا واجتماعيا وإنسانيا أنها مجافية للحق والأخلاق والمساواة العامة والعدالة الاجتماعية وتقود إلى كوارث واقتتال ومجازر وبالتالي خسارة من يدعو إليها . والعنصرية الصهيونية كغيرها ستذوى ويأفل نجمها إن عاجلا أو آجلا ، لان العدل هو أساس الديمومة وأما التعالي على الآخرين فمصيره إلى زوال لأنه باطل من أساسه . لقد لجأت المنظمة الصهيونية إلى تجميع جاليات يهودية متباعدة من شعوب متعددة ومتباينة الثقافات واللغات والحضارات من جميع قارات العالم ، في الأرض المقدسة ، بدعوى أن هؤلاء المهاجرين الجدد هم من اليهود ، وأطلق عليهم اسم " شعب إسرائيل " أو الإسرائيليون الجدد . فعمليات التوحيد الشعوبية المبرمجة بين هؤلاء القادمين الجدد لم تفلح حتى الآن في منع استشراء العنصرية بين اليهود أنفسهم أولا ، واضطهاد أبناء البلاد الأصليين ثانيا . وبنظرة فاحصة للجماعات اليهودية القادمة إلى فلسطين ، نرى أنها تحمل 102 جنسية عالمية ، وتتحدث 82 لغة باعتراف المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ، ولا يمتون لبعضهم البعض بصلة الدم أو القربى أو الجوار أو العادات والتقاليد والثقافات سوى الادعاء الديني بأنهم يهود ، وحتى في هذا المجال نجد الفروق شاسعة بين اليهودي . ولهذا فالاقتتال الداخلي سيكون حتميا في المستقبل .

5) العذاب الإلهي المحتوم ( كارثة طبيعية كبرى )

وهذا السيناريو يمكن أن يحدث أيضا في ظل تزايد ارتكاب الكبائر والموبقات في المجتمع اليهودي المتنافر داخليا ، فمن المحتمل وقوع عذاب الله على هذه الأقوام المتباينة التي أتت من كل حدب وصوب . وهذا العذاب يمكن أن يكون ريحا صرصرا أو خسفا أو زلزالا كبيرا يضرب في أعماق الكيان الصهيوني وخاصة تل أبيب الكبرى التي تضم نحو 40 % من اليهود في البلاد ، وقد حدثت زلازل صغيرة ومتوسطة الحجم في أوقات سابقة . وهناك توقع يهودي بأن تضرب هزة أرضية قوية البلاد ، وما حادثة قوم لوط عنهم ببعيد حيث قلب الله سبحانه وتعالى الأرض سافلها لعاليها والعكس بالأغوار الفلسطينية فنتج البحر الميت قرب أريحا بسبب المعصية الكبرى . إن بني إسرائيل ( الموسويون – نسبة إلى موسى عليه السلام ) ، وان كانوا قد فضلهم الله في غابر الأزمان على سائر الأمم فلأنهم كانوا من أتباع نبي الله موسى عليه السلام ( رسالة التوحيد ) ، إلا أنهم بعدما ابتعدوا عن تعاليم الله عز وجل فإنه لعنهم إلى يوم القيامة . فهل يا ترى أن الشعب المختار يكون مغضوبا عليه ، أين الاختيار والعظمة فقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة بقرار من الله العزيز الجبار ، وقد جعل الله منهم القردة والخنازير لعصيانهم وقتلهم الأنبياء والرسل بلا سبب . يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } ( القرآن الكريم : البقرة ، 65 ) . وقال الله جل وعلا واصفا اليهود : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ }( القرآن الكريم : آل عمران ، 112) . والبحر الميت ( بحيرة لوط أو بحر الملح ) في الأغوار الفلسطينية ، قرب أريحا شرقي البلاد ، شاهد عيان على قلب الأرض سافلها عاليها عندما عذب الله القوم الكافرين الظالمين المجرمين العصاة . قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ . وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ . قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ . قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ . قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ . فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ . مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } ( القرآن الكريم : هود ، 77- 83) . وقال تعالى عن قوم لوط في فلسطين في آيات أخرى : { فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ . قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ . قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ . وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ . وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ . وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ . قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ . وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ . قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ . قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ . لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ . وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ }( القرآن الكريم : الحجر 61 – 77 ) . نسترشد في هذه الايات القرآنية ، والعذاب الأليم الذي وقع على قوم لوط الذين كانوا يرتكبون الفاحشة ، في الأغوار الفلسطينية وتحويلهم إلى بقعة مائية مالحة جدا لا تعيش فيها الكائنات الحية ، وهي أخفض بقعة أرضية في العالم ، لأن ثلة من اليهود قدر عددهم بأكثر من ألفي شخص من مثيلي الجنس ، احتلفوا بيومهم السيء الذكر في منطقة القدس في إحدى المؤسسات العبرية الكبيرة عام 2006 ، فالعذاب قادم عليهم كما فعل الله بقوم لوط الأولين وهؤلاء هم الآخرين . كما أن هناك ناد كبير للعراة اليهود في أضخم مركز سياحي يهودي في البلاد في مستوطنة أيلة اليهودية ( إيلات ) جنوب فلسطين حسب الصحافة الإسرائيلية . ومسألة تعذيب اليهود ما هي إلا مسألة وقت ليس إلا .

6) الهرم التاريخي والشيخوخة الكيانية

تتمثل في هرم الكيان الإسرائيلي وشيخوخته ، أسوة بجميع الاحتلالات التي غزت فلسطين وإنتهت بفعل ظروف داخلية وخارجية وتآكل داخلي ورغبة هذه القوميات الاستعمارية العودة لبلادها الأصلية في مختلف أصقاع الأرض . وفترات نشوء وتطور وبقاء الدول في هذه الأرض المباركة لا يدوم طويلا خاصة إذا كان قائما على العدوان كما هو حال الظلم والطغيان والاضطهاد والاستغلال الصهيوني للأرض المباركة . فالمشروع الصهيوني الهادف إلى تحقيق حلم " إسرائيل الكبرى " ، هو مشروع استعماري شامل يحاول تسخير موارد البلاد الداخلية والسيطرة على الموارد الطبيعية العربية . وان هذا المشروع الصهيوني سيفشل مستقبلا ، إن عاجلا أو آجلا كما فشل الاستعمار المتتالي السابق : الفرعوني واليوناني والروماني والإفرنجي – الصليبي والبريطاني والفرنسي والاميركي الجديد . وذلك لأن اليهود إتخذوا الطاغوت وليا لهم من دون الله الأحد الصمد ، يقول الله جل جلاله : { وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا }( القرآن الكريم : الإسراء 58 ) . على أي حال ، إن استخدام " اللا سامية " من قبل اليهودية والصهيونية العالمية ، هو السلاح الفعال للابتزاز والتشهير والتضليل والخداع ، لتجميع اليهود وزيادة الهجرة إلى فلسطين من جهة ، ومهاجمة من ينتقد الصهيونية وممارسات العنصرية اليهودية على الصعد المحلية والإقليمية والعالمية ، من جهة ثانية . وعلى صعيد اليهود أنفسهم ، فان بعض الحاخامات ينعتون الصهيونية بالهرطقة ، لأنها اصطفائية انتقائية ، تحاول تجميع اليهود في قومية صهيونية عنصرية . وبهذا فإن بوادر الإنحلال والتفكك ستبدو بصورة جلية في مرحلة زمنية ليست بعيدة عبر الهرم والشيخوخة التاريخية . من جهة أخرى ، إن دولة المستوطنين اليهود في فلسطين التي بلغ عدد سكانها أكثر خمسة ملايين يهودي ، تسعى خلال فترة العشر سنوات القادمة إلى تجميع اليهود للوصول إلى " المليون السابع " للاستيلاء على المزيد من أراضي فلسطين وتفريغ العرب ، أهل البلاد الأصليين من البلاد بشتى الطرق والوسائل العنصرية وهذا سيقض مضاجع اليهود ضمن سياسة صراع البقاء مع أهل البلاد الأصليين .


7 ) دعوة اليهود لاعتناق الإسلام

إن في دعوة اليهود لإعتناق الإسلام ليس فيها غضاضة ، فقد دعا قبل الآن الزعيم الصهيوني الأول تيودور هرتسل اليهود الأوروبيين لاعتناق المسيحية في نهاية القرن التاسع عشر الميلاد بشكل جماعي وطوعي والاندماج في المجتمعات المحلية . وحري بيهود فلسطين الآن في هذا الصدد المبادرة لاعتناق الإسلام بصورة اختيارية وطوعية ، لما يمثله الإسلام من دين حنيف وشمولية ، كما إن الإسلام يجب ما قبله . ولماذا لا تبادر هذه الجالية اليهودية الكبرى في الأرض المقدسة ، وتعلن إسلامها وتعيش في أمن وأمان واستقرار نفسي وسياسي واقتصادي وعسكري واجتماعي بعيدا عن الحروب وعقلية المعازل الجغرافية والثقافية والدينية والقتل والإرهاب ضد الآخرين ؟ ومن المعروف أن الفتوحات الإسلامية قامت على ثلاثة مبادئ هي : إعتناق الأمم الأخرى الإسلام أو دفع الجزية أو الاحتكام للسيف . فالإسلام هو خاتمة الرسالات السماوية . يقول الله عز وجل : { قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ( القرآن الكريم : آل عمران ، 84- 85) . وفي حالة إعلان الطائفة اليهودية إسلامها فإنه يكون لها ما للمسلمين وعليها ما عليهم . يقول سفر الحوالي : " لا خلاف بيننا ( المسلمين ) وبين الأصوليين في أن سكان إسرائيل اليوم من اليهود كفار ليس بينهم معتصم بالله ولا مقدس ، ولكن الأصوليين يقولون إنه وفقا لهذه النبوءات سوف يؤمن اليهود بالمسيح عند نزوله فتكون تلك البقية المقدسة . أما نحن ( المسلمون ) فنقول حين يسترد المسلمون القدس ويدمرون الرجس تتحقق هذه النبوءات ، فمن اليهود من يقتل ، ومنهم من يفر ويتشتت في الأرض ، ومنهم من يبقى فيدخل في عهدنا وذمتنا ويرعى ولا يفزعه أحد ، ومنهم من يسلم وجهه لله ويهتدي وهو البقية المقدسة . ومن البقية التي تفر ومن اليهود الذين لم يأتوا إلى فلسطين أصلا تكون البقية الأخيرة التي تتبع الدجال في آخر الزمان ، وحين ينزل عيسى عليه السلام لا يكون هناك ثلاثة أثلاث ، بل نصفان : نصف يقتل ضمن المقتولين من جيش الدجال ، ونصف يسلم مع عيسى عليه السلام لأنه كما ثبت عندنا بالخبر الصادق يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف " ( سفر الحوالي ، هل بدا يوم الغضب بانتفاضة رجب ، قراءة تفسيرية لنبوءات التوراة عن نهاية دولة إسرائيل ، ص 100 – 101 ) .

على أي حال ، لقد بشر النبيان موسى وعيسى عليهما السلام بقدوم النبي محمد بعدهما وهذا ثابت في التوراة الحقيقية ، وفي الإنجيل الصادق وجاء تأكيد ذلك في القرآن الكريم ، وهذا يدلل على وجوب إتباع جميع الناس الدين الإسلامي ، وإشارة واضحة من النبي موسى عليه السلام والمسيح عيسى ابن مريم عليه السلام لأتباعهما للإيمان بخاتمة الرسالات الإسلامية التي جاء بها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم . فقد جاء في سفر التكوين قول الله جل جلاله للنبي إبراهيم عليه السلام عن تكريم إبنه النبي إسماعيل عليه السلام : " وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه . ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا جدا اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة " ( الكتاب المقدس ، سفر التكوين ، الإصحاح 17 ، العدد 20 ) . وبهذا فإن الأمة العربية الإسلامية ستكون أمة كبيرة ، وفي النص السابق تبشير بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم كنسل لإسماعيل عليه السلام ، فقد ورد في التوراة باللغة العبرية الأصلية كما يستعملها اليهود ، اسم محمد صلى الله عليه وسلم مرتين عن طريق جمع أعداد الأحرف العبرية . المرة الأولى بالكتاب المقدس بكلمتي العبرية ( بمادماد - تعني جدا جدا بالعربية ) فيكون مقدار عدد هذه الحروف بالعبرية 92 ( الباء = 2 ، والميم = 40 ، والألف = 1 ، والدال = 4 ، والميم = 40 ، والألف = 1 ، والدال = 4 فتساوي جميع الحروف 92 ) . وبالنسبة لكلمة محمد ( الميم = 40 ، والحاء = 8 ، والميم = 40 ، والدال = 4 فتساوي جميع الحروف 92 ) . والمرة الثانية في التوراة السامرية ( وأجعله لشعب عظيم " لغوي غدول " بالعبرية ) ، فحرف اللام = 30 ، والغين = 3( بدل الجيم لأنه لا يوجد بلغتهم ج ) ، والواو = 6 ، والياء = 10 ، والغين = 3 ، والدال = 4 ، والواو = 6 ، واللام = 30 فيساوي مقدار هذه الحروف 92 ) وهذه نبوءة حسابية كما يتعامل بها اليهود السامريون تثبت قدوم نبي يسمى محمد ، وبهذا فإن من الحق إتباع هذا النبي والدين الإسلامي الناسخ لغيره من الأديان السابقة وإعلان اليهود الإسلام كرسالة عالمية للجميع . من جهة أخرى ، ورد على لسان المسيح ابن مريم عليه السلام ذكر للنبي محمد ( أحمد ) صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في القرآن المبين : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ . وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }( القرآن الكريم : الصف ، 6 – 9 ) . وهذه دلالة واضحة على ضرورة إتباع جميع الأمم للدين الإسلامي الحنيف لأنه دين الحق ، فحري باليهود في هذه البلاد أن يعلنوا إسلامهم ، وهذا ما سيكون عندما تأزف الآزفة عند وقوع المعركة الكبرى في أرض فلسطين المباركة ، حيث سيعلن جزء كبير من اليهود إسلامهم عندما يتيقنون بأن الإسلام هو الدين الباقي والمنتصر والناسخ لما قبله لأنه رحمة للعالمين .

8) الإفناء الإسلامي لليهود في فلسطين

في هذا السيناريو سيقتل المسلمون اليهود في فلسطين ويفنوهم سياسيا وسكانيا من ناحية كلية أو جزئية . وقد وردت عملية الإفناء هذه في الكتب المقدسة لدى المسلمين واليهود والنصارى . وهذا الإفناء سيكون في بيت المقدس ، وسيقتل المسيح عيسى بن مريم قائد اليهود ( المسيخ الدجال ) عند مدينة اللد الفلسطينية . ويؤكد هذا الإفناء الإسلامي لليهود بأحد شكليه الجزئي أو الكلي تأويلين الأول قائم على الكلام اللفظي والمعاني ، والثاني التأويل الرياضي الحسابي ، وذلك حسب الشواهد الآتية :

أ‌) التأويل الكلامي واللفظي :

أولا : الإفناء الإسلامي لليهود في فلسطين

كما جاء بالقرآن المجيد والسنة النبوية



قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " ( مسند أحمد ، الجزء 14 ، 249 ) . ورد بالقرآن المجيد ، بالسبع المثاني ، وصف لليهود بأنهم مغضوب عليهم . وهذه السورة ، أعني سورة الفاتحة يرددها المسلمون في جميع صلواتهم اليومية وحياتهم العامة في الأفراح والأتراح على السواء . كما قال الله تعالى : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } ( القرآن الكريم ، الفاتحة ، 1 – 7 ) . وقد وعد الله المؤمنين بالنصر المبين على الآخرين ، يقول الله جل جلاله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } ( القرآن الكريم : الروم ، 47 ) . فنصر المؤمنين وقهر المغضوب عليهم وعد قطعي حتمي من الله قاهر الخلق أجمعين بعدله وجبروته . قال الله تعالى : { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } (القرآن الكريم : غافر ، 51) . كما قال الله سبحانه وتعالى عن اليهود : { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا . وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } ( القرآن الكريم ، الإسراء ، 104 – 105 ). تشير هاتان الآيتان القرآنيتان إلى أن الله سبحانه وتعالى قال بعد ، النبي موسى عليه السلام ، لبني إسرائيل أن يسكنوا فلسطين ثم الأرض ( الكرة الأرضية ) فإذا جاء موعد الإفساد الثاني ، وهو الحالي ، سيأتي بهم الله من جميع أصقاع المعمورة ( لفيفا ) على شكل جماعات ، وهذا ما كان عبر تسيير جسور جوية وبحرية وبرية لتجميع اليهود في فلسطين . وهذا قول حق كما يقول الله جلا وعلا ، لأن الله أنزله بالحق ، وبالحق نزل . ويمكن أن تنطبق الآية القرآنية ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) أيضا على أن يكون إنزال المسيح عليه السلام بالحق ليقضي على الباطل وهو المسيخ الدجال الذي يظهر قبل مجئ المسيح ابن مريم عليه السلام . وأما بالنسبة لحياة اليهود وتطورها منذ تكريمهم وتفضيلهم ثم لعنهم والغضب عليهم وإنهائهم قبل يوم القيامة .

قال الله تعالى : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ( القرآن الكريم : النمل ، 76 ) . فقد جاء في الآيات القرآنية التي أنزلها الله العزيز الجبار ، عن اليهود وبني إسرائيل القدماء والجدد واللاحقين ، خلال القرون الخالية والقرن الحالي ، ومرور الرسالة الإلهية بمراحل متعددة في الدعوة الإسلامية ، عبر العصور ، فضلت أمة أو شعب من الشعوب في بداية الدعوة عند التزامها بالتعاليم الإلهية السماوية الصادرة عن الله عز وجل . فقد بدأت هذه العلاقات بمرحلة الثواب والتفضيل والاختيار ثم انتهت بمرحلة اللعن والعقاب . كما حدث مع بني إسرائيل ، وفيما يلي تبيان لمراحل حياة هؤلاء اليهود ( بني إسرائيل ) منذ موسى عليه السلام وحتى يوم القيامة كما نطق بذلك القرآن المجيد ، وذلك على النحو التالي :

المرحلة الأولى : الإنعام الإلهي على بني إسرائيل القدماء

اختار وفضل الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل السابقين ( بني النبي يعقوب عليه السلام ) عندما كانوا ملتزمين بتعاليم الله وعبادة الله حق العبادة . وكان من مظاهر التكريم والتفضيل المؤقت ، بعث الأنبياء من نسل النبي إبراهيم عليه السلام من ابنيه إسماعيل واسحاق وحفيده يعقوب ( إسرائيل ) والاستجابة لبعض طلباتهم عبر الأنبياء مثل اسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وعيسى وغيرهم . قال الله تعالى : { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }( القرآن الكريم : البقرة ، 40).

المرحلة الثانية : مرحلة التفضيل الإلهي لبني إسرائيل القدماء

قال تعالى : { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ . وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }( القرآن الكريم : البقرة ، 122- 123 ) . والتفضيل شمل عهد الأنبياء يعقوب ( إسرائيل ) وابنه يوسف ثم موسى وهارون وداود وسليمان ويحيى وزكريا وعيسى عليهم السلام جميعا وهم مسلمون لله تبارك وتعالى يفتخرون بإسلامهم ثم انتهى تفضيلهم وجاء تفضيل نسل النبي إبراهيم عليه السلام من ابنه إسماعيل ومحمد صلى الله عليه وسلم . عَنْ النَّبِيِّ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلَام " ( صحيح البخاري ، الجزء 11 ، ص 183 ) . فإذن التفضيل كان للأنبياء من ذرية يعقوب ( إسرائيل ) الذين يوحدون الله ويلتزمون بالحق ويبطلون الباطل وليس للناس العاديين من الكفرة والملاحدة كما هو حاصل الآن في الإسرائيليين الجدد في فلسطين . والتفضيل والتكريم من الله جل جلاله لا يكون إلا للمؤمنين فقط وليس لسواهم . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ( القرآن الكريم : الحجرات ، 13 ) . وبهذا نقول إن التفضيل لبني إسرائيل انتهى بمجئ رسالة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية كافة إلى يوم القيامة . وقد جاء في تفضيل الأمة المسلمة في القرآن الكريم فقال الله تعالى : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ . وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( القرآن الكريم : البقرة ، 127 – 134 ) .

والتفضيل والاختيار والتزكية الإلهية شملت جميع الأنبياء ، بما فيهم إبراهيم وإسماعيل واسحق وابنائهم وأحفادهم البررة المخلصين المتقين الأخيار . وجاء في القرآن الحكيم على لسان النبي إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء ، لتكريم ذرية ابنه إسماعيل عليه السلام في مكة المكرمة بالجزيرة العربية : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ . رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ . رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ . الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ . رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ . وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } ( القرآن الكريم : إبراهيم ، 35 – 42 ) .

المرحلة الثالثة : مرحلة صراع ومبارزة بني إسرائيل مع فرعون مصر

دعا النبي موسى عليه السلام فرعون مصر إلى عبادة الله سبحانه وتعالى فرفض فرعون ذلك وطلب مبارزة موسى عليه السلام بالسحر ، فغلبه موسه بقدرة الله سبحانه وتعالى بعصاه التي تحولت ثعبانا كبيرا التهم كل سحر فرعون وزبانيته . قال الله تعالى : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى . قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى . فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى . قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى . فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى . قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى . فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى . قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى . فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى . قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى . قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى . فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى . قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى . وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى . فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى . قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى . قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } ( القرآن الكريم : طه ، 56- 72 ) .

المرحلة الرابعة : الإنجاء الإلهي لبني إسرائيل القدماء

قال تعالى : { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى . فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ . وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى . يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى . كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى . وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } ( القرآن الكريم : طه ، 77 – 82 ) .

المرحلة الخامسة : مرحلة الفتنة لبني إسرائيل ( إضلال السامري وعبادة العجل الذهبي )

قال الله تبارك وتعالى : { وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى . قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى . قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ . فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي . قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ . فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ . أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا . وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي . قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى . قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا . أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي . قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي . قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ . قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي . قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا . إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } ( القرآن الكريم : طه ، 83 – 98 ) .

المرحلة السادسة : الغضب الإلهي على بني إسرائيل

قال الله تعالى مخاطبا بني إسرائيل : { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } ( القرآن الكريم : البقرة ، 61 ) .

المرحلة السابعة : تحريف بني إسرائيل الكلم عن مواضعه

قال الله تعالى : { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ . فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }( القرآن الكريم : المائدة ، 12 – 13 ) .

المرحلة الثامنة : اللعن الإلهي لبني إسرائيل ( لعن أصحاب السبت – اليهود )

وبهذا نرى أن مراحل الإنعام والتفضيل والاختيار الإلهي لبني إسرائيل لم تدم طويلا ، بحساب الله جل جلاله ، وخاصة بعد انحراف بني إسرائيل عن التعاليم الإلهية السماوية الحقة وقتل الأنبياء والمرسلين ، وعصيانهم وتمردهم على الذات الإلهية ، فكانت مرحلة مؤقتة تبعتها مرحلة أخرى ، فجاءت مرحلة اللعن الإلهي لبني إسرائيل . قال الله تعالى : { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا }( القرآن الكريم : النساء ، 46 – 47 ) . وقال تعالى : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ . تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ . لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } ( القرآن الكريم : المائدة 78 – 82 ) .

المرحلة التاسعة : العقاب والمسخ للمعتدين من بني إسرائيل إلى حيوانات ( المسخ - قردة وخنازير )

لقد مسخ الله العزيز الجبار عز وجل ، يهود ا انحرفوا عن التعاليم الإلهية من بني إسرائيل إلى حيوانات مشاكسة مثل القردة والخنازير . قال الله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ . فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } ( القرآن الكريم : البقرة – 65 – 66 ) . وقال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ }( القرآن الكريم : سورة الأعراف ، 164 – 166 ) .

المرحلة العاشرة : رفض التعاليم الإلهية والتيه الإسرائيلي ( طور سيناء – 40 سنة )

بعد الخروم ببني إسرائيل من مصر ، طلب منهم موسى عليه السلام دخول أرض كنعان المقدسة ، فعصوه ورفضوا قوله . قال الله تبارك وتعالى عن ذلك بالقرآن : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ . يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ . قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ . قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ . قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ . قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }( القرآن الكريم : المائدة ، 20 – 26 ) . فكان العقاب الإلهي لبني إسرائيل أن بقوا في صحراء سيناء أربعين عاما ، حيث تغير جيل التمرد والرفض إلى جيل طاعة أوامر أولي الأمر من الصالحين .

المرحلة الحادية عشرة : تقطيع بني إسرائيل لأمم في العالم

في هذه المرحلة شتت الله جل جلاله شمل بني إسرائيل في الأرض على شكل قبائل متباعدة بسبب ظلمهم وطغيانهم وزيادة خطاياهم وكبائرهم الخبيثة ، فبلغ عدد الأسباط المشتتة 12 قبيلة وأمة في العالم لا يمتون لبعضهم بصلة . قال الله تعالى : { وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ . وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ . وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ . فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ . وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }( القرآن الكريم : الأعراف ، 159 - 163 ) . وقال الله تعالى : { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }( القرآن الكريم : الأعراف ، 168 – 169 ) .

المرحلة الثانية عشرة والأخيرة : صب العذاب على بني إسرائيل وتجميعهم في الأرض المقدسة لإنهائهم قبل يوم القيامة

قال الله تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }( القرآن الكريم : الأعراف ، 167 ) . وقال الله تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ . إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }( القرآن الكريم : المائدة ، 32 – 33 ) . وقال الله تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا . قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا . فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا . وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا . وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } ( القرآن الكريم : الإسراء ، 101 – 106 ) .

وعن كيفية وآلية إنهاء اليهود في فلسطين ، كما جاء في السُنة النبوية الشريفة ، جاءت عدة أحاديث حول إنهاء الأمة المسلمة لليهود قبل يوم القيامة ، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ " ( صحيح مسلم ، ج 14 ،ص 140 ) . والغرقد شجيرة ما بين صغيرة ومتوسطة تنمو بطول ما بين 1 – 3 أمتار لساقها وفروعها بيض ، وقد عمل اليهود في المستوطنات اليهودية في فلسطين على زراعتها بكثرة . لقد غضب الله العزيز القهار على اليهود فعذبهم أولا ، وسيعذبهم آخرا ، لما نكثوا الإيمان واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا .

على العموم ، بشر النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة الإسلامية بأن مركز الخلافة الإسلامية المنتظرة في نهاية الزمان سيكون بأرض بيت المقدس . وقد ألغيت الخلافة الإسلامية ( العثمانية ) بآذار 1924 م . وأَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الْإِيَادِيَّ حَدَّثَ فقَالَ : " نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ فَقَالَ لِي وَإِنَّهُ لَنَازِلٌ عَلَيَّ فِي بَيْتِي ، بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا ، وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا ، فَقَامَ فِينَا فَقَالَ : " اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَيُفْتَحَنَّ لَكُمْ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ أَوْ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي أَوْ هَامَتِي فَقَالَ يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ " ( مسند أحمد ، ج 45 ، ص 471 ) . وتكل : تترك وتدع . والاستئثار والأثرة : الانفراد بالشيء . و تسخط الشيء : استقله ولم يرض به .

وسيعم الإسلام الأرض فقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : " لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ إِمَّا يُعِزُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ لَهَا " ( مسند أحمد ، ج 48 ، ص334 ) . وروى أبو هريرة : " ... وفي عقود الهجرة الألف وأربعمائة ، واعقد اثنين أو ثلاثا .. يخرج المهدي الأمين ويحارب كل الكون يجمعون له الضالون والمغضوب عليهم والذين مردوا على النفاق في بلاد الإسراء والمعراج ، عند جبل مجدون ، وتخرج له ملكة الدنيا والمكر ، زانية اسمها ( أمريكا ) . تراود العالم يومئذ في الضلال والكفر ، ويهود الدنيا يومئذ في أعلى عليين ، يملكون كل القدس والمدينة المقدسة . وكل البلاد تأتي من البحر والجو إلا بلاد الثلج الرهيب وبلاد الحر الرهيب ، ويرى المهدي أن كل الدنيا عليه بالمكر السيئ ، ويرى الله أشد مكرا ، ويرى أن كل كون الله له ، إليه المرجع والمصير ، وكل الدنيا شجرة له أن يملكها فرعا وجذرا . وفي أرض الإسراء والمعراج ، حرب كل الدنيا ينذر لها المهدي إن لم يخرج الكفار ، فيجمعون له كفار الدنيا أكبر بأس لم ير مثله ، في أسر قوة ليهود الخزر وبني إسرائيل بقايا لا علم بهم . ويرى المهدي بأس الله أشد ، وأن وعد الله الحق لا يؤخر ، فيرميهم الله بأكرب رمى ، ويحرق عليهم الأرض والبحر والسماء ، وتمطر السماء مطر السوء ، ويلعن أهل الأرض كل كفار الأرض ، ويأذن الله بزوال كل الكفر في حرب المسيخ الدجال ، وحربه في أرض الشام والسر " ( محمد عيسى داود، ص 216 – 217 ) .

ثانيا : إفناء اليهود بفلسطين

كما جاء في الكتب اليهودية المقدسة

تذكر الكتب المقدسة أن حربا ستقع في الأرض المقدسة ( فلسطين ) ، تسمى ( معركة اليوم العظيم – يوم الله القدير ) تسبق ظهور المسيح ابن مريم عليه السلام مرة ثانية في الأرض . ويعتقد اليهود المتدينون أن معركة كبرى ستقع في فلسطين تسمى بالعبرية ( هر مجدون ) بمعنى جبل مجدو ، ومجدو منطقة شمال فلسطين المحتلة قرب حيفا تسمى اليوم ( تل المتسلم ) ويدعى أيضا وادي قدرون . ويسبق هذه المعركة ظهور المهدي ويتبعها ظهور المسيخ الدجال ثم ظهور المسيح عليه السلام فيقتل الدجال . وستكون أياما سوداء قاتمة على اليهود حيث سيقتل معظمهم في فلسطين . وفي سفر إرمياء ، تحديد لتدمير وتخريب دولة الظلم والترف الإسرائيلية : " اهربوا يا بني بنيامين من وسط أورشليم واضربوا بالبوق في تقوع وعلى بيت هكاريم ، ارفعوا علم نار لأن الشر أشرف من الشمال وكسر عظيم ، الجميلة اللطيفة ابنة صهيون أهلكها ، إليها تأتي الرعاة وقطعانهم ينصبون عندها خياما حواليها يرعون كل واحد في مكانه ، قدسوا عليها حربا ( الكتاب المقدس ، العهد القديم ، سفر ارمياء ، 6: 1- 4 ) . كما جاء بسفر إرمياء : " ها أنذا أجلب عليكم أمة من بعد يا بيت إسرائيل ، يقول الرب . أمة قوية ، أمة منذ القدم ، أمة لا تعرف لسانها ولا تفهم ما تتكلم به ، جعبتهم كقبر مفتوح ، كلهم جبابرة ، فيأكلون حصادك وخبزك الذي يأكله بنوك وبناتك . يأكلون غنمك وبقرك ، يأكلون جفنتك وتينك ، يهلكون بالسيف مدنك الحصينة التي أنت متكل عليها " ( الكتاب المقدس ، العهد القديم ، سفر ارمياء ، 5 : 15 – 17 ) . وفي سفر حزقيال : " حي أنا الرب ، إني بيد قوية وبذراع ممدودة وبسخط مسكوب ، املك عليكم ، وأخرجكم من بين الشعوب وأجمعكم من الأراضي التي تفرقتم فيها ... وآتي بكم إلى برية الشعوب وأحاكمكم هناك وجها لوجه ، كما حاكمت آباءكم في برية أرض مصر " ( الكتاب المقدس ، العهد القديم ، سفر حزقيال ، 20 : 33 – 36 .

ثالثا : إفناء اليهود بفلسطين

كما جاء بالكتب المسيحية المقدسة

ورد في النصرانية في سفر يوحنا اللاهوتي في رؤياه :" إنهم يهود وليسوا يهودا بل هم مجمع الشيطان " ( الكتاب المقدس ، العهد الجديد ، يوحنا ، الإصحاح الثاني ، العدد 9 ) . وقد ورد اسم معركة ( هر مجدون ) بالإنجيل ب ( معصرة غضب الله العظيمة ) . وفي مخطوطة بدار الكتب اليونانية بعنوان ( حيرة أهل الزمان في أنباء آخر الزمان ) ، لحبر سرياني يدعى ( ابن ويصا الخيبري – النذرون ) في القرن الرابع الميلادي كتبت باللغة السريانية ، يقول فيها : " يذرى الريح خير بشر ، حان له راية نصر في زمن كل الشر ، وحان كرب كبير كل الشر الكبير . فتى من أرض كعبة الرب ، يملك الأرز والمجدل في حرب الكون الرهيبة ، وياسر العدو فمه . حان خروجه مع نجم له نار ولهب ، وأمارته خراب عراق الشام في حرب الدنيا الرهيبة ، وحان فتى الرب خارجا . كرب في كل أرض العرب ، وحان خارجا في أرض الأرز ، وحان يهود في كرب ، وحان كل في أرض الأرز هلاكا . وحان الرب غضبا على كل جيوش أرض النجوم وأرض الأشرار ، ويهود المدينة المسروقة ، وحان الرب غضبا كبيرا . أرض المرج والأرز لها أنين وبكاء ، ويهود في المدينة المسروقة ينظرون بألم تجاه أرض المرج والأرز وحان فتى الرب ، كل المرج له ، وأنين في الجبال الخضراء ، وفرح في الوادي – والجبال عرفت الفتى وأسلمت العنان ، وحان الرب في مجدو " ( محمد عيسى داود ، المهدي المنتظر على الأبواب ، 1997، ص 177 – 178 ) . وتبدأ الملحمة الكبرى بدخول فتى الرب - المقصود المهدي – والله أعلم ، لبنان – التل ذي المروج ثم معركة الحرب الكبرى وهي ( هر مجدون ) .

ب) التأويل الرياضي والحسابي

بلغة الأرقام الحسابية ، بادر بعض علماء المسلمين بالاستناد إلى التوراة أو إلى القرآن المجيد لتحديد وقت إنهيار الكيان الإسرائيلي . وهي مجرد توقعات لا يجزم بحقيقة وقوعها حتى الآن إلا إذا وقعت فعلا ، لأن الله وحدة هو العليم الخبير وهو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، وتأتي كاجتهاد متوقع حدوثه .

1. تأويل ( سفر الحوالي ) الرياضي الحسابي

توقع الباحث ( سفر بن عبد الرحمن الحوالي ) من مكة المكرمة ، بداية نهاية الكيان الإسرائيلي مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين الميلادي بقوله : " وقد رأينا أن تحديده ( دانيال ) قيام دولة الرجس ( إسرائيل ) كان سنة 1967 ، وهو ما قد وقع وعليه فتكون النهاية أو بداية النهاية سنة ( 1967 م + 45 ) = 2012 م أي سنة ( 1387 هـ + 45 ) = 1433 هـ . وهو ما نرجو وقوعه ولا نجزم إلا إذا صدقه الواقع " ( سفر الحوالي ، يوم الغضب : هل بدأ بانتفاضة رجب ، ص 115 ) . والرقم 45 هي المدة التي حددها دانيال ( أثناء وجوده بالعراق ) بين الكرب والفرج وبين عهد الضيقة وعهد الطوبى . وكان دانيال ( الذي توفي في 453 ق . م ) أفاد بأن مجيئ رجسة الخراب سيكون بعد 2300 سنة . وكان بين وفاة دانيال والفتح الإسلامي لفلسطين ( 453 – 636 ) 1089 سنة . وحسب التقويم الإسكندري يكون 333 + 636 = 969 سنة فقط وهي بعيدة عن أل 2300 عام وتدمير مملكة إيلياء الرومانية . وسنة 333 ق . م هي استيلاء الإسكندر على آسيا ، وبذلك تكون رجسة الخراب قد قامت : 2300 – 333 = 1967 م . وهذا ما حدث فعليا عندما سيطر اليهود على جميع أرجاء فلسطين الكبرى . فمن أصاب في توقع البداية يمكن أن يصيب في توقع النهاية للإسرائيليين الجدد تقريبا .

2. تأويل ( بسام جرار ) الرياضي الحسابي

وفي السياق ذاته ، توقع باحث مسلم من فلسطين هو ( بسام نهاد جرار ) مستندا للقرآن المجيد وفق التأويل الرياضي والتأويل العددي والتاريخي ، باستخدام العدد 19 ، نهاية الكيان الصهيوني ستكون بعد 76 سنة قمرية أو ما يعادل 74 سنة شمسية ( 1948 – 2022 م ) في 5 آذار 2022 م / 1443 هـ مستندا إلى سورتين قرآنيتين هما : الإسراء ( بني إسرائيل ) التي تحمل رقم 17 بالجزء الخامس عشر ، وسورة سبأ التي تحمل رقم 34 بالجزء الثاني والعشرين من القرآن المجيد ، فعدد آيات سورة الإسراء 111 آية ، وعدد كلماتها 1556 كلمة . واعتبر أن التاريخ الحقيقي لقيام ( دولة إسرائيل ) في 10 / 6 / 1948 لأن هذا التاريخ يمثل توقيع الهدنة الأولى بين العرب واليهود وليس يوم إعلانها في 14 / 5 / 1948 بينما وقعت الهدنة الثانية في 18 / 7 / 1948 بين اليهود والعرب . وقد اعتبر جرار تاريخ وفاة النبي سليمان عليه السلام في 10 / 10 935 ق . م وتاريخ الهجرة النبوية الشريفة في 10 / 10 / 621 م ليصل إلى أن ( نهاية إسرائيل ) ستكون في 6 / 3 / 2022 م الموافق 1443 هـ ، معتمدا على أن الإفساد الأول لبني إسرائيل جاء بعد سليمان عليه السلام أي عام 935 ق . م مشيرا إلى أن الآية 13 من سورة سبأ تتحدث عن العصر الذهبي لملك سليمان عليه السلام وعدد كلماتها 19 كلمة تساوي 84 حرفا ، فأنتج معادلة 19 × 84 = 1556 ، وبما أن سليمان عليه السلام حكم مملكته التي ورثها عن أبيه النبي داود عليه السلام 40 سنة فإن الإفساد جاء بعد موته مباشرة قبل نزول سورتي الإسراء وسبأ ب 1556 سنة بمعنى أن 1596 – 40 ( سنة حكم سليمان ) = 1556 سنة . ويتابع جرار قوله : تختتم كل آية من آيات سورة الإسراء بكلمة مثل : { وكيلا ، شكورا ، نفيرا ، لفيفا ... } بمعنى هناك 111 كلمة ، وعند حذف الكلمات المتكررة يخرج الرقم 76 ( 19 × 4 ) وأن كل كلمة تقابل سنة ، كما إن الآيات التي عدد كلماتها 19 كلمة هي 4 آيات ، بمعنى 19 × 4 = 76 . وبالعودة إلى الآية 76 من سورة الإسراء من القرآن المجيد { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا } ، وهذه الآية تتكلم عن الإخراج للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا أن جرار يستند إلى الآية القرآنية اللاحقة 77 من سورة الإسراء بأن سنة الله عز وجل ماضيا وحاضرا ومستقبلا كما هي { سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا } . ويتطرق الباحث جرار إلى أن الجذر الثلاثي ( فزز ) اشتق منه بالقرآن المجيد ثلاث كلمات ، ثلاث منها بسورة الإسراء في الآيات 64 و76 و103 . ففي الآية 64 من الإسراء : { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا } وعدد كلماتها 19 كلمة تقابل 19 سنة . وفي الآية 103 من الإسراء : { فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا . وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } . ويشير هذا البحث إلى أن القول الرباني لبني إسرائيل بعد إغراق فرعون ليسكنوا الأرض المباركة وبذلك تحقق وعد الأولى ، وبعد زوال الإفساد الأول حصل الشتات وليتحقق الإفساد الثاني والأخير { فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } وهنا تتعلق الكلمة الثالثة ( يستفزهم ) بالحديث عن الإفسادين أي بوعد الآخرة ، ويؤكد الباحث جرار أن الكلام من بداية الحديث عن الإفسادين إلى آخر الحدث { فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } بلغ عدد كلماته 1443 ، ليتطابق مع العام 1443 هـ حيث يصل عندها عدد السنين القمرية 1444 بمعنى 19 × 76 . ويستدرك جرار قائلا إن الكلمة ( واستفزز ) جاءت في آية 64 ، وكلمة ( ليستفزونك ) في الآية 76 والكلمة ( يستفزهم ) في الآية 103 مثلت الكلمة 1444 من سورة الإسراء من القرآن المجيد وهذا يساوي ( 19 × 76 = 1444 ) كلمة تقابل 1444 سنة ، كما أن عدد الآيات المحصورة بين سورتي الفاتحة والإسراء بالقرآن المجيد بلغ عددها 2022 آية . وكذلك إن كلمة ( ليدخلوا ) في الآية السابعة { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } جاءت بالرقم 76 من تعداد كلمات سورة الإسراء من مخاطبة الله لموسى وهذا يتوافق مع عمر ( دولة إسرائيل الثانية ) وهو 76 سنة قمرية أو 74 سنة شمسية . وإذا ضرب رقم الكلمة ( أولاهما ) وهو 38 بالعدد 19 ينتج لدينا 19 × 38 = 722 وهو تاريخ انهيار إسرائيل الأولى على يد سرجون الثاني ، وإذا ضرب رقم الكلمة ( وعد ) ورقمها 72 يصبح لدينا 72 × 19 = 1368 وهذا يوافق عدد السنين الهجرية من الإسراء إلى عام 1948 ( قيام إسرائيل الثانية ) بمعنى أنه عام بداية الإفساد الجزئي بالأرض المباركة . وكذلك إذا ضرب رقم الكلمة ( الآخرة ) وهو 73 ينتج لدينا 19 × 73 = 1387 وهو عدد السنين الهجرية من الإسراء / عام 1967 بمعنى تمام الوعد بفساد الآخرة بكل الأرض المباركة . وإذا ضرب رقم الكلمة ( وليدخلوا ) وهو 76 بالرقم 19 ينتج لدينا 19 × 76 = 1444 وهو عدد السنين الهجرية ( 1444 ) من تاريخ الإسراء إلى عام 2022 م . وعليه فإن عام 1443 هـ يماثل عام 2022 وهناك 209 أيام يشترك فيهما العام الهجري ( القمري ) بالعام الميلادي ( الشمسي ) ، وسيبدأ العام الهجري 1443 بالثامن من آب 2021 وينتهي ب 28 تموز 2022 . و8 آب 586 ق . م هو تاريخ احتفال اليهود بإحياء ذكرى تدمير الهيكل الأول (بسام نهاد جرار ، زوال إسرائيل 2022 – نبوءة أم صدف رقمية ( لبنان : مكتبة البقاع الحديثة ، 1996 ) ، ص 57 – 80 ).

3. تأويل ( محمد الراشد ) الرياضي الحسابي

وتوقع باحث آخر هو ( محمد أحمد الراشد ) أن نهاية ( إسرائيل ) ترتبط بمذنب هالي حسب العقائد اليهودية ، وهذا المذنب يتم دورته بمدة 76 سنة شمسية وفي بعض الأحيان ب 75 سنة شمسية . وتبين أن مذنب ( هالي ) بدأ دورته الأخيرة عام 1948 ، وسيكمل هالي دورته عام 2024 م وفي حال جاءت هذه الدورة لهالي ب 75 سنة فإنه سيتم دورته في عام 2023 م نظريا ، ولكن أفاد فلكي مصري مؤلف كتاب ( ميكروكمبيوتر وعلم الفلك ) أن عودة مذنب هالي في نقطة الأوج ستكون عام 2022 م هذه المرة وبهذا يكون هناك توافق زمني للأعوام ( 1948 - 2022 م ) ، وهذه نهاية الكيان الإسرائيلي الجديد (بسام نهاد جرار ، زوال إسرائيل 2022 ، ص 80 – 81 ) .

فالنهاية حتمية للكيان الإسرائيلي عاجلا أو آجلا ، ويمكن أن تكون قريبة بالحساب الرباني ولكن بالحساب الإنساني قد تكون عسيرة في الوقت الراهن ولكنها آتية لا محالة ولو بعد حين ، فالأسباب والمنطلقات الآيلة للسقوط بدأت تبزغ في السماء الصافية بوضوح شمسي مبين ، والدلائل الإسلامية والربانية ماضية في التحقيق ، من قدر الله إلى قدر الله ، ولكن الأسباب والعوامل قد تكون متدحرجة أو متفرقة أو متجمعة ، أو مستعجلة أو متأنية للاستدراج العظيم ليوم الله العظيم .وإن ليل الفلسطينيين المعذبين في الأرض لن يطول مهما كانت التحديات والمواجهات فالنصر والفتح المبين لا ريب فيه ، وسيبزغ الفجر ، وتشرق شمس الحرية ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم إنه على كل شيء قدير وإذا قال لشيء كن فيكون فورا ولا تأخير لها ، وما على جند الله الميامين ، من إنس وجن وملائكة ، إلا تنفيذ التوجيهات الإلهية ولو كره المنجمون والمتحذلقون . وإنا لصادقون .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف