الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يوميات قارئ بقلم:ناجي ظاهر

تاريخ النشر : 2006-10-05
يوميات قارئ

أنا الذي رأى- رواية ضد الظلم والقمع

بقلم: ناجي ظاهر

تدور رواية " أنا الذي رأى" للكاتب العراقي محمود سعيد، حول تجربة الاعتقال والمعاناة، في فترة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وحول المقاساة التي مر بها العديدون من المواطنين العراقيين، دون ذنب يذكر، ولأسباب لا علاقة لها بالقانون والخروج عليه بقدر ما لها علاقة بالنظام الحاكم، كما يتضح من الرواية.

ويتوسل صاحب الرواية من اجل توصيل هذه المعاناة، بتقديمه لمعاناة مواطن عراقي يعمل موظفا في وزارة العراقية ويدعى مصطفى علي نعمان، يجد ذاته فجأة وقد اعتقل واتهم، دون أن يعرف ما هي تهمته.

وورد في الكلمة التظهيرية للرواية، إنها تروي تجربة صاحبها مع رجال المخابرات في فترة الرئيس العراقي صدام حسين، وان صاحب الرواية يفضح فيها الأساليب الوحشية لرجال المخابرات العراقيين، مسلطا الضوء على انتهاكهم للأعراض والقوانين واستباحتهم لكل شيء بذريعة حماية النظام.

الرواية تبدأ حينما يغادر الراوي، بيته يوم الاثنين، يوم ذكرى المولد النبوي، مودعا زوجته وابنيه، كي يدفع مالا مترتبا عليه دفعه لمقاول سيبني له بيته الجديد وسيريحه بالتالي، من تنقل عافته نفسه ونفوس أبناء أسرته في البيوت المستأجرة، ويتوقف هذا المواطن بسبب عطل في سيارته الفولسفاجن، وهنا تحصل الانعطافة السريعة، المناقضة لهدوء تركه وراءه قبل قليل، ليجد اثنين من الرجال الخشنين يقتربان منه.

في تلك اللحظة، تبدأ حياته في التغير، ويضحي معتقلا، يعيش اللحظة تلو اللحظة، آملا في مغادرة المعتقل، فهو يريد أن يخبر زوجته انه معتقل ولا يستطيع، وهو ينتظر أن يتم إطلاق سراحه لاعتقاده انه يوجد هناك خطأ ما في اسمه، لن يلبث إلا أن ينكشف فيغادر المعتقل ويعود بالتالي إلى بيته، كي يستأنف هناك حياة انقطعت فجأة ودون سبب يذكر!!

وتتواصل أحداث الرواية وما تتضمنه من صور انتهاك حقوق الإنسان الأولية والأساسية، ونشارك الراوي، (وهو كما جاء في تظهير الرواية المؤلف ذاته)، في رفضه للانتماء لحزب البعث الحاكم، مقابل إطلاق سراحه، كما نشاركه شعوره بالغبن اللاحق به كمواطن لا يريد سوى العيش بكرامة في بيت يؤويه هو وأبناء أسرته الصغيرة، وتحفل الرواية بصور الاستهانة بحياة الإنسان وكرامته، حتى أن قارئ الرواية، أنا على الأقل، يشعر انه إزاء دهر من العذاب، ويقدم إلينا صاحبها عبر صفحاتها، العديد من الصور المثيرة لأساليب تعذيب مبتكرة ينفذها محققون غلاظ القلوب، لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم، ويقدم الراوي في المقابل لهذه الصور، صورا أخرى لأناس متعاطفين، إلا أن هذه الصور قليلة جدا.

وتنتهي الرواية ليكتشف الراوي أن التهمة الموجهة إليه، إنما جاءت بسبب صورة التقطت قبل سنوات، ويظهر فيها هو ذاته إلى جانب زعيم معارض، ويهتف في المحقق معه انه على استعداد لان يثبت انه في الفترة التي التقطت فيها الصورة، لم يغادر مكان عمله في الوزارة، نافيا بهذا أن يكون قد تعاون في أعمال معادية للنظام، تم تنفيذها في الفترة التالية لالتقاط الصورة، من قبل الزعيم المعارض!!

ويطلق سراح الراوي إبان البدء في الحرب العراقية الإيرانية، بعد مضي شهر وثلاثة اشهر في المعتقل، ليكتشف نعيم الحرية مجددا، غير انه لا يلبث أن يكتشف، حين مغادرته لبلده من اجل العمل، أو طباعة روايته" أنا الذي رأى" ذاتها، أن الأوضاع في العالم العربي المحيط لا تقل سوءا، ابتداء من الأردن، انتهاء بالجزائر، حيث يوجد قريب له فيه وبامكانه مساعدته في إيجاد عمل فيه، مرورا بسوريا، ففي الأردن يرفضون طباعة الرواية، وفي سوريا يطلبون من راويها أن يكون عميلا متعاونا مع النظام، بعد أن يرهقه مسئول اتحاد الكتاب العرب بطلبات الاتحاد، ويرفض الراوي بالطبع هذا الطلب، إذ لو انه كان بامكانه أن يكون عميلا لما تجشم كل ما تحمله من معاناة ومن عذاب ولوافق على الانتساب إلى حزب البعث ولكان له ما أراد، لكن دون رضاه!!

ويلخص الراوي رأيه فيما رآه في دول عربية فيقول: رأيت بلدانا عربية تشجع كتابها لكنها تمنع أي كلمة تسيء للنظام الحاكم ولو بكلمة أو بلمزة واحدة، ورأيت بلدانا لا تقيم أي وزن في عملية النشر إلا للفلوس، ورأيت بلدانا عربية ما زالت تعيش في ظلال القرون الوسطى وما زال الأدب الذي يزدهر فيها أدب مدح وذم! ويتساءل: متى ستصبح الدول العربية بلدانا سوية؟ وهل سيأتي يوم تصبح فيه كذلك؟

الرواية مكتوبة بلغة أدبية شفافة تجمع بين اللغة العربية الفصحى وبين اللهجة العراقية العامية، وفيها العديد من الجمل التي قد يتوقف القارئ عندها مثل: تكسرت زجاجة الفجر الرمادية فسال نوره الخجول، و: بعد لظهر أشرقت الشمس وكانت السيارة تتهادى بنا، والأرض صفراء، وبقايا سنابل القمح المحصود تبدو وكأنها لحية مهملة لمتشرد متسكع، وما إلى هذه من جُمل وتعابير تقدم تعبيرا عميقا ودقيقا، عن الحالة النفسية التي يعيشها الراوي.

هذه رواية تحريضية من الدرجة الأولى، وتعتبر صرخة احتجاج يرفعها كاتب ضد ظلم تعرض إليه، مثلما تعرض إليه مواطنوه، ولا يهم في رأيي مدى ما تضمنته من حقائق ووقائع حصلت على ارض الواقع، علما أن المؤلف يوحي في أكثر من مقطع من روايته، أن الواقع كان أمر بكثير مما تضمنته الرواية. إنها رواية ثورية رافضة تضع في حسابها أن الحرية هي قيمة عليا في الحياة، لهذا اعتقد أنها تستحق المتابعة والقراءة وتستحق أن يطلع عليها القراء في جميع أنحاء الوطن العربي ليتعلموا منها ومما تضمنته من رفض للظلم والظالمين.

بقي أن تعرف، أيها القارئ العزيز، أن هذه الروية صدرت في أواسط الشهر الماضي، في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن سلسلة الكتب الشهرية "روايات الهلال" التي تصل إلى بلادنا بانتظام، أما مؤلفها محمود سعيد-الطائي، فهو من مواليد مدينة الموصل العراقية عام 1939، نشر مجموعته القصصية الأولى عام 1957 وفاز بجائزة وزارة الإعلام العراقية عن روايته" زنقة بن بركة" الصادرة عام 1993، كما فاز بجائزة نادي القصة في دولة مصر العربية عن روايته" نهاية النهار" الصادرة عام 1996. ترجم عدد من أعماله الأدبية بما فيه روايته موضوع الحديث الجاري، إلى لغات أوروبية أخرى، وغادر بلاده عام 1999 مهاجرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يقيم حاليا في ولاية شيكاغو.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف