الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كاتب المهمة الصعبة يجعلها ولا أسهل بقلم: تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2004-09-16
كاتب المهمة الصعبة يجعلها ولا أسهل بقلم: تيسير نظمي
* تيسير نظمي

إلى أمجد ناصر مع التحية



لا بد من الاتفاق والتوافق مع عقل القارئ على أن العقد الأخير من نهاية القرن العشرين أفرز لنا نوعاً جديداً من المثقفين والكتاب والفنانين الأنسب تسميتهم بمثقفي المهرجانات، خاصة أولئك الذين أبدوا مطواعيتهم واستجابتهم التامة لأن تتكرر أسماؤهم في كل دورة وبعضهم بات متخصصاً في السفر والتنقل بين أكثر من مهرجان. صحيح أن قلة منهم ما تزال متماسكة وتعبر عن مواقف منسجمة ثقافياً وسياسياً سواء تم دعوتها أم لا، إلا أن موضوع هذه المقالة يتعلق بالأكثرية وتدني مستويات طرحها ثقافياً وإنسانياً بحيث لم يعد من قشرة الادعاء الثقافي ما يغطي على جوهرها،
وتجربة مهرجان جرش للثقافة والفنون، خاصة العام الماضي، كشفت لنا الكثير في سنواتها الأخيرة. كي تتضح لنا الصورة، يحسن التركيز على أحدهم أنموذجاً ليكشف للقارئ حجم المفارقات وبالتالي حجم التواطؤ غير المعلن بين من يحددون الأسماء من ناحية – الداعين- والتقاط الإشارة غير المعلن من قبل المثقفين – المدعوين-

الشاب الذي بحكم النشأة والقراءة والانتماء الاجتماعي والاحتكاك بحركة ثقافية وطنية حملت معها في ظل الأحكام العرفية بصمات العمل السري سلبياتها وإيجابياتها أدهشنا ذات يوم في صفحات (الوطن) الكويتية نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات بشعره. قد يكون فاجأ غير الناقد الراصد لتجربته بانتهائه في مهرجان جرش كشاعر، فالناقد الجاد لن يفاجأ بمن غادر مدينة متواضعة شمال شرق الأردن وذاكرة الأمكنة فيها من طرقات وبيوت وناس وجسور وانتهى به المطاف منذ سنوات في لندن، خاصة إذا ما كتب الصحفي فيه كلاماً عن أحد جسور لندن ولكنه –أي الكلام- جف فيه الشعر والشاعر، بالطبع يأخذ متطوع آخر بالدراسة والنقد والكتابة الصحفية من المدعويين زمام الإنقاذ وتوفير قارب النجاة على عاتقه لزميله المشارك الآخر ضمن نفس المهرجان، ولأسباب واضحة ومكشوفة يغامر الأخير حتى باسمه ومصداقيته عندما يضع في الجلسات النقدية اسم ذلك الشاعر، وهو مدير تحرير الصحيفة اللندنية التي يكتب لها الأخير المتطوع من باريس – مع اسم محمود درويش- دون أن يرمش له جفن وفي مسافة زمنية لم تتجاوز بضعة شهور من الحرب على العراق ومن الاحتلال في ندوة كان عنوانها لا يسمي الأشياء والوقائع بمسمياتها (القصيدة والحدث) وكل من لديه اعتراض آنذاك، أي قبل سنة تقريباً ، ما كان عليه إلا أن يشرب من البحر الميت أوليغادر فندق الخمسة نجوم مكان إقامة الشعراء الذين يسمون في المهرجانات الثقافية احتلال بلد عربي – مجرد حدث !- ويسمون فواتير الدعوة والإقامة (قصيدة) وبمجرد انتهاء فترة الإقامة وتبادل الكتب المطبوعة الفاخرة وما يسمى شعراً في دواوين مهداة بعضها لمن لم يعودوا محررين في الصفحات الثقافية لا الكويتية ولا الأردنية بشيء غير قليل من عبارات الانتقام والتشفي ورد الصاع صاعين تعبيراً عن عقد نقص قديمة ما تزال راسخة، بمجرد عودة هؤلاء لمعاقل ومرابط الحرية والديمقراطية في لندن وباريس يتقمصون شكلاً مختلفاً من المواقف والكتابات يتناسب مع قناعات وصولات وجولات رؤساء تحريرهم ورؤساء عملهم فكيف سيكون الأمر لو عرف القارئ مثلاً أن رئيس التحرير وصاحب العمل هو السيد عبد الباري عطوان، مثلاً؟ وأن المثقفين الاثنين المعنيين هنا من كتاب جريدته البارزين، مثلاً؟ فأين يكمن الصدق والمصداقية في موقف المثقف ، خاصة إذا ما اشتهر بإسم وإذا ما عرف لدى عشيرته ومضارب بني قومه بإسم آخر غير المستعار، وإذا ما احتل موقعاً نضالياً في لندن يخص القضايا الكبرى ليهاجم من ذات الموقع كّتاب وأدب وثقافة تلك القضية الكبرى؟ ولتكن هذه المرة (فلسطين) لأن السيد رئيس تحريره متخصص في قضية(صدام حسين) بعد أن باتت قضايا العراق بيد أبنائه جميعاً وبيد الشعب العراقي أولاً وقبل كل شيء . ففي أحد أعداد الصحيفة اللندنية المعنية هنا وعلى صفحتها الأخيرة يكتب الرجل الثاني إن لم يكن الأول –لإنشغال رئيس تحريره مع الفضائيات – عن مهمة صعبة أوكلت إليه فضلاً عن كل العرب إعلاناً صريحاً عن فوزه الشخصي بالتطبيع الصريح والمكشوف مع إسرائيل ولا يسمي مهمته تلك بالتطبيع بل أنها أصبحت في (الهواء الطلق) مجرد تكليف:(تكليفي بهذا العمل هو الذي كشف لي هذه الحقيقة) ثم يسهب من رأس الصفحة حتى كلام النجوم في أسفلها والأبراج والحظوظ في تقديم شرح كيف أن الأدب والثقافة الفلسطينيتين لم يكتشفا الحقيقة التي اكتشفها بعبقريته الفذة وقلة مطالعته فماذا عساها أن تكون الحقيقة؟ انظروا ماذا كتب بقلمه وفي جريدته:

(إن أول نص قرأته عن الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال كان للمفارقة إسرائيلياً إنه كتاب – الزمن الأصفر – للكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان..... إنه العمل الذي تنبأ باندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.)

- انتهى الاقتطاف- حقاً إنه زمن أصفر ذلك الذي يجعل ابن مدينة (المفرق) ينسى ذاكرة مدينته وذاكرة عاصمته ليكتب لنا عن جسور لندن ما يسوغ ومن موقعه الوظيفي أيضاً دعوته لوطنه مع بقية (الضيوف)! العرب، مع العلم أن المفرق وعمان ملأى بأبناء القضية الفلسطينية والقضية العراقية، ولأن لا وقت لديه للقراءة اكتشف الحقيقة، يا للهول! ولنتابع مكتشفاته:( كانت هناك مقالات وكتابات متفرقة هنا وهناك ولكن لم يكن هناك سرد تفصيلي ومتصل يمسك بعصب اللحظة) فلنزف البشرى إذن لوزير الثقافة الفلسطيني الروائي المبدع يحيى يخلف وللشهيد ناجي العلي وغسان كنفاني وسميرة عزام وأميل حبيبي وراشد حسين ومريديهم لأنهم كلهم رحلوا ولمحمود درويش ، بلطف طبعاً لئلا يصاب بنوبة قلبية أو بضحكة هستيرية، فقد جاء الوقت الذي يولد فيه كاتب عربي عقد العزم هو لا غير على الإمساك بعصب اللحظة! ومن خلال (المهمة الصعبة) وما هي تلك المهمة يا ترى؟ إنها بكل بساطة فن الريبورتاج الأدبي حسب مواصفات الجهة المكلفة ألا وهي مجلة (ليتر) الألمانية. بالطبع الكاتب يوضح أنها مجلة أدبية ألمانية- كي يتجنب السياسة !-، دون أن يحترم ثقافة القارئ الملم باللغات الأجنبية، ودون أن يتذكر المثل الشعبي الدارج( المكتوب مقروء من عنوانه) وفي جل اللغات الأجنبية معروف معنى كلمة أدب أو آداب لكن مقالة أحد مثقفي المهرجانات لا تتوقف عند حدود فضيحة الذات وحسب، بل أن الشاعر افتضحت ثقافته تماماً بذكره للتالي:

