الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لأستاذ يوسّي أرو الفنلندي كان صديق العرب والعربية بقلم:د. حسيب شحادة

تاريخ النشر : 2005-11-08
لأستاذ  يوسّي  أرو  الفنلندي  كان  صديق  العرب  والعربية بقلم:د. حسيب شحادة
الأستاذ يوسّي أرو الفنلندي كان صديق العرب والعربية

ا.د. حسيب شحادة

جامعة هلسنكي

وُلد يوسّي تَنِلي أرو في الخامس من حزيران العام 1928 وهو الابن الوحيد لماريا أرو. التحق بجامعة هلسنكي لدراسة اللاهوت العام 1954 ولكن سرعان ما تحوّل إلى دراسة اللغات السامية وحضاراتها، وقد حصل على شهادة الماجستير بامتياز العام 1949 في الآداب الشرقية واليونانية واللاتينية. ثم درس علم الأشوريات في هلسنكي وشيكاغو وجيتنجتن في ألمانيا، واستفاد كثيرا من هاتين الزيارتين العلميتين، إذ أنه تعرّف خلالهما على خيرة الباحثين في الأشوريات وعمل بمعيّتهم. وفي العام 1955 نال درجة الدكتوراة وكان موضوعها حول قواعد اللغة البابلية الوسطى، وكانت هذه الأطروحة الرابعة في فنلندا بعد كنوت تلكفست العام 1890 وهرّي هولما عام 1911 وأرماس سلونن عام 1939 . وفي العام 1956 تزوج أرو من إيلا أنِكّي باوكّو ورُزقا سبعة أولاد. أصبح أستاذا للدراسات الشرقية منذ العام 1965 وحتى وفاته وهو في عنفوان الشباب والعطاء في الحادي عشر من آذار العام 1983.

تميّزت طفولة أرو بالبساطة والفقر والخشونة والروحانيات والشغف بالكتب التي، كما قال عنها، إنها تثقيف للعقل ومتعة للعين. هذا الشغف الشديد جعل أرو يُعدّ كتيباً باللغة الفنلندية وهو بمثابة مفكرّة وهو في العاشرة من عمره، وآخر بعد عام كتب معظمه باللغة السويدية، اللغة الرسمية الثانية في فنلندا، وفيه بعض الجمل باللاتينية والعربية وبعد ذلك بالألمانية والفرنسية والإنجليزية والروسية والهنغارية واليونانية والعبرية. تمّنت والدته أن يُرسَم ابنُها الموهوب قسّيساً كما وشعر الابن بأنه مدعوّ إلى ذلك. ومما يجدر ذكره أن أرو بدأ في قراءة العهد القديم بالعبرية عندما كان ابن سبع عشرة سنة بمساعدة كتاب القواعد والقاموس لا غير. ويُحكى أن أرو قد استعمل ثماني لغات في مراسلاته وهي الفنلندية والسويدية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية والعبرية والعربية.

بالإضافة إلى مضمار اللغات السامية الذي شكّل بؤرة اهتمام أرو، هناك مجالات علمية أخرى أدلى فيها بدلوه مثل دراسات العهد القديم ومقارنة الأديان. وتقديرا لأبحاثه في هذا المجال مُنح درجة الدكتوراة الفخرية من كلية اللاهوت في جامعة هلسنكي. كما وأثرى هذا الأستاذ، الإنسان، المكتبة الفنلندية بمؤلفات ضرورية وهامة بشأن حضارة الشرق الأوسط. من هذه الدراسات يمكن التنويه بما يلي: الثقافة العربية لا سيما في القرون الوسطى، عام 1967؛ الحكمة في ظلال المئذنة، العام 1979 وهو عبارة عن خمسمائة مثل من الدول الإسلامية؛ عُقد الشرق الأوسط، عام 1981. وفي العام 1980 أصدر كتابا بعنوان ”العربية بلا دموع” وهو عبارة عن مدخل للهجات العربية الرئيسية. كما وترجم معلقة زهير بن أبي سلمة ولامية الشنفرى وله مؤلفات مثل: ورثة إبراهيم ويضمّ مقالات عن اليهودية والمسيحية والإسلام، وكذلك ”في الديار المقدسة وغيرالمقدسة” وفيه الكثير من السيرة الذاتية. وقد قام أرو بترجمة بعض الكتب العربية مثل ”الأيام” لطه حسين إلى الفنلندية وصدرت بعد تأخير طويل العام 1982. ويشار إلى أن هذه الرواية كانت أول رواية عربية تنقل إلى اللغة الفنلندية.

في الخمسينات من القرن العشرين انخرط أرو مع آخريْن في ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الفنلدية التي صدرت العام 1957 وفي كتلجة المخطوطات العربية والفارسية والتركية الموجودة في مكتبة هلسنكي الجامعية. وفي السبعينات ساهم أرو في نقل الكتاب المقدّس إلى الفنلندية. وقد كان يحاول دوما التكلّم بالعربية وتسنّى له ذلك بشكل مرض في الستينات من القرن المنصرم، حيث ربطته أواصر صداقة متينة مع عدّة من العرب المتواجدين في ابنة البلطيق من ذلك الحين أمثال يوسف نجا اللبناني وأسامة القادري العراقي وعبد المجيد عرار السوري وسحبان أحمد مروّة اللبناني.

شغل المرحوم أرو منصب رئاسة أستاذية اللغات السامية ما بين العام 1965 والعام 1983 عام وفاته.

يعتبر المرحوم أرو شخصية فذّة نادرة، فبالرغم من أن اختصاصه الرئيسي كان الأشوريات إلا أنه درس العربية بشقيها المنطوقة والمكتوبة بنفسه ودرّسها وتمكن منها علما وعملا لأنه احترم نفسه أولا وبحثه وأهل هذه اللغة والحضارة ثانيا. ما زلتُ أذكر جيدا لقاءنا الأول قبل ربع قرن ونيف في هلسنكي، عند زيارتي الأولى لفنلندا وحديثنا المطوّل باللهجة العربية الفلسطينية فقط! لقد تحدّث بها بكل جدارة كابن قحّ لها. للأسف الشديد وبالرغم من تيار العولمة الذي اجتاح العالم مؤخرا وما زال والتقدم التقني الرهيب وسهولة الاتصالات، لم يحلَّ محل هذا العملاق من تلاميذه وتلاميذ تلاميذه، سبحان الله، في هذا البلد الشمالي الراقي من يصل إلى شبره بل فتره. بل خنصره بل ... ليس هذا فحسب بل إن أستاذ ما يسمّى منذ بضع سنين بأستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة هلسنكي يصول ويجول في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة عن كل ما يمتّ بالإسلام والعرب بصلة في العالم بأسره. إنه المصدر الوحيد دون أي منازع في هذا المجال، ولا بدّ من الإشارة إلى حقيقة لا يعرفها الكثيرون أنه عاجزٌ عن التكلم بأي نمط من أنماط العربية أو الكتابة بها. رغم أنه ترجم القرآن الكريم ترجمة جديدة إلى الفنلندية. الترجمة شيء والمقدرة على التحدّث بلغة ما شيء آخر بالمرة. ألم يحِن الوقت لإيلاء هذه الظاهرة الخطيرة في الجامعات العناية التي تستحق؟ لم لا يدرج بند واضح وصريح في سياسة قَبول مرشح أستاذية أن يكون متمكنا من اللغة الحيّة التي سيدرسها قراءة وحديثا وفهما وكتابة؟ مستقبل تدريس اللغة العربية وآدابها في هلسنكي في خطر حقيقي محدق، كما نوهنا بذلك على صفحات ”دنيا الوطن” أيضا.

[email protected].
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف