و ماذا بعد الاتفاق؟
فادي فيصل الحسيني
فلنقل أن الشارع الفلسطيني تنفس الصعداء بعد فترة من التخبط و الإحجام، ولنقل أن الاتفاق مضى بسلام و رضيت الأطراف السياسية الفلسطينية أن تتعايش مع بعضها البعض داخل إطار حكومة وحدة وطنية بطيب خاطر و وئام، و ان اجتهدنا في تصورنا حول أولويات الحكومة الجديدة و الحاجات و التطلعات الفلسطينية نجد أن بعضها آني مثل قضايا الراتب و الحصار و الإغلاق و الحواجز، و بعضها أزلي مثل قضايا الدولة و القدس و اللاجئين و المياه و الحدود، و ما بين هذا و ذاك، نجد قضايا داخل أسوار بيتنا الفلسطيني تستدعي جهود جميع الأطراف، تعبر عن مطلب شعبي حاسم و تحتاج لقرار قيادي حازم.
أولى هذه القضايا هي القضية الاجتماعية و الأمنية، فما نراه اليوم من حالنا الداخلي من التدهور السريع و الفلتان المريع في مجريات حياتنا اليومية يجعل المرء يعاني في نفسه ألف غصة و غصة، و يفتت الكبد و يمزق القلب في اليوم ألف مره. فعجت الشوارع بالسلاح و المسلحين من المراهقين قبل المناضلين و ساد الاستخدام غير المسئول للسلاح في المناسبات و في الخلافات العائلية، و شاعت أمور المخالفات و السرقات و النهب ، و أضحت هذه الأمور تشعل فتيل قنبلة من اللهب، تكوي و تحرق من اقترب منها، و تنذر بالأسوأ إن استمر حالها. لم يكن هذا الحال وليد يوم أو اثنين، و لن نستطيع أن نقطع جذور المشكلة في ساعة أو ساعتين، و لكننا نحتاج لقرار و عزيمة صادقة، و يد قوية ماضية، تقبض على مقاليد الأمور قبل أن تستشري هذه الظاهرة الباطشة. قد تكون وحدة أمنية وطنية على الأرض بين المجاهدين و المناضلين في الفصائل المختلفة خير تجسيد لاتفاق سياسي في حكومة وفاق، فخطة أمنية وطنية و تشكيل قوة موحدة تشارك فيها جميع قوى الفصائل و الأجهزة الأمنية، تفرض القانون، و تحارب ظواهر الفلتان و التسيب التي نعايشها ، و تذود العدوان عن أرضها و تدفع المتعدي على حريتها هي الحل الأمثل لهذه القضية، فقوة مثلها ستملك إجماعاً فصائلياً و شرعية وطنية و مناصرة شعبية تحميها و تدعمها في تحقيق الأمان، فقوة تطبيق القانون و فرضه هو ما دفع شعوب العالم المتحضر الالتزام به، و ما كان للقانون في أي مكان أن يطبق ما لم يقترن بقوة تفرضه.
أما القضية الثانية فهي القضية الاقتصادية، فبعد مرور أكثر من عشر سنوات على قيام السلطة الفلسطينية، تعرض الاقتصاد الفلسطيني لصدمة كبيرة، و هزة عنيفة بعد قطع المنح و المعونات و المساعدات الغربية و التي كانت توفر لنا سبيل البقاء و ليس طريق الرخاء ، و ازدادت الأمور تعقيداً بتشديد الحصار الذي أثبت أننا لا نملك القدرة على الاستمرار بقدراتنا الذاتية، الأمر الذي دعى العديد للحديث عن حل السلطة ليأخذ المجتمع الدولي دوره الإنساني في توفير عوامل الحياة للشعب الفلسطيني. لقد أثبتت الأزمة الراهنة أن المساعدات و المعونات أصبحت أداة ابتزاز سياسية لانتزاع مواقف في أي وقت يتمسك الفلسطينيون بسيادة القرار و بحرية الاختيار، فكانت لحظة الحقيقة القاسية و التي استدعت أن نقف وجهاً لوجه أمام خيارين: إما الخيار السهل وهو الاستمرار في قبول المعونات و توجيهها في أنشطة استهلاكية بحتة و مرتبات تضمن لنا فقط الحياة و البقاء، أو الخيار الصعب و هو العمل على بناء و تأسيس المصانع و المعامل و المؤسسات من خلال اتفاقات مع الدول ذاتها لنبني اقتصاد فلسطيني مستقل بعيد عن أي تبعية أو ابتزاز يضمن لنا المستقبل المشرق و الارتقاء.
اتفق الأطراف على وحدة تمسح آلاماً و تشق في الأفق آمالاً، علها تكون أساساً لبناء واقع سياسي جديد، يلامس طموح المواطن البسيط ، و يعانق دعاءاً ارتفع للسماء منذ زمن بعيد، في دولة فلسطينية قوية الكيان، حرة مستقلة موطدة الأركان، لها اقتصاد رغد و تنعم بالأمان، فكم تهددنا من المحن العظام و كم أصابنا من الكروب الفخام، فكانت وحدتنا دوماً السبيل الوحيد للنهوض و لنفض غبار الزمان للمضي أبداً نحو الأمام.
[email protected]
فادي فيصل الحسيني
فلنقل أن الشارع الفلسطيني تنفس الصعداء بعد فترة من التخبط و الإحجام، ولنقل أن الاتفاق مضى بسلام و رضيت الأطراف السياسية الفلسطينية أن تتعايش مع بعضها البعض داخل إطار حكومة وحدة وطنية بطيب خاطر و وئام، و ان اجتهدنا في تصورنا حول أولويات الحكومة الجديدة و الحاجات و التطلعات الفلسطينية نجد أن بعضها آني مثل قضايا الراتب و الحصار و الإغلاق و الحواجز، و بعضها أزلي مثل قضايا الدولة و القدس و اللاجئين و المياه و الحدود، و ما بين هذا و ذاك، نجد قضايا داخل أسوار بيتنا الفلسطيني تستدعي جهود جميع الأطراف، تعبر عن مطلب شعبي حاسم و تحتاج لقرار قيادي حازم.
أولى هذه القضايا هي القضية الاجتماعية و الأمنية، فما نراه اليوم من حالنا الداخلي من التدهور السريع و الفلتان المريع في مجريات حياتنا اليومية يجعل المرء يعاني في نفسه ألف غصة و غصة، و يفتت الكبد و يمزق القلب في اليوم ألف مره. فعجت الشوارع بالسلاح و المسلحين من المراهقين قبل المناضلين و ساد الاستخدام غير المسئول للسلاح في المناسبات و في الخلافات العائلية، و شاعت أمور المخالفات و السرقات و النهب ، و أضحت هذه الأمور تشعل فتيل قنبلة من اللهب، تكوي و تحرق من اقترب منها، و تنذر بالأسوأ إن استمر حالها. لم يكن هذا الحال وليد يوم أو اثنين، و لن نستطيع أن نقطع جذور المشكلة في ساعة أو ساعتين، و لكننا نحتاج لقرار و عزيمة صادقة، و يد قوية ماضية، تقبض على مقاليد الأمور قبل أن تستشري هذه الظاهرة الباطشة. قد تكون وحدة أمنية وطنية على الأرض بين المجاهدين و المناضلين في الفصائل المختلفة خير تجسيد لاتفاق سياسي في حكومة وفاق، فخطة أمنية وطنية و تشكيل قوة موحدة تشارك فيها جميع قوى الفصائل و الأجهزة الأمنية، تفرض القانون، و تحارب ظواهر الفلتان و التسيب التي نعايشها ، و تذود العدوان عن أرضها و تدفع المتعدي على حريتها هي الحل الأمثل لهذه القضية، فقوة مثلها ستملك إجماعاً فصائلياً و شرعية وطنية و مناصرة شعبية تحميها و تدعمها في تحقيق الأمان، فقوة تطبيق القانون و فرضه هو ما دفع شعوب العالم المتحضر الالتزام به، و ما كان للقانون في أي مكان أن يطبق ما لم يقترن بقوة تفرضه.
أما القضية الثانية فهي القضية الاقتصادية، فبعد مرور أكثر من عشر سنوات على قيام السلطة الفلسطينية، تعرض الاقتصاد الفلسطيني لصدمة كبيرة، و هزة عنيفة بعد قطع المنح و المعونات و المساعدات الغربية و التي كانت توفر لنا سبيل البقاء و ليس طريق الرخاء ، و ازدادت الأمور تعقيداً بتشديد الحصار الذي أثبت أننا لا نملك القدرة على الاستمرار بقدراتنا الذاتية، الأمر الذي دعى العديد للحديث عن حل السلطة ليأخذ المجتمع الدولي دوره الإنساني في توفير عوامل الحياة للشعب الفلسطيني. لقد أثبتت الأزمة الراهنة أن المساعدات و المعونات أصبحت أداة ابتزاز سياسية لانتزاع مواقف في أي وقت يتمسك الفلسطينيون بسيادة القرار و بحرية الاختيار، فكانت لحظة الحقيقة القاسية و التي استدعت أن نقف وجهاً لوجه أمام خيارين: إما الخيار السهل وهو الاستمرار في قبول المعونات و توجيهها في أنشطة استهلاكية بحتة و مرتبات تضمن لنا فقط الحياة و البقاء، أو الخيار الصعب و هو العمل على بناء و تأسيس المصانع و المعامل و المؤسسات من خلال اتفاقات مع الدول ذاتها لنبني اقتصاد فلسطيني مستقل بعيد عن أي تبعية أو ابتزاز يضمن لنا المستقبل المشرق و الارتقاء.
اتفق الأطراف على وحدة تمسح آلاماً و تشق في الأفق آمالاً، علها تكون أساساً لبناء واقع سياسي جديد، يلامس طموح المواطن البسيط ، و يعانق دعاءاً ارتفع للسماء منذ زمن بعيد، في دولة فلسطينية قوية الكيان، حرة مستقلة موطدة الأركان، لها اقتصاد رغد و تنعم بالأمان، فكم تهددنا من المحن العظام و كم أصابنا من الكروب الفخام، فكانت وحدتنا دوماً السبيل الوحيد للنهوض و لنفض غبار الزمان للمضي أبداً نحو الأمام.
[email protected]