(الفلسطينيون أقل من كتبوا عن حياتهم اليومية تحت الاحتلال، غير الفلسطينيين هم الذين تقريباً تولوا هذه المهمة – يقصد ديفيد غروسمان طبعاً – ولم أنتبه إلى هذه الحقيقة المفزعة إلا عندما اختارتني مجلة – ليتر- الأدبية الألمانية عضواً في لجنة تحكيم جائزتها "يوليسس" الخاصة بالريبورتاج الأدبي، فصار لزاماً عليّ بصفتي العربي الوحيد في لجنة تحكيم دولية مكونة من اثني عشر عضواً أن أقدم نصاً عربياً تتوافر فيه شروط الريبورتاج الأدبي)- انتهى الاقتطاف- وبالطبع يكيل الكاتب مدائح لتلك المجلة دون أن يفهمنا أنه يفهم تماماً مقصد ودلالات اسم الجائزة ودون أن يتطرق للكاتب الأيرلندي جيمس جويس كاتب رواية(يوليسس) ودون أن يتطرق للمترجم المصري الذي نقلها للعربية الدكتور طه محمود طه المختص الوحيد في الشرق الأوسط بأدب جويس، وهو من مصر أي حقاً العربي الوحيد ودون أن يحسب حساب أن ثمة كاتب فلسطيني وليس إسرائيلياً ومن تلامذة صاحب الاختصاص الأول البروفيسور المصري ،الذي قرأ جويس بلغته تارة وبالترجمة العربية تارة ومقيم في عمان والذي حجب عنه الكاتب الشاعر مكافأة مقالاته في ذات الجريدة ومنعه من النشر فيها إمعاناً في إهداء غير بريء( علك تتذكر أيام قبرص!) هو الذي سيرد عليه من عمان أو المفرق لا فرق ليذكّره بأن رواية (خربة خزعة) ليزهار سميلانسكي تنبأت قبل (الزمن الأصفر) بانتفاضات وليس بانتفاضة واحدة، وأن غسان كنفاني في قصة قصيرة واحدة (كان يومذاك طفلاً) لم يتنبأ وحسب بل رسم معالم مستقبل شعبه بسؤاله الرائع(لماذا لم يدقوا جدران الخزان) إلى غير ذلك الكثير ولكن انشغالات الصحافة وتعلم اللغة الإنجليزية ومغادرة بيروت إلى قبرص ومغادرة قبرص إلى لندن ومن ثم الذهاب والإياب للأصحاب والأحباب في المهرجانات كل ذلك ليس عذراً لمدير تحرير جريدة لندنية أن لا يقرأ وإذا قرأ لا يصل إلى دلالات ما يقرأ، وإذا توصل لبعض الدلالات ولو في أحاديث وثرثرات المثقفين وأدعياء الثقافة أنكر وتعامى عن كل ما أدرك، فهنالك أيضاً عبارات مكتوبة لا تتناسب مع طلاب السنة الأولى في الجامعات مثل:

لكن ثنائية الشعر والقص ظلت قفصاً حديدياً يحبس إبداعنا الأدبي) أي شاعر أو قاص أو ناقد أو حتى صحفي مبتدئ يكتب مثل هذا الإقرار على نفسه ولا يستشف أنه لم يقرأ قصصاً منذ السبعينات تحمل من الشعر أجمل رؤاه ومن القصة أفضل حبكاتها وحواراتها وبنيتها وإذا كان الكاتب لا يقرأ سوى أدباً رديئاً فلماذا يحمل كتّاب فلسطين المسؤولية ولا ينتقي منهم سوى المشهورين أو المعروفين بعلاقات خاصة معه أو مع جريدته؟ بل ويتمادى بوصف نتاجهم الذي هو جزء من الثقافة الفلسطينية والإبداع الفلسطيني بأنه:(مدونات) أو(سرد قصصي) أو(مدونات العائدين) ؟ مؤسف بالطبع الإنجرار للرد على كل ما جاء لأن الأساس في هذه المقالة أن ننتقي واحداً من مثقفي المهرجانات كي نتعرف على الغالبية. وليس هذا سوى نموذج سهّل لنا وللقارئ المهمة "الصعبة!" بنفسه لنكتشف الحقد والتعامي وارتداء الأقنعة واحتلال مواقع الغير النضالية وادعاء الثقافة والشعر والنقد معاً ومن ثم التعالي على قراء جريدته بأنه العربي الوحيد الذي تم تكليفه بـ(المهمة الصعبة) ...لكنها لا هي صعبة ولا ما يحزنون، فكل ما في الأمر أن المهمة هي الذهاب إلى إسرائيل والكتابة بالنيابة عن الفلسطينيين لأنهم لا يعرفون بعد( الريبورتاج الأدبي) أو ليس لديهم الوقت لمثل هذا النوع من المهرجانات والجوائز حتى لو كانت لجنة التحكيم مؤلفة من كل زعماء العالم والحكام العرب وبحضور كوفي عنان بصفته الدولية غير المنحازة ! ولكن لا الثقافة العربية ولا الإسلامية ولا الفلسطينية ولا الإنجليزية مسئولة عن جهل وطموحات الآخرين، ومن لديه حوائج ليقضيها فليستعن على ذلك بالكتمان وليس بإشهار الفضيحة للذات وللمهرجانات وللجريدة.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف