الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أمننا و سلامهم بقلم:فادي فيصل الحسيني

تاريخ النشر : 2007-04-21
أمننا و سلامهم بقلم:فادي فيصل الحسيني
أمننا و سلامهم

فادي الحسيني

تفجيرات في الجزائر و انفجارات في المغرب، وحرب شوارع في الصومال وقتال في اليمن، ومعارك في العراق و أحداث في سوريا وأخرى في السعودية، أما في فلسطين فالحال أدهى فبعد السجل الماجد من الكفاح والنضال عبر عشرات السنين، يبدو وكأن الإيمان قد فتر، وكأن البأس والشدة في وجه الطغيان قد انحسر، فتبدلت المقارعة لتضحي ملاحقة، وتغير الإقدام ليصبح إحجاماً، و بدا وكأن الجميع يتسابق نحو نحر القضية، ويستعجل دك عرش النضال وزعزعة بنية الاستقلال، فانحسرت العمليات في قتال بين رجال لطالما كانوا سداً واحدا منيعاً في وجه الاحتلال، و جاء اتفاق مكة ليوقف هذا التناحر ولو مؤقتاً، وما كان لنا سوى أن انتقلنا نحو قتال عائلي وأخيراً قتال بين أفراد العائلة الواحدة. إذاً لا عجب أن تسمو إسرائيل بأحلامها، وأن تتعدى حدود أوهامها، ليس أسوار فلسطين فحسب، بل حتى قلاع العرب المنيعة وأبراجهم القريبة منها والبعيدة، بعد أن شاهدت الجهل يتفوق على العقل، والفتنة تغلب الوحدة، وسلاحنا يوجه نحونا وأنيابنا تغرس في أجسادنا، ومازالوا ينتظرون المزيد من دمارنا بأيدينا.

كانت المعادلة الإستراتيجية منذ زمن ليس بالبعيد (الأرض مقابل السلام) لتعكس تميزاً عربياً واضحاً وإن لم يضع قيد التجربة، وإنما عاش هذا التميز والخوف في خلد الإسرائيليين بسبب عدد العرب و إحاطتهم بإسرائيل من كل جانب، فكل ما كانت تصبو إليه هو سلام مع العرب لتحييد هذا الخوف الذي عاش معها منذ تأسيسها، لتزيح وهماً وإن كان غير واقعي. وما هي إلا عدة من سنوات كرب وأعوام شؤم، استطاعت إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية بالعمل الدءوب في خلخلة البناء العربي وتفكيك هذا التميز النوعي، فمع اختلال الموازين وانهيار قوى عالمية كبرى مثل الاتحاد السوفييتي أصبحت الفرصة مواتية تماماً للانقضاض على ما تبقى من مقاومة وإن كانت حتى في النفوس وفي الوجدان، فقتل ما في النفوس ًأصعب ألف مرة من قتل ما في ظاهر الأمور، فاسُتغل الجهل ووُظفت العاطفية التي يتصف بها أهل العرب ليعيثوا في عقول العرب فساداً، ولينشروا فرقة وضعفاً ودماراً. فانتشرت الجماعات المسلحة في كل مكان معتبرة أنها الوالية على المسلمين وتمتلك الحقيقة المطلقة ومن خالفهم فهو بالطبع من الفئة الضالة أو من الأعداء. أليس هو نفس منطق رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش حين قال للعالم إما معنا أو ضدنا في إشارته لحربه على الإرهاب. بالفعل هو نفس المنطق ونفس العقل وبالتأكيد نفس التخطيط، فما يحدث في أي مكان من بلاد العرب من اقتتال لا يصب إلا في مصلحة الاستعمار، أكان بشكله التقليدي أو بوجهه الحديث، الذي يتحدث بمنتهى اللباقة عن الحرية والديمقراطية، ويغض النظر عن كوريا الشمالية المحاصرة لتبيع أسلحة لأثيوبيا في حربها ضد المحاكم الإسلامية في الصومال وهو نفس من دعم مادياً و لوجستياً وخطط لأسامة بن لادن في حربه ضد السوفييت وألصقه بأحداث الحادي عشر من سبتمبر بعدها. المصلحة من كل ما يحدث لها وجهة واحدة لا يختلف عليها اثنين، ولكن أكثرنا لا يريد أن يرى الحقيقة، بل يبحث فقط عن بصمات الجاني وهي بطبيعة الحال بصمات عربية جاهلة، بل يحاول أن ينسى لمسات المخطط الفعلي الذي ألهم الجاني وروج له دوافع فعلته.

بعد هذا التحول الكبير في بلاد العرب من محيطها إلى خليجها، لم يعد ما يمنع أن تصبح المعادلة الجديدة (الأمن مقابل السلام) بدلاً من الأرض مقابل السلام وهو تطور طبيعي بعد كل ما مر به العرب من عواصف ورياح فتكت بثقتهم في قوتهم، وعصفت بذكريات المجد والنصر التي عاشت دوماً في خلدهم، فأزاحتها بعيداً واستبدلتها بأرق الأمن والاستقرار، وأصبحت نفوسهم الجريحة أقرب من أي وقت مضى لأن تقبل ما كان خطاً أحمراً في السابق، بل وتعدى الأمر ذلك لكي يمدوا أيديهم إلى العدو التقليدي إسرائيل وأن تتقبل أذهانهم فكرة الصلح مع عدو اغتصب أرضهم وفتك و شرد ذويهم، ومازال يمثل خطراً داهماً لمستقبلهم، في ظل ظهور هذا الكابوس الجديد الذي لا طاقة لهم به، ولا حدود لخطره ولا وازع لبراثنه ولجرائمه، و الذي أثبت بالتجربة وبالبرهان أن له القدرة على الانتشار بسرعة كبيرة، وأن له من القدرة في التأثير في النفوس عظيمه. أصبحت الأجواء مواتية تماماً لإسرائيل لكي تحصل على موافقة خطية من العرب بقبولهم بمبدأ السلام مقابل حلماً بأمن بدأوا يفتقدونه، وما هي إلا أسابيع أو أشهر ليصبح التطبيع مع إسرائيل من أولويات العرب طالما أنه قد يحقق ذلك الأمن المفقود.

لكي ننهض من كبوتنا و نعيد هيبتنا، يجب أن نصلح ما في نفوسنا أولاً، فما دخل أبداً استعمار أو احتلال من حدودنا، وإنما تسلل كالفئران من عيوبنا، فالفرقة و الاقتتال هي الوصفة السحرية لأي طامع في ثرواتنا وبلادنا، فلنضيع الفرصة على أعداء الأمة ولنتحد فلسطينياً أولاً ولننبذ خلافاتنا ولننحي المصالح الضيقة جانباً ولنلتفت للمصلحة العليا ولنعلي قيم التسامح والتراحم والتكامل ولنعلن لأنفسنا أن الوحدة هي السبيل الأوحد للحرية والاستقلال.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف