تيسير نظمي
من أين جاءت الفراشة ملونة الجناحين ، مزدانة بألوان الربيع ، الفراشة التي لم تلتفت للأبواب المغلقة ،الفراشة التي غادرت الهواء و الغصون الذابلة ودخلت البيت المستأجر المهجور ؟ من شبك النافذة المواربة ، نصف المفتوحة نصف المغلقة، من شبك النافذة المخدوش بسكين أو ضربة إزميل أو رمية مفك دخلت من ذات الشق الذي كانت تدخل منه ذبابة بحجم الدبور لتتوه في أرجاء البيت دون أن يطردها أحد ، فتتجول ساعة أو بضع ساعة ثم لا تلبث أن تختفي.
من ذات الشق الصغير في شبك النافذة المطلة على المارة والرائحين والغادين كل يوم إلى أعمالهم ومنازلهم في حي قطنة من منطقة الجبيهة في العاصمة عمان دون أن يمر من ذات الشارع الفرعي مستأجر البيت المنخفض عن الشارع ، المنخفض عن أقدام السائرين بمحاذاة النافذة وبمحاذاة الشق في الشبك أسفل النافذة.
الفراشة التي لا تعلم شيئا عن هذا الكون ولا عن إنذارات المحاكم وتباليغها وأوراق المحامين ولوائح الدعاوى وفواتير الكهرباء والماء والهاتف البارخ بأحماله من الصمت الثقيل الوطأة عليه وعلى المنزل وعلى غرفة النوم المرتبة منذ زمن يعلوه الغبار دون أن تدل على حياة أو موت وعلى المطبخ المرتب النظيف رغم انقطاع المياه عن المستأجر الذي تحت وتدفقها في صنابير المؤجر الذي فوق. رائحة سجائر ما تزال عالقة بهواء البيت. المنافض لسجائر مطفأة هي الوحيدة التي تدل على إنسان وحيد ربما كان يعيش في هذا البيت قبل أن تصله خفافيش الليل. ربطة العنق غير النظيفة تماما عند عقدة الياقة. الحزام المهترئ عند ثقب الإبزيم . التلفاز الصامت داكن اللون. الكتب الغارقة بالغبار. الغبار الساكن بلا هواء. الغبار المهمل بلا قطرة ماء. المقاعد الرمادية التي كانت لامعة السواد. المكتب الأسود. الطبشورة غير المكتملة البيضاء. القلم الملقى على أوراق فوق المكتب. الأباجورة المنحنية الرأس فوق الورق دون ضوء ترسله للورق أو لكومة الكتب المختلطة بالجرائد وقصاصات ورق مكتوب بخط اليد. قنينة العطر الفارغة من المعنى. القداحة الفارغة من الغاز. المروحة المعطوبة الماتور. الصور المعلقة لمن لا يراها. صورة لجيفارا. الموسيقى العالقة بالكلمات مثل العليق. الركن المسود عند السقف لإفراط في التدخين. لوحة الأختان مما بقي من رسوم لؤي كيالي. رزنامة الأيام الميتة. كأس ماء خال من الماء فوق ترابيزة صغيرة. علبة سجائر فارغة. علبة طباشير مدرسي فارغة. وسادة عند أقصى طرف المقعد الثالث من جهة المكتب. المقاعد المرصوفة جنباً إلى جنب مثل رصيف الشارع العالي. هنالك حطت الفراشة بعد أن رأت كل شيء تقريباً بعينيها الصغيرتين. ما من ضوء كان يشدها نحو البيت. ما من زهور أو حدائق. وما من غبار أو عواصف تطردها من البيت. ما من حرائق. الفراشة العطشى للنور والهواء والماء على الوسادة المطوية حطت لهنيهة وقد ركنت للصمت الوقور. الفراشة التي دخلت المأجور ما كان بإمكانها أن ترى الألوان على أجنحتها . فقد رأت كل شيء ثم سكنت عن الحركة على وسادة كانت لا تزال رطبة غارقة بالدموع.
من أين جاءت الفراشة ملونة الجناحين ، مزدانة بألوان الربيع ، الفراشة التي لم تلتفت للأبواب المغلقة ،الفراشة التي غادرت الهواء و الغصون الذابلة ودخلت البيت المستأجر المهجور ؟ من شبك النافذة المواربة ، نصف المفتوحة نصف المغلقة، من شبك النافذة المخدوش بسكين أو ضربة إزميل أو رمية مفك دخلت من ذات الشق الذي كانت تدخل منه ذبابة بحجم الدبور لتتوه في أرجاء البيت دون أن يطردها أحد ، فتتجول ساعة أو بضع ساعة ثم لا تلبث أن تختفي.
من ذات الشق الصغير في شبك النافذة المطلة على المارة والرائحين والغادين كل يوم إلى أعمالهم ومنازلهم في حي قطنة من منطقة الجبيهة في العاصمة عمان دون أن يمر من ذات الشارع الفرعي مستأجر البيت المنخفض عن الشارع ، المنخفض عن أقدام السائرين بمحاذاة النافذة وبمحاذاة الشق في الشبك أسفل النافذة.
الفراشة التي لا تعلم شيئا عن هذا الكون ولا عن إنذارات المحاكم وتباليغها وأوراق المحامين ولوائح الدعاوى وفواتير الكهرباء والماء والهاتف البارخ بأحماله من الصمت الثقيل الوطأة عليه وعلى المنزل وعلى غرفة النوم المرتبة منذ زمن يعلوه الغبار دون أن تدل على حياة أو موت وعلى المطبخ المرتب النظيف رغم انقطاع المياه عن المستأجر الذي تحت وتدفقها في صنابير المؤجر الذي فوق. رائحة سجائر ما تزال عالقة بهواء البيت. المنافض لسجائر مطفأة هي الوحيدة التي تدل على إنسان وحيد ربما كان يعيش في هذا البيت قبل أن تصله خفافيش الليل. ربطة العنق غير النظيفة تماما عند عقدة الياقة. الحزام المهترئ عند ثقب الإبزيم . التلفاز الصامت داكن اللون. الكتب الغارقة بالغبار. الغبار الساكن بلا هواء. الغبار المهمل بلا قطرة ماء. المقاعد الرمادية التي كانت لامعة السواد. المكتب الأسود. الطبشورة غير المكتملة البيضاء. القلم الملقى على أوراق فوق المكتب. الأباجورة المنحنية الرأس فوق الورق دون ضوء ترسله للورق أو لكومة الكتب المختلطة بالجرائد وقصاصات ورق مكتوب بخط اليد. قنينة العطر الفارغة من المعنى. القداحة الفارغة من الغاز. المروحة المعطوبة الماتور. الصور المعلقة لمن لا يراها. صورة لجيفارا. الموسيقى العالقة بالكلمات مثل العليق. الركن المسود عند السقف لإفراط في التدخين. لوحة الأختان مما بقي من رسوم لؤي كيالي. رزنامة الأيام الميتة. كأس ماء خال من الماء فوق ترابيزة صغيرة. علبة سجائر فارغة. علبة طباشير مدرسي فارغة. وسادة عند أقصى طرف المقعد الثالث من جهة المكتب. المقاعد المرصوفة جنباً إلى جنب مثل رصيف الشارع العالي. هنالك حطت الفراشة بعد أن رأت كل شيء تقريباً بعينيها الصغيرتين. ما من ضوء كان يشدها نحو البيت. ما من زهور أو حدائق. وما من غبار أو عواصف تطردها من البيت. ما من حرائق. الفراشة العطشى للنور والهواء والماء على الوسادة المطوية حطت لهنيهة وقد ركنت للصمت الوقور. الفراشة التي دخلت المأجور ما كان بإمكانها أن ترى الألوان على أجنحتها . فقد رأت كل شيء ثم سكنت عن الحركة على وسادة كانت لا تزال رطبة غارقة بالدموع